الفلسطينيون يواجهون الموت بـالرصاص أو بالمجاعة التي باتت تنهش أجسادهم
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
القاهرة"د. ب. أ": أحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ(يونيسف) استشهاد 10 أطفال بعد ساعات فقط من تمرير القرار، مشيرة إلى ارتفاع عدد الشهداء هذه الحرب من الأطفال إلى قرابة 14 الف طفل منذ 7 أكتوبر الماضي.
في هذه الاثناء، أعلنت مصادر طبية فلسطينية، اليوم الخميس، وفاة طفل بسبب المجاعة، وعدم توفر العلاج، ما يرفع عدد ضحايا سوء التغذية في قطاع غزة إلى 30 شهيدا.
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا ) عن المصادر قولها إن "طفلا توفي نتيجة سوء التغذية والجفاف، ونقص الإمدادات الطبية، في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة".
ووفق الوكالة، "يتعرض قطاع غزة، لعدوان إسرائيلي متواصل، منذ السابع من أكتوبر الماضي، لظروف إنسانية غاية في الصعوبة، تصل إلى حد المجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء، والماء، والدواء، والوقود".
وأشارت إلى أنه "جراء الحرب بات المواطنون ولا سيما محافظتا غزة والشمال على شفا مجاعة، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من منازلهم في القطاع، الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما".
وبينما يستهلك الوقت ويطول أمد الحرب، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن لديها "أفكار عن بدائل" للعملية العسكرية في رفح "نثق أنها ستؤدي للقضاء على كتائب حماس هناك"، لتثبت الأيام أنه لا جديد على أرض الواقع، فالفلسطينيون يواجهون الموت إما برصاص الجيش الإسرائيلي، أو بفعل المجاعة التي باتت تنهش أجسادهم.
وأمام هذا الواقع الصادم ووسط تحذيرات دولية عدة من أن الفلسطينيين يواجهون وضعا كارثيا، باتت مصداقية الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي ككل على المحك، وتتعالى الأصوات المنادية بإصلاحها كي تعبر بشكل حقيقي عن تطلعات الشعوب في عالم يسوده العدل والمساواة، وتطرح العديد من علامات الاستفهام عمن يتحكم في مصائر ومقدرات هذا العالم.
وربما تكتمل الصورة وتتضح دلالات تلك الأسئلة إذا ما وضعت في سياق تراجع التأييد الشعبي للحرب، لا سيما في الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، في ظل استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في حصد أرواح المدنيين الفلسطينيين مع بلوغ حصيلة الحرب المستمرة منذ نحو ستة أشهر في غزة حوالي 33 ألف شهيد فضلا عن نحو 75 ألف جريح غالبيتهم من المدنيين.
وربما يتبادر إلى الأذهان سؤال منطقي بشأن أهمية القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الماضي والداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان، في ظل عدم التزام إسرائيل به وإصرارها على المضي قدما في حربها حتى تحقيق "النصر الحاسم"، حسبما يقول مسؤولوها.
فمشاهد القتل والتدمير اليومية لم يطرأ عليها أي جديد بعد صدور القرار رقم 2728.
ويضاف القرار الأحدث، الذي تم تبنيه بموافقة 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، إلى عشرات القرارات الصادرة عن المجلس والأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي لم تكترث بها تل أبيب.
وفي كل مرة تتحرك إسرائيل ولا تألوا جهدا لتنسيق مساعيها مع داعمتها الأولى، الولايات المتحدة، لاستخدام حق النقض (فيتو) من أجل إجهاض أي محاولة أو تحرك في مجلس الأمن لإدانتها أو إلزامها بأي شيء، وكأنها تهتم بما يصدر عن المنظمات الدولية التي يفترض أنها تنظم العلاقات بين دول العالم.
ويرى مراقبون أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا تقيم وزنا للأمم المتحدة وهيئاتها وتضرب عرض الحائط بما يصدر عنها من قرارات، وأن ما يروج له على أنه خلافات بين تل أبيب وواشنطن بسبب عدم استخدام الأخيرة حق الفيتو، كما حدث في القرار الأخير، ما هو إلا توزيع للأدوار لم تخفه التصريحات الأمريكية التي خرجت لتؤكد فور صدور القرار على ثبات موقف واشنطن الداعم لإسرائيل وأن السماح بتمريره لا يعني تحولا في الموقف الأمريكي.
وبعد أن أسهب بعض المحللين في تفسير ملابسات تمرير القرار على أنه يجسد حجم الخلاف الأمريكي الإسرائيلي، مستشهدين بإلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن كان من المقرر أن يبحث بدائل اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة مع مسؤولين أمريكيين، خرج نتنياهو نفسه بتصريح ليوضح أن هذا القرار كان بمثابة رسالة موجهة لحماس بأن الضغط لن يجدي نفعا، ثم عاد ليتراجع وقرر إرسال الوفد إلى واشنطن.
وفي هذا السياق، أظهر استطلاع حديث للرأي نشر معهد جالوب نتائجه امس أن نسبة تأييد الأمريكيين للحرب تراجعت في مارس الجاري إلى 36% مقابل 50% في نوفمبر الماضي.
وكشف الاستطلاع عن أن 74% من البالغين الأمريكيين يتابعون أخبار الصراع بين إسرائيل وحركة حماس عن كثب، مقابل 72% في نوفمبر، وأن ثلث الأمريكيين (34%) يتابعون الموقف "عن كثب للغاية".
ووسط تأويلات وتفسيرات مختلفة بشأن ما إذا كان قرار مجلس الأمن الأحدث ملزما أو غير ملزم، يظل التساؤل بشأن آلية تنفيذه. وقال يوسي ميكيلبرج، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس البحثي في لندن، إنه "حتى لو قرر الخبراء القانونيون أن القرار ملزم، يظل السؤال حول كيفية تنفيذه ومن يمكنه تنفيذه".
ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية عن ميكيلبرج قوله:"الإجابة هي لا أحد"، خاصة وأن الدولة الوحيدة القادرة على تنفيذ القرار، وهي الولايات المتحدة، سارعت إلى الإعلان عن أنه غير ملزم.
ويرى محللون أنه على الرغم من الانتقادات الشديدة التي تواجهها إسرائيل على المستوى الدولي، لن يصل الأمر إلى حد حشد تأييد دولي على غرار ما فعلته واشنطن مرارا من قبل في حالات كالتعامل مع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أو عندما تعلق الأمر بتنفيذ رؤية معينة كغزو العراق. ويدلل هذا المعسكر على وجهة نظره بعدم التحرك الفعلي لحمل إسرائيل على وقف حربها المدمرة على الرغم من دعوات ساسة أمريكيين ومسؤولين أوروبيين لإعادة النظر في مبيعات الأسلحة لها.
ويقول مراقبون أن التعامل الدولي مع الحرب الإسرائيلية على غزة أضاف دليلا جديدا على اختلال المعايير التي تحكم الهيئات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ويؤكد حتمية إتمام المخاض العسير الذي يمر به ميلاد نظام عالمي جديد، أساسه العدل والمساواة ولا تتحكم المادة في أركانه.
وفي سياق آخر، أفادت مصادر فلسطينية بإغلاق السلطات الإسرائيلية، اليوم الخميس، معبر الكرامة أمام حركة المسافرين الفلسطينيين، والشحن، بين الضفة الغربية والأردن.
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا) اليوم عن المصادر قولها إن "سلطات الاحتلال أغلقت المعبر أمام المسافرين، بالتزامن مع تكثيف إجراءات الاحتلال العسكرية في أريحا، والأغوار غربا".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن "ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح متوسطة إلى خطيرة باعتداء إطلاق نار إرهابي في غور الأردن"، مشيرة إلى أن قوات الأمن تجري أعمال تمشيط.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن "فلسطينا أطلق النار على عدة مركبات بالقرب من العوجا في منطقة الأغوار في الضفة الغربية، وهرعت القوات إلى مكان الحادث، وأغلقت الطرق في المنطقة وبدأت في ملاحقة الضالعين".
وأشار إلى أن "منفذ الهجوم فر من المكان بدون مركبة، وتشارك المروحيات في عملية المطاردة وسط تمشيط منطقة العوجا والقرى المجاورة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مجلس الأمن قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
غزاوي أفرجت عنه إسرائيل: إذا عادوا للقبض علي أفضل الموت
قالت صحيفة لوتان السويسرية إن أحد سكان غزة أفرجت عنه إسرائيل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، قدم لها شهادة نادرة قال فيها إنه لم يعد خائفا من الإسرائيليين لأنه لم يعد لديه ما يخسره، ولكنه أكد أنه لن يسمح لهم بأخذه حيا مرة أخرى، وإذا عادوا فهو يفضّل الموت على العودة إلى سجونهم ومعاناة المزيد من ظلمهم وتعذيبهم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم شارلوت غوتييه من القدس- أن بلال (30 عاما) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وهو أب لـ4 أبناء، وكان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول موسيقيا، ومعجبا بالمطربة المصرية الشهيرة أم كلثوم، ولكنه اليوم أصبح مجرد ظل لشخصيته السابقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رجل عصابات أميركي: أنا الذي قتلت كينيديlist 2 of 2لوفيغارو: ترامب مرآة تعكس ضعف أوروبا وجبنها وأخطاءها الإستراتيجيةend of listبدأت مشاكل بلال، وفقا للصحيفة، منذ عام بالضبط عندما غادر جباليا مع عائلته بأوامر من جيش الاحتلال الإسرائيلي ولجأ إلى أحد مستشفيات الهلال الأحمر في خان يونس جنوب القطاع، وقد حاصر الإسرائيليون المدينة والمستشفى وبعد فترة من الوقت، "طلبوا منا مغادرة المستشفى -كما يقول- وعند مروري قالوا لي مرحبا. أنت الرجل ذو القميص الأحمر تعال هنا. وضعوني جانبا وجردوني من ملابسي. كنت تحت المطر في البرد. ضربوني. أهانوني. أذلوني. ثم اعتقلوني".
تجويع وتعذيب
نقل بلال من دون محاكمة -كما تقول الصحيفة- من سجن إلى سجن على مدى الأشهر التالية، وسجن في عدة قواعد عسكرية حول غزة، ثم في سجن بالقدس ثم في سجن عوفر" قرب رام الله، وكلها كانت "مراكز اعتقال عسكرية وليست سجونا تقليدية".
إعلانويقول: "خلال الشهرين الأولين بقيت معصوب العينين ومقيد اليدين طوال الوقت. كان علينا أن نجلس أو نركع 18 ساعة يوميا"، مشيرا إلى أنه عانى من الجوع لأنه لم يكن يحصل إلا على "قطعتين من الخبز" يوميا.
ويصف بلال رفض الإسرائيليين علاج السجناء قائلا "لقد أصبنا جميعا بالجرب، وكنا نخدش أنفسنا حتى تنزف الدماء. أصبحت جروحنا ملتهبة ومتقيحة"، ويصف أيضا العقوبة البدنية قائلا "كنا نتعرض للضرب 4 مرات يوميا. وهناك باب على كل سجين أن يخرج يديه من خلاله ليتلقى الضرب بالهراوات".
لم يحصل بلال خلال كل هذا الوقت على أخبار عما يحدث في الخارج، ولم تكن لديه أدنى معلومة عن مصيره، ويقول إنه لم يمثل أمام قاض قط، ولم توجه له أي تهمة، وإنما "أجروا مكالمة هاتفية أمامي ربما مع المحكمة وقالوا لي أنت عضو في منظمة إرهابية وعلى هذا الأساس سوف تبقى في السجن".
فرحة منغصةومن دون تفسير، تقول لوتان، تم نقل بلال مع زملائه من سجن عوفر إلى وجهة مجهولة، وفي الطريق "تعرضوا للضرب -كما يقول- ثم فجأة توقف الضرب ورأيت موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقلت لرفاقي سوف يعالجوننا"، ولم تكن لديه فكرة عن إطلاق سراحه، ولكن أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية أبلغه بذلك.
ويضيف بلال "مررنا واحدا تلو الآخر أمام أحد الضباط. قال لي نحن نطلق سراحك، لذلك أحذرك لا تستأنف أنشطتك الإرهابية، ولا تنضم إلى أي جماعة مسلحة. مكثنا أسبوعا بعد ذلك قبل إطلاق سراحي السبت، الثامن من فبراير/شباط مع 111 أسيرا من سكان غزة".
فرح بلال فرحا عظيما، ويقول: "اتصلت بزوجتي وفرحت كثيرا حين أخبرتني أنها على قيد الحياة هي وأولادنا وأمي وإخوتي وأخواتي"، وبالفعل التقى بلال عائلته وعاد إلى منزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، لكن قسوة الواقع سرعان ما أذهبت فرحته.
يقول بلال إنه يشعر "بالاكتئاب" في هذا المخيم المدمر بالكامل، إذ لم يبق من مبنى عائلته سوى الهيكل فقط، و"يحاول أخي أن يجد لي بعض الأغطية البلاستيكية لنضعها مكان الجدران لحمايتنا قليلا من البرد"، كما يوضح هذا الأب بصوت متعب.
إعلان