«قلعة آلموت» وكر العقاب ومأوى الحشاشين.. كيف كانت البداية والنهاية؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
أيام معدودات وينتهي شهر رمضان الفضيل، ولا تزال محركات البحث تضج بكل ما يخص طائفة الحشاشين، التي برز أسمها هذا العام بسبب مسلسل “الحشاشين” بطولة النجم كريم عبد العزيز ومجموعة أخرى من أبرز النجوم، ومن بين ما يبحث عنه الجمهور هى “قلعة آلموت”، وهل هى مكان موجود بشكل حقيقي أم أنها من خيال المؤلف؟ وهل كانت حصن منيع مثلما ذكر المسلسل؟ وكيف سيطر عليها حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين دون قطرة دماء؟ وهل مات بداخلها الصباح أم هرب بعد أن بلغ من العمر أرذله؟ وبأي طريقة استولى المغول عليها بعد صمودها لسنوات عديدة في وجه أي هجوم؟
في البداية نتعرف على معنى اسمها، قلعة آلموت يتألف اسمها من كلمتي "آل" و"مَوت" اللتان تعنيان في اللغة البهلوية القديمة، عش النسر وتعني بالفارسية وكر العُقاب، وهو نوع من أنواع النسور الجارحة.
وهذه القلعة كانت موجودة بالفعل، فوق حصن جبلي يقع وسط جبال ألبرز أو الديلم في مدينة رود بار (جنوب بحر قزوين) على القمة وتحديدًا بالقرب من نهر شاه ورد، ويبعد عن العاصمة الإيرانية طهران تقريبًا 100 كيلومتر على ارتفاع 2,100 متر، مما جعل غزوها أمر شاق على أي شخص، لم يستطع المؤرخون معرفة تاريخ بنائها بالتحديد أو حتى من بناها، ولكن على حسب المصادر، فقد جُددت عام 860 م على يد حاكم علوي.
وحسب ما ورد في كتاب حركة الحشاشين تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلام، يقول دكتور محمد عثمان الخشت، (إن مَن بنى قلعة آلموت هو ملك ملوك الديلم، وقد أمر ببنائها بعد أن رأى منها موضعًا استراتيجيًا حصينًا، وأطلق عليها وعلى ما يجاورها اسم طالقان، وقد وقعت تحت رعاية شرشفاه الجعفري، والذي بدوره استناب فيها رجلًا علويًا حسن النية يتميز بسلامة الصدر).
ولكن الحسن الصباح مؤسس فرقة الحشاشين، استطاع دخول القلعة سرًا، بفضل رجاله المتخفين بداخلها، وظل فيها فترة وجيزة، وبعدها براجحة عقل ودون إهدار قطرة دماء، استولى على عقل الحاكم العلوي قبل أن يستولى على قلعته، ففي البداية حاول الحسن التقرب للأمير العلوي وضمه إلى العقيدة الإسماعيلية لكنة أبى، وبعد مفاوضات ونقاشات خاضها الحسن بكل صبر وإتقان، لما يعلمه من أهمية قلعة آلموت في تثبيت أقدام فرقته، استطاع التأثير على الأمير العلوي الذي بدوره سمح له بدخول القلعة، بل أنه حتى أعجب بعقل وذكاء الحسن الصباح، وبناء على ذلك، أخرجه رجال الحسن الصباح وبعثه إلى دمغان بعد أن أعطوه ثمن القلعة ومتعلقاته.
وأصبح الحسن الصباح سيدًا لقلعة آلموت، وأعلن منها دولته حيث جاء إلى أصفهان عام 1081 من أجل أن يقيم دولة تكون امتدادًا للدولة الفاطمية فى شمال أفريقيا، وظل فيها 53 عاما كاملة حتى وفاته، وكانت بداية سيطرة "الصباح" على تلك القلعة بداية انتصارات له على دولة السلاجقة التى كانت تحكم بلاد فارس في هذه الفترة، وبداية لتوسع طائفة الحشاشين، واتخذ الحشاشون مع "آلموت" عدة قلاع حصينة فى قمم الجبال لنشر دعوتهم وبناء دولتهم، مما أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية والدول والسلطات الكبرى التابعة لهما، كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين إضافة إلى الصليبيين.
وتميزت هذه القلعة، بأنها ذات اتجاه واحد يمكن الشخص من الوصول إليها، ويحيطها منحدر مصطنع يحتوي على صخور خطيرة وشديدة الانحدار، لهذا كانت فكرة الغزو لها شبه مستحيلة الحصن، وظلت هكذا تصد هجمات العدو وتحمي طائفة الحشاشين حتى عام 1256م، أي بعد وفاة الصباح بحوالي 166 عامًا.
وعام 1256م، الأمير ركن الدين خورشاه زعيم الحشاشين وآخرهم فى ذلك الوقت لم يستطع مقاومة المغول بقيادة هولاكو، فعرض الاستسلام على المغول مقابل سلامته ومن معه، فوافق هولاكو وتم إخلاء قلاع الحشاشين ومن ضمنها آلموت، وبعدها أحرقوها بما فيها من مكتبة ضخمة ضمت أسرار الحركة وأدبها، كما أنهم نقضوا عهدهم مع ركن الدين فقتلوه وبعض من أتباعه.
وتشير بعض المصادر التاريخية، أن الحسن الصباح توفى عن عمر يناهز الـ 87 عامًا، وقد دفن في قلعته آلموت فدخلها حينها ولم يخرج منها والأغلب يشير أنه توفى داخلها والقلة ترى أنه عندما شعر بوهن الكبر والمرض فضل الهروب على أن يرى قلعته تنهار أمام الأعداء أو حتى يتخذ هو كأسير.
ولم يتبقَ من القلعة سوى أطلال، عبارة عن مكتبات وحدائق، حتى عام 2004، حيث انهارت بالكامل جراء زلزال ضخم ضرب هذه المنطقة.
392814554_418594413886205_8148704823233235354_n 417547865_418594757219504_2447264835767317500_n 417569990_418594567219523_8093992715201290706_n 417578229_418594617219518_5450898207120317817_n 417583467_418594907219489_6745601806032768598_n 417694744_418594810552832_7981249578902431076_n 417695739_418594897219490_5324071674381313890_n 417842731_418594473886199_5860147320347535336_n 418150997_418594987219481_434114907253509545_n 418151114_418594997219480_793142757486784620_n 419326833_418594697219510_1399155776619689881_n 419567095_418594383886208_5907278721599016569_n 420398101_418594847219495_8798552957659337620_nالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحشاشين السلاجقة قلعة آلموت حركة الحشاشين محركات البحث الحسن الصباح هولاكو طائفة الحشاشین الحسن الصباح قلعة آلموت
إقرأ أيضاً:
شاهد.. رحلة عبر الزمن داخل أسوار خيوة الخورازمية بأوزباكستان
خيوة، خوارزم – في قلب آسيا الوسطى، تنبض مدينة خيوة العريقة بتاريخ يمتد لآلاف السنين، شاهدة على عظمة وعراقة الحضارة الإسلامية وروعة فنونها.
وتمثل هذه الجوهرة الأوزبكية القلب النابض لخوارزم، وعاصمة خانية خيوة، وجمهورية خوارزم السوفياتية الشعبية السابقة. كانت المدينة مركزا مهما على طريق الحرير، حيث تلاقت فيها الحضارات وتبادلت الثقافات. وتتربع على ضفاف نهر أمو داريا -الذي عبرناه قادمين من سمرقند- لنلتقط هذه المشاهد التي تروي قصة مجد غابر وتراث خالد.
خيوة، تلك المدينة الساحرة، تستقبل زائريها بأسوارها الشامخة التي تحتضن كنوزا معمارية فريدة. فما إن تخطو قدماك عتبات بواباتها العتيقة، حتى تجد نفسك في متحف حي، يأسرك بجماله وينقلك عبر الزمن إلى عصور ازدهار طريق الحرير.
في أزقة خيوة الضيقة، تتجلى روائع الفن الإسلامي بأبهى صوره، تعانق المآذن الشاهقة السماء، وصعدنا لأعلاها لنشاهد المدينة من أعلى بقبابها الزرقاء التي تتلألأ تحت أشعة الشمس، بينما تزين الزخارف الهندسية والخطوط العربية واجهات المباني، لتشكل لوحة فنية متكاملة تأسر الألباب سواء رأيتها من أعلى المنارة أو مشيت فيها.
خيوة معروفة بعمارتها الإسلامية وضمنها قلعة ومآذن ومدارس قديمة(الجزيرة)في قلب المدينة، تقف الجوامع والبيوت العريقة والمدارس القديمة والقصور تروي حكايات الأمراء والعلماء والقادة وعامة الناس، تبهرك مدرسة محمد أمين خان بقبتها الفيروزية وأعمدتها الرشيقة، لتكون شاهدا على منهجها التعليمي القديم. وبالجوار يباغتنا أذان صلاة الجمعة من "مسجد جمعة"، ذلك الصرح الإسلامي الفريد بأعمدته الخشبية المنحوتة بدقة متناهية، والتي تحمل سقفا يحبس الأنفاس بجماله وروعة تصميمه.
رحلة ساحرة داخل الأسوارورغم أنها قبلة للسياحة التاريخية في آسيا الوسطى تبدو تجربة السير فيها كرحلة عبر الزمن. هنا، تمتزج رائحة التاريخ بعبق الحاضر، وتتناغم أصوات المؤذنين مع همهمات السياح وصيحات الباعة الباسمين.
في كل زاوية من زوايا هذه المدينة العتيقة، تكتشف سرا جديدا وحكاية لم تُروَ بعد. فخيوة، بكل ما تحمله من عراقة وأصالة، تبقى شاهدة على عظمة التراث وإبداع الإنسان، وملهمة لكل من يطأ أرضها.
تُقسم خيوة إلى قسمين: المدينة الخارجية "ديشان قلعة"، والمدينة الداخلية "إتشان قلعة". تحيط بالمدينة الداخلية أسوار شامخة تعود إلى القرن العاشر، وتصل ارتفاعاتها إلى 10 أمتار. تضم إتشان قلعة أكثر من 50 معلما تاريخيا و250 منزلا قديما يعود معظمها إلى القرنين الـ18 والـ19.
ومن أبرز معالم خيوة الداخلية (أي المدينة القديمة المسوّرة):
مسجد جمعة: بُني في القرن العاشر وأعيد بناؤه عام 1788، ويتميز بقاعة مستطيلة تدعمها 112 عمودا خشبيا، كل منها منحوتة بدقة عالية. مدرسة محمد أمين خان: أكبر مدارس خيوة، تتميز بتصميمها المعماري الفريد والذي يضم حجرات للدرس وللطلاب. قصر توشهوفلي: كان مقر إقامة خان خيوة، ويتميز بزخارفه المعمارية الفريدة ونقوشه الجصية الملونة. مئذنة كالتا مينار: مئذنة ضخمة مزخرفة بالطوب المزجج، لكنها لم تكتمل بعد وفاة الخان الذي أمر ببنائها. أسوار المدينة القديمة بخيوة العريقة وضمنها قلعة إيتشان المصنفة ضمن التراث العالمي (الجزيرة) خيوة المتحركة على خط الزمنوليست تلك المدينة العريقة مجرد متحف مفتوح؛ بل هي مدينة حية تحتضن فعاليات ثقافية وتجارية متواصلة. إذ تُعد المدينة مركزا عالميا للسياحة، حيث تستقبل سنويا أكثر من 200 ألف سائح، من بينهم 7 آلاف زائر دولي. وتشمل أنشطتها الاقتصادية صناعة السجاد، وتنظيف القطن، وتصنيع الخبز، إلى جانب العديد من الصناعات الأخرى.
تشتهر خيوة بنشرها لمجلة "خيوة-شرق غواهاري" وصحيفة "خيوة تونغي"، مما يعزز من مكانتها كمركز ثقافي وإعلامي مهم. بالإضافة إلى ذلك، توفر المدينة خدمات تعليمية وصحية وفندقية متقدمة.