علي حيدر ونديم أحمد

تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة سادس أكبر احتياطي من النفط والغاز في العالم وتنتج متوسط إنتاج يبلغ 3.2 مليون برميل من النفط والغاز يومياً، مع ما تشهده الدولة من تغيرات كبيرة في هذه الصناعة، وفي ظل الطلب العالمي المتزايد على الطاقة الفعالة، ومع توجه العالم للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، تواصل دولة الإمارات ترسيخ اسمها كمحفز للتغيير، ودعم بنيتها التحتية التكنولوجية القوية، والاستفادة من مشهد الأعمال الجذاب والمرن فيها وركائزها الاقتصادية القوية لتعزيز مكانتها البارزة كوجهة جذابة للشركات والأفراد العاملين في مجال النفط والغاز.

وفقاً لتقارير منظمة العمل الدولية، يعمل ما يقارب 6 ملايين شخص بشكل مباشر في صناعة النفط، بينما يتم إنشاء أكثر من 60 مليون فرصة عمل بشكل غير مباشر من خلال هذه الصناعة. وفي الوقت الذي تتطلع به الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تنفيذ التوجيهات الرئيسية الصادرة عن مؤتمر الأطراف (كوب 28)، بما في ذلك التوجيهات المنبثقة من إصدار أول “تقييم عالمي” على الإطلاق لمراجعة الجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ، ستتزايد أهمية أدوار المهنيين المهرة المتمكنين من مساعدة الشركات للتغلب على تعقيدات التقنيات الناشئة، وضمان الكفاءة التشغيلية، وتعزيز الابتكار المستمر.

تلبية متطلبات القوى العاملة وسط التغييرات التنظيمية
يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً قوياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.0% في دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى ارتفاع الطلب على القوى العاملة المتمرسة في صناعة النفط والغاز. ومن أجل تسهيل تدفق المهنيين المهرة القادرين على دعم توسع الصناعة بنجاح، هناك حاجة كبيرة إلى اتباع نهج شامل تجاه إدارة تنقلهم وحركتهم عبر المواقع المختلفة. يسلّط تنوع المواهب في دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يشمل أكثر من 200 جنسية، الضوء بشكل أكبر على ضرورة هذه الإدارة الاستراتيجية.

يرافق تطور صناعة النفط والغاز تطورٌ ملحوظ في القوانين واللوائح التي تحكم مجموعة المواهب في دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل التعديلات الإضافية لمبادرات التوطين المختلفة في الدولة بما في ذلك برنامج التأشيرة الذهبية الذي حقق نجاحاً بالغاً، واستحداث تصريح إقامة العمل الافتراضي وآلية الكفالة الشخصية. من الأهمية بمكان مراعاة التدابير المرتبطة بمشهد تأشيرات وتصاريح العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة لإدارة القوى العاملة بصورة فعالة. أما بالنسبة لقطاع الطاقة، فهناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن اعتمادها لضمان وجود تدابير فعالة لتخطيط القوى العاملة، وهيكلة مجموعات المواهب، وإدارة تغيير هذه المجموعات، والتخطيط للتوظيف في الحالات الطارئة أو للمشاريع التي قد يتم تمديدها. يتطلب تنفيذ هذه التدابير أن تظل الشركات على اطلاع بالتطورات الرئيسية في آلية تصاريح وتأشيرات العمل وقدرتها على الاعتماد على بيانات القوى العاملة لديها. يتطلب هذان المجالان اعتماد نهج شامل تجاه تأشيرات العمل وحرية التنقل.

الأتمتة والامتثال لتنقل القوى العاملة
أصبحت مراقبة حركة القوى العاملة وتنقلها عبر الحدود حاجة ملحة للشركات الآن أكثر من أي وقت مضى، خاصة من الناحية التقنية. حيث يجب أن تحرص الشركات على تلقي المشورة والتوجيه المهني لضمان سلاسة العمليات وسط المشهد المتغير لتأشيرات العمل. اليوم، تسمح التطورات التقنية للشركات ذات التفكير المستقبلي بتبسيط هذه العمليات، مما يوفر الوقت والتكاليف التشغيلية. تلعب حلول “نومادك” دوراً حاسماً في ضمان الامتثال عبر مختلف مستويات القوى العاملة من خلال الأتمتة وتقديم نهج مبسط لتأشيرات العمل قصيرة المدى في صناعة النفط والغاز.

يؤدي عدم الامتثال لهذه اللوائح المتطورة إلى عواقب وخيمة، مع مجموعة واسعة من العقوبات المنصوص عليها في قوانين الهجرة والعمل. تتراوح هذه العقوبات من العقوبات المالية إلى أنواع ومستويات مختلفة من العقوبات التشغيلية، ويمكن مضاعفة العقوبات لكل حالة عدم امتثال أو إذا كان للشركة تاريخ من عدم الامتثال.

إطار مرن لاستدامة النفط والغاز
يتطلب تطور صناعة النفط والغاز الامتثال للوائح الخاصة بالقطاع لتحقيق النجاح التشغيلي. يحتاج العاملون في هذا القطاع إلى اعتماد تدابير واضحة لإدارة احتياجات القوى العاملة لديهم بشكل استباقي، بما في ذلك البحث عن مشورة مهنية والاستفادة من الحلول التكنولوجية لتقييم التغييرات التنظيمية وتوقعها، فتأثير هذه التغييرات على العمليات والتكاليف والامتثال كبير جداً بحيث لا يمكن تجاهله.

باعتبار الطاقة أحد أهم القطاعات في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة ككل، يجب على شركات الطاقة اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاستراتيجيات التشغيلية وتخصيص الموارد وإدارة القوى العاملة. في نهاية المطاف، ستضمن الشركات التي تدمج الامتثال التنظيمي وتخطيط القوى العاملة بسلاسة في إطارها التشغيلي تحقيق الاستدامة والنمو على المدى الطويل.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: دولة الإمارات العربیة المتحدة القوى العاملة النفط والغاز صناعة النفط

إقرأ أيضاً:

الإمارات تسير على نهج «زايد» في العمل الإنساني

هالة الخياط (أبوظبي)

أخبار ذات صلة يوم زايد للعمل الإنساني.. إرث من العطاء يضيء العالم مسؤولو العمل الإنساني: الشيخ زايد.. قائد زرع الخير والعطاء فحصد الوفاء والمحبة

تفاخر دولة الإمارات العالم بالإنجازات الخيرية التي صنعها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وما قدمه لشعوب العالم، حيث كان شديد الحرص على تلمُّس الاحتياجات الضرورية للشعوب، وغرس بذرة الخير في ربوع الإمارات والعالم، إلى أن أصبحت الإمارات واحدة من ضمن أهم عشرين دولة من كبار المانحين للمساعدات الإنمائية الرسمية، نسبةً إلى الدخل القومي الإجمالي بالعالم.
ونجحت دولة الإمارات في تعميق مفهوم العمل الإنساني وتحويله إلى سمة مجتمعية وقاعدة أخلاقية راسخة، مستفيدةً من الإرث الأخلاقي لأفراد المجتمع، واختطت دولة الإمارات نهجاً متميزاً وأسلوباً متفرداً في تعزيز أوجه العمل الخيري، ونجحت في تحويله إلى عمل مستدام بتأثيره، وثقافة راسخة لدى أفراد المجتمع كافة.
وتؤكد دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التزامها بتقديم الدعم اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17 الواردة ضمن خطة التنمية المستدامة 2030، وذلك بحسب اتفاقية باريس، سواء من خلال سياساتها العامة الداخلية، أو من خلال سياسة المساعدات الخارجية للمرحلة القادمة والممتدة حتى عام 2026.

العطاء الإنساني 
وبدأ نموذج العطاء الإنساني الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العالم مع نشأتها عام 1971، واستمد مبادئه من رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التي تعلي قيمة التضامن الإنساني وتحث عليه، وواصل أبناء زايد نهج التسامح ومد يد العون للجميع. 
وتمكن الشيخ زايد من أن يجعل من الإمارات عاصمة عالمية للإنسانية وعمل الخير، بمأسسة العمل الإنساني، وإكسابه صفة الشمولية، بحيث لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية، وإنما يمتد إلى التحرك لمناطق الأزمات الإنسانية، والتفاعل المباشر مع مشكلاتها، الأمر الذي جعل الإمارات تأتي دائماً في صدارة الدول والجهات المانحة للمساعدات الخارجية.
وسطّر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، علامة فارقة في جهود العمل الإنساني على مستوى العالم، وأسس لمسيرة واعدة ومستمرة من المساعدات الخارجية، ومد يد العون لكل محتاجٍ في مختلف أنحاء العالم، حتى أصبحت مثالاً ونموذجاً يحتذى به في العطاء بين دول العالم، حيث أسس الشيخ زايد، رحمه الله، خلال عام 1971 صندوق أبوظبي للتنمية، ليكون عوناً للأشقاء والأصدقاء في الإسهام في مشروعات التنمية والنماء لشعوبهم. كما أنشأ في عام 1992 مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية لتكون ذراعاً ممتدة في ساحات العطاء الإنساني داخل الدولة. 

مواصلة الخير 
وتلتزم دولة الإمارات بمسؤولياتها الإنسانية الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالعمل الخيري والإنساني والتنموي مثل القضاء على الفقر والجوع، وتعزيز الصحة الجيدة والرفاه، والتعليم الجيد والمياه النظيفة والنظافة الصحية.
وتمثل حماية النساء والفتيات والأطفال وتوفير احتياجاتهم أولوية قصوى للعمل الخيري والإنساني الإماراتي.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، فقد بلغت المساعدات الخارجية لدولة الإمارات، منذ قيام الاتحاد عام 1971 وحتى منتصف العام الماضي، ما قيمته 360 مليار درهم.
ووفقاً لتقرير المساعدات الخارجية لعام 2023 الصادر مؤخراً عن وزارة الخارجية، فقد حافظت الإمارات على مكانتها كونها في قائمة أبرز شركاء التنمية على مستوى العالم، واشتهرت بأنها واحدة من أكثر الدول سخاء، فيما يتعلق بنسبة المساعدات الإنمائية الرسمية، نسبةً إلى دخلها القومي الإجمالي. ووصلت القيمة الإجمالية للمساعدات الخارجية المقدمة من دولة الإمارات خلال 2023 إلى 11.67 مليار درهم.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنمائية الرسمية، بلغ إجمالي الدعم الإماراتي المقدم لصالح قضايا دولية 8.44 مليار درهم، بما يمثل 0.37% من الدخل القومي الإجمالي لدولة الإمارات.

الاستجابة المباشرة 
أصبحت الإمارات عنصراً فاعلاً في جهود المواجهة الدولية للتحدّيات الإنسانية، وباتت حاضرة بقوة في مجال المساعدات الإنسانية ومساعدات الإغاثة الطارئة وطويلة الأمد في مناطق العالم كافة، وذلك لتنوّع الأنشطة التي تؤديها في هذا السياق، والتي تتضمّن تقديم التبرعات والمعونات المالية والعينية إلى البلدان المتضرّرة، سواء بالتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة وبرامجها وصناديقها، أو عن طريق ترتيبات ثنائية مباشرة مع تلك البلدان، ومساعدتها على بناء إمكاناتها الوطنيّة في مواجهة الكوارث مستقبلاً. 
وتشمل جهود دولة الإمارات في مجال الإغاثة الإنسانية الاستجابة المباشرة والسريعة لحالات الطوارئ، فضلاً عن المساهمات المقدمة إلى المنظمات متعددة الأطراف للتخفيف من معاناة الشعوب المنكوبة. وتنقسم المساعدات الخارجية الإماراتية إلى ثلاث فئات: تنموية وإنسانية وخيرية، وتشير المساعدات التنموية إلى البرامج التي تهدف إلى تحسين الرفاهية الاقتصادية أو الاجتماعية، بينما تشير المساعدات الإنسانية إلى الأنشطة التي تسهم في إنقاذ الأرواح، بما فيها الاستجابة إلى حالات الطوارئ وعمليات الإغاثة، وتشمل المساعدات الخيرية المشاريع ذات الطابع الديني أو الثقافي. 
وتلتزم دولة الإمارات بتقديم الاحتياجات الأساسية في حالات الطوارئ للمتضررين بالطرق المثلى، ويتطلب هذا الأمر توفير قدر كبير من المساعدات الإنسانية للشرائح الأكثر ضعفاً «النساء والأطفال»، حيث يتم تقديم هذه المساعدات بناء على المبادئ الإنسانية العالمية المقبولة والمعمول بها.

مبادرات إنسانية
لعل مبادرات الإمارات المتعددة للتعامل مع كارثة الجفاف، التي تعرضت لها منطقة القرن الأفريقي عام 2011، دليل على هذا الدور الحيوي، فقد كان لتحركها السريع أكبر الأثر في حشد الجهود الدولية وتنسيقها لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، واحتواء تداعياتها الكارثية على الصُّعُد المختلفة، وهذا هو الذي جعلها عنواناً للخير والعطاء، وأكسبها، قيادةً وشعباً، التقدير والاحترام على المستويين الإقليمي والعالمي. 
وقامت الجهات المانحة الإماراتية على مدار الأعوام الماضية بحشد مستلزمات الطوارئ والدعم الطبي، من أجل ضحايا الزلازل والعواصف والفيضانات والمجاعات التي ضربت إندونيسيا والفلبين وهايتي وباكستان والصومال.

جهود مستمرة  
من أهم المساعدات العاجلة التي بادرت بتنفيذها الدولة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، عملية «الفارس الشهم 2» لمساعدة المتضررين من زلزال سوريا وتركيا، وعملية «الفارس الشهم 3» لتقديم المساعدات الإغاثية لأهالي غزة، والتي ما زالت الدولة ملتزمة بتنفيذها، حيث تواصل تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لدعم المتضررين، من خلال إرسال المواد الإغاثية والطبية، بالإضافة إلى إقامة مستشفى ميداني متكامل لمعالجة المصابين في غزة، ومستشفى عائم في العريش المصرية، ونقل المرضى للعلاج في مستشفيات الدولة.

مقالات مشابهة

  • التوترات الجيوسياسية والتغيرات العالمية تضغط على قطاع النقل الدولي واللوجستيات.. وخطط لمواجهة التحديات
  • معدلات إنتاج «النفط والغاز والمكثفات» خلال الساعات الماضية
  • عبدالله آل حامد: يوم زايد للعمل الإنساني محطة مهمة لاستحضار إرث زايد
  • عبدالله آل حامد: يوم زايد للعمل الإنساني محطة مهمة لاستحضار إرث زايد في بناء نهضة الإمارات على أسس العطاء والمحبة
  • بعد الاتفاق مع قسد..هل تتسلم الحكومة السورية ملف النفط؟
  • السويدي: الإمارات جعلت من تمكين المرأة ركيزة للتنمية الشاملة
  • الإمارات تسير على نهج «زايد» في العمل الإنساني
  • طموح زايد.. أصل الحكاية في معانقة الإمارات للفضاء
  • قرقاش: الإمارات حريصة على تعزيز التعاون مع لجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
  • الإمارات والولايات المتحدة..شراكة استراتيجية تعزز التنمية والاستثمار