شعار رمح الأمة محور صراع رفاق السلاح في جنوب أفريقيا
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
أرجأت المحكمة العليا في ديربان بجنوب أفريقيا النطق بالحكم في دعوى رفعها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم ضد حزب "أومكونتو وي سيزوي" حديث النشأة، بعدم أحقية استخدام الاسم الذي يعود للجناح المسلح لحزب المؤتمر إبان النضال ضد حكم الفصل العنصري في البلاد.
وأمام مبنى المحكمة، اصطف العشرات من قدماء المقاتلين بزيهم العسكري من أنصار الحزب الجديد، وعلى مقربة منهم ترفرف أعلام خضراء، ورسمُ مقاتل يمتشق رمحا أفريقيا، وهو معنى "أومكونتو وي سيزوي" الذي يعني تحديدا "رمح الأمة"، بينما شق الرئيس السابق جاكوب زوما طريقه باسطا كفه مختالا وملوحا لأنصاره.
وعلى امتداد المنطقة المحيطة بمبنى المحكمة تجمع أيضا أنصار حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقمصان خضراء وأخرى صفراء ومتوشحين بأعلام الحزب، بينما انضم أمينه العام فيكيلي مبالولا للهيئة القانونية لحضور الجلسة.
واتهم فيكيلي غريمه زوما "بمحاولة انتزاع ملك ليس له"، وقال في كلمة أمام الصحافيين: "حتى لو خسرنا القضية، فإن معركتنا الحقيقية ستكون في صناديق الاقتراع لنستعيد ما هو حق لنا".
وانعقدت المحكمة للنظر في استخدام اسم "أومكونتو وي سيزوي"، الذي يرتبط بشكل وثيق بواحدة من أكبر وأنجح حركات التحرر في التاريخ الحديث ضد نظام فصل عنصري دموي حكم جنوب أفريقيا.
أطلق اسم "رمح الأمة" على الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي خلال فترة الفصل العنصري (غيتي) ملكية فكريةوأتى قرار المحكمة بتأجيل النطق بالحكم بعد جلسة امتدت قرابة 5 ساعات استمعت خلالها لمرافعات الادعاء والدفاع. لكن التأجيل، لا يعني أن التوتر السياسي بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم وأحد أبرز أعضائه التاريخيين الرئيس السابق زوما ستخفت حدته.
ويعكس المشهد أمام مقر المحكمة العليا حجم الاستقطاب السياسي الحاد على مسافة شهرين من الانتخابات البرلمانية. وحاول المؤتمر الوطني الأفريقي تفادي انشقاق زوما، لكن الأخير بدا مصرا على الابتعاد كليا عن إرثه السياسي وتاريخه في صفوف الحزب، الذي أوصله سابقا لسدة الرئاسة في جنوب أفريقيا.
وبعد انتهاء الجلسة، خاطب رئيس جنوب أفريقيا السابق مناصريه قائلا: "لا يوجد أي أساس قانوني للقضية. إنهم (حزب المؤتمر الوطني الأفريقي) يعتقدون أنهم قادرون على الفوز بكل شيء، نحن رمح الأمة". ولم تخل كلمة زوما أمام المحكمة من مهاجمة تاريخ وحاضر حزب المؤتمر.
واعتمد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في مرافعته عدم أحقية أي طرف استخدام اسم "أومكونتو وي سيزوي" ورايته، بوصفهما إرثا وطنيا. وقال المستشار القانوني لحزب المؤتمر الوطني غافين ماريوت إن اسم الجناح العسكري ورايته هما ملكية فكرية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وقبل الحكم بساعات، كان حزب المؤتمر الوطني قد خسر دعوى أمام حزب "أومكونتو وي سيزوي"، حين أجازت المحكمة المختصة بالنظر في قضايا الانتخابات في جنوب أفريقيا، للحزب الجديد خوض الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية مايو/أيار المقبل. والحكم صدر في دعوى اتهم فيها حزب المؤتمر الأفريقي غريمه "رمح الأمة" بعدم استيفائه معايير التسجيل الرسمية.
انقسامات قديمة
حزب "أومكونتو وي سيزوي" هو أحدث الأحزاب في البلاد؛ حيث تأسس نهاية عام 2023، ونال دعما مباشرا من الرئيس السابق جاكوب زوما، مع شكوك بوقوف زوما نفسه وراء تأسيس الحزب. واختار زوما اسم الجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي أعلن عن حله بعد سقوط نظام بريتوريا.
وإثر إعلان زوما الوقوف خلف "رمح الأمة"، اتهم المؤتمر الوطني الرئيس السابق بالعصيان، وعلق عضويته، وعلل الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي القرار بأن "دعم زوما حزبا سياسيا آخر بدون الخروج رسميا من حزب المؤتمر الوطني يناقض نظام الحزب الداخلي".
وتعود الأزمة بين حزب المؤتمر وجاكوب زوما لعام 2018، حين دفع الحزب زوما للتنحي عن سدة الرئاسة على وقع اتهامات بالفساد. وبعد أسابيع من التعنت، استقال الرجل في خطاب ناري وتحدث حينها عن "انقسامات داخلية دفعته للاستقالة".
ووُجهت لجاكوب زوما تهم بتلقي رشاوى بنحو 3.4 مليارات دولار في صفقة لشراء مقاتلات حربية وزوارق دوريات ومعدات عسكرية صنعتها 5 شركات أوروبية بينها مجموعة "تاليس"، في تسعينيات القرن الماضي، وكان حينها نائبا للرئيس ثامبيو مبيكي.
وفي صيف عام 2021، حكم على زوما بالسجن لمدة 15 شهرا، في محاكمة وصفها بأنها "ذات دوافع سياسية"، اندلعت على إثرها اضطرابات وأعمال شغب دامية، قتل جراءها قرابة 300 شخص. وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه أطلق سراح زوما لأسباب طبية.
رُمح الأمة بنسختيه
وكان حزب "أومكونتو وي سيزوي" أو "رمح الأمة" قد تأسس عام 1961 على يد الراحل نيلسون مانديلا، لمقاومة نظام الفصل العنصري. ووصف البيان التأسيسي أعضاء "أومكونتو وي سيزوي" بأنهم مناضلون من أجل الحرية، يدافعون عن حق الأفارقة في حكم أرضهم، وعن حقوق متساوية للجميع بصرف النظر عن العرق أو اللون.
وأعلن البيان في 16 من ديسمبر/كانون الأول عام 1961. وفي مفارقة لافتة، تزامن الإعلان عن تأسيس الحزب الجديد في الذكرى 62 لانطلاق "أومكونتو وي سيزوي" والعمل المسلح ضد حكومة الأقلية الأوروبية إبان الفصل العنصري.
سارع حزب المؤتمر الوطني لاتهام زوما بالحط من "التاريخ المشرف للكفاح المسلح ضد نظام الفصل العنصري" من خلال "الاستخدام الانتهازي للرمزية العسكرية"، في معركة سياسية.
وتدريجيا، وعلى مدى السنوات الست الأخيرة، تحول جاكوب زوما من قيادي مشاكس كثير المتاعب، إلى خصم لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وصل الخلاف بينه وبين حزبه ذروته مع إعلان زوما دعمه الكامل للحزب الوليد على أعتاب انتخابات قد تكون فارقة منذ سقوط نظام الفصل العنصري عام 1994.
ويدخل حزب المؤتمر الوطني الانتخابات المرتقبة غير مرتاح بالكامل لأفضليته المطلقة على الساحة الداخلية. ويحاول زوما الاستفادة من هذه اللحظة السياسية، ويجهد للإيحاء بأن "أومكونتو وي سيزوي" هو النسخة الأكثر التصاقا واتساقا مع تاريخ حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من الحزب عينه.
ولا يمكن الجزم من هو خصم جاكوب زوما، هل هو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أو سيريل رامافوزا، أو الاثنان معا. فبين زوما والحزب الذي أسقط حكم الفصل العنصري تاريخ نضال مشترك، وبين الرجلين زوما ورامافوزا التاريخ نفسه وقضايا تشهير ومحاكمات، وثأر سياسي يبدو أن زوما لم يطو صفحته بعد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات حزب المؤتمر الوطنی الأفریقی الرئیس السابق الفصل العنصری جنوب أفریقیا جاکوب زوما
إقرأ أيضاً:
رئيس جنوب أفريقيا: الحكومة ستبدأ موجة ثانية من الإصلاحات خلال العام المقبل
أكد رئيس جنوب أفريقيا، أن الحكومة ستبدأ موجة ثانية من الإصلاحات خلال العام المقبل، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
سفير مصر لدى جنوب أفريقيا يستضيف رموز الجالية المصرية جنوب أفريقيا ترحب بقرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وجالانت
وفي إطار آخر، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، جنوب إفريقيا بـ"مصادرة" أراض و"معاملة فئات معينة من الأشخاص بشكل سيئ جدا"، معلنا قطع أي تمويل مستقبلي للبلاد في انتظار تحقيق.
وأصدر رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا في يناير الماضي قانونا يسمح للحكومة في ظروف معينة بمصادرة أراض من أجل المصلحة العامة بدون تقديم أي تعويض على الإطلاق.
وتعد قضية الأراضي في جنوب إفريقيا مثيرة للانقسام، حيث تثير الجهود المبذولة لمعالجة عدم المساواة الموروثة من نظام الفصل العنصري انتقادات من المحافظين ولا سيما إيلون ماسك، الملياردير المولود في جنوب إفريقيا وهو من أقرب مستشاري ترامب.
وفي إطار آخر، أبدت وزارة الخارجية الروسية، في بيانٍ لها اليوم الخميس، رفضها لمُقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إقراغ غزة من اهلها.
وقالت الوزارة الروسية عن مُقترح ترامب إنه حديث شعبوي، واضافت مُشددةًَ على أن موسكو تعتبره اقتراحاً غير بناء يزيد التوتر.
وأضاف بيان الخارجية الروسية :"نأمل الالتزام التام والصارم بما تم التوصل إليه من اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أثار جدلاً كبيراً حينما اقترح تفريغ أرض غزة من سُكانها الأصليين وإرسالهم إلى مصر والأردن.
واضاف ترامب قائلاً إنه يرغب في تحويل قطاع غزة إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، والتي ستفتح أبوابها أمام الجميع، على حد قوله.
وكان إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، قد قال إن مُقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير مُواطني غزة لا يبدو خيارًا منطقيًا، واصفًا إياه بـ"الخيالي".
وقال باراك، في تصريحاتٍ صحفية لإذاعة الجيش الإسرائيلي،: "هذه لا تبدو خطة درسها أي شخص بجدية، يبدو أنها مثل بالون اختبار، أو ربما في مُحاولة لإظهار الدعم لدولة الاحتلال".
يُذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أثار الجدل بمُقترحه بشأن تهجير أهالي غزة إلى الأردن ومصر، وذلك بغيةً إفراغ الأرض من أهلها.
وواصل ترامب مُقترحه بالإشارة إلى خطته بشأن تحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، التي ستفتح أبوابها أمام جميع الجنسيات، على حد قوله.
وتُعتبر قضية فلسطين قضية عادلة لأنها تتعلق بحقوق شعب تعرض للتهجير القسري والاحتلال العسكري لأرضه، وهو ما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، منذ نكبة عام 1948، تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا، وتمت مصادرة أراضيهم دون وجه حق، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
وتؤكد قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، والقرار 242 الذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، على أن للفلسطينيين حقًا مشروعًا في تقرير مصيرهم. كما أن استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية عدالة وحقوق أساسية.