لعل ما أوصل الناس إلى تلك الحالة التى وصلوا إليها اليوم من البعد عن الله والانزلاق إلى هاوية الشيطان والهلاك هو أنهم انقادوا إلى هواههم فاتبعوا سبيله وسلكوا طريقه فأرداهم إلى أن يرتعوا كما ترتع البهائم دون خوف من الله عز وجل الذى لا يريد لهم إلا السلامة والنجاة، ولا سبيل للنجاة والخلاص إلا بالتضيق على هذه النفس التى هى أعدى أعداء الإنسان إن هو اتبع طريقها ولم يعصها ولذلك قال سهل: ترك الهوى مفتاح الجنة لقول الله: «وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى».
لقد ابتلى الناس هذه الأيام بتلك النفوس التى ضعفت وهذه القلوب التى وهنت والهمم التى خمدت والبطون التى اشتهت فصار الهوى هو الذى يقود الحق ويستميل الناس إلى السير فى طريق الغواية والهلاك؛ ولذلك يقول عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: أنتم فى زمان يقود الحق الهوى، وسيأتى زمان يقود الهوى الحق، فنعوذ بالله من ذلك الزمان.
وما وصل الناس إلى هذه الحالة إلا لأنهم آثروا دنياهم على آخرتهم وانجرفوا إلى طريق الغواية، ولم يخف أحد من الخالق فجاوزوا الحد فى عصيانهم لله؛ فتعود الناس على إشباع متعهم والانغماس فى ملذاتهم ولذلك يقول الله تعالى فى سورة النازعات: «وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى».
ومما لا شك فيه أن الخوف من الله ونهيان النفس عن الهوى طريق واحد لا يمكن تفرقه فلا يمكن لأن ينهى الإنسان نفسه عن الهوى إلا بعد الخوف من مقام الله والوقوف بين يديه.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
وأينما زُرِعتَ فأثمِر ..!!
صديق السيد البشير*
Siddigelbashir3@gmail.com
"كمْ قليلٌ من الناس يترك في كل شيء مذاق.”
(مظفر النواب)
قليل من الناس، من يترك في كل شيء مذاقا، ترك مظفر النواب مذاقا في الأدب على مختلف الصعد، لكن المعز محمد شريف، ترك مذاقا في فعل الخيرات والمسرات، لتلحقه الدعوات في الأيام المباركات أيام رحيله عن دنيانا الفانية، اسبغ الله على قبره شآبيب الرحمة والغفران.
قضى المعز سنوات عمره، ساعيا في قضاء حوائج الناس بمحبة وتجرد ونبل وإنسانية، ليدخل ضمن زمرة الذين إختصهم الله بقضاء حوائج الناس، الذين حببهم الله إلى الخير، وحبب الخير إليهم، أنهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
المعز شريف أحد الذين قصدهم أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، الإمام الشافعي في لوحة زاهية رسمها بالكلمات حين أنشد :
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا
تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا
أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا
صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
وضع بصمتة مضيئة في كتاب الأعمال الإنسانية، سعيا بين مسح دمعات من وجوه الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمتعففين، إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين ربطتهم به علاقة خاصة، مزينة بحميمية التواصل وجلائل الأعمال، ليستعيد بذلك تجارب البروفيسور فيصل محمد مكي محجوب عبدالحفيظ (رحمة الله عليهما) في (الصلات الطيبة)، النافذة البصرية المهمة المختصة بشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، التي بثت على شاشة تلفزيون السودان قبل سنوات خلت، ليتبعهم في ذات الدرب النبيل، عبدالله محمد الحسن من خلال برنامج (بنك الثواب)، كأن حالهم يقول : (وأينما زُرِعتَ فأثمِر).
ملأ المعز محمد شريف الدنيا وشغل الناس، حيا وميتا، ليشق نعيه الجميع من عارفي فضله، الذين بذلوا التدوينات، من صوتيات، ومرئيات، ونصوص، تلك التي تناولت سيرته الباذخة، عطاء ومنجزات، التي خاطبت الأسماع والأبصار والعقول، المبذولة على المنصات الرقمية المختلفة.
أصبح نموذجا يحتذى به في قضاء حوائج الناس بتجرد ونكران ذات، ليغادر _وفق كلمات هند عبدالمجيد _بهدوء في أيام مباركة من شهر رمضان الكريم، "المعز محمد شريف" هو الإنسانية و العطاء لأجل العطاء، ما جعله يسكن القلوب فبكته العيون فلتغشاك رحمة الله)، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم يا رب العالمين.
*صحافي سوداني