التوفيق بين هدفي الحرب.. مهمة شبه مستحيلة لإسرائيل
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
في الوقت الذي تصر فيه إسرائيل على الاستمرار في عملياتها العسكرية بقطاع غزة، سعيا لتحقيق هدفيها المعلنين، وهما الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع، و"القضاء على حماس"، يرى كثيرون أن البلاد "لا يمكنها التوفيق" بين الهدفين، وهو ما بدا جليا في تباين مواقف الإسرائيليين بهذا الشأن، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وينقسم الإسرائيليون حول كيفية إعطاء الأولوية لهدفي الحرب الرئيسيين في البلاد: "تدمير" حماس، وتحرير نحو 130 رهينة، بما في ذلك أكثر من 30 جثة لرهائن قتلوا بعد أن تم اختطافهم قبل ما يقرب من 6 أشهر تقريبا.
وقال زفيكا مور الذي اختطف نجله، إيتان (22 عاما)، كرهينة من قبل مسلحي حماس يوم 7 أكتوبر، إنه "لا يستطيع دعم اتفاق لوقف إطلاق النار" من شأنه أن "يسمح لحماس بالسيطرة" على قطاع غزة، حتى لو كان ذلك سيحرر ابنه الأكبر.
على النقيض من ذلك، قالت إيرا بن عمو أرغمان، وهي مواطنة لديها أصدقاء اختطفوا كرهائن، إن "الأولوية الأولى يجب أن تكون إطلاق سراح الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني ترك حماس في السلطة".
وتصاعدت الانقسامات في الوقت الذي تتفاوض فيه إسرائيل مع حماس، عبر الولايات المتحدة ومصر وقطر، بشأن وقف إطلاق النار الذي يمكن أن يستمر 6 أسابيع، ويشهد إطلاق سراح 40 رهينة. وسيكون هؤلاء الرهائن من الأطفال والمسنين والمرضى والنساء، بما في ذلك المجندات.
وتطالب حماس إسرائيل بالإفراج عن آلاف السجناء الفلسطينيين، الذين يعتبر بعضهم "إرهابيين" في إسرائيل.
وتريد حماس أيضا أن توافق إسرائيل على التنازلات التي يمكن أن تحافظ على سيطرة الجماعة على غزة، حتى بعد أن قامت الجماعة المصنفة من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، بتخطيط وتنفيذ أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل.
وقال المحلل السياسي في شركة "كيفون غلوبال ريسيرش" ومقرها القدس، ميتشل باراك: "الهدفان يتعارضان مع بعضهما البعض، وكلاهما لا يمكن أن يحدث"، مضيفا: "لا يوجد جانب سيكون سعيدا هنا".
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أوقع وفق الأرقام الإسرائيلية أكثر من 1160 قتيلا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال. كذلك خُطف حينها نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، حسب فرانس برس، يُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم.
وردا على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وباشرت عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، أسفرت وفق وزارة الصحة بالقطاع عن مقتل 32490 شخصا وإصابة 74889 بجروح، معظمهم مدنيون من الأطفال والنساء.
ما الهدف الذي يحظى بالأولوية؟قال 47 بالمئة من اليهود الإسرائيليين المشاركين في أحدث استطلاع عام حول هذه القضية، أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في يناير، إن إسرائيل "يجب أن تعطي الأولوية لتحرير الرهائن"، في حين قال 42 بالمئة أنها "يجب أن تضع تدمير حماس أولا".
ووجد الاستطلاع أن أولئك الذين يفضلون إطلاق سراح الرهائن "صوتوا إلى حد كبير لصالح أحزاب اليسار أو الوسط"، في حين أن أولئك الذين يفضلون تدمير حماس "أيدوا الأحزاب اليمينية والدينية".
ووضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، القضاء على حماس وتحرير الرهائن كهدفين "للفوز" بالحرب، لكن محللين يقولون إن التوفيق بينهما يعد "مهمة شبه مستحيلة".
فمن جهة، هناك إسرائيليون من الوسط واليسار ومعظم عائلات الرهائن، الذين أصبحوا قوة سياسية منذ بدء الحرب، وهم على استعداد لدفع ثمن باهظ من أجل حريتهم.
ويزعم هؤلاء، وفق الصحيفة، أن الدولة "لديها واجب أخلاقي أساسي تجاه الرهائن، والذي إذا تم انتهاكه من شأنه أن يقوض شعور المواطنين بالأمان في المستقبل المنظور". ويقولون أيضا إنه "يمكن قتال حماس في المستقبل، لكن الرهائن قد يموتون في الوقت الحاضر".
لكن الجناح اليميني في إسرائيل ـ القاعدة السياسية لنتانياهو ـ "يعارض إلى حد كبير لأسباب أخلاقية، أي اتفاق يسمح لحماس بالبقاء في السلطة ويطلق سراح الآلاف من السجناء المتورطين في هجمات إرهابية؛ لأنه من شأنه أن يعرض أمن إسرائيل القومي وحياة المواطنين والجنود في المستقبل للخطر"، حسب "وول ستريت جورنال".
ويقولون إنه يجب إطلاق سراح الرهائن "من خلال إجبار حماس على إطلاق سراحهم، نتيجة الضغط العسكري".
وذكرت الصحيفة الأميركية، أن علماء اجتماع اعتبروا أن الانقسام بين الليبراليين والمحافظين في إسرائيل، حول الثمن الذي يجب دفعه لتحرير الرهائن، "يعكس وجهات نظرهم الأساسية حول العلاقة بين المواطنين والدولة".
وقال الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، مناحيم موتنر، إنه "بالنسبة للعديد من المتدينين والإسرائيليين اليمينيين، فإن المجموعة والدولة فوق الفرد. فالفرد من المفترض أن يخدم الجماعة".
أما بالنسبة لتيار اليسار في إسرائيل، وفق موتنر، فإن "الدولة أولاً وقبل كل شيء، هي أداة للحفاظ على حياتنا (مواطنيها)".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إطلاق سراح فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا
تحدثت صحف عالمية عن تناقض داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها وقف ضربات أنصار الله (الحوثيين)، وأشارت إلى أن تل أبيب تحاول استغلال الظرف الإقليمي لتغيير شكل المنطقة التي شهدت عاما مدمرا.
فقد كتب أندرو إنغلاند مقالا في "فايننشال تايمز" قال فيه إن التاريخ سيسجل عام 2024 باعتباره أحد أكثر السنوات تدميرا للشرق الأوسط في العصر الحديث.
وأشار الكاتب إلى أن أرواحا لا يمكن تصورها أزهقت خلال هذا العام في حين أجبر ملايين آخرون على ترك منازلهم، لافتا إلى أن حربا جديدة اندلعت في سوريا بمجرد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ.
وفي حين جلبت الإطاحة ببشار الأسد البهجة والأمل لسوريا إلا أنها في الوقت نفسه خلفت مزيدا من عدم اليقين، برأي الكاتب.
محاولة لتغيير المنطقة
وفي صحيفة "وول ستريت جورنال"، كتب دوف ليبر، أن الإسرائيليين يرون فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط في أعقاب الحرب، رغم الانتقادات التي تلقوها بشأن غزة.
وقال الكاتب إن تحقيق هذا الأمر "لن يكون سهلا، خصوصا وأن علاقة الرأي العام في أنحاء العالم العربي بإسرائيل قد ساءت بسبب الحرب التي أضرت بمكانة تل أبيب الدولية".
إعلانوفي "تايمز أوف إسرائيل"، قال تقرير إن رئيس الموساد ديفيد برنيع يدفع قيادة إسرائيل للتركيز على مهاجمة إيران كوسيلة لوقف هجمات الحوثيين.
لكن التقرير يقول إن هذا الموقف يتناقض مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، اللذين يفضلان الاستمرار في تنفيذ الضربات ضد الجماعة نفسها بدلا من إيران.
ونقل التقرير عن مسؤولين أن إسرائيل تشك في قدرتها على إيقاف الحوثيين دون مساعدة من الولايات المتحدة.
بدورها، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتمديد فترة انتشاره في لبنان أكثر من الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت الصحيفة إن الجيش يتواجد حاليا في جميع القرى اللبنانية القريبة من السياج الحدودي، مشيرة إلى أنه لم يسمح لسكانها بالعودة رغم مرور شهر كامل على وقف إطلاق النار.
وفي السياق، تحدثت "نيويورك تايمز"، عن أجواء عيد الميلاد في مدينة صور اللبنانية، وقالت إن المجتمع المسيحي هناك لم يكن لديه سبب يذكر للاحتفال هذا العام.
ووفقا للصحيفة، فإن الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية ألقى بظلاله الثقيلة على المدينة، حيث يعيش السكان في الحي المسيحي واقعا مريرا مع اختفاء مظاهر الاحتفال بالعيد وحلول الحزن والفقد مكانها.
وقالت الصحيفة "إن الهدنة بين إسرائيل وحزب الله أعادت بعض الهدوء إلى المنطقة، لكنها لم تكن كافية لمحو آثار الحرب أو استعادة أجواء العيد بالكامل".