ملاحقة إسرائيل لقيادات "الجماعة الإسلامية" في لبنان لم تكُن أمراً مستبعداً خلال المرحلة الراهنة باعتبار أن الأخيرة تُشارك فعلياً في عمليات ضد الجيش الإسرائيلي في الجنوب عبر "قوات الفجر" التابعة لها، كما أنها تُشارك إلى حد كبير في غرفة العمليات المشتركة التي أسسها "حزب الله" مع "حماس" وفصائل أخرى منذ بدء التوتر مع إسرائيل يوم 8 تشرين الأول الماضي.



إزاء ذلك، يمكن إعتبار أي محلّة تشهد تواجداً لـ"الجماعة" بمثابةِ منطقة إستهداف بالنسبة لإسرائيل. عملياً، فإن المناطق التي تعتبر ذات مركز لثقل الطائفة السنّية تضمّ تواجداً للجماعة أقله على الصعيد السياسي والإجتماعي، بينما التواجد العسكري ينحصر في أماكن محددة غير معروفة بدرجة كبيرة، من بينها الهبارية.

مناطق "تحت التهديد"

من أبرز المناطق التي تعتبرُ محورية ومركزيّة لـ"الجماعة" هي إقليم الخروب وصيدا فيما تأتي بيروت أيضاً ضمن الحسابات. إن تم النظر قليلاً في دور الجماعة على صعيد هذه المناطق، فإنه يتّسم بنشاط معين هدفه الإستمرارية السياسية رغم بعض الإنتكاسات التي حصلت، أقله على صعيد الخسائر الإنتخابية عام 2022.

على الصعيد الأمني، باتت هناك مخاوف من إستهداف مراكز للجماعة في المناطق التي تتواجد فيها، فالحذر شديد من حدوث أي قصف خصوصاً أن معظم المراكز موجودة في أماكن سكنية. اللافت أيضاً أن معظم مناطق وجود الجماعة الإسلامية باتت تشهدُ طلعات متكررة ومستمرة للطيران التجسسي الإسرائيلي في محيطها، وهو ما يعزز الخشية من حدوث أي قصفٍ مفاجئ قد يطال مراكز سياسية أو اجتماعية.

إشكالية السلاح

بروز سلاح الجماعة بشكل علني خلال أكثر من مناسبة لاسيما في صيدا خلال تشييع شهيدها محمد بشاشة مطلع كانون الثاني الماضي، جعل الأنظار باتجاه الجماعة مفتوحة جداً، علماً أن الأخيرة لم تمارس مثل هذه الإستعراضات حتى في ذروة أحداث أمنية مفصلية.

في الواقع، فإن المسألة المرتبطة بسلاح الجماعة الإسلامية باتت ترتبط بأمرين أساسيين: الأول وهو أنّ الأجهزة الأمنية لم تغضّ النظر عن الإستعراضات التي حصلت، لكنها في الوقت نفسه لن تفتح "الفتوح" على أي مسار للمساءلة الآن باعتبار أن الظروف الحالية لا تسمحُ بذلك الآن. في السياق، تقول مصادر معنية بالشؤون العسكرية إن أمر السلاح الظاهر هو أمرٌ قيد النقاش داخل أروقة الدولة ، مشيرة إلى أنّ مسألة الوقوف عنده ستأخذ بعض الوقت علماً أن الرسائل في هذا الإطار وصلت منذ مدة إلى المعنيين، سواء لدى "الجماعة" أو فصائل أخرى.

الأمر الثاني المرتبط بسلاح "الجماعة" يتصلُ برأيها بسلاح "حزب الله". ففي السابق، كانت الجماعة تعتبر سلاح الحزب "غير شرعي"، كما أنها كانت تصف أي ظهور للأخير بمثابة انتهاكٍ للسيادة. أما الآن، فما هو التفسير لأي ظهو مسلح؟ هل سيتم تبريره تحت إطار "المقاومة"؟

الأمور هنا كلها بحاجة إلى نقاش مستفيض ومراجعات خصوصاً إن كانت الجماعة الإسلامية تسعى لاحقاً لتكريس وجودها المسلح بموازاة "حزب الله" ، الأمر الذي سيخلق إشكالية كبيرة بشأن أي جماعات مسلحة داخل لبنان.

ماذا عن العلاقة مع "حماس"؟

علاقة الجماعة مع "حماس" علنية ومثبتة كما أنها متينة أكثر من علاقة الأخيرة مع الحزب. السبب الأساسي هو أن "التماهي" بين الجماعتين سببه أنهما يمثلان تياراً سُنياً واسعاً، كما أن المساندة التي تحصل من الجماعة لـ"حماس" قد تسبب لها إشكالية مع حلفاء آخرين لها في الداخل لا يؤيدون حصول هذا الأمر.

إذاً، أمام كل ذلك، وفي خلاصة القول، يتبين أن الجماعة الإسلامية ستكون حالياً أمام مرحلة جديدة من تاريخها السياسي، كما أن حساباتها الآن باتت تختلف عن الماضي. الآن، الجماعة بحاجة إلى تبرير علاقتها مع "حزب الله" أمام جمهورها، كما أنها تحتاجُ إلى تنظيم وجودها المسلح وكشف مصيره ومآلاته.. فما الذي ينتظر هذا التنظيم؟ وكيف ستكون ترتيباته الجديدة في حال انتهت حرب غزة وهدأت وتيرة التوتر عند جبهة جنوب لبنان؟
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجماعة الإسلامیة کما أنها حزب الله کما أن

إقرأ أيضاً:

حزب الله يطلق 200 صاروخ على إسرائيل مع استمرار العدوان على غزة  

 

 

بيروت- أطلق حزب الله اللبنانية أكثر من 200 صاروخ وطائرة بدون طيار على مواقع للجيش الإسرائيلي، الخميس4 يوليو 2024، مع تصاعد التوترات وسط الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر تقريبا في غزة.

وقال حزب الله إن هجومه الأخير، الذي أعقب إطلاق أكثر من 100 صاروخ في اليوم السابق، جاء ردا على مقتل إسرائيل لقائد كبير في الحزب جنوب لبنان.

ولم تعلن إسرائيل عن سقوط قتلى في منطقة حدودها الشمالية حيث تم إخلاء معظم المجتمعات، لكنها قالت بسرعة إنها ردت بضربات في جنوب لبنان.

وتتبادل إسرائيل وحزب الله، حليف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إطلاق النار عبر الحدود بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مما أثار مخاوف من تصعيد الوضع إلى حرب شاملة.

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء عن قلقه "إزاء تصعيد تبادل إطلاق النار"، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، محذرا من الخطر الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط الأوسع "في حال وجدنا أنفسنا في صراع كامل".

ويعد حزب الله وحماس جزءًا من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وهو تحالف إقليمي يضم أيضًا المتمردين الحوثيين في اليمن والجماعات المسلحة في العراق وسوريا.

وأكد الجيش الإسرائيلي مزاعم حزب الله بإطلاق أكثر من 200 صاروخ اليوم الخميس، وقال إن قواته "ضربت مواقع إطلاق في جنوب لبنان" ردا على ذلك.

واعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية معظم الصواريخ القادمة، وكانت الضحية الوحيدة المبلغ عنها رجلاً أصيب بجروح طفيفة بشظايا، في حين تسببت بعض الاصطدامات في اندلاع حرائق في الغابات.

اغتالت إسرائيل القيادي البارز في حزب الله محمد نعمة ناصر في غارة على مدينة صور الساحلية اللبنانية اليوم الأربعاء.

ووصفه مصدر مقرب من الجماعة بأنه "مسؤول عن أحد القطاعات الثلاثة في جنوب لبنان". وجاء مقتله بعد غارة إسرائيلية في يونيو/حزيران قتلت طالب عبد الله الذي كان يرأس قطاعا آخر.

وفي كلمة ألقاها في جنازة ناصر، حذر المسؤول الكبير في حزب الله هاشم صفي الدين إسرائيل من "التصور بأن استهداف هؤلاء الأبطال سوف يترك الجنوب مكشوفا".

"عندما يستشهد زعيم فإن آخر يأخذ الراية ويتقدم بعزيمة جديدة حازمة وقوية."

- معارك عنيفة تهز غزة -

اندلعت الحرب على غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1195 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.

كما اختطف المسلحون 251 رهينة، بقي منهم 116 في غزة بما في ذلك 42 يقول الجيش إنهم قتلوا.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي الانتقامي عن مقتل 38011 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس.

أسفرت الاشتباكات الحدودية بين إسرائيل وحزب الله عن مقتل 496 شخصا على الأقل في لبنان، معظمهم من المقاتلين ولكن بينهم 95 مدنيا، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس.

وتقول السلطات الإسرائيلية إن 15 جنديا على الأقل و11 مدنيا قتلوا على جانبها من الحدود التي تحرسها الأمم المتحدة.

في هذه الأثناء، استمرت الحرب في غزة، التي تعد قلب التوترات، حيث هزت معارك بالأسلحة النارية والضربات الجوية والقصف مدينة غزة لليوم الثامن على التوالي يوم الخميس.

وقال الجيش الإسرائيلي إن "قواته دمرت طرق الأنفاق في المنطقة وقضت على العشرات من الإرهابيين في اشتباكات عن قرب بنيران الدبابات وفي ضربات جوية".

قالت وكالة الدفاع المدني في غزة إن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا في غارة جوية استهدفت مدرسة في مدينة غزة.

وتصاعدت المخاوف من تجدد القتال العنيف في المناطق الجنوبية بالقرب من خان يونس ورفح بعد أن أصدر الجيش يوم الاثنين أمر إخلاء شامل قالت الأمم المتحدة إنه أثر على 250 ألف شخص.

- جهود للتوصل إلى هدنة -

واجهت إسرائيل احتجاجات دولية بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين والحصار العقابي والدمار الشامل في غزة.

دعت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ هذا الأسبوع إلى وضع حد لـ"دوامة البؤس الإنساني".

أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل ستدمر حماس وستعيد الرهائن المتبقين إلى منازلهم.

وفي أواخر مايو/أيار، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، تحت ضغط محلي متزايد بسبب دعم واشنطن لإسرائيل، عن خارطة طريق لهدنة مدتها ستة أسابيع وتبادل الرهائن بالسجناء الفلسطينيين.

ولم يتحقق سوى تقدم ضئيل منذ ذلك الحين، لكن حماس قالت يوم الأربعاء إنها تتواصل مع مسؤولين في قطر ومصر وكذلك تركيا بهدف إنهاء الصراع.

وقالت حركة حماس إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية المقيم في قطر "أجرى اتصالات مع الإخوة الوسطاء في قطر ومصر حول الأفكار التي تناقشها الحركة معهم بهدف الوصول إلى اتفاق".

وقال مكتب نتنياهو اليوم الأربعاء إن "إسرائيل تقوم بتقييم تصريحات (حماس) وستنقل ردها إلى الوسطاء".

وتتركز العقبة الرئيسية حتى الآن حول مطلب حماس بإنهاء القتال بشكل دائم، وهو ما يرفضه نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بشدة.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • نصرالله يبحث مع وفد من حماس "مستجدات المفاوضات" بشأن غزة  
  • نائب امريكى : حان الوقت لينسحب بايدن ويترك قادة جدد يظهرون ويترشحون لهزيمة دونالد ترامب
  • صفقة خلال اسبوعين..نتنياهو يوافق على ارسال الوفد المفاوض للقاهرة
  • حزب الله يطلق 200 صاروخ على إسرائيل مع استمرار العدوان على غزة  
  • الجماعة الإسلامية في جنوب شرقي آسيا تعلن تفكيك هياكلها
  • نفذت هجمات دامية.. ما هي الجماعة الإسلامية التي حلّت نفسها جنوب شرق آسيا؟
  • مسؤول أمني إسرائيلي: حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة
  • مسؤول إسرائيلي: حماس تواصل إصرارها على بند أساسي في مقترح الصفقة
  • مباشر. حرب غزة: قصف جوي على وسط القطاع واشتباكات في رفح والشجاعية وعملية طعن بالجليل شمال إسرائيل
  • "الشجاعية وجباليا وخان يونس" مناطق كشفت الانتصارات المزيفة لجيش الاحتلال