بمناسبة احتفالية مستشفى الناس.. التضامن تسهم بـ20 مليون جنيه لعلاج الأطفال
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
شهدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي احتفالية مستشفى الناس الخيري للأطفال، وذلك بمناسبة مرور ٥ سنوات على إنشائه، بحضور المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق والدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، والأستاذ أيمن عباس أمين صندوق المستشفى، وعدد من الوزراء الحاليين والقدامى، ولفيف من الشخصيات العامة والإعلاميين.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن مستشفى الناس أصبّح مقصداً لعلاج الأطفال في مصر، ويقود هذا الصرح العظيم مؤسسة مجتمع مدني شابة واعدة، حددت أهدافها من البداية، وحققت إنجازات تذكر في غضون السنوات الخمس الماضية، ويوفر المستشفى كل الفرص للأطفال من أجل حياة جديدة يافعة مفعمة بالمحبة والصحة والسلامة، معلنة دعم المستشفي بمبلغ 20 مليون جنيه.
وأضافت القباج أن المستشفى حقق عدة إنجازات في سنوات قليلة، فجذب أمهر الأطباء، وأفضل الكوادر المهنية وفرق التمريض والفنيين، وتم تزويده بأحدث المعدات الطبية الحديثة، ليصبح أحد أكبر المراكز الطبية المتميزة في المنطقة العربية وقارة إفريقيا بطاقته الاستيعابية التي تصل إلى نحو ٦٠٠ سرير، والانتهاء من مباني المستشفى الخمسة على مساحة ٣٠ ألف متر مربع، كما تحوي ١٠ غرف عمليات، ١٤٠ وحدة رعاية مركز، ٤ وحدات لقسطرة القلب، ٤٨ عيادة خارجية، ليساهم المستشفى في تحقيق الحياة الكريمة لكل مواطن مع الحفاظ علي كرامته الإنسانية.
جدير بالذكر أن الرضع والأطفال الذين يعانون من مشكلات أو خلل في كفاءة القلب يحتاجون إلى خبرة أطباء مميزين وفريق من المتخصصين المدربين تدريبا عاليا في منشأة طبية مصممة لتلبية احتياجاتهم، وليست كل المستشفيات التي تجري جراحة قلب الأطفال على نفس المستوى.
وقد حقق المستشفى إنجازاً من حيث استهدافه لفئات مستحقة، حيث يتم توفيرها مجاناً بنسبة ١٠٠٪ وفقا لأحدث المعايير والتقنيات العالمية، وقد اهتم المستشفى بالنواحي البحثية والعلمية والمعرفية في مجال علاج أمراض القلب وكل ما له صلة بذلك، فقام المستشفى بتأسيس "أكاديمية الناس" ليقدم برامج تدريبية للأطباء وللفرق الإدارية.
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي أن السيد رئيس الجمهورية يولي أهمية كبيرة بدور المجتمع المدني، ويثمّن مشاركته في خدمة المجتمعات المحلية، وفي إنجاز الأهداف التنموية بشكل عام، كما أنه يفتح الباب واسعاً لمشاركة الجمعيات الأهلية في كافة المشروعات القومية، ويساهم المجتمع المدني في توفير خدمات صحية للمجتمعات المحلية، حيث يلبي حوالي 32% من احتياجات المواطنين وبصفة خاصة في القرى والمناطق النائية، وفي الأمراض المتخصصة مثل أمراض السرطان، والقلب، والغسيل الكلوي، والصحة الإنجابية، والعيون، وصحة الأم والطفل، وغيرها من الأمراض، وتقدم الخدمات من خلال المستشفيات الكبيرة والحديثة، أو من خلال المراكز الطبية والمستوصفات والعيادات، والقوافل الطبية، بالإضافة إلى تحمل مصروفات التشخيص والعلاج.
وتؤكد التجربة الفعلية بين الوزارة والجمعيات والمؤسسات الأهلية على أهمية دور المجتمع المدني في مساعدة وزارة التضامن الاجتماعي، وغيرها من الجهات الحكومية، في تقديم الخدمات للمستحقين من الفئات الأولى بالرعاية.
كما أعربت القباج على تقديرها للمبادرات القومية التي أطلقتها القيادة السياسية والتي تنفذها وزارة الصحة في مجال الصحة العامة وصحة المرأة.
وأفادت القباج أنه انطلاقاً من إيمان وزارة التضامن الاجتماعي أن الصحة هي جزء لا يتجزأ من ثروة أو فقر الأسرة، وتأكيدا ًعلى الرؤية المتكاملة في مواجهة الفقر متعدد الأبعاد بتدخلات متكاملة ومتنوعة، فتدرج الوزارة صحة المرأة والطفل في كافة برامجها المختلفة بدءًا من الألف يوم الأولى في حياة الطفل، ومروراً بمشروطية الصحة لمستفيدي تكافل وكرامة، وببرنامج 2 كفاية للحد من الزيادة السكانية، وبرنامج مودة للتوعية الصحية للمقبلين على الزواج، واقتران التأمين الاجتماعي بالتأمين الصحي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التضامن الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
الصحة النفسية والرفاه الاجتماعي
لا يمكن فهم الرفاه الاجتماعي بعيدا عن الصحة النفسية، بوصفها أحد معززات هذا الرفاه؛ إذ تُسهم إيجابيا في تنمية قدرات الأفراد اجتماعيا واقتصاديا، وتساعدهم في إدراك المجتمع الذي يعيشون فيه وفهمه بما يمكِّنهم من التفاعل معه بشكل إيجابي، ويستطيعون بالتالي فهم أهمية دورهم في تنميته من ناحية، وتعزيز إمكانات العمل المشترك القائم على مفاهيم المواطنة الإيجابية.
إن الصحة النفسية اليوم تُعد من بين تلك المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها رفاهية المجتمعات، فلن يصل المجتمع إلى تحقيق أهدافه ما لم يكن أفراده أصحاء ليس بدنيا وحسب بل أيضا نفسيا وعاطفيا وذهنيا. إنها المعادلة الرئيسة التي تتخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية ذات أهمية قصوى، خاصة في ظل المتغيرات الحالية التي تمثِّل مشتتات ذهنية ونفسية تقود المجتمعات إلى طرق مظلمة ما لم تكن واعية ذهنيا ونفسيا، ومدركة للمخاطر التي باتت تشكِّل تحديات على مستوى التنمية.
ولهذا فإن خبراء الطب النفسي يوصون بأهمية تعويد الأطفال والناشئة بشكل خاص على (التكيُّف)، وتدريبهم (على التعامل مع تحديات الحياة اليومية بشكل فاعل)؛ بحيث ينشأون في بيئة صحية تؤهلهم على المرونة والمواءمة والتصالح والتسامح، وغيرها من القيم التي تؤصِّل إمكاناتهم وقدراتهم على التكيُّف ومعالجة المشكلات بأسلوب أكثر إيجابية، وتعوِّدهم على السلوكيات التي تنم عن أخلاق مجتمعهم وقيمه السمحة.
ولعل هذا التكيُّف يتطلَّب القدرة على الممارسة المُثلى للعديد من العادات التي تقتضي تحقيق تلك الأهداف، ومن بين تلك الممارسات يأتي (التأمُّل)، باعتباره أحد أبرز أدوات العناية الذاتية، التي تعزِّز الصحة النفسية؛ فهو من الممارسات العامة المعروفة على مستوى المجتمعات، والتي دعت إليها الأمم عبر الحضارات، بل حضَّت عليه الأديان، ومن بينها الدين الإسلامي الذي يأمرنا بالتأمل في خلق الله والتفكُّر في ملكوته، عبر إعمال العقل وإطلاقه بحكمة وعمق.
إن التأمل باعتباره أداة مهمة يقتضي التفكُّر وتركيز الانتباه بقدرة الله سبحانه في خلقه، وبكل ما حولنا، وبما حبانا الله إياه من نِعم تقتضي الشكر، فإنه أيضا قوة داخلية وشعور بالرضا والسلام والمحبة؛ لما له من أهمية - بحسب العديد من الأدبيات - في (خفض التوتر، وتحسين التركيز والتوازن العاطفي وتخفيف القلق والاكتئاب وتحسين جودة النوم). إنه أداة تدعم تحسين الصحة البدنية عموما.
ولذلك فإن العالم يحتفل في الواحد والعشرين من ديسمبر من كل عام بـ (اليوم العالمي للتَّأمُل)، الذي يهدف - حسب اليونسكو - إلى (زيادة الوعي بالتأمل وفوائده، واستذكار حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية)، الأمر الذي يدفع العالم إلى تعزيز تلك الأهمية ودعم أفراده إلى العناية بفكرة التأمل نفسها؛ كونها قائمة على إعمال الفكر والتعَّمق في الذات وما حولنا من متغيرات بل وما يحصل في العالم من تحديات تستوجب إعمال العقل والتفكُّر؛ فكل ما حول الإنسان من نِعم وما يمُّر فيه من محن إنما تحتاج منه التأمُّل والوقوف الحكيم، لا التسرُّع والاندفاع وجلد الذات، بما قد لا يضر بالنفس وحسب بل أيضا يصيبها بالكثير من الأمراض النفسية، التي تجعله مكبلا، غير قادر على المضي في حياته، وعاجز عن إسعاد نفسه وأهله، بل قد يصل إلى إيذاء نفسه وإيذاء من حوله.
أما التأمُّل باعتباره ممارسة فإنه يمثِّل القدرة على التصالح مع الذات وفهمها وفق محددات اجتماعية تعزِّز الصحة النفسية، وتدعم تحقيق الرفاه؛ فكلما تمتع أفراد المجتمع بالصحة النفسية، كانت قدرتهم على العمل والعطاء والإقبال على الحياة أكبر، ولهذا فإن التأمُّل والوعي به يقوم على توجهات المجتمع في العناية بالصحة النفسية، وبناء عالم أكثر مرونة وإيجابية وخدمة للسلام والمحبة.
ولأن الرياضات عموما بأنواعها وأشكالها تقدِّم ضمن مجموعة من الأدوات التي تساعد أفراد المجتمع على التغلُّب على الكثير من الإرهاصات النفسية والجسدية التي تحدث في كثير من الأحيان دونما قصد، سواء خلال العمل و التعامل مع الناس أو حتى من ضغوطات الحياة عموما، فإن الرياضات الروحية المختصَّة بالجانب النفسي تقدِّم نفسها باعتبارها خيارا مناسبا للتعمُّق وإعمال الفكر والشعور بالهدوء والسكينة.
إن الصحة النفسية اليوم تغدو أكثر أهمية بالعناية والرعاية من قِبل المجتمعات، لما تمثِّله من مركزية في علاقتها بالتنمية وتحقيق الرفاه المجتمعي، وهي لا تتعلَّق بالتغذية الصحية وممارسة الرياضة عموما، بل أيضا بما ينتجه ذلك من أفكار ومشاعر وسلوك، قد يظهر ضمن تلك العلاقات المتشابكة خاصة في ظل التطورات التقنية التي تجعل الناشئة والشباب بشكل خاص، ينساقون وراء العديد من المغريات والتحديات في عالم افتراضي واسع لا يمكن ضبطه، سوى بإمكاناتهم على تأمُّل كل ما يتابعونه، أو يشاهدونه ويسمعونه، أو يقرأونه، ويتفكَّرون فيه وفق ضوابط قيم المجتمع ومحدداته.
إضافة إلى ذلك فإن حاجة المجتمعات اليوم إلى المرونة والتفاؤل كبيرة؛ فهذه المرونة تمكِّنهم من تخطي العديد من التحديات وتدفعهم إلى حل مشكلاتهم وتحدياتهم وفق رؤية أكثر إيجابية، ولهذا فإن تحقيق الصحة النفسية القائمة على التأمُّل والتفكُّر والعلاقات الإيجابية من خلال الأقران وتحفيز الصحة البدنية، والوعي بقيمة الصحة وعلاقتها بالرفاه الاجتماعي والصحة العاطفية، سيجعل أفراد المجتمعات أكثر قدرة على تخطي الضغوطات وفق مرونة نابعة من تلك العلاقة التي تأسسَّت على السلام الداخلي.
ولهذا فإن عُمان اعتنت عناية فائقة بالصحة النفسية، وبالوعي المجتمعي بأهميتها وقدرتها وإمكاناتها؛ وقد تزايد اليوم هذا الوعي الذي يظهر ليس من خلال الزيارات لمراكز الطب النفسي وحسب، بل أيضا بعناية المؤسسات الحكومية والخاصة والمدنية بالصحة النفسية لموظفيها وتهيئة البيئة الصحية المناسبة لهم، إضافة إلى عناية المؤسسات التعليمية والأكاديمية بهذا القطاع الصحي، التي تقدِّم برامج متخصصة للأطفال والناشئة والشباب، تهدف إلى التوعية وتقديم الدعم النفسي المناسب للطلاب في كافة مراحلهم التعليمية.
إن هذا الوعي المؤسسي ينعكس بدوره على الأفراد من خلال عنايتهم بأنماط الحياة الصحية المختلفة، سواء عن طريق ممارسة الرياضات البدنية أو الروحية، أو الالتزام بالتغذية الصحية، أو حتى عن طريق اختيار البيئة الصحية والأصحاب الإيجابين، وغير ذلك من الممارسات التي تنم عن وعي بأهمية الصحة النفسية وعلاقتها بالتطوير الذاتي النابع من محبة الذات والإيمان بقدراتها وبالتالي تحقيق الرفاه الاجتماعي من ناحية، والتنمية والمواطنة الإيجابية النابعة من عطائه ومشاركته الفاعلة في بناء مجتمعه ووطنه من ناحية أخرى.
ولذلك فإن العناية بالصحة النفسية عموما وبفكرة التأمُّل في حياتنا وما حولنا بشكل خاص، تتطلَّب منا الإيمان بأهميتها وقدرتها على تغيير أنماط ممارساتنا اليومية، للشعور بالسلام الداخلي وحُب الحياة والإقبال على العمل وفتح آفاق جديدة رحبة تتسِّع للجميع، فالحياة جميلة إذا نظرنا بعين الرضا والمحبة وتقبُّل أنفسنا والآخر بتسامح وتفاهم ينم عن أخلاقنا وقيمنا المجتمعية الأصيلة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة