كيف سيردّ حزب الله على إجتماع بكركي المسيحيّ؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
تُعوّل بكركي بأنّ يخرج الأفرقاء المسيحيّون الذي اجتمعوا في الصرح البطريركي الأسبوع الماضي، بتوافق تامّ، للإشارة إلى المشكلة الحقيقيّة التي تُهدّد سلامة وسيادة البلاد والإستحقاق الرئاسيّ. فوفق الكتل المسيحيّة السياديّة، فإنّ "حزب الله" وفريقه السياسيّ يتحمّلان مسؤوليّة الفراغ، وإدخال لبنان في صراعات عسكريّة غير معنيّ بها، بينما "التيّار الوطنيّ الحرّ" يفصل بين هذين الملفين، لمضايقة حليفه الشيعيّ، ولكن من دون أنّ يكون طرفاً مع "القوّات" و"الكتائب" بالتضييق على "المقاومة" بما يخصّ سلاحها المُوجّه ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، وهذا ما تجلّى بوضوح في المناقشات المُغلقة بين مُمثّلي الأحزاب المسيحيّة التي حضرت.
وتعتبر أوساط نيابيّة معارضة، أنّ أوّل ردّ من "حزب الله" وفريق الممانعة على اجتماع بكركي، هو عدم حضور أيّ ممثّل من تيّار "المردة" اللقاء المسيحيّ. وقد أشار وزير الإعلام زياد مكاري في هذا السياق، إلى أنّ الوثيقة التي يُعمل عليها "لا تخدم المصلحة الوطنيّة".
وعن كيفية ردّ "حزب الله" على إجتماع بكركي المسيحيّ، يرى مراقبون أنّ "الحزب" لم يلتزم في السابق بالقرارات الدوليّة، وفي مقدّمتها الـ1559 والـ1701. وبعد الحرب في غزة والمعارك في جنوب لبنان، وترسيم الحدود البحريّة مع العدوّ الإسرائيليّ، يقول المراقبون إنّ "الحزب" سيُشدّد على أهميّة وجود سلاح "المقاومة" لحماية البلاد من المخاطر والأطماع الإسرائيليّة، وسيُشير مُجدّداً إلى أنّ عتاده العسكريّ ساهم في قبول تل أبيب بالمفاوضات البحريّة، وفتح الحديث على الحدود البريّة، وإعادة الأراضي اللبنانيّة المحتلّة إلى السيادة اللبنانيّة.
ومن المعلوم أنّ "حزب الله" يرفض رفضاً تامّاً مبدأ حياد لبنان، الذي أطلقه البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وأيّدته "القوّات" و"الكتائب" لحماية البلاد من الصراعات والحروب في الشرق الأوسط. ويلفت المراقبون إلى أنّه بعد انتهاء "حرب تموز" عام 2006، والمُطالبات بوضع حدٍّ لسلاح "المقاومة"، عمد "الحزب" إلى تطوير قدراته العسكريّة كمّاً ونوعاً، وأدخل أسلحة جديدة إلى ترسانته، من صواريخ دقيقة، وصولاً إلى المسيّرات التي يستخدمها لأغراض مختلفة. ويُتابع المراقبون أنّ "حزب الله" سيزيد من خبراته بعد المعارك في الجنوب، وسيعمل على إضافة أسلحة جديدة هو بحاجة إليها.
ويقول المراقبون إنّ "حزب الله" لن يرضخ لا للقرارات الشرعيّة الدوليّة، ولا لأيّ وثيقة تصدر عن الكتل النيابيّة، أو عن المرجعيّات الدينيّة، لأنّ موضوع سلاحه هو بيدّ إيران، ووجود "المقاومة" مهمّ جدّاً لطهران، فـ"الحزب" يدعم غزة في الوقت الراهن، ودخل الحرب السوريّة إلى جانب الرئيس بشار الأسد، وحارب معه الإرهاب، كذلك، زاد من خبرات الفصائل العراقيّة المُواليّة للحرس الثوريّ في كلّ من العراق واليمن.
وترى الأوساط النيابيّة المعارضة أيضاً، أنّ وحدة الصفّ المسيحيّ مهمّة جدّاً في ما يتعلّق برئاسة الجمهوريّة وموضوع السلاح والإستراتيجيّة الدفاعيّة، لكنّها غير كافية، إذ تقول إنّ "حزب الله" لا يعترف بالدولة، وهو يضع أهدافه فوق المصلحة الوطنيّة، وأبرز دليلٍ على هذا الأمر، هو تمسّكه بمرشّحه سليمان فرنجيّة، رغم معارضة الأكثريّة الساحقة من المسيحيين إنتخابه. وتُضيف الأوساط أنّ "الحزب" ومعه حركة "أمل"، يتحدّيان المجتمع الدوليّ الداعي إلى انتخاب رئيس وسطيّ، عبر الإبقاء على أبواب مجلس النواب مُغلقة، وبفرض الحوار للتوافق على رئيس "المردة".
وتقول الأوساط إنّ "حزب الله" سيستمرّ باتّهام جميع من يُصوّب على سلاحه، إنّ كانوا من النواب أو من الشخصيّات الدينيّة بأنّهم "عملاء"، وسيرفض أيّ وثيقة أو كلام يمسّ بـ"المقاومة"، وهو سيتمسّك بالشرعيّة التي يُعطيه إياها البيان الوزاريّ. أمّا في موضوع الرئاسة، فتوضح الأوساط أنّ "الحزب" لم يستجبّ للدعوات الدوليّة والداخليّة، ولم يُبدِ إيجابيّة تجاه مبادرة كتلة "الإعتدال الوطنيّ"، ولم يقبل بالبحث بأيّ أسماء وسطيّة، ما يعني أنّه سيبقى داعماً لفرنجيّة، حتّى تقتنع كتلٌ أخرى بمرشّحه، تماماً كما فعل عام 2016، عندما أوصل ميشال عون إلى بعبدا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التكفير يعدُّ من أهم العقبات التي ابتليت بها هذه الأمة
قال الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في خطبته في "مسجد مصر الكبير" بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية بعد ضمه دعويًّا وعلميًّا إلى وزارة الأوقاف: إن من أعظم ما امتن الله تعالى به على هذه الأمة أن خصَّها بهذا الدين القويم الذي اشتمل على الخير للبشرية عامة، وللإسلام والمسلمين على وجه الخصوص، مبينًا أنه قد اشتمل على مقاصد كلية وقواعد ضرورية تدفع إلى تحقيق المصلحة، وتمنع من المفسدة، جلبًا للخيرات للبلاد والعباد، وتحقيقًا لمبدأ الاستخلاف الذي خلق الله الناس له.
مفتي الجمهورية يلقي خطبة الجمعة من مسجد مصر بالعاصمة بحضور كبار المسؤولين مفتي الجمهورية ضيف شرف مؤتمر كلية طب الأسنان جامعة الأزهرثم انتقل إلى بيان خطورة التكفير الذي يعدُّ من أبرز سمات الفكر المتطرف، موضحًا أنه من أهم العقبات التي ابتليت بها هذه الأمة، وأنه من أهم العوامل التي يمكن أن تقضي على آمالها وتفتح الطريق للآلام، وتساعد الأعداء عليها، ويمكن أن تؤدي إلى هلاك العباد والبلاد.
وأوضح أنه يجب ألا يُحكم على الإنسان بالكفر إلا بقرينة واضحة أو برهان ساطع، ويكون ذلك من خلال العلماء مع انتفاء الموانع كالجهل أو الخطأ أو الإكراه أو التأويل، وهذا منهج الأزهر الشريف.
كما أشار فضيلته إلى جملة من أهم الآثار الخطيرة التي تعود على المجتمعات من جرَّاء التسرع في إصدار الأحكام على الناس وتقسيمهم دون حجة أو بيِّنة، مبينًا أن في هذا انتهاكًا لحرمات الناس، ومؤكدًا أن هذه قضية خطيرة حذَّر منها الإسلام، ونبَّهَ عليها لما يلزم فيها من مفاسد، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا...»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».
كما أكد أن هذا الفكر المتطرف يعمل على استباحه المال والعرض تحت مزاعم واهية، وأقوال فاسدة، لا يراد من ورائها إلا التطاولُ على النفس والمال والعرض، وهي مقاصد ضرورية في الإسلام، مستشهدًا في هذا السياق بقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وأوضح فضيلته أن المتأمل في هذه الآية يقف على عقوبة تلو الأخرى من جراء استباحة المال والنفس والعرض، كما استشهد أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا»، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ».
التكفير والتطرفوبيَّن أن التكفير والتطرف يتنافى مع طبيعة هذا الدين الذي ينظر إلى الإنسان بكل إجلال وإعظام وإكبار وإكرام، فأقر مبدأ الحرية الدينية، وأكَّدَ أن التنوعَ والاختلاف سنة كونيَّة، ودعا إلى مراعاة الكرامة الإنسانية، وأشار إلى الوحدة في أصل الخلقة، ثم جعل التفاوتَ بين الناس مردَّه إلى تقوى أو عمل صالح، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إِلَّا بالتَّقْوَى».
وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذَّرَنا وهو يشير الى هذه العلامات، ويرشد إلى هذه الصفات التي يتصف بها أصحاب هذا الفكر المتطرف؛ ليحذر الإنسان منها في كل عصر، وفي كل مكان، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في بيان أوصافهم: «يَحْقِرُ أَحَدُكُم صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتهم، وصِيَامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّين كما يمرُقُ السهمُ من الرميَّةِ، أينَمَا لَقِيتُمُوهم فَاقتُلوهُم، فَمَنْ قَتَلَهم لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وهو عَنْهُ رَاضٍ».
ثمَّ أشار إلى جملة من الآثار الخطيرة لهذا الفكر المتطرف، ومنها: الإساءة للإسلام بعرضه على غير حقيقته، والدعوة إليه بخلاف ما هو عليه، بما يشتمل عليه هذا الفكر من الغلو والتطرف والتشدد واللا مبالاة، وسد اليسر أمام الناس، وهو ما يتنافى مع طبيعة هذا الدين، ويختلف تمامًا عن مقاصده ومآربه، وهذا بخلاف ما فهمه الصحابة والتابعون الذين رأوا فيه الإيمان والعدل وسعة الدنيا والآخرة، ومن آثار هذا الفكر أيضًا: أنه يؤدي إلى الفرقة والاختلاف، ويدعو إلى الانقسام والتنازع، وهو ما يمكِّن أعداءَ هذه الأمه منها، وهو ما يتنافى مع قول الله تبارك وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، وقوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
وحذَّر مما يتضمنه هذا الفكر الذي يصيب أصحابَه بالخلل في التفكير والسلوك، حيث إنه يُعَدُّ لونًا من ألوان الغش والخداع لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن أبرز صور هذا الغش في الدين: الاعتمادُ فيه على المظهر لا على الجوهر، وهو ما يتناقض مع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
كما شدَّد في التحذير من جميع صور الغش، وأنه جناية على البلاد والعباد، وخيانة لله وللرسول وللمؤمنين، ومخالفة للتوجيهات الإلهية والهدي النبوي الذي يوجه إلى الأمانة والنصيحة الصادقة الخالصة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، موضحًا أن المتأمل يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرن بين مَنْ غَشَّ وبين مَنْ حَمَلَ السلاح على المؤمنين الآمنين، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَيْنَا، فَلَيْسَ مِنَّا»، وقال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
واختتم الخطبة بهذه النصيحة الغالية بقوله: "فما أحوجَنا أيها الأحبة إلى أن نتلاقى على هذا التوجيه القرآني وتلك المأدبة المحمدية، ننطلق من خلالها لبناء الإنسان وبناء الأوطان، والمحافظة على هذه المقاصد التي تحقق الخير للبلاد والعباد".
هذا، وقد حضر الخطبة كلٌّ من السادة: الدكتور أسامة السيد الأزهري.. وزير الأوقاف، الدكتور خالد عبد الغفار.. نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والفريق كامل الوزير.. نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، الدكتور إبراهيم صابر.. محافظ القاهرة، الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني.. وكيل الأزهر الشريف، وسماحة السيد الشريف محمود الشريف.. نقيب السادة الأشراف، وسماحة الدكتور عبد الهادي القصبي.. شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن بمجلس النواب، الدكتور علي جمعة.. عضو هيئة كبار العلماء ورئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، الدكتور يوسف عامر.. رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، والمهندس طارق شكري.. مدير عام شركة العاصمة الإدارية، وعدد من السادة الوزراء والسفراء والمسؤولين.