في شوارع إدفو العتيقة، حيث رائحة التاريخ تعبق في كل ركن، تسير عربة حنطور يقودها "أبو الحسن عبد الظاهر"، الشهير بـ"أبو حجر"، يعطي سائقها درساً عملياً في الأمانة والإنسانية، في زمنٍ طغت عليه الماديات، لا زال هناك من يؤمن بأهمية القيم الأخلاقية، ويُقدم نموذجًا يُحتذى به في الأمانة والوفاء، ففي الوقتٍ الذي تُعاني فيه بعض الدول من سمعة سيئة بسبب سرقة السياح، يأتي الريس أبو حجر، ابن مركز ومدينة ادفو بمحافظة أسوان ليُقدم نموذجًا مشرفًا للأخلاق المصرية الأصيلة، فحكايته الطيبة مع السائحة الإنجليزية باتت تُروى ليس في شوارع إدفو بمحافظة أسوان فقط بل هي حديث الساعة في حواري وزوارق الـ 27 محافظة من أسوان الي الإسكندرية.

عنوان القصة هو الأمانة والوفاء وبطلها الريس أبو الحسن عبد الظاهر، الشهير بالريس أبو حجر، سائق حنطور أمين، ففي رحلة سياحية اعتيادية، نسيت سائحة إنجليزية حقيبتها على متن حنطور الريس أبو حجر، وكانت الحقيبة غنية بمحتوياتها، حيث ضمت مبلغًا ماليًا كبيرًا يقدر بـ 2500 دولار، وهاتفًا ذكيًا من أحدث طراز، وأسورة من الذهب أهداها لها والدها، فجمال محافظة أسوان وطبيعتها الخلابة استحوذت علي قلب وعقل السائحة الإنجليزية، وجعلها تترك حقيبتها.

الريس أبو حجر بعدما غادرت السائحة عربة الحنطور ملكه، نظر الي المقعد الخلفي ووجد حقيبة السائحة، ولم يفكر للحظة واحدة في الاستيلاء على الحقيبة، فالأمانة مبدأ راسخ في نفسه، وضميره الحي لا يسمح له بفعل أي شيء يُشين سمعته أو سمعة بلده، ولم يتردد الريس أبو حجر لحظةً في انتظار السائحة الإنجليزية مكان النزول وانتظارها لإعادة الحقيبة إليها، وعندما عثرت السائحة على حقيبتها سالمة، غمرتها مشاعر السعادة والامتنان، وعرضت على الريس أبو حجر مكافأة مالية قدرها 1000 دولار، أي ما يعادل 50 ألف جنيه مصري.

لكن الريس أبو حجر، بدافع من أخلاقه الرفيعة وشعوره بالمسؤولية وعزة وعفاف نفسه، رفض المكافأة، ففي نظره، الأمانة واجبٌ لا يُقابل بمكافأة، والسائح ضيفٌ يجب تكريمه، وعلي لسانه كلمات خرجت من القلب للقلب تضمنت "السائح ضيف لمصر كلها، وعندما نكرمه ونرد له الأمانة بدون مقابل، سيترك هذا انطباعًا جميلًا عن مصر وأبنائها ولو ترك ضيف في بيتي أمانة فهل من المعقول عند إعادتها له أخذ مقابل هذه الأمانة؟.

لم تتوقف قصة الريس أبو حجر عند هذا الحد، فالسائحة الإنجليزية، وفاءً لموقفه النبيل، عادت إلى إدفو بعد أسابيع قليلة، حاملةً معها وعدًا بإنشاء مشروع سياحي تشاركه في إدارته.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الريس ابو حجر مدينة إدفو السائحة الإنجليزية

إقرأ أيضاً:

رمضان زمان على ضوء الفانوس| الوتد.. حكاية فاطمة تعلبة وسحر الريف المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.

من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث يجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.

في قلب الريف المصري، حيث العائلة هي الركيزة الأولى، والتقاليد تحكم كل شيء، جاءت دراما "الوتد" لتقدم صورة حية عن المجتمع الريفي المصري في منتصف القرن العشرين. المسلسل لم يكن مجرد حكاية عن عائلة، بل كان ملحمة اجتماعية تُبرز قيمة الترابط الأسري، والمرأة القوية، والصراع بين القديم والحديث. 

تدور الأحداث حول شخصية فاطمة تعلبة، المرأة الصعيدية القوية التي تدير عائلتها بحزم وشدة، وتحرص على وحدة أبنائها وعدم تفرقتهم مهما كلفها الأمر. فاطمة، التي جسدتها ببراعة هدى سلطان، ليست مجرد أم، بل هي الوتد الذي يثبت العائلة ويبقيها متماسكة أمام تحديات الحياة.

تؤمن فاطمة بأن التفكك الأسري هو بداية الخراب، ولذلك تفرض قوانينها الصارمة على أبنائها وزوجاتهم، ولا تسمح لأي خلاف أن يعصف بالعائلة. ورغم قوتها الظاهرة، فإنها تحمل في داخلها حبًا عظيمًا لأبنائها، ورغبة في تأمين مستقبلهم.

المسلسل يرصد علاقات الأسرة داخل الريف المصري، وتأثير العادات والتقاليد على حياة الناس، خاصة مع ظهور التغيرات الاجتماعية التي بدأت تهدد هذا النمط التقليدي من الحياة.

حقق "الوتد" نجاحًا كبيرًا عند عرضه، لأنه لامس وجدان المشاهد المصري والعربي، خاصة أنه قدم نموذجًا أصيلًا للأم المصرية، تلك المرأة التي تضع عائلتها فوق كل شيء، وتحمل على عاتقها مسئولية الحفاظ عليها.

وكان الأداء التمثيلي لنجوم العمل، خاصة هدى سلطان، أحد أهم أسباب نجاح المسلسل، حيث استطاعت أن تجعل من فاطمة تعلبة شخصية أيقونية في الدراما المصرية.

كذلك، نجح المسلسل في نقل أجواء الريف المصري الحقيقية، من خلال اللغة، العادات، الملابس، وحتى الموسيقى التصويرية، مما جعل المشاهدين يشعرون وكأنهم يعيشون داخل هذه البيئة، وتقديم رسائل اجتماعية قوية حول أهمية العائلة والترابط الأسري.

المسلسل تأليف خيري شلبي عن روايته الشهيرة "الوتد"، وإخراج أحمد النحاس، ومن بطولة هدى سلطان، يوسف شعبان، فادية عبد الغني، حنان ترك، هشام سليم، عبدالله محمود.

"الوتد" لم يكن مجرد مسلسل عن الريف، بل كان صورة مصغرة من المجتمع المصري، حيث القيم والتقاليد تصنع حصنًا يحمي العائلة من الانهيار. إنه واحد من تلك الأعمال التي تعيش طويلًا في ذاكرة المشاهدين، وتعيدهم إلى زمن كانت فيه العائلة هي السند الحقيقي في مواجهة الحياة. 

مقالات مشابهة

  • خلال لقائه بالسفير البريطاني.. الدبيبة يناقش مبادرته لتطوير تعليم الإنجليزية في ليبيا
  • محمد صلاح قبل نهائي كأس الرابطة الإنجليزية: متحمس للمباريات الكبيرة
  • جدول الثانوية العامة 2025 .. موعد ومواصفات امتحان اللغة الإنجليزية
  • الأمانة تنذر 25 عامل وطن بالفصل
  • لوحة في أحد الملاعب الإنجليزية تضامنًا مع الصائمين في شهر رمضان.. فيديو
  • تكليف الغامدي وكيلاً مساعداً لأمين الباحة
  • إتلاف 28 ألف وحدة من منتجات التبغ المخالفة في جدة
  • تأسس منذ 300 سنة.. حكاية محل طرشي في الغورية
  • أسطورة الكرة الإنجليزية ديفيد بيكهام يختار مراكش لتصوير إعلان نظاراته الجديدة (صور)
  • رمضان زمان على ضوء الفانوس| الوتد.. حكاية فاطمة تعلبة وسحر الريف المصري