شيخ الأزهر وفلسطين في مناهج التعليم المصرية
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
للأزهر مؤسسة وشيخا دور غير منكور في قضية فلسطين، اتضح أكثر في أحداث غزة، من مواقفه التي تواكب كل حدث، إلى مناشداته التي لا تنتهي لإنقاذ أهلها، والحفاظ على أرواحهم ومقدراتهم، ومؤخرا طرح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مسألة مهمة تتعلق بالقضية الفلسطينية، حين قال:
"لا يوجد كتاب في عالمنا العربي يشرح القضية الفلسطينية للتلاميذ.
نكأ شيخ الأزهر بكلامه جرحا نشكو منه منذ مدة، فقد أصبحت المناهج التعليمية في مصر ـ وغيرها ـ خالية تماما من أي إشارة لفلسطين، أو إشارة لوجوب تحريرها، أو الحديث عنها بالتصريح أو التلميح، وبخاصة في السنوات الأخيرة لحكم مبارك، وما تلاها من حكم السيسي، فقد أصبحت مناهج التعليم تمارس ما عرف بسياسة: تجفيف المنابع، وتجريف المناهج من كل ما له علاقة أو صلة بقيم إسلامية تتعلق بالعروبة والإسلام، وبفلسطين تحديدا، ما دامت تمس الكيان الصهيوني من قريب أو بعيد.
وقد بدأ هذا التجفيف منذ عهد السادات، حتى تحدث الشيخ الشعراوي أنه بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، شكى رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين من تفسير الشعراوي للقرآن، وقد كان وقتها يفسر سورة البقرة، شاكيا من خطاب الشعراوي، وأنه خطاب يبث الكراهية لإسرائيل، مما جعل السادات يخفض مساحة البرنامج، فقد كان يعاد مرتين، فاكتفى بإعادته مرة واحدة استجابة لهذه الضغوط الممارسة، وإرضاء لأصحاب المعاهدة الجديدة.
أما المناهج فقد جرى تجريفها بشكل ملحوظ، وبخاصة في عهد وزير التعليم المصري: د. حسين كامل بهاء الدين، وما تلاه من عهود في فترة حكم مبارك، مما دعا المرحوم الدكتور جمال عبد الهادي، والأستاذ علي لبن، لإصدار كتيبات، تتحدث عن هذه الجريمة، المتعلقة بحذف كل ما يتعلق بفلسطين، أو الجهاد، أو الغزوات، وجرى حذف كتب من المناهج التعليمية، كانت تتحدث عن صحابة من أصحاب المعارك والغزات.
رغم أن الزمن وقتها، كان يسمح بمساحات أخرى تبث الوعي في الناس، فهناك خطباء الجمعة، والعلماء المهشورون في خطاباتهم، والنقابات في مصر: نقابة المحامين، والصحفيين، والأطباء، والمهندسين، كانت هذه النقابات في كل مناسبة تتعلق بفلسطين، سواء كانت دينية أو سياسية، تستغل للحديث والتذكير والتوعية بالقضية، فدينيا يتم الحديث في مناسبة الإسراء والمعراج، والنصف من شعبان ذكرى تحويل القبلة، وكلها مناسبات ذات علاقة بفلسطين، من حيث كونها: أولى القبلتين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثالث الحرمين الشريفين.
المأمول من شيخ الأزهر أن يبدأ بشيء عملي فيما أنكره، وهو تقرير مذكرة أو كتيب صغير، من المرحلة الإعدادية والثانوية والجامعية الأزهرية، يقرر على الطلبة، يعرف بقضية فلسطين، فمناهج الأزهر تسمح بهذه المساحة، وتسمح للمشيخة مؤسسة وإدارة أن تضع هذا المقرر،وما أشار إليه شيخ الأزهر من تسرب الجهل بفلسطين ومعالمها لمتخرجي الجامعات، هو أمر صحيح، بل أزيده أكثر من ذلك كارثية، فعندما كنت طالبا بالجامعة الأزهرية درسنا كتابا قرره علينا أستاذنا الدكتور أحمد ربيع، والذي صار فيما بعد عميدا لكليتنا كلية الدعوة الإسلامية، كان الكتاب رسالته للماجستير، بعنوان: أرض الميعاد بين نصوص العهد القديم والقرآن الكريم، كان يفند كل نص ديني استند إليه الصهاينة في أحقيتهم بأرض فلسطين، وما يمكن أن يستند إليه من نصوص قرآنية، وإثبات أحقية العرب والمسلمين بهذه الأرض، وأنها لم تكن يوما أرضا موعودة للصهاينة أو اليهود.
وكانت مادة ثرية، أمدتنا بزاد علمي وتاريخي قوي، جعلتنا نقف على أرض صلبة في التدليل والاستدلال للقضية الفلسطينية دينيا، وأثناء دراستي للكتاب، قابلني قريب لي منزعجا، من أن زوجة صديقه وهو موظف كبير في بنك، وزوجته أستاذة جامعية، دار الحديث بينهم فكان كلامها عن أحقية هؤلاء الصهاينة في أرض فلسطين، نظرا للتاريخ والنصوص، فأعطيته الكتاب الذي كنا ندرسه، فصور لها نسخة كي تقرأه، يقول لي: لقد فوجئت السيدة بما في الكتاب من حقائق دينية وتاريخية، لم تكن تتصورها، وشكرته على هذه المادة الثرية والمهة.
فإذا كان التجريف قد طال أساتذة الجامعات، وذلك في عهد مبارك، وقت أن كانت الجماعات الإسلامية والسياسية والنقابية تعمل على ملف فلسطين، ورفض التطبيع والتصهين، فما بالنا بعد هذا الكم من التجريف، والتصحر الثقافي والديني، فحديث شيخ الأزهر حديث عن واقع مرير، نرى آثاره طافحة على جل وسائل التواصل الاجتماعي من إعلاميين ورموز دينية وثقافية صاروا صهاينة عرب، يحملون الدفاع عن المشروع الصهيوني على عاتقهم، وإن بدى دفاعهم وحديثهم بشكل يبدو فيه الحرص على القضية، أو الدفاع عن العقل ومنطقه، كي ينطلي على الناس.
والمأمول من شيخ الأزهر أن يبدأ بشيء عملي فيما أنكره، وهو تقرير مذكرة أو كتيب صغير، من المرحلة الإعدادية والثانوية والجامعية الأزهرية، يقرر على الطلبة، يعرف بقضية فلسطين، فمناهج الأزهر تسمح بهذه المساحة، وتسمح للمشيخة مؤسسة وإدارة أن تضع هذا المقرر، سواء كان مقررا يختبر فيه الطالب بدرجات تحسب له، أو تكون درجات إضافية تحسب للطالب، ولا تعد مادة رسوب، تشجيعا على دراستها، وعندئذ يكون الأزهر مشيخة وشيخا قد جمعا بين إنكار المنكر، وفعل المعروف، وهو عمل سيكون دافعا لآخرين، أو على الأقل قياما ببعض الواجب نحو فلسطين وقضيتها.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين التعليم المناهج مصر مصر فلسطين تعليم رأي مناهج مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
الثقافة المصرية تشهد حراكا مميزا .. وأسباب زيارة مؤسسة الأزهر.. شاهد أهم تصريحات الوزير فؤاد هنو
كشف الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، خلال لقاء له لبرنامج “نظرة”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي “حمدي رزق”، عن العديد من التفاصيل الخاصة حول معرض الكتاب، وعن شراكات وزارة الثقافة مع القطاع الخاص، والتعاون مع مؤسسة الأزهر.
وإليكم أبرز التصريحات
هنو: الثقافة في مصر متنامية.. ونشهد حالة حراك مميزة
أكد أن هناك 5 هيئات تعمل تحت مظلة وزارة الثقافة، مشيرا إلى أننا نحاول أن نلبي طموحات الكتّاب والناشرين، ولدينا طموح بعمل شركات متكاملة مع دور النشر والمطابع الكبيرة.
وقال أن الثقافة في مصر متنامية، مؤكدا أن مصر في حالة حراك ثقافي مميز، ولدينا جيل رائع في كل المجالات الثقافية.
وتابع أن الشباب المصري لديه طاقات إبداعية كبيرة سواء في المسرح أو الكتابة وغيرها من الفنون الثقافية، ولكن لا بد من الاهتمام وتسليط الضوء عليهم.
هنو: معرض الكتاب أكبر منتدى ثقافي للمحافظة على الهوية المصرية
أكد أن معرض الكتاب أكبر منتدى ثقافي، مشيرا إلى أنه يعد محورًا أساسيًا لبناء الإنسان والمحافظة على الهوية المصرية بشكل كبير.
وقال "لدينا عزم شديد أن نقوم بإهداء الدولة المصرية، مبادرة “الـ “مليون كتاب”، مؤكدا أن إهداء "مليون كتاب" للجهات المشاركة جاء كخطوة جادة لنشر الثقافة وتعزيز الوعي المعرفي في جميع المجالات.
وتابع “لدينا طموح كبير أن يقوم اتحاد الناشرين بمثل تلك المبادرات، خاصة أنها سنة حميدة تعمل على إهداء الدولة مليون كتاب، للسعي نحو بناء الإنسان المصري ثقافيًا”.
هنو: الطموح الثقافي كبير ولا ينتهي.. ولدينا شراكات قيمة مع القطاع الخاص
أكد أن الطموح الثقافي كبير ولا ينتهي، سواء في السينما والمسرح والأداب والفنون التشكيلية والشعر والتراث الشعبي والمحافظة على التراث والحرف التراثية
وقال أن ميزانية وزارة الثقافة لا تكفي، مؤكدا أنه لو هناك إمكانية لزيادتها سيكون أمر جيد، لذا هناك شراكات قيمة مع القطاع الخاص.
وتابع أنه غير راضي على قصور الثقافة في الأقاليم، مؤكدا أن رؤية الهيئة العامة لقصور الثقافة جيدة في نشر الثقافة في اقاليم مصر، ولكن لا بد من تغيير مفهوم العمل، نظرا لتغير طبيعة الأجيال.
هنو: القاهرة المقر الأساسي للثقافة العربية
أكد أننا نعمل على إطلاق أول محطة إذاعية مصرية متخصصة في الثقافة، مشيرا إلى أنه سعيد بالحراك الثقافي في الدول العربية سواء الثقافة المرئية والمسموعة والمكتوبة.
وقال أن القاهرة المقر الأساسي للثقافة العربية، مؤكدا أن مصر رقم 2 على مستوى العالم في إقامة المعارض الثقافية خاصة معرض الكتاب يتميز بشهرة كبيرة.
وتابع أنه قدر الثقافة المصرية أن يكون لديها السيطرة والهيمنة، مؤكدا أن موسم الرياض تكاملي وهي منصة تفاعلية رائعة لإثبات دور مصر الثقافي وفخورون بتواجد الثقافة المصرية في موسم الرياض.
وزير الثقافة: المجتمع المصري لديه قيم وأعراف وتقاليد ويجب أن نحافظ عليها
أكد أن وزارة الثقافة معنية بالمتاحف الفنية وليس المتاحف الأثرية، مشيرا إلى أن تلك المتاحف في حاجة إلى حراك وإقبال كبير
وقال أنه لا بد من وجود تفاعلية كبيرة مع تلك المتاحف ورؤية المتاحف الفنية، مؤكدا أنه لا بد من توجيه الشباب نحو زيارة تلك المتاحف.
وتابع أن المجتمع المصري لديه قيم وأعراف وتقاليد ويجب أن نحافظ عليها، خاصة أن تلك الأعراف حمت الوطن وحافظت على القيم الإنسانية، مؤكدا أن عملية تحريك القيم والتقاليد قد تكون سلاح ذو حدين، سواء بتحديثها، ولكن قد يكون هذا التحريك أمر سلبي.
للتبادل المعرفي.. وزير الثقافة يكشف السبب الرئيسي وراء زيارته لمؤسسة الأزهر
أكد أنه أرى أن موسم الرياض يمثل تكاملية رائعة للفن المصري»، معلقا “بالنسبة لمن يرى أن موسم الرياض يحاول استلاب الدور المصري، أقول لهم هذه فنون مصرية والروافد المصرية لديها دور داخل القطر وإقليميا أصلا، الثقافة تنتقل بحكم الترحال”
وقال أن الزيارة لشيخ الأزهر تمثل تعاون كامل بين مؤسسة الأزهر ووزارة الثقافة للتبادل المعرفي، مؤكدا أن الهدف الأساسي كان التعاون لإقامة عروض مسرحية داخل جامعة الأزهر، وشيخ الأزهر تحمس لهذا الأمر جدا ولم يكن هناك أي نوع من الحظر"
وتابع أنه أنا من طلبت زيارة شيخ الأزهر، وواجبنا احتضان كافة الأيديولوجيات ولا أخشى من الاقتراب من هذه المؤسسة، وبعض المثقفين اعترضوا على هذه الزيارة وأكدت لهم أن هناك تكاملية بين الطرفين، التأثير يأتي من قدرتنا على الإقناع، استشعرت انفتاحا من الأزهر على وزارة الثقافة