لبنان ٢٤:
2025-02-17@06:57:25 GMT

إيعازٌ حكوميّ حول ملفّ فرز العناصر الأمنيّة

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

إيعازٌ حكوميّ حول ملفّ فرز العناصر الأمنيّة

كتب مجد بو مجاهد في" النهار": يولي مجلس الوزراء اللبنانيّ أهمية متسارعة لضرورة إيجاد حلول للملف الخاصّ في كيفية فرز العناصر الأمنية والآليات العسكرية الموضوعة بتصرّف شخصيّات خلافاً للقانون، بعدما أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قراراً جديداً هادفاً للعمل على إنهاء هذه المسألة التي لا تزال تحتاج البحث في ترتيب مضامينها النهائية رغم كلّ الإيعازات السابقة التي لم يسبق أن عجّلت الاستجابة الضرورية.

ماذا في الأسباب التي سرَّعَت وتيرة إصدار ما يحبّذ متابعون حكوميّون اعتباره بمثابة "إنذار نهائي" أعربت عنه رئاسة الحكومة بعدما كانت وجّهت نداءات سابقة هادفة للحدّ من الفوضى الناشبة على نطاق كيفية فرز العناصر الأمنية؟ حرصت رئاسة الحكومة على تأكيد ضرورة التوصل للحلول التنظيمية في هذا الملف، بعدما كانت حذّرت من مغبّة الإبقاء على العشوائية الحاصلة، فيما يقول المتابعون الحكوميون لـ"النهار" إنّها "فوضى تسبّب بها رئيس جهاز أمن الدولة الذي أخذ على عاتقه تكثيف عديد العسكريين الذين فرزوا لمصلحة بعض الشخصيات من دون احترام ما ينصّ عليه القانون رغم كلّ الإيعازات التي كانت وجّهت في مرحلة سابقة من دون أن تلقى صدى أو تغييراً في الأداء الفوضويّ. والحال هذه، اضطر رئيس الحكومة لإرسال كتاب رسميّ جديد بعد كلّ النداءات السابقة للتأكيد على عدم إمكان الإبقاء على الأوضاع الحالية. ولا تعتبر الخطوة التي اتّخذها ميقاتي مفاجئة، إنما تأتي نتيجة تراكمات بعد مراسلات كانت توجّهت بها الحكومة اللبنانية منذ مرحلة تشكيلها".   ثمة معضلة حقيقية باتت تعاني منها الدولة اللبنانية بسبب الفرز العشوائي للعديد إضافة للآليات التي وضعت أيضاً في حوزة بعض الشخصيات على حساب الخزينة اللبنانية من دون أن تكون هناك قدرة لدى الدولة على تحمّل التبعات الماديّة وسط تراكمات سابقة لا يمكن تحمّلها مع ضرورة الحسم النهائي. وقد طلبت الحكومة اللبنانية في السياق أن تحصل على المعطيات حول كيفية فرز العديد وطريقة توزيع العسكريين بما يشمل بعض الشخصيات التي منها لا علاقة لها في العمل السياسيّ أو لا تحوز مقعداً نيابياً أو وزارياً في المرحلة الحالية. في استنتاج المتابعين الحكوميين، إنّ "الكتاب الذي وجّهته رئاسة الحكومة هو بهدف وضع الملف على سكّة الحلّ بعد كلّ النداءات السابقة التي أغفلت في ظلّ عدم احترام للقانون واستخفاف البعض بالدولة اللبنانية".
والجدير ذكره، أنّ الكتاب الذي وجّهه رئيس الحكومة إلى وزارة الداخلية أكّد أهمية سحب العسكريين الذين فرزوا بطريقة غير قانونية سواء كانوا يتبعون إدارياً لمديرية حماية الشخصيات أو لأي إدارة فيها مع الإشارة إلى أنه في حال وجود استثناءات قد تفرضها الأسباب والأوضاع الأمنية لا بدّ أن تعرض على مجلس الأمن المركزي لإجراء المقتضى بشأنها ويبلّغ عنها إلى رئاسة مجلس الوزراء.   وطلبت رئاسة الحكومة إعداد تقرير شامل ومفصل يتضمن جميع الشخصيات المعنية والضباط والعناصر والآليات الموضوعة بتصرفها مع بيان السند القانوني المبرّر في مهلة أقصاها شهر.
