المطران ابراهيم ترأس رتبة الغسل في سيدة النجاة: فلنكن مصدر إلهام لبعضنا البعض
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم صلاة الغروب والليترجية الإلهية ورتبة غسل الأرجل في كاتدرائية سيدة المسيح في يوم خميس الأسرار المقدس بمشاركة كهنة الأبرشية وحضور عضو المجلس الدستوري القاضي ايلي مشرقاني وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس كان للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن سر الكهنوت وعن اهمية الكهنة في حياة الكنيسة والمجتمع ومما قال :" هل سبق لكم أن تأملتم في الدور الذي يلعبه الكهنة في حياتنا الروحية؟ إنهم يمثلون الرعاية التي جسَّدَها المسيحُ حتى الصليب.
واضاف: "عندما نتأمل في حياة السيد المسيح، نجد أنه كان مثالاً حيّاً للمحبة والتواضع وخدمة الآخرين. في أحد الأحداث الانجيلية البارزة، قام السيد بغسل أرجل تلاميذه، وهو فعل يظهر محبته وتواضعه العميق وتفانيه في خدمة الآخرين. المحبة تسبق التواضع وتلدُه.
عندما يغسل المسيح أرجل تلاميذه، فإنه يعلمنا درسًا في ترجمة المحبة بالكهنوت. السيدُ يُعلمنا أنه ليس فقط معلمًا يعطي الدروس بالكلمات، بل مثلًا حيًا مُعاشاً. إنه يُظهر لنا بأن القوة الحقيقية تأتي من القدرة على خدمة الآخرين، وأن أعظم القادة هم الذين يستخدمون سلطتهم لخدمة الآخرين، ليس للسيطرة عليهم.
لذلك، في هذا الزمان الذي يغمره الكثير من الطموح والتنافس والسعي وراء النجاح، دعونا نتذكر درس المسيح في غسل أرجل التلاميذ، ولنجعله مُرشدًا لنا في كيفية ترجمة الأقوالَ أفعالاً. دعونا نتعلم الصبر والتواضع والخدمة، ولنعش حياة تُفرِّح القلوب وتملأ الأرواح بالسلام والمحبة".
وتابع: " هنا، يأتي دور الكهنة بوضوح. فهم يستمدون قوتهم وتوجيههم من مثال السيد المسيح. الكهنة هم الذين يقودوننا ليس بالطقوس الليترجية فحسب، ولكن بأن يكونوا مستعدين للانحناء وغسل أقدام أخوتهم، كمِثلِ ما فعل السيدُ المسيحِ أيضاً.
حينما نسيىء نحن الكهنة فهم علاقتنا بالمسيح ونشتهي سُلطةً ليست لنا أو نمارسها على الناس على غير وجه حق، فلنتذكر شرح المسيح لابني زبدى حول الجلوس عن يمينه وعن يساره في ملكه الذي يفتح أمامنا بوابة للتأمل في عمق وحكمة الرب. المسيحُ ليس ملكًا زمنيا، حيث القوة والسلطة العالمية، بل هو ملكٌ سماوي يحكم بالمحبة والحكمة".
واردف ابراهيم: " في قصة السامري الصالح، نرى أيضًا مثالًا جليًا على دور الكهنة وكيفية ممارسة الاسرار على غرار السامري الصالح. فالسامري الصالح لم يكن من الكهنة أو اللاويين، بل كان شخصًا عاديًا، لكنه أظهر محبةً وتواضعًا وخدمة حقيقية عندما وقف وساعد الرجل المجروح.
إذاً، دور الكهنة ليس فقط في إقامة الطقوس وتقديم الشعائر الدينية، بل يمتد أيضًا إلى خدمة الآخرين بالتواضع والمحبة، مما يعكس صورة حية لتعاليم المسيح. لذا، دعونا ندعم الكهنة ونصلي من أجلهم كما يصلون هم لنا، كي يكونوا مثالًا للتواضع والخدمة، كما فعل السيد المسيح وكما أوصى بذلك السامري الصالح".
وختم:" نحنُ مُباركون في هذه الأبرشية بكهنة أتقياء يسعون على الدوام إلى تقديس أنفسهم وتقديس الآخرين. إنهم مثالٌ للتجرد والتفرغ والانكباب على الخدمة الصالحة. نحنُ في سنة أبرشية نُريدها مكرسة لفهم دور كهنتنا ورسالتهم، كما نُريدها وعياً لدى العلمانيين بضرورة الحفاظ على الكهنة بالاحترام والصلاة.
فلنكن جميعًا آذاناً مُصغيةً وقلباً مستعداً لخدمة بعضنا البعض، مُقتدين بمثالَ السيد المسيح والسامري الصالح. فمن خلال تجسيد مثل هذه القيم، نساهم في بناء مجتمع روحي يعكس المحبة والتواصل الحقيقي مع الله وبعضنا البعض.
فلنكن مصدر إلهام لبعضنا البعض، ولنحمل عبء التواضع والخدمة بكل فرح وإيمان، تقديرًا لسر الكهنوت ومثال السيد. متمنيًا لكم جميعًا السلام والنعمة، ولكل الكهنة الثبات والقوة والقداسة في خدمتهم.كل عيد وأنتم بألف خير!".
وبعد العظة قام المطران ابراهيم بغسل ارجل اثنا عشر كاهناً على عدد تلاميذ السيد المسيح. (الوكالة الوطنية) المصدر: الوكالة الوطنية
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
التعليم.. و تطبيق تجارب الآخرين
كل فترة، تقوم وزارة التعليم بفرض نظام تعليمي جديد على الطلاب دون تجربته على عدد محدود من المدارس، ودراسة مدى نجاحه ومناسبته للطلاب لدينا.
تقوم الدول المتقدمة بتجربة أي نظام جديد في عدد محدود من المدارس، ثم تقوم بتقييم التجربة، وتدخل التعديلات إذا لزم الأمر قبل تطبيقه على الجميع.
هذا غير قياس مستوى الطلاب، ومقارنته بأقرانهم في الدول المتقدمة الأخرى لمعرفة أوجه القصور في المادة التعليمية.
قبل عدة سنوات، فرضت الوزارة نظام التقييم المستمر، حيث لا يخضع الطالب لأي امتحان. فقط ينجح الطالب لانه أجاد المهارة المطلوبة. و بالتالي تعودت أجيال على عدم الاستعداد للامتحان لكي تختبر معلوماتها. ولقد رحبت بعض الأسر بذلك النظام، لأنه كان يعني عدم قيام أحد الأبوين بمساعدة إبنه في المذاكرة. و بالتأكيد كان ذلك يدعو للكسل بالنسبة للطلاب.
ولقد نتج عن ذلك، أن تجد طالب في الجامعة يفتقد للكثير من المهارات الأساسية للتعليم مثل التحليل و الاستنباط ناهيك عن ابسط المهارات مثل الكتابة اللغوية الصحيحة.
ولو سألنا دكاترة الجامعة عن مستوى أغلب الطلاب، لسمعنا الكثير من المواقف الغريبة التى يواجهونها من الطلاب.
ذكر لي أحد الدكاترة في كلية الجغرافيا، أنه طلب من طلبة السنة الأولى أن يرسموا خريطة المملكة، وفوجئ بقيام البعض بتوزيع المدن على الخريطة بطريقة عشوائية، فمكة أصبحت على البحر الأحمر، وسكاكا في الجنوب، وأبها بجانب الرياض.
وأذكر أني سمعت أحد مسؤولي وزارة التعليم آنذاك يقول في مقابلة اذاعية: إن نظام التقييم المستمر لم يفشل، ولا يزال في طور التجربة، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على العمل به. ثم قامت الوزارة بإلغائه بعده بقليل في عام ٢٠٢٢.
والحقيقة أننا أخذنا النظام بعد أن طبقته إحدى الدول العربية وقامت بالغائه لفشله.
ومنذ ٤ سنين قررت الوزارة فرض نظام الثلاث فصول على المدارس والجامعات دون أخذ آراء العاملين في التعليم من مدرسين ومديرين. و حيث أن النظام القديم كان أفضل، قامت بعض الجامعات بالعودة لنظام الفصلين بعد مخاطبة الوزارة.
نحن نقوم بنقل تجارب قامت بها دول أخرى دون مراعة لطبيعة البيئة المدرسية لدينا.
ودون النظر إلى نجاح تلك التجارب من عدمه، أو دراسة الأسباب التى دعت تلك الدول لتطبيقها.
وهنا أذكر أنه ظهر اقتراح أن يخفض الأسبوع الدراسي الى أربعة أيام مثل فنلندا، خاصة وأن فنلندا، تحتل مركزاً متقدماً على مستوى العالم.
لا يجب أن يفرض نظام لأنه ناجح في دولة أخرى، فما يصلح لدولة مثل فنلندا، لا يصلح لمدارسنا. وإذا أردنا أن ننقل عن الآخرين، فيجب أن ننظر إلى التجربة كاملة، لا أن ننقل جزءاً منها.
هناك يبدأ إعداد الطلاب للدراسة في مراكز العناية اليومية ورياض الأطفال لتنمية مهارات التعاون والتواصل لدى الأطفال الصغار، ممّا يهيئهم للتعلم مدى الحياة، وكذلك لتعليمهم القراءة والرياضيات، وتستمر هذه المرحلة التحضيرية حتى يبلغ الطفل سن السابعة. و يركز التعليم الفنلندي في مرحلة الطفولة المبكرة على احترام فردية كل طفل، وعلى توفير الفرصة لتطوير كل واحد منهم حتى يصبح شخصًا فريدًا من نوعه.
ومن أجل ذلك، يتم اختيار تربويين على أعلى مستوى لتولى مهمة إعداد الطلاب لرحلة التعليم.
وهذا يؤكد، أنه لتطوير التعليم لدينا، لابد أن نبدأ من الحضانه والمرحلة الابتدائية. وكما يقول المثل القديم:” التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.”
أما باقي الحلول، فهي مؤقته. وقد يستفيد منها الطلبة المتفوقون فقط.
ولابد من اختيار أفضل التربويين لإعداد الطلاب منذ بداية رحلة التعليم.
وإذا أرادت الوزارة تجربة أي نظام جديد، فلابدَّ أن تستشير العاملين في التعليم من مديرين ومدرسين، فهم شركاء في العملية التعليمية، وهم الأساس لنجاح أي تجربة.