الإشادة ببودابست بالجهود الدولية للمغرب في مكافحة التمييز العنصري
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
تمت الإشادة بالجهود الدولية التي تضطلع بها المملكة المغربية، في ظل الرؤية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، للقضاء على التمييز العنصري وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، وذلك خلال احتفالية احتضنتها العاصمة المجرية بودابست، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري.
وذكر بلاغ للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن هذه الاحتفالية، التي نظمتها الفيدرالية الدولية للمقاومين ما بين 19 و23 مارس الجاري، نوهت أيضا بالأدوار الرائدة التي يضطلع بها المغرب في مجال حماية حقوق الإنسان، ومكافحة انتشار الأسلحة والجريمة العابرة للقارات، ومنع الجريمة، والعدالة الجنائية، وكذلك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية والبيئية.
وأبرز المصدر ذاته أن الاحتفالية، التي تخللها حفل تكريم الفائزين بجوائز الشاعر رادنوتيميكلوس، شهدت منح دبلوم سفير الإنسانية للمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، رئيس الفيدرالية العالمية لقدماء المحاربين، مصطفى الكثيري.
وفي كلمة بالمناسبة، نوه الكثيري بالدور الذي اضطلع به الشاعر رادنوتيميكلوس باعتباره مدافعا عن قيم الحرية والمساواة، مؤكدا أهمية الاحتفاء بهذا اليوم، وضرورة جعله مناسبة لمحاربة العنصرية بجميع أشكالها.
كما سلط الضوء على دور المحاربين القدماء كرعاة للسلام، مبرزا التزامهم الثابت بمحاربة العنصرية، وإرساء مبادئ السلم، والأمن، والحرية، والعدالة، والكرامة الإنسانية، إضافة إلى تعزيز قيم التسامح والانفتاح.
ولفت إلى أن السلام لا يقتصر على تجنب الحرب فحسب، بل يشمل أيضا العدالة والاحترام المتبادل، مسجلا الحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل حل النزاعات، وتجنب التوترات العنصرية.
وتابع أن الذاكرة التاريخية المشتركة يجب أن تظل حية تتناقلها الأجيال، داعيا جميع المؤسسات والمنظمات إلى الالتزام بالعمل المشترك لتعزيز القيم الأساسية للحرية، والمساواة، والأخوة، والتعايش، والتسامح.
وأشار البلاغ إلى أن هذه الاحتفالية شكلت مناسبة أيضا للمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير للقيام بزيارات وعقد مباحثات وجلسات عمل، على غرار تلك التي عقدها مع رئيس الفيدرالية الدولية للمقاومين ومناهضي الفاشية، فيلموس هانتي، وتم خلالها تدارس سبل تعميق علاقات التعاون والتشاور بين المندوبية والفيدرالية في المجالات التي تهم قضايا قدماء المحاربين والمقاومين بالبلدين.
وتُوج هذا الاجتماع، وفق المصدر ذاته، بصياغة نداء مشترك لتحقيق السلام والأمن العالميين، حيت أكد الطرفان ضرورة تعزيز السلام والعدالة، وفقا للميثاق الإنساني، وشددا على أهمية تعزيز العلاقات بين المؤسستين من خلال تبادل الخبرات والتجارب في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
المصدر: مراكش الان
إقرأ أيضاً:
العنصرية الضمنية في تبرير الهيمنة الغربية وانعدام المساواة
لا ينظر للطفولة باعتبارها مرحلة كغيرها. بل المرحلة التي تُكوّن الإنسان ذهنيا، جسديا، ونفسيا. مرحلة يتقرر فيها ما إذا كان الطفل سيؤجل أكل قطعة المارشميلو ليكافأ بأخرى، ويكبر ليصبح إنسانا قادرا على ضبط النفس، تأجيل تحقيق الرغبات، ينال الشهادات، والترقيات، ويحقق النجاح الاجتماعي. أو ما إذا كان سيأكلها مباشرة، وينتهي باختصار بلا مستقبل. مرحلة تغور فيها الجراح النفسية لتصبح أمراضا عقلية عند البلوغ. مرحلة إذا فات فيها الطفل أن يلعب، أن يتغذى كما يجب، فإنه يفقد الفرصة في تنمية دماغه على النحو المطلوب.
لكن، ثمة أطروحات جديدة لا تكتفي بأن ترفض هذه الأفكار، لأننا نفتقر للأساس العلمي الذي يدعمها، بل تذهب إلى تسليط الضوء على خطر هذه النظرة الجوهرانية والحتمية لنمو الإنسان.
تكتب فرانسيسكا مِزينزانا وغابرييل شايدكر في «ما المشكلة في ذكاء أطفالنا؟» حول تحويل تدخلات الطفولة المبكرة لوسائل هيمنة في الجنوب العالمي. يعمل منطق هذه التدخلات كالتالي: إذا ما تم التدخل في تربية الأطفال على نحو محفز، يحسن أدمغتهم، فسيعود بنتائج إيجابية على أدائهم الأكاديمي، وتكوينهم كناضجين. إن هذه التدخلات تمثل استثمارا فعالا يعِدُ بتحقيق النمو الاقتصادي، السلام، الديمقراطية بأنجع الطرق، عبر استهداف لبنات المجتمع الأساسية، ومكون مستقبله الأهم.
وفق هذا تُصمم برامج للتطور الأمثل لدماغ الأطفال، تستفيد من المرحلة التكونية، وقدرة الدماغ على النمو بوتيرة لن تتكرر مستقبلا.
يُجادل الكاتبان أن هذا المنطق يقوم على افتراضين مترابطين. «الأول هو أن هناك خطأ جوهريا في طريقة تربية الآباء في الجنوب العالمي لأطفالهم. والثاني هو أن قضايا مثل الفقر، وانخفاض الدخل، والبطالة، وعدم الاستقرار السياسي أو الحروب يمكن إرجاعها بطريقة ما إلى عيوب فردية».
هذه السرديات تؤكد على وجود قصور. والقصور الذي كان يُرد يوما ما إلى دونية العرق، يُربط اليوم بالظروف الاقتصادية الاجتماعية فترة التنشئة. سردية تُعزي أصحاب الامتيازات عبر تأكيدها أنهم لا يتحمّلون مسؤولية التفاوت الاقتصادي والاجتماعي. وهي أداة طيعة لتبرير فشل السياسات، ودور القوى المهيمنة في المصير المؤسف للدول التي استعمرتها، وتواصل استعمارها بنعومة في عالم اليوم. غني عن الذكر كيف استغل هذا لانتزاع الأطفال من السكان الأصليين، وكيف أن وضع تنشئة الطبقة المتوسطة في الدول الغربية كمعيار، يفشل في الأخذ في الحسبان الفروق الاجتماعية والثقافية التي تنتج أساليب أخرى، لعلها أكثر ثراءً وتحفيزا. فالأب الغربي يحتاج ليعين «موعد لعب» حتى يتسنى لطفله اللعب مع أقرانه، بينما الحارة والعالم هي ملاعب الأطفال الطبيعية في مناطق أخرى.
يتم عبر سرديات النمو المبكر الاحتفاظ بعقلية الحتمية وتحويل المسؤولية من النظام وسياساته إلى طبيعة الأفراد. ولأن تفسيرات الحتمية البيولوجية للسلوك البشري -والتي تركز على دور الجينات على حساب البيئة أو التربية والأقران- لم تعد مقبولة أخلاقيا ومعرفيا اليوم، يحدث الانزياح من مرحلة التكون الجنيني إلى الطفولة المبكرة، ليرتبط حظ الإنسان، وما يستحقه في الحياة بظروف تنشئته التي لا سبيل لإلغائها.
الذي نغفل عنه غالبا أن كثيرا من الاستنتاجات حول الأمر تُبنى على دراسات لحالات استثنائية، متطرفة. أقتبس مجددا من فرانسيسكا مِزينزانا وغابرييل شايدكر، اللذين يقولان: «تستند معظم الأبحاث حول تأثير الحرمان على الدماغ في مرحلة النموّ إلى دراسات أُجريت على الأطفال الذين تم تبنّيهم من دُور الأيتام الرومانية بعد سقوط نظام تشاوشيسكو عام 1989، والذين عرفوا الحدّ الأدنى من التواصل البشري، وهو أمرٌ لن تعيشه الغالبية العظمى من أطفال العالم».
في أكثر من مناسبة أتحدث عن الحاجة الملحة لأن تُقرأ العلوم والنتاج المعرفي المتمركز حول الغرب على نحو ناقد. إن المقاييس التي توضع لتشخيص وتبرير التدخلات العلاجية والطبية قد تكون في حالات (غير كونها أداة هيمنة) ضد مصلحة الأطفال، لأسباب أقلها إقناعهم بأنهم يعانون من أمراض، ومن قصور. وأقصاها تهديد حياتهم عبر التدخلات غير الملائمة.
نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم.