كيف يواكب المرحلة الجديدة من نمو الاقتصاد وتقدم جهود التنمية؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
توجهات مهمة تعزز تمكين المواطنين:
تطوير التعليم وربطه بمستهدفات التشغيل
الاهتمام بالمهارات التي تحقق تنافسية عالية وترفع جاذبية الاقتصاد
دعم المواهب العمانية والمبتكرين وزيادة دورهم في نمو الاقتصاد وقيادته نحو المستقبل
تركيز سياسات العمل على حلول مستدامة للتوظيف من خلال تعزيز آفاق التنويع وزيادة دور القطاع الخاص
تشجيع دخول الشباب لمجالات ريادة الأعمال
منذ انطلاقة رؤية عمان وخطتها التنفيذية الأولى، خطة التنمية العاشرة، أطلقت الحكومة حزمة واسعة من المبادرات والبرامج الاستثمارية التي تستهدف دعم القطاع الخاص وتعزيز دوره في استدامة النمو الاقتصادي المرتكز على التنويع، كما ساهمت خطة التحفيز في تعافي ومساندة الأنشطة الاقتصادية إبان تفشي الجائحة وما تزامن معها من تبعات التراجع الحاد لأسعار النفط، وقاد كل ذلك لتخطي الاقتصاد العماني مرحلة الانكماش في عام 2020 وانتقال القطاع الخاص للتعافي في العام التالي وتحقيق الناتج المحلي الإجمالي لمعدلات نمو جيدة على مدار العامين الماضيين، وقد تبنت الحكومة توجها واضحا نحو تقليص دورها في النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار ومنح حوافز وتسهيلات متواصلة لإفساح الطريق للقطاع الخاص كشريك يقود النمو ويساهم بفاعلية في تحقيق المستهدفات الطموحة لرؤية «عمان المستقبلية 2040»، وهو ما يضع قطاعات التنويع وأنشطة القطاع الخاص كمصدر رئيسي ومستدام تعتمد عليه جهود توفير فرص العمل.
وضمن الجهود الحكومية، حظي قطاع العمل باهتمام كبير كلله تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية وإصدار قانون جديد للعمل يعزز الإنتاجية ويساهم في تطوير سياسات سوق العمل لتكون عاملا فعالا في جذب الاستثمارات الجديدة كما يحقق القانون التوازن بين مصالح أطراف الإنتاج، وتواصلت في الوقت ذاته جهود التوظيف والإحلال والتدريب ورفع معدلات التشغيل من خلال وزارة العمل ومبادرات البرنامج الوطني للتشغيل، والعمل على مواكبة سوق العمل لمتغيرات المرحلة الجديدة التي يمر بها الاقتصاد وجهود التنمية وتخطي التحديات التي ترجع للعديد من العوامل المتداخلة منها تفضيل العمل في القطاع الحكومي وظروف العمل في بعض أنشطة القطاع الخاص واختلال أساسيات العرض في سوق العمل نظرا لوفرة وسهولة الاستعانة بالقوى العاملة الوافدة ليظل الجانب الأكبر من الوظائف الجديدة في القطاع الخاص تشغله قوى عاملة وافدة.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل البحث عن عمل سجل خلال العام الماضي 3.2 بالمائة، وترتفع باستمرار أعداد الداخلين الجدد لسوق العمل، وترصد الإحصائيات أن عدد العمانيين المؤمن عليهم في القطاع الخاص 273 ألفا وفي القطاع الحكومي 180 ألفا، أما إجمالي عدد القوى العاملة الوافدة فيبلغ 1.8 مليون وافد، وفيما يتعلق بتقدم جهود التشغيل، كشفت وزارة العمل في مؤتمرها السنوي امس عن أن عدد الفرص الوظيفية التي تم شغلها العام الماضي 40 ألفا في مجالات التوظيف والإحلال والتدريب المقرون بالتشغيل، مما يتخطى إجمالي مستهدف التوظيف وهو 35 ألف فرصة عمل، ومع 20 ألف فرصة تم توفيرها في القطاع الحكومي يظل هذا القطاع يقود جهود التشغيل، ووفق ما أعلنته وزارة العمل بلغ عدد فرص العمل أكثر من 17 ألف فرصة بالقطاع الخاص خلال العام الماضي وعاد أكثر من 29 ألف شخص ممن سبق لهم العمل لسوق العمل ليبلغ إجمالي التوظيف أكثر من 70 ألف شخص.
وقد حققت خطة الإحلال في القطاع الحكومي مزيدا من التقدم إذ تراجع عدد القوى العاملة الوافدة بشكل مطرد خلال العامين الماضيين ليصل إلى نحو 42 ألف وافد في القطاع الحكومي بنهاية فبراير الماضي، وتساهم جهود الإحلال والتوظيف ودعم التعمين ليس فقط في دعم التشغيل وتحقيق توازن سوق العمل بل أيضا في توازن التركيبة السكانية حيث تجاوز إجمالي عدد السكان 5 ملايين نسمة حاليا، وتمثل نسبة العمانيين 57 بالمائة أي ما يقترب من 3 ملايين نسمة.
وبالنظر إلى التوجهات الديموغرافية في سلطنة عمان، تعد الحلول المستدامة للتوظيف ذات أهمية كبيرة لمواكبة متطلبات وتوجهات النمو السكاني الحالية في سلطنة عمان التي تشير إلى ارتفاع نسبة الشباب، وتتوقع الإسقاطات السكانية أن يمثل نسبة الشباب نحو ثلثي قوة العمل بحلول عام 2040, وتمثل فئتا الشباب والأطفال في العمر بين 15- 29 سنة نحو 25 بالمائة من السكان العمانيين حاليا، فيما تمثل فئة الأطفال والشباب دون سن الثلاثين نحو 63 بالمائة من السكان، ومن المتوقع استمرار نمو السكان خلال العقدين المقبلين، ولذلك تعتبر الخطة العاشرة أن النمو السكاني هو فرصة لتعزيز التنمية كما تضع الرؤية المستقبلية في صدارة اهتمامها أولويات التحسين المستمر في مستوى معيشة المواطن وتعزيز الرفاه الاجتماعي. ولمواكبة متطلبات النمو السكاني وتحقيق تطلعات المواطن، تسعى رؤية عمان إلى تمكين واسع النطاق للشباب وتتطلع إلى دور أساسي للمواطن كعماد للتنمية وتحقيق طموحات الرؤية المستقبلية في مختلف جوانبها الاجتماعية والاقتصادية التي تتكامل معا للوصول بسلطنة عمان إلى مصاف الدول المتقدمة.
وفيما يتعلق بسوق العمل تستهدف توجهات الحكومة تطوير التعليم وربطه بسوق العمل ومستهدفات التشغيل، وتزويد المواطن بالمهارات اللازمة التي تحقق تنافسية عالية للمواطن في سوق العمل وتعزز دور المواهب العمانية والمبتكرين في نمو الاقتصاد وقيادته نحو المستقبل وزيادة جاذبية الاقتصاد لدى المستثمر المحلي والأجنبي، وتركز سياسات العمل على حلول مستدامة للتوظيف من خلال تعزيز آفاق التنويع وزيادة دور القطاع الخاص في تشغيل المواطنين وتشجيع دخول الشباب لمجالات ريادة الأعمال، وضمن هذه الحلول المستدامة تأتي أهمية توجه وزارة العمل نحو حوكمة كافة القطاعات الاقتصادية لرصد الفرص المتاحة ودعم جهود التشغيل، ويتضمن ذلك قطاعات السياحة والأمن الغذائي، واللوجستيات، والصحة، والطاقة والتعدين، والتقنية والاتصالات، والخدمات العامة، والصناعة التحويلية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والتعليم المدرسي، والقطاع المصرفي، والتعليم العالي، والتطوير العمراني، والاتصالات، والرياضة، وسوق المال، وفي الوقت الحالي تتفاوت معدلات التعمين بين مختلف هذه القطاعات ويعد القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات من بين أعلى القطاعات في معدلات التعمين.
وضمن الأولويات الاجتماعية لرؤية عمان، قدمت توجهات سلطنة عمان نموذجا ناجحا للتوازن ما بين متطلبات النمو الاقتصادي والاستقرار المالي من جانب وبين البعد الاجتماعي للتنمية من جانب آخر، وحتى خلال الأزمة المالية حافظت سلطنة عمان على هذا التوازن ووجهت جانبا من العائدات المالية الإضافية لتعزيز الجوانب الاجتماعية لدعم المواطن في مواجهة تبعات ارتفاع التضخم عالميا وبدء تنفيذ خطة التوازن المالي، وهذا الحرص الكبير على البعد الاجتماعي يمتد ليشمل سوق العمل من خلال ضمان رفع معدلات التوظيف وتمكين المواطن في كافة القطاعات والمستويات الوظيفية في سوق العمل، وقد أكد قانون العمل الجديد على أن العمل حق أصيل للعمانيين.
أيضا، مما تجدر الإشارة إليه عند تناول التحديات في سوق العمل، أن السنوات التي سبقت بدء تنفيذ رؤية عمان المستقبلية شهدت تصاعدا غير مسبوق في حجم المخاطر التي واجهت الوضعين المالي والاقتصادي في ظل تفاقم نسبة العجز المالي السنوي في الميزانية وارتفاع مستويات الدين العام وأعبائه إلى حدود مثلت تهديدا للمركز المالي للدولة، وقد نجحت الخطة المالية متوسطة المدى وخطة التحفيز الاقتصادي وغيرهما من الخطط والبرامج والجهود الحكومية في قيادة الوضع المالي إلى بر الأمان وأدت إلى انخفاض حاد في حجم الدين العام ووضع الاقتصاد على مسار النمو المتنوع والمستدام، وهذه القدرة اللافتة على إحداث هذا التحول الجذري في المسارين المالي والاقتصادي تؤكد إمكانية تحقيق تحول مماثل في سوق العمل بما يضعه على الطريق نحو مواكبة مستهدفات التنمية المستدامة ويحقق الصالح المشترك بين مستهدفات التنمية ومصالح القطاع الخاص حيث تبدى الرؤية المستقبلية استيعابا واسعا للتحديات في سوق العمل وغيرها من التحديات التي تواجه استدامة النمو وهناك جهد متواصل لتذليل كافة التحديات وايجاد حلول لها بما في ذلك ضرورات تحقيق التوازن في سوق العمل كمحور ارتكاز تنطلق منه جهود التنمية ويحقق أولويات رؤية «عُمان 2040» من خلال سوق العمل والتشغيل والتعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی القطاع الحکومی نمو الاقتصاد القطاع الخاص فی سوق العمل وزارة العمل سلطنة عمان نمو السکان رؤیة عمان من خلال
إقرأ أيضاً:
النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
الأثنين, 10 يونيو 2024 10:05 ص
متابعة/ المركز الخبري الوطني
قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في العراق غازي شبيكات، إن الصندوق يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، متوقعاً حصول نموّ في الاقتصاد العراقي خلال السنوات المقبلة.
*ماذا يتوقع الصندوق لمستقبل الاقتصاد العراقي؟
– الصندوق يتوقع حصول نمو في الاقتصاد الكلي العراقي، بالتزامن مع الإصلاحات التي تتبناها الحكومة بهدف خلق معالجات واقعية لمجمل المشكلات الاقتصادية، ولمسنا جدية من الحكومة العراقية في مجال تحقيق إصلاحات اقتصادية توطد العلاقة مع الصندوق وهذا يشجع على ترصين التعاون بالشكل الذي يخدم الاقتصاد العراقي الذي يعاني مشكلات مزمنة.
*كيف يدعم الصندوق الاقتصاد العراقي وما وجه الدعم؟
إنَّ صندوق النقد الدولي يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، لاسيما أنَّ بلداً مثل العراق يحتاج إلى إيرادات كبيرة لتغطية حاجة جميع القطاعات، وهذا يحتاج إلى خلق استدامة مالية حقيقية من خلال إحياء القطاعات الإنتاجية والخدمية وجعل دورة رأس المال في إطار محلي.
*بماذا تنصحون بشأن تخفيف معدلات البطالة؟
العراق يجب أن يركز على سوق العمل وأن تُخلق مزايا في القطاع الخاص توازي ما يحصل عليه في القطاع العام، ليتم التوجه إلى التوظيف في القطاع الخاص الذي يجب أن ينشّط بحدود تتناسب وقدرات العراق الاقتصادية.
*ماذا تحتاج سوق العمل العراقية؟
- لابد من العمل على تدريب وتأهيل الموارد البشرية في جميع الاختصاصات في ظل وجود ثروة بشرية يمكن أن توظف بالشكل الذي يخدم العراق، مع ضرورة خلق أيدي عمل ماهرة في جميع القطاعات وبالشكل الذي يتناسب مع السياسة الحكومية الإصلاحية.
*برأيكم أين مكامن القوة في الاقتصاد؟
– إنَّ القطاع الخاص يمثل قوة اقتصادية يمكنها أن تقهر التحديات وتنهض بالاقتصاد الوطني بشكل تدريجي فهو يعالج كثيراً من المشكلات، لا سيما أنَّ العراق يمكنه تحقيق تعدد في الإيرادات من القطاعات ومنها يتميز بتحقيق إيرادات مستدامة.
*ماذا عن القطاع المالي؟
إنَّ التنافسية في قطاع المال يمكنها أن تخلق قطاعاً مالياً رصيناً ذا خدمات متطورة وبمسارات أموال آمنة وشفافة داعمة للاقتصاد ومراحل النهوض التي ينشدها ويعمل على بلوغها ويصل إلى أهم الأهداف المتمثلة بالاستدامة المالية.