الرئيس الروسي ينفي مزاعم التخطيط لـ "غزو أوروبا" بعد أوكرانيا
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
نفى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس /الأربعاء/ أي خطط لبلاده لـ" غزو" أوروبا بعد أوكرانيا.
وأوضح بوتين - في اجتماع مع عسكريين، خلال زيارته إلى مدينة تورجوك الروسية في منطقة "تفير"، حسبما أوردت وكالة أنباء "تاس" اليوم - أن "العملية العسكرية الخاصة التي تقوم بها روسيا تهدف إلى الدفاع عن شعبها الذي يعيش في أراضيها التاريخية.
وقال إن "الدول الموالية للولايات المتحدة تخشى روسيا الكبيرة القوية، وأن هناك خوفا من احتمال مهاجمة بعض البلدان الأخرى، مثل بولندا ودول البلطيق والتشيك. هذا الأمر مجرد هراء وطريقة أخرى لخداع سكان تلك الدول وانتزاع نفقات إضافية من الناس؛ لجعلهم يتحملون هذا الأمر".
وشدد الرئيس الروسي على أن روسيا لا تخطط لخوض حرب مع حلف الناتو، قائلاً: "في عام 2022، أنفقت الولايات المتحدة على الجيش، 811 مليار دولار، والاتحاد الروسي 72 مليار دولار.. فهل سنخوض حربًا مع حلف شمال الأطلسي بهذه النسبة من الإنفاق حسنًا، هذا الأمر غير معقول".
واستطرد: "ما نقوم به في سياق العملية العسكرية الخاصة هو أننا نحمي شعبنا الذي يعيش على أراضينا التاريخية".
وقال بوتين: "لو تم بناء علاقات أمنية جديدة في أوروبا كما اقترحت روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لما حدث شيء مثل ما نشهده اليوم. كانوا سيأخذون في الاعتبار فقط مصالحنا الأمنية، التي كنا نتحدث عنها سنويًا وعلى مدار عقود، لكنهم يتجاهلون ذلك تمامًا".
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.