لم تتغيّر حال المراوحة في الملف الخافت رغم تداوله بكثرة في الإعلام اللبنانيّ، فإذا به يحتاج البحث عن سبل جذرية رغم أسلوب التغافل عنه أو محاولة رميه خارج صلاحيات البعض. وقد اتخذت رئاسة الحكومة قراراً أكثر حزماً من ناحيتها، وسط المتابعة الإعلامية الحثيثة للموضوع ونتيجة عدم قدرة الدولة اللبنانية على تحمّل مصاريف إضافية خصوصاً أن لديها معطيات عن فرز عشرات العناصر لمصلحة بعض الوزراء السابقين رغم تراجع العديد والحاجة للتطويع الأمني وتدني الرواتب. ولا تنحصر الفوضى في فرز العناصر، إنما هناك فوضى تنظيمية للتشريع بعدما كان لاقى المرسوم 9785 الذي أعدّ في آب 2022 اعتراضات بما أدّى إلى عدم نشره في الجريدة الرسمية حينذاك وعدم العمل به. وأبقيَ على المرسوم السابق 2512 لناحية كيفية تنظيم مرافقة وحماية الشخصيّات أو المراجع، لكن ثمة استفهامات يطرحها خبراء قانونيون حول هذه الفوضى التنظيمية للتشريع طالما أنّه كان حصل إعداد مرسوم آخر وإن لم ينشر. إلا أن الإشكالية قديمة ولا ترجع للعام 2009 سنة إصدار المرسوم 2512، إنما بدأت عام 2005 نتيجة الاغتيالات ما أدى إلى تأمين الحماية للصحافيين والسياسيين والمقرّات الحزبية إضافة للشخصيات الرسمية. ثم جرت محاولات تنظيميّة ووضعت معايير وجداول.   ساهم انخفاض العديد والقدرة المادية المحدودة للدولة اللبنانية في البحث عن حلول سريعة. ولا يمكن معرفة العدد الكليّ للعسكريين الذين فرزوا للحماية الأمنية حالياً قبل أن يتقدّم كلّ جهاز بالتقرير الذي طلبته الحكومة. لا يمكن إغفال الوضع المالي الخافت للأجهزة حتى في حال قرّر أي جهاز الانفاق من نفقاته الخاصة. حتى أن النفقات السريّة للأجهزة الامنية التي تعتبر طريقة إنفاقها والجهات المستفيدة منها غير معروفة ولا تخضع لرقابة مالية أو إدارية قد تراجعت بشكلٍ كليّ بعد مرحلة الانهيار الاقتصاديّ. وبحسب دراسة حديثة لـ"الدولية للمعلومات" فإنّ النفقات وفقاً لسعر صرف الدولار وصلت عام 2018 إلى 31.8 مليون دولار وإذا بها تنخفض عام 2024 إلى 1.379 مليون دولار فقط، بعدما بلغت قيمة النفقات السرية للأجهزة الأمنية في مشروع قانون موازنة 2024 حوالي 122.7 مليار ليرة لكنّ قيمتها لا تزال مضمحلّة نتيجة التدهور الحاصل في سعر الصرف.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: رئاسة الحکومة

إقرأ أيضاً:

الهُوِيَّة الوطنية.. رسوخ وثبات

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

 

تُمثِّل الهُوِيَّة الوطنية بمفهومها البسيط السمات والخصائص التي تميز كل أمة عن غيرها، وتترجم هذه الهُوِيَّة بالانتماء، وهو ما يُمثِّل أهمية بالغة في تقدم الأمم وازدهارها وتطورها، وبدون هذه الهُوِيَّة المميزة تفقد كل أُمَّة معنى وجودها واستقرارها ويصبح حالها والعدم سيان، وترتكز الهُوِيَّة الوطنية لأي أمة على ثوابت تقوم عليها وتستمد منها عوامل الاستمرارية والقوة والاستقرار، وبفقدان هذه العوامل تذوب الأمة وتنصر وتختفي، وفي التاريخ شواهد كثيرة لأمم كانت حضارات عريقة ولكنها انتهت عندما فقدت هُوِيَّتها والتي هي مصدر قوتها.

والهُوِيَّة الوطنية تتشكل من خلال العديد من العناصر مجتمعة، وينبغي الحرص على تقوية هذه العناصر وجعلها غير قابلة للمساس، ويجب ألّا يتم التعامل معها كحالات ومكونات عادية، بل يلزم وضعها في مكانتها الخاصة الحقيقية، وهذه العناصر عندما يتم التعامل معها وفق المنظور السابق فهي تشكل قوة الأمم وهُوِيَّتها ومصدر وجودها واستمراريتها، وهي عناصر مشتركة في أي أمة على مر التاريخ، فلا تقوم الأمم إلا بوجودها ولا تنتهي إلّا بزوالها وفقدان قوتها ورمزيتها ومعناها الأساسي.

يقول الفيلسوف وعالم الرياضيات الألماني غوتفريد لايبنتز "لا يوجد شيئان مختلفان ومنفصلان، يشتركان مع بعضهما بالخصائص والصفات نفسها"؛ فالهُوِيَّة بعواملها وعناصرها هي تمييز شيء عن شيء وأمة عن غيرها رغم تشابه المقارنات، وعندما نذهب بالحديث عن هذه العناصر سوف نرى معنى هذا القول؛ حيث تمثل اللغة والتاريخ أحد أهم عناصر الهُوِيَّة الوطنية، ويشكلان معًا البعد الثقافي في هُوِيَّة كل أمة، ومع الدين تشكل هذه العناصر حجر الأساس لهُوِيَّة المجتمع والإنسان، فلا انتماء موحد لأمة إلّا إذا كان لها تاريخ عميق ترتكز عليه وتستمد إرثها منه ولا هُوِيَّة دون لغة واحدة ترسخ الانتماء الوطني ودين يجمع مكونات الأمة.

ويأتي العنصر السياسي والاقتصادي كأحد مكونات الهُوِيَّة الوطنية؛ حيث تقوم هذه العناصر بمثابة المحرك الأساسي لتحقيق التنمية المستدامة وخلق الاستقرار والازدهار الذي يرسخ الانتماء ويعزز عناصر الأمن ومبادئه والأمان بكل مجالاته، والأمم التي تنجح في خلق استقرار سياسي واقتصادي تنجح في ترسيخ مفهوم الانتماء والولاء للوطن وتعزز من الشعور بالوحدة الوطنية والمصير المشترك والشراكة الفعلية في رسم هذا المصير والتفاعل مع التغييرات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي الذي يجعل من المستقبل مصدر قوة للأجيال وضمان استمرارية التنمية وتحقيق الأهداف المرسومة.

ويأتي الموقع الجغرافي كأحد عناصر الهُوِيَّة الوطنية لما له من أهمية في نواح متعددة، فالموقع الجغرافي يؤدي دورًا مهمًا في نوع وشكل التحالفات الإقليمية والدولية، وهو عامل أساسي في نوع النشاط الاقتصادي الممارس والدور السياسي الذي تلعبه الدول، ومن خلاله تتشكل العلاقات وتتنوع. ومن خلاله يمكن الاستفادة من عناصر القوة التي يوفرها وعن طريقها تتبلور عوامل القوة الناعمة التي تجعل من الفرد والمجتمع أكثر قدرة على استشعار قيمة الوطن وما يوفره له من قدرات وإمكانات وفرص، وهو ما يعزز جوانب الانتماء والارتباط، فالأرض التي يولد بها الإنسان تظل راسخة في ذاته مهما ابتعد عنها، وهي عنصر من عناصر تشكيل شخصيته وسماته.

وتمثل الحقوق والواجبات أحد عناصر الهُوِيَّة الوطنية المهمة، فالإنسان اجتماعي بطبعه كما قال ابن خلدون، وهو متفاعل مع غيره من البشر ومع مكونات بيئته، وحتى يكون هذا التفاعل وفق إطار وسياق متناغم لا بد من حفظ الحقوق والواجبات والتي من خلالها تتشكل حدود الحريات، فإدراك الفرد لواجباته هو الأساس في بناء مجتمعات حضارية متطورة، ومن مبادئ حفظ الحقوق والإقرار بالواجبات يكون الانتماء ويتعزز الولاء، فالدول التي يكون فيها المجتمع حافظًا لحقوق الفرد ويكون الفرد عالمًا بواجباته وحدود حريته الخاصة وتقاطعها مع الحرية العامة لا تتنازع أفراده تيارات الفتنة والشقاق والصراعات التي تعصف بالمجتمعات والدول التي تغيب عنها قيم العدالة والمساواة والحرية.

وفي مجتمعنا والحمد لله تتكامل هذه العناصر جميعها لتشكل هُوِيَّتنا الوطنية التي ميزتنا عبر الزمان، هذه الهُوِيَّة التي جعلت من سلطنة عُمان دولة حضارية يشهد لها القاصي والداني، هذه الهُوِيَّة التي ترتكز على تاريخ عريق وتراث ثقافي وتمكن سياسي ومقومات اقتصادية ومنظومة رصينة من القوانين والتشريعات التي حفظت الحقوق والواجبات، ولذلك لا بد من الحفاظ عليها وترسيخها لدى الأجيال لتتوارثها وتنقلها إلى الأجيال القادمة، ولهذا فمسؤولية غرس قيم الهُوِيَّة الوطنية، واجبة على المؤسسات المعنية وخاصة مؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات التعليم بكل أنواعها.

ولأن هذه الهُوِيَّة بُنِيَت على أساس الاحترام والتقدير والتوقير، فإن احترام الكبير جزء رئيسي من الهُوِيَّة الوطنية، والكبير هنا كل من يمثل قمة الهرم في البناء الاجتماعي وبناء الدولة من أب وشيخ كبير وعالم وحاكم. وإذا كان احترام كل كبير هو جزء من هُوِيَّتنا فكيف إذا كان هذا الكبير هو رأس الدولة، فهُنا يكون هذا الاحترام أوجب الواجبات وأول الأولويات، وما نشاهده من بعض المُغرَّر بهم لا يمُت إلى هُوِيَّتنا الوطنية بصلة، ولا إلى أخلاق مجتمعنا، الذي يرفض كل ذلك وينبُذ من يتجاوز هذه الحدود ولا يقبله، وهذا أمر طبيعي في مجتمع عُرف عنه رسوخ المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة.

لا ريب أن ذات الحاكم مُصانة لأنه يمثل هرم هذا البناء، وهو من يحفظ وحدة الوطن وأمنه، وهو الرمز الذي تسير على نهجه الأمة، وهو العنصر الرئيس في تشكيل هُوِيَّة وطنية تتكامل معها باقي العناصر.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالًا من رئيس الحكومة اللبنانية
  • وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالاً من رئيس الحكومة اللبنانية
  • مجلس النواب يستمع إلى رسالة الحكومة بشأن مشروع قانون رئاسة الوزراء
  • وزير الخارجية يتلقى اتصالا من رئيس الحكومة اللبنانية
  • حزب الله يدعو الحكومة اللبنانية لإلغاء قرار منع الطائرات الإيرانية في بيروت
  • المملكة تعرب عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن مواطنيها
  • رئيس الحكومة اللبنانية: سلامة مطار بيروت فوق كل اعتبار والأجهزة الأمنية ستتصدى لأي محاولة لغلق الطرق
  • شاهد | الحكومة اللبنانية تخضع لإملاءات العدو الصهيوني
  • رئيس الحكومة اللبنانية: لن نتسامح في الإخلال بأمن مطار بيروت
  • الهُوِيَّة الوطنية.. رسوخ وثبات