مايا مرسي: الإرادة السياسية كلمة السر في نجاح ملف تمكين المرأة
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
شاركت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، وعضوة لجنة التسيير المشتركة للإطار الإستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة 2023 – 2027، في الاجتماع الافتتاحي للجنة المشتركة والتي تترأسها الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيدة إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر.
جاء ذلك بحضور لفيف من الوزيرات والوزراء عضوات و أعضاء لجنة التسيير المشتركة، فضلاً عن رؤساء مكاتب الأمم المتحدة في مصر ومجموعة من الشخصيات العامة.
محاور الإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدةواستهلت الدكتورة مايا مرسي كلمتها بصفتها رئيس مشارك في مجموعة النتائج لمحور «التمكين الشامل للنساء والفتيات» من الجهات الوطنية، بتوجيه الشكر لكل من الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي ورئيسة لجنة التسيير المشتركة، وإلى السيدة الينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر ورئيسة لجنة التسيير المشتركة على جهودهما في دعم ملف تمكين المرأة في مصر، متوجهة للجهتين بالشكر أيضًا على استمرار تخصيص محور كامل للمرأة ضمن الإطار الإستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة مع ادماج احتياجات المرأة في كافة محاور الإطار.
وأكدت أن محاور الإطار الاستراتيجي للشراكة بين جمهورية مصر العربية والأمم المتحدة 2023-2027، تتفق مع محاور الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 التي أطلقها الرئيس السيسي عام 2017، وتتضمن الأولويات الوطنية في ملف تمكين المرأة والسياسات المتعلقة بتحقيقها.
محور «تمكين الفتيات والمرأة»وأوضحت أن محور «تمكين الفتيات والمرأة» يركز على عدد من الموضوعات المهمة هي المرأة في القيادة، التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة والتي يأتي من ضمنها توفير بيئة عمل آمنة للمرأة، فضلاً عن الحماية من كافة أشكال العنف الموجهة ضد المرأة، والاستثمار في الفتيات وتمكينهن بشكل عام.
كما أكدت أن دعم الإرادة السياسية هو كلمة السر وراء النجاح الهائل الذي تحقق في السنوات الماضية، فيما يتعلق بتعميم مكون المرأة في كافة الملفات التي تعمل عليها الدولة، والتي انعكست على المؤشرات الوطنية الخاصة بوضع المرأة في مصر، متوجهة بالشكر إلى كافة الوزراء الذين تحدثوا خلال الاجتماع وركزوا في عروضهم على مكون المرأة.
ولفتت الدكتورة مايا مرسي إلى أهمية التعاون القائم مع مختلف هيئات الأمم المتحدة في مصر لتمكين المرأة في كافة المجالات، حيث تم التعاون خلال الفترة من 2016-2024 في حوالي 30 مشروعا، وخلال العام الحالي سيتم التعاون في 5 مشروعات لدعم وتعزيز وضع المرأة سواء في المواقع القيادية أوفي كافة المجالات.
وأشارت إلى بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية والتي تشير إلى انخفاض نسب الختان بين البنات من 0-19 سنة إلى 14% عام 2021 مقابل 21% عام 2014، كذلك انخفاض نسبة المتوقع ختانهن إلى 27% عام 2021 مقابل 56% عام 2014، وهو إنجاز كبير للجهود المبذولة في هذا المجال، وذلك بفضل تكثيف جهود اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في التوعية بخطورة تلك الجريمة.
تعزيز الشراكة مع القطاع الخاصكما أشارت الدكتورة مايا مرسي إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص حيث التزمت مائة شركة بمبادئ تمكين المرأة، و30 شركة تعمل على تطبيق معايير ختمِ المساواة.
كما أشارت إلى جهود مصر في مكافحة كافة أشكال العنف ضد المرأة بالتعاون مع الوكالات الأممية المختلفة، مشيرة أيضا إلى دور مكتب شكاوى المرأة بالمجلس في تلقي الشكاوى والبلاغات وتقديم المساعدة القانونية والنفسية والاجتماعية لضحايا العنف من النساء والفتيات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مايا مرسي القومي للمرأة تمكين المرأة المراة المصرية الدکتورة مایا مرسی والأمم المتحدة المتحدة فی مصر تمکین المرأة للشراکة بین المرأة فی فی کافة
إقرأ أيضاً:
تراث الإرادة
نواصل طلب التمدن، لكن هل حسبنا قبلها ما الذي سنخسره بالتمدن والتحضر؟ وتمر علينا عقود نتحدث عن التقدم، والتقدم خداع، فما يدرينا إن كنا نتقدم أم بدأنا نتأخر؟ وما الدليل على أننا حققنا الإنجاز إذا لم نقم بقياس أثر إنجازنا على محيطنا وعلينا؟ ما الذي تحقق فعلًا؟ وما الثمن والآثار المترتبة على البيئة وعلينا؟ ونحن جزء من البيئة بالضرورة.
وهل لنا أن ندرك ذلك إذا ما لم نعرف مكامن القوة والضعف فينا؟ ومتى سنعرفها إذا لم نصدق مع ذواتنا؟
نقيس أنفسنا بأشباهنا، ونقلد غيرنا، والتقليد سمة بارزة لتطور العقل البشري خاصة في الطفولة كما يشير لذلك كارل يونغ، لكن متى ما شب العقل فإنه يطلب استقلاله ويركز على شخصيته وتفرده وتميزه، لكن كل ذلك مبني على وعيه بشخصيته ومواهبه وقدراته، وكما في الفرد كذلك الجماعة.
ربما ندعي القوة بيننا وبين أنفسنا وفي محيطنا، لكن ما يدرينا إن لم نكن ضعفاء في الواقع، وأن كل دعوى القوة هي محض وهم نقنع به أنفسنا؟ فحتى الجيوش لا تنفك عن مواصلة التدريبات والتمارين والمناورات في حالات السلم، وما ذلك إلا لتعرف مدى قوتها وقدراتها، لكن داخل الجيوش وقدراتها وتجهيزاتها هناك الحالة النفسية العامة للمجتمع والتي تؤثر على أفراده مدنيين كانوا أم عسكريين، فقوة الإرادة تنهض بالفرد وتعليه وتجعله أكثر قدرة وإمكانية ونشاطًا، وضعف الإرادة ينعكس عليه كذلك، وكما يكون الفرد تكون الجماعة.
في تحليل ابن خلدون لحالة العرب الاجتماعية نجده يركز على أن قوة العرب في جزء كبير منها كامنة في بداوتهم الطبيعية، وأن ضعف دولهم وانهيارها منوط بملاحقتهم للشكلاني من الترف والتحضر:
«وانظر في ذلك شأن مضر مع من قبلهم من حمير وكهلان السابقين إلى الملك والنعيم.. فغلبوهم على ما في أيديهم وانتزعوه منهم.. وكذا كل حي من العرب يلي نعيمًا وعيشًا خصبًا دون الحي الآخر، فإن الحي المتبدي (من البداوة) يكون أغلب له وأقدر عليه إذا تكافآ في القوة والعدد. سنة الله في خلقه» ..(مقدمة ابن خلدون)
ابن خلدون في نظريته الاجتماعية يركز على أن قوة الجماعات البشرية تكمن في شدة تلاحمها الاجتماعي، وما يدعوه هو بلغته العصبية، والعصبية من العصب والتعصب والعصابة وهي الربط والرباط كما ورد في مقاييس اللغة لابن فارس، فالمراد قوة الترابط بين الجماعة من الناس، وهي ما ندعوه التلاحم الاجتماعي، وعلى ذلك فإن نظرية ابن خلدون أن الجماعات المتلاحمة فيما بينها أقوى من الجماعات المفككة، وإن كانت نظرة ابن خلدون مقتصرة على الدول وغلبة الحكم، لكن بمقدورنا أن نرى فيها أكثر من ذلك اليوم من أوجه النشاط البشري المدنية والصحة النفسية للجماعة.
يضيف ابن خلدون كذلك شرطًا آخر يسميه الوحشية يقول: «لما كانت البداوة سببًا في الشجاعة كما قلناه، لا جرم كان هذا الجيل الوحشي أشد شجاعة من الجيل الآخر. فهم أقدر على التغلب وانتزاع ما في أيدي سواهم من الأمم. بل الجيل الواحد تختلف أحواله في ذلك باختلاف الأعصار، فكلما نزلوا الأرياف وتفنقوا النعيم، وألفوا عوائد الخصب في المعاش والنعيم، نقص من شجاعتهم بمقدار ما نقص من توحشهم وبداوتهم».
وفي لغة اليوم نستطيع أن نصف الوحشية التي يعنيها بالحياة المتناغمة مع الطبيعة ومعطياتها، وذلك يكسب الإنسان شيئًا من الخشونة والطباع الحادة، لكن تلك الخشونة والطباع الحادة المكتسبة من العيش وفق الظروف الطبيعية هي مصدر قوة وإرادة وعزيمة لا تلين، ولا تنقصها عادة غير الفكرة والمعرفة، وهي التي يمتلكها الحضر أكثر، فإذا تم للجماعة امتلاك الأمرين فقد امتلكت صحة إرادة ونفسية قوية متفردة.
إن ما يدعوه ابن خلدون العصبية ليس إلا شكلًا اجتماعيًا بدئيًا أوليًا من أشكال المجتمع البشري، تفرضه طبيعة الحياة البرية على الإنسان فردًا وجماعة، بالتالي فإن المستخلص من نظرية ابن خلدون هو دور الإرادة الإنسانية وأنها مصدر قوة، كما نجد تأكيد ذلك عند شوبنهاور من أن العالم إرادة وفكرة، ذلك أن الإرادة بما هي مشاعر إنسانية فهي متأثرة بلا شك بالبيئة من حولها، ومتأثرة بتدفق تيار الطبيعة في شدته وضعفه، وكلما ابتعدت الجماعة أو الفرد عن ذلك التيار الطبيعي الذي يغذي الإرادة سقطت الجماعة والفرد في ما ندعوه أمراض العصر، الجسدي منها والنفسي، والعكس صحيح بطبيعة الحال.
يمكننا القول بإعادة قراءة ابن خلدون في تحليله الاجتماعي للعرب كما ورد في مقدمته الشهيرة، إن قوة المجتمع العربي قديمًا وحديثًا تكمن من جهة في قوة تلاحمه الاجتماعي العام في نطاق مجتمعه لا في نطاق أسرته كما هو شائع اليوم، وإن الجناح الآخر لتلك القوة قائم على ارتباطه بطبيعته وبيئته ومفرداتها وانغماسه الحيوي في تلك البيئة، وما ذلك إلا لأن تلك هي الجذور الحقيقية التي يقوم عليها تركيبه الطبيعي، وأنه بمجرد انعزاله وانفصاله عن تلك البيئات وما يترتب عليها يفقد الكثير من مصادر قوته وإرادته، ويركن للضعف الداخلي الذي يشل أفعاله وتعاطيه الحي مع طبيعته ومجتمعه وبالتالي يحد من إنتاجيته وكفاءته.
هكذا نجد اليوم في المهرجانات صغيرها وكبيرها، قاصيها ودانيها، في البلدان الخليجية وعمان منها، محاولات استعادة شكلية لنوع الحياة القديمة، وما ندعوه الأحياء والبيوت التراثية، معروضًا على السياح وعلى الأجيال الجديدة، وكأننا في طريقنا للتخلي عنه، والانفصال التدريجي عنه، بينما وجوده والاقتراب منه وشيوعه يعبران بنظرنا عن اشتياقنا الجوّاني الداخلي إليه، وإلى الجو الحيوي والتيار الطبيعي النشط الذي كان يجري بتدفق في تلك الحياة، تلك المشاعر التي نحتاجها ونفتقدها، أو خسرناها بانخراطنا في الشكل الحالي المعمم من الحياة المعاصرة، مع أن المفترض بنا، إذا كنا ننشد صحتنا النفسية، إعادة إدخال ما أمكننا من تلك الحياة في حياتنا المعاصرة، لا كشكل خارجي، بل كروح ووجدان، وبدل استعراضه في المهرجانات علينا حماية أشكال تجلياته الحية المختلفة ودعمها في عصرنا، فما زالت بقية من تلك المظاهر باقية وحية، وما زال بين ظهرانينا اليوم، على أطراف ما ندعوه الحياة الحضرية، وفي الأرياف النائية والقفار من لا يزال يعيشها ويحياها، بوعي أو بحكم الظروف العامة، متمسكًا بشكل معاصر أقرب إلى أشكال تلك الحياة التي استمدت منها الأجيال عبر قرون حيويتها وقوة إرادتها، فتلك هي الطاقة التي بتنا وباتت مجتمعاتنا بأمس الحاجة إليها اليوم كما هو بالغ الوضوح.
إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني