استطلاع: غالبية الأميركيين يرفضون حرب إسرائيل على غزة
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
كشف استطلاع حديث أجرته مؤسسة غالوب معارضة أكبر بين الأميركيين للحرب الإسرائيلية في غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 32 ألف شخصا في غزة معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وبدأت الحرب في غزة بعد السابع من أكتوبر بعدما هاجمت حماس مستوطنات إسرائيلية مجاورة للقطاع أسفرت عن مقتل أكثر من 1160 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وأحتجاز نحو 250 رهينة، بحسب حصيلة أعدتها فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأكد نحو 55 في المئة من الأميركيين المستطلعين أنهم لا يوافقون على الإجراءات الإسرائيلية، فيما أعرب 36 في المئة عن تأييدهم للعمليات الإسرائيلية.
وتمثل هذه الأرقام تغييرا كبيرا في نسبة تأييد الأميركيين للإجراءات الإسرائيلية والتي كان يدعمها 50 في المئة على الأقل بحسب استطلاع أجرته المؤسسة ذاتها في نوفمبر الماضي، فيما أبدى 45 في المئة رفضهم للإجراءات الإسرائيلية العسكرية في غزة.
هل تؤيد أم ترفض العمل العسكري الإسرائيلي في غزة؟. غالوبوأجرت غالوب استطلاعها الأخير خلال مارس الجاري قبل إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يدعوا إلى وقف إطلاق النار خلال رمضان، فيما تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة حيث أصبح غالبية السكان على حافة المجاعة بحسب الأمم المتحدة.
ويقول 74 في المئة من الأميركيين المشاركين في الاستطلاع إنهم يتابعون أخبار الحرب في غزة، فيما يشير 34 في المئة إنهم يتابعون الحرب عن كثب.
وتراجع الدعم لما تفعله إسرائيل في غزة حتى على صعيد المجموعات الحزبية في الولايات المتحدة، إذ لا يزال الجمهوريون يؤيدون الجهود العسكرية بنسبة 64 في المئة، ما يظهر تراجعا عما كانت عليه النسبة في استطلاع نوفمبر، والتي كانت 71 في المئة.
وأعرب نحو 75 في المئة من الديمقراطيين عن رفضهم للإجراءات الإسرائيلية، فيما قال 48 في المئة من المستقلين إنهم يرفضون الإجراءات الإسرائيلية.
وتشير غالوب إنه مع استمرار الحرب تتراجع الآراء الإيجابية من الأميركيين تجاه إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولكن مثل العديد من القضايا في الولايات المتحدة يظهر التباين على أساس المجموعات الحزبية.
وقبل نحو أسبوع أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن الأميركيين الشباب أكثر انتقادا من غيرهم من المواطنين للحرب التي تشنها اسرائيل في غزة، وسط انقسام الرأي العام الأميركي بشكل عام حول طريقة تعامل الرئيس الأميركي، جو بايدن مع الأزمة، وفقا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.
ضربات إسرائيلية شديدة على غزة.. ومعارك قرب 3 مستشفيات قتل عشرات الفلسطينيين، الأربعاء، في قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة، المحاصر والمهدد بالمجاعة، فيما دارت اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حركة حماس بالقرب من ثلاثة مستشفيات.ومن بين الأميركيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، قال 46 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع إن الطريقة التي تنفذ بها إسرائيل ردها على هجوم 7 أكتوبر غير مقبولة، بينما قال 21 في المئة فقط إنها مقبولة، وأجاب الباقون أنهم غير متأكدين.
وتباينت آراء الشباب تقريبا عن الأميركيين الأكبر سنا، اذ أيد 53 في المئة من الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق الرد الإسرائيلي ووصفه 29 في المئة منهم بأنه غير مقبول.
ويعد بايدن (81 عاما) نفسه من أشد المؤيدين لإسرائيل وقد دافع بقوة عن حقها في الرد على هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس.
ورغم الدعم العسكري والدبلوماسي الذي يقدمه بايدن لإسرائيل، إلا أنه انتقد أيضا قادتها لعدم بذلهم الجهد الكافي لحماية المدنيين في قطاع غزة الذي تحكمه حماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی المئة من فی غزة
إقرأ أيضاً:
بوب وودوارد وخبايا حرب غزة
إذا كانت مؤلفات الصحفي الاستقصائي الأمريكي بوب وودوارد السابقة قد أثارت ضجة كبرى فور صدورها، وحققت نسبة أعلى المبيعات ليس في أمريكا فقط بل في العالم أجمع، فإنّ كتابه الأخير «الحرب» قد فعل الفعل ذاته. ورغم أنه صدر منذ شهر فقط عن دار «سايمون وشوستر» في 15 أكتوبر 2024، إلا أنّ ترجماته غير الرسمية انتشرت في العالم بكل اللغات، ومنها النسخة العربية التي تُرجمت فورًا عبر الذكاء الاصطناعي، فأتاح ذلك للقارئ العربي أن يلم بمواضيع الكتاب الرئيسية وهي: الحرب الأوكرانية، وحرب غزة، وكذلك حرب سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي فاز بها الرئيس دونالد ترامب.
يتضمّن الكتاب مجموعة من التحقيقات والتصريحات من داخل البيت الأبيض، وتصريحات القادة العرب لوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن بعد السابع من أكتوبر 2023. ويقول المؤلف إنّ كتابه يستند إلى مئات الساعات من المقابلات مع المشاركين والشهود المباشرين على الأحداث التي تناولها، وإنّ معظم هؤلاء سمح له بتسجيل المقابلات. كل ذلك يضفي أهمية على الكتاب، ولا عجب أن يكتب سايمون هندرسون زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «إذا كانت الجرائد هي المسودة الأولى للتاريخ، فإنّ كتابات بوب وودوارد هي المسودة الثانية، (..) يحلم مراسلو الصحف بتصريحات ولو مقتضبة من المسؤولين الكبار، أما كتاب الحرب لوودوارد فهو من دهاليز البيت الأبيض».
ما يهم القارئ العربي للكتاب (أو هكذا أتصوّر) الجزء المتعلق بالحرب على غزة، حيث يتناول المؤلف «طوفان الأقصى» وكواليس لقاءات وزير الخارجية الأمريكي مع زعماء بعض الدول العربية في الجولة التي قادته إلى المنطقة في شهر أكتوبر 2023. ويرى المؤلف أنّ هذا «الطوفان» أظهر فشلًا مخابراتيًّا إسرائيليًّا، ولكنه في تقديمه سردية ما حدث، لم يزد عن ترديد الافتراءات نفسها التي انتشرتْ في بدايات الطوفان: «تدفق ثلاثة آلاف من مسلحي حماس إلى مجتمعات الكيبوتس، وأحرقوا المنازل وذبحوا عائلات بأكملها، بمن في ذلك الأطفال والرضّع في مهودهم وأسرّتِهم ذات الطابقين، وقطعت رؤوسهم وأوصالهم وأحرقتهم أحياء (..) كما ارتكب مسلحو حماس أعمال عنف جنسي وحشية ضد النساء بما في ذلك ربطهن بالأشجار واغتصابهن»!، وهو ما لم يستطