أثار إعلان جماعة "أنصار الله" الحوثية، استعدادها للمضي في طريق السلام، ودعوتها السعودية قائدة التحالف العربي ضدها، إلى التوقيع على خارطة الطريق التي تم التوصل إليها وتنفيذها، تساؤلات عدة حول دلالات هذا الموقف من قبل الجماعة.

وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى هذا الموقف من جماعة الحوثي أنه تطور مهم في خط سير الأحداث التي تشهدها الساحة اليمنية، فإن كثيرين يشككون في جدية الجماعة التي لديها حساباتها من وراء هذا الإعلان.



وجاء الإعلان من الجماعة الحوثية على لسان، رئيس المجلس السياسي التابع لها، مهدي المشاط، عشية الذكرى العاشرة لانطلاق "عاصفة الحزم" بقيادة الرياض 2015، في وقت سبق هذا الإعلان تهديد أطلقه عضو المجلس والقيادي في الجماعة ذاته، محمد علي الحوثي، للمملكة.

وقال محمد الحوثي في لقاء مع قناة "المسيرة" الحوثية، إن الوضع القائم بين الجماعة والسعودية هو "خفض تصعيد" وليس "هدنة" داعيا المملكة إلى أن "تحرك موضوع السلام وتمضي فيه"، مضيفا أن المراوغة ليست في صالحها.

"تلاعب في الوقت"
وفي السياق، قال رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث في اليمن، عبدالسلام محمد، إنه من الواضح أن" السعوديين يتجهون نحو الاتفاق مع الحوثي والخروج من حالة الحرب والابتعاد عن الوضع اليمني وملفاته المعقدة والبقاء في موقع الوسيط بين أطراف الحرب".

وأضاف محمد في حديث لـ"عربي21" أن التعامل مع الحوثيين صعب جدا، لأن الجماعة بين ليلة وضحاها تغير شروطها، مستبعدا "حدوث اتفاق نهائي خصوصا بعد أحداث البحر الأحمر ".

وأشار الباحث اليمني إلى أن الحوثيين بدأوا بعد أحداث البحر الأحمر يرفعون سقوفهم وشروطهم باتجاه دول الخليج وخاصة السعودية في ما يتعلق بالتعويضات وإعادة الأعمار.


وقال إنه في الوقت الذي يطلب فيه أحد قيادات الجماعة السلام كما جاء في تصريحات "المشاط"، يخرج قيادي آخر يحذر السعودية ويهددها، كما ورد في تصريحات محمد علي الحوثي.

وأكد رئيس مركز أبعاد اليمني أن الجماعة تتلاعب بالوقت، لكنها تفكر قبل أي اتفاق بالسيطرة الشاملة على اليمن، فضلا عن تسيد الجزيرة العربية.

واعتبر محمد أن حديث الجماعة الحوثية عن السلام مجرد لعب بورقة الوقت، وإذا توافقت أي جهة معها، فستطرح شروطا جديدة وبسقف أعلى من السابق.

"خارطة الطريق توقفت"
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، قد أعلنت في وقت سابق الشهر الجاري، عن توقف خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها نهاية العام الماضي من قبل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ.

وقال رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، وفق ما نقلته وكالة "سبأ" للأنباء الحكومية، إن  خارطة الطريق للحل توقفت في اليمن، نتيجة التصعيد العسكري في جبهات القتال بالمحافظات اليمنية، وما يحدث من تحشيد وعسكرة وعمليات حوثية في البحر الأحمر.

وأواخر ديسمبر 2023، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بمجموعة تدابير لـ"وقف شامل" لإطلاق النار في عموم البلاد، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.

وقال مكتب غروندبرغ حينها، في بيان: "بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في العاصمة السعودية الرياض والعاصمة عُمان مسقط، بما في ذلك رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، وكبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، فإن غروندبرغ رحب بتوصل الأطراف إلى الالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن".

"جني الثمار"
من جانبه، يرى رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري أن جماعة الحوثي تضغط باتجاه جني ثمار المرحلة الماضية في ظل تعزيز حضورها كقوة باتت القوى الدولية عاجزة عن مواجهتها وكسر شوكتها.

وقال الخضري في حديثه لـ"عربي21" إن الجماعة تعرف أن الوضع العربي في أسوأ أحواله وإنَّ السعودية بحاجة إلى تحقيق سلام في اليمن لأنَّ مِن شأن انفجار الوضع اليمني تضرر المملكة بشكل أو بآخر.

وبحسب الباحث اليمني فإن التحالف العربي للأسف، أضاع فرصا عديدة دون أن يغتنمها لصالح استعادة الدولة حيث توجَّه لتمزيق الجغرافيا اليمنية وعسكرتها وإضعاف الدولة ليجد نفسه اليوم أمام قوَّة تهدد مصالحه وتفرض أجنداتها عليه.

وتابع بأن الجماعة بعد تسع سنوات من عاصفة الحزم باتت قوية متمكِّنة على الأرض، مؤكدا أن هناك مسعى لمنحها صيغة قوة إقليمية يتعاطى معها الغرب من منطق مراعاة مطالبها، في حين أن دول الخليج باتت في موقف أضعف.

ولم يستبعد أن يكون تحرُّك الجماعة في هذا التوقيت بإيعاز غربي لدفع السعودية إلى التطبيع في مقابل إغلاق الملف اليمني وتأمين جبهتها الجنوبية، خصوصًا أن المملكة لا تزال تستعصي حتى اللحظة عن قبول التطبيع بشكل علني".


وقال: "وعليه فالغرب يعطي الحوثيين حجما أكبر للتلويح بها ضد السعودية ودول أخرى، وأشار رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات إلى أن الجماعة الحوثية تحاول تسجيل نقطة إيجابية ولو في البعد الإعلامي على سبيل الدعاية والبروباغندا التي مِن شأنها أن تجعل الأطراف الأخرى في حرج وهي تتمسك بالحسم العسكري تجاه جماعة تهدد الملاحة الدولية وتتعاطى مع هذا الملف مِن منطلق تحقيق نقاط قوَّة لها وخصوصا الشرعية"، على حد قوله.

ومنتصف مارس/ آذار الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ خلال إحاطته أمام مجلس الأمن أن "مجال وساطته في اليمن أصبح أكثر تعقيدا رغم الجهود المبذولة لحماية عملية السلام بعيدا عن التأثيرات الإقليمية".

ومنذ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا بشن العديد من الضربات ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها بينها صنعاء، بهدف ردع الجماعة، عن الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية والقطع البحرية التجارية المتجهة إلى "إسرائيل"، في سياق تضامنها مع غزة، كما تقول الجماعة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثية السعودية اليمنية السعودية اليمن الحوثي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الحوثی خارطة الطریق أن الجماعة رئیس مرکز فی الیمن

إقرأ أيضاً:

ضحايا الألغام في الحديدة.. معاناة مستمرة بأدوات موت ابتكرها الحوثي

نالت محافظة الحديدة النصيب الأكبر من عملية زرع الألغام العشوائي التي تقوم بها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، وحصدت أرواح المئات من الأبرياء.

أدوات موت ترعب الأهالي في مختلف مديريات الحديدة في خطوط التماس أو التي تم تحريرها من قبل القوات المشتركة في الساحل الغربي. فخلال السنوات الماضية نثرت المليشيا الحوثية أشواك الموت في الأراضي والطرقات وأماكن الرعي في السهل التهامي، وحولتها من مناطق نابضة بالحياة وأراضيها الزراعية الخصبة إلى أراضٍ بور قاحلة ومناطق موتٍ تفتك بالمارة.

وعلى مدى سنوات، قُتل وجُرح المئات من أبناء الحديدة غالبيتهم من النساء والأطفال، بسبب الألغام والعبوات المتفجرة. وأصبحت الإعاقات تلازم كل فرد أصيب بألغام الحوثي المتعطش للدماء بشغف كبير.

معاناة متواصلة

الطفل عدنان طاهر حشّاش، 13 عاماً، خرج كالمعتاد إلى رعي أغنامه في قرية بيت مغاري. يوم الـ2 من سبتمبر 2023م، كانت الحادثة الأليمة بالجسم الملغّم الخبيث الذي عثر عليه عدنان على شكل لعبة وذهب به إلى منزله. ظل يقلبه بيديه وينظر إليه يميناً ويسار وأحضر معولاً ثم بدأ يدق فيه، فإذا بدوي انفجار يهز القرية.

الناس والأهالي المجاورون حينها شعروا برعب وخوف ظناً أن الحوثي جدد القصف على القرية المحررة والمؤمَّنة، فهرعوا لمكان الحادث فإذا بهم يجدون عدنان مطروحاً أرضاً يسكب دماً، ونالت الشظايا منه واخترقت جسده ومزقت أطرافه. أسعفوه إلى نقطة طبية للقوات المشتركة ضمدت جروحه وحالته الخطرة تستدعي نقله لأحد المشافي، وكان هذا الحادث بالنسبة للأهالي صعباً وموقفاً يحبس الأنفاس.

خضع عدنان لعدة عمليات وعلى مراحل متعددة، وُصفت إصابته بالخطيرة وفقاً للتقارير الطبية، وفقد حينها كفي يديه، وبترت إحدى قدميه، وفقد إحدى عينيه، نتيجة الشظايا التي تعمقت في جسده البريئ، واختطفت طفولة عدنان الذي يعيش اليُتم منذ الصغر بوفاة والده.

أصبح عدنان يقعد على كرسيه المتنقل متحسراً على ما حل به من وجع، حاملاً آلامه وجراحه بصمت، عله يجد قلباً يحمل الإنسانية يساعده في تسفيره إلى الخارج لاستكمال علاجه وتضميد جروحه التي يعاني منها منذ إصابته باللغم الخبيث.

النجاة من الموت

أم عدنان قالت لمراسل نيوزيمن، إنها غادرت قرية بيت مغاري بعد حادث طفلها، ومنعت كافة أبنائها من الرعي خوفاً من الألغام التي باتت تتربص بحياتهم، ووصفت حادثة طفلها، كأن الحوثي كسر عمودها الفقري عندما أصيب فلذة كبدها وأصبح قعيد الفراش، وهي تشاهده بالحالة المأساوية التي أصبح عليها.

وأوضحت، أن حالته تزداد سُواءً، نتيجة الجروح البليغة التي ما زالت ترافقه ولم تُستكمل إجراءاتها الطبية منذ عام لعدم وجود أي جهة تتبنى علاجه المقرر في الخارج، وفقاً لتقارير طبية. وأكدت أنه بحاجة ماسة إلى عملية لإعادة فتحة الشرج، وهم عاجزون عن تسفيره حتى لمدينة المخا، أو حتى استخراج جواز سفر، نظراً لظروفهم المعيشية القاهرة.

حال عدنان لا يختلف كثيراً عن معاناة مئات الأطفال الذين يعانون من الإعاقات الدائمة وهم بحاحة إلى دعم ورعاية من الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية، وتحسين أوضاعهم للتغلب على الحياة المأساوية التي يعيشونها جراء الإعاقة.

الضحايا في تزايد

ويزداد ضحايا الألغام يوماً تلو الآخر في المناطق التي تحررت وكانت تسيطر عليها مليشيا الحوثي في جنوب الحديدة بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الفرق الهندسية لنزع الألغام وحققت نجاحاً كبيراً، لكن الحقد الدفين للحوثي، جعله يزرع الألغام في أمكان غير متوقعة وبشكل عشوائي لحصد مزيد من أرواح الأبرياء.

وكانت بعثة أونمها للأمم المتحدة في الحديدة سجلت سقوط 9 ضحايا بانفجار ألغام للحوثيين خلال شهر مايو الماضي، 7 منهم قتلوا، فيما أصيب اثنان آخران، بينهم 4 أطفال. وأكدت بعثة أونمها أن هذه الحوادث وقعت في مديريات الدريهمي وبيت الفقيه والجرّاحي والحَوَك والتحيتا جنوب محافظة الحديدة.

ووفقاً لتقرير البعثة تسببت الألغام والعبوات المتفجرة خلال الفترة من يونيو 2023 وحتى مايو 2024، بمقتل وإصابة 120 مدنيا في الحديدة، بينهم 55 قتيلاً منهم 19 طفلاً و5 نساء؛ 65 مصاباً بينهم 25 طفلاً و3 نساء.

وأشارت الإحصائية إلى أن نحو 43% من ضحايا حوادث الألغام التي شهدتها محافظة الحديدة خلال الفترة المذكورة في تقرير البعثة الأممية هم من الأطفال والنساء، موضحة أن كل 4 أفراد من مجموع 10 ضحايا هم من هذه الشريحتين.

أكبر حقل ألغام

تصدرت الحديدة قائمة المحافظات اليمنية في عدد ضحايا انفجارات الألغام والذخائر، بينما توزعت خريطة الحوادث والضحايا على مناطق ملوثة في محافظات لحج وتعز والبيضاء ومأرب والجوف وصعدة وحجة.

وبحسب تصريح المدير التنفيذي للمرصد فارس الحميري، فإن الألغام لا تزال تفتك بالمدنيين بشكل شبه يومي، وأن هناك حاجة ملحة للبدء بإجراءات إزالتها بوصفها ركيزة أساسية في حماية المدنيين، وإعادة دورة الحياة الطبيعية، وشرطاً أولياً لتحقيق الأمان والسلام في البلاد. 

ونوه المرصد إلى أن جهود السلام في اليمن تبدأ من محددات أساسية، وإزالة المخاطر اليومية المحدقة بالسكان، داعياً الجهود الدولية والإقليمية كافة إلى وضع ملف الألغام ضمن أولويات أي جهود للحل في اليمن.

وأعلن أسامة القصيبي مدير عام المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)، أنه ومنذ بدء عمل المشروع في منتصف عام 2018، نجح في إزالة نحو 450 ألف لغم وعبوة متفجرة، بما في ذلك ألغام مضادة للأفراد، وأخرى مضادة للدبابات، وذخائر غير متفجرة، وعبوات ناسفة تشكل خطراً جسيماً على حياة المدنيين، وتهدد الاستقرار والتنمية في اليمن.

مقالات مشابهة

  • محمد علي الحوثي يضع شرطاً لعودة الطائرات المحتجزة في مطار صنعاء
  • ضحايا الألغام في الحديدة.. معاناة مستمرة بأدوات موت ابتكرها الحوثي
  • بعد التعادل مع السعودية.. مدرب شباب اليمن: نتطلع لتجاوز الأخطاء أمام عُمان
  • القائد المُلهم.. بين الإيمان والشجاعة والحكمة تُصنع ثورات التحرر
  • رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية الدكتور محمد البحيصي لـ”الثورة”: المقاومة بخير وتنتصر كل يوم والموقف اليمني فاق التوقعات
  • الحوثي والمقاومة العراقية تستهدفان سفينة للاحتلال بميناء حيفا
  • «توجيهاتي هي القانون».. قيادي حوثي يوجه إهانة ساخرة لمدير مكتب المشاط
  • عودة مفاوضات السلام بعد تفعيل الوساطة العمانية ووفد سعودي يصل صنعاء.. تفاصيل مهمة
  • وزارة حقوق الإنسان اليمنية لـ«الاتحاد»: «الحوثي» قابل دعوات السلام بأحكام إعدام ضد معارضيه
  • ماذا وراء لقاءات نورلاند المكثفة مع المسؤولين الليبيين