أواخر عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، ظهر في الساحة السياسية السودانية ناشط غامض أطلق على نفسه اسم "الانصرافي" وبات يخوض في الشأن السياسي بالسودان عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

لم يكن الانصرافي الشخص الوحيد الذي يتحرك سياسيا تحت اسم مستعار في تلك الأيام، لكنه سرعان ما أصبح الاسم الأبرز.

ومع مرور الأيام، أصبح الانصرافي نجما ينتظر الناس إطلالته، حتى تجاوزت مشاهدات المقاطع التي يبثها عبر قناته في اليوتيوب 45 مليون مشاهدة، وما لبث أن دخل دنيا الموضة حيث صُمم ثوب نسائي يحمل رسم واسم الانصرافي.

وفي المقابل، هناك من يطارده ويهدده بالملاحقة القضائية بتهمة إثارة الكراهية، ورغم تضارب الآراء وتعدد الروايات حوله، فإن الثابت هو أن لا أحد حتى الآن يستطيع أن يدعي أنه التقاه بشكل مباشر.

وتشير مصادر إلى أن الانصرافي يعتزم إماطة اللثام عن وجهه قريبا ولأول مرة، ولكن كثيرين يشككون في صحة ذلك.

ويتمتع الانصرافي بحضور لافت في معظم وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سجل أكثر من 45 مليون مشاهدة على يوتيوب، ويتابع قناته على يوتيوب نحو 75 ألف شخص. وأكثر من ذلك قليلا على منصة إكس، كما يتابعه نحو 200 ألف شخص على تيك توك، وعدد قريب من ذلك على تطبيق فيسبوك.

روايات متضاربة

هناك روايات عديدة متضاربة بشأن هوية الانصرافي، منها ما نقلته صحيفة "مراديس" الإلكترونية عن مصادر مقربة من قوات الدعم السريع قالت إنه ضابط في المخابرات السودانية برتبة عقيد اسمه نورالدين أبو قرون، ويعمل مع فريق من استخبارات الجيش السوداني مكون من 4 جنرالات يتوزعون ما بين القاهرة والرياض وأبو ظبي وأديس أبابا.

وتشير الصحيفة إلى أن الانصرافي سبق أن انتدب للعمل بجهاز المخابرات قبل أن يعود لاحقا للعمل بصفوف الجيش.

لكن مسؤولا رفيعا سابقا بجهاز المخابرات السوداني نفى أن يكون هذا الشخص الغامض قد التحق بجهاز المخابرات، ويستدل على ذلك بتواضع معلوماته، التي تجانب الدقة أحيانا مما يؤكد أنه يتحرك بمفرده.

أما اللواء محمد تبيدي مسؤول الإعلام الأسبق بجهاز المخابرات، فعلق على سؤال للجزيرة نت عن هوية الشخصية الغامضة، "ليس لدي ما أقوله عن ظاهرة الانصرافي مع أنني على علم بخلفيته".

وقال تبيدي إن "تميز الانصرافي وقدرته على تقديم إفادات قوية ومشبعة بالمعلومات وقدرته على الاستقراء والتنبؤ، مع غموض شخصيته، ظاهرة ملفتة".

لكن الصحفي والقيادي في قوى الحرية والتغيير ماهر أبو جوخ يقدم للجزيرة نت إفادة مختلفة عما سبق، إذ يقول إن الانصرافي يعمل بشكل متواز مع "غرف الفلول" من أعضاء نظام الرئيس المعزول عمر البشير ومع قيادات الجيش السوداني، وحين يحدث اختلاف في وجهات النظر بين المجموعتين يرتبك خطابه، لكنه بشكل عام يعبّر عن مواقف مدير المخابرات الأسبق صلاح قوش، قريبه من جهة والدته، حسب ماهر أبو جوخ.

ويشير مصدر عسكري مطلع على علاقة بالإعلام العسكري إلى أن الجيش السوداني ينفي أي صلة له بالانصرافي، وإن كان المصدر يعترف بأن الانصرافي ظل يدعم الجيش بقوة في أحلك الظروف، وأن الجيش كرمه بطريقة غير مباشرة.

من جهته، يقدم أسعد التاي -الضابط السابق بالجيش السوداني الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي- رواية أخرى عن هوية الانصرافي، فيقول إن اسمه محمد محمود السماني، وهو شاب إسلامي ولد في الولايات المتحدة الأميركية وعمل مع والده في البرلمان السوداني في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.

وتتطابق رواية التاي مع إفادة الصحفي والقيادي بالحرية والتغيير ماهر أبو الجوخ، لكن قياديا في البرلمان السوداني -طلب عدم ذكر هويته- نفى للجزيرة نت أن يكون الشخص المذكور قد عمل في البرلمان السوداني، وأكد أن الراحل محمود السماني شغل منصب مدير الشؤون المالية بالبرلمان حتى تقاعد عام 2010.

ورغم تعدد الروايات والتكهنات بشأن شخصية الرجل المثير للجدل، فتظل حقيقة هويته وما خفي من أمره محل جدال بين السودانيين أملا في أن تكشف الأيام عن القناع الذي يختبئ خلفه.

شخصية مؤثرة مثيرة للجدل

والسؤال الملح هو كيف تسنى للانصرافي أن يكون بكل هذا الزخم ويخطف الأضواء عن غيره من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي؟ هنا تحدث الدكتور سيف الدين العوض عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة أم درمان الإسلامية، وقال للجزيرة نت إن "الرجل ليس انصرافيا كما يوحى الاسم، فهو إنسان واع ومثقف ومدرك لما يقول، وبات من كبار المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعله ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل".

ويقر الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني -في حديثه للجزيرة نت- بأن خطاب الانصرافي بات مؤثرا ومحركا لبعض الأحداث ويلامس هوى الناس.

ويضيف العوض أن الانصرافي استخدم عبارات مواكبة للغة الشباب قد يراها البعض مبتذلة، ولكنها لغة الواقع، فكان ذلك أيضا من مميزات المحتوى الذي ينشره.

ما زال الانصرافي يثير الجدل بين الذين يتابعونه بغضا وحبا، ويقول مصدر مطلع بالجيش السوداني إنه ظل داعما بقوة للجيش في أحلك الظروف، و"ظل يقدم محتوى لامس شغاف قلوب المواطنين أسهم في تعزيز الثقة بجيشهم وفضح ألاعيب قوى الحرية والتغيير وعرى مليشيات الدعم السريع"، وفق تعبيره.

هل يمكن اصطياده؟

عديد من خصوم الانصرافي يتوعدونه بملاحقته قانونيا، لكن يبدو أن الرجل الغامض لا يكترث لذلك، ويرى الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب محمد الحسن عوض الله أن القاعدة القانونية تقول إن من حق أي متضرر ملاحقة من يسبب له الضرر وإن كان شخصا مجهولا.

لكن الصحفي والقيادي بالحرية والتغيير ماهر أبو جوخ يتوعد الانصرافي بما هو أكثر من مجرد الملاحقة القانونية، ويقول "بعد انتهاء هذه الحرب سيقدَّم كثير من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي -وعلى رأسهم الانصرافي- لمحكمة جرائم الحرب بسبب بث خطاب يثير الكراهية والتحريض على ارتكاب جرائم حرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات التواصل الاجتماعی الجیش السودانی للجزیرة نت ماهر أبو

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يوسع هجومه على قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم

السودان – يخوض الجيش السوداني مواجهات عنيفة مع ضد قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم، إلى جانب تنفيذه قصفا مكثفا في محيط القصر الجمهوري، الذي فقد السيطرة عليه منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

وبحسب شهود عيان، استهدف الجيش السوداني تجمعات قوات الدعم السريع في الخرطوم بحري بقصف عنيف، حيث سمع السكان انفجارات قوية، أعقبها تصاعد أعمدة الدخان من محيط القصر المطل على الضفة الجنوبية للنيل الأزرق.

وأشار الشهود إلى أن القصف نُفذ بواسطة طائرات مسيرة.

في الوقت ذاته، شنّ الجيش السوداني قصفًا مدفعيًا مكثفًا على مواقع الدعم السريع في محيط السوق العربي، حيث دارت مواجهات عنيفة بين الجانبين قرب القصر الرئاسي.

كما استهدف الجيش قناصة تابعين لقوات الدعم السريع داخل مستشفى الزيتونة في شارع السيد عبد الرحمن، وذلك انطلاقًا من مقر القيادة العامة للجيش.

وفي أم درمان، أفاد سكان محليون بسماع أصوات اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وخفيفة، إلى جانب دوي انفجارات قوية مصدرها وسط الخرطوم.

كما نفّذ الجيش السوداني قصفًا مدفعيًا من مواقعه في أم درمان باتجاه معاقل قوات الدعم السريع في الخرطوم وشرق النيل.

ووفقًا لشهود عيان، تصاعدت أعمدة الدخان بالتزامن مع القصف المدفعي في محيط جسر سوبا، الذي يربط بين الخرطوم ومنطقة شرق النيل.

ويعمل الجيش السوداني على التقدم نحو القصر الجمهوري من محاور “جياد” جنوب الخرطوم، و”سوبا”سوبا شرقي العاصمة، ومحور “الجيش” المنطلق من سلاح المدرعات جنوب غرب الخرطوم وصولًا إلى المنطقة الصناعية والمقرن.

كما تحوّل مقر القيادة العامة للجيش إلى نقطة اشتباك رئيسية، مدعومة بعمليات من سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وسلاح الأسلحة في الكدرو شمال الخرطوم بحري، إلى جانب قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمالي أم درمان.

في غضون ذلك، شنت قوات الدعم السريع السودانية هجومًا عنيفًا على مخيم زمزم للنازحين.

وأكد سكان محليون وعاملون في القطاع الطبي أن الهجوم تسبب في سقوط سبعة قتلى على الأقل، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، بينما أفاد شهود عيان بأن عدد الضحايا قد يكون بالعشرات.

ويقع مخيم زمزم على مقربة من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعد آخر معاقل الجيش السوداني في الإقليم.

وتسعى قوات الدعم السريع إلى إحكام قبضتها على المنطقة.

من جهتها، قالت القوات المشتركة، وهي تحالف من جماعات متمردة سابقة تقاتل الآن بجانب الجيش السوداني، إنها لم تكن داخل المخيم أثناء الهجوم. كما أعلنت الحكومة السودانية أن الجيش والقوات المشتركة والمتطوعين تمكنوا يوم الأربعاء من صد قوات الدعم السريع داخل مخيم زمزم، في مؤشر على استمرار القتال العنيف في المنطقة.

المصدر: سودان تربيون + رويترز

مقالات مشابهة

  • البحث متواصل في طنجة عن شاب اختفى في البحر خلال تصويره تحديا على " التكتوك "
  • وزير الخارجية السوداني للجزيرة نت: فوز جيبوتي برئاسة الاتحاد الأفريقي مفيد لنا
  • انطلاق الحلقة التطويرية نحو إطار وطني للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي
  • الجيش السوداني ينجح في استعادة مقرات المخابرات العامة من أيدي ميليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني يسيطر على مقرات جهاز المخابرات العامة في الخرطوم بحري
  • ذكرى رحيل حسين صدقي.. واعظ السينما المصرية الذي حول الشاشة إلى منبر للتغيير الاجتماعي
  • بالفيديو .. الجيش السوداني يسترد مقر هيئة العمليات في كافوري من قوات الدعم السريع ويستولي على أسلحة ضخمة ومدافع تستخدم في قصف أم درمان
  • الجيش السوداني يصل اهم مناطق سكن واستقرار قوات الدعم السريع بالخرطوم
  • الجيش السوداني يوسع هجومه على قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم
  • 30 مليون مشاهدة.. برومو مسلسل «العتاولة 2» يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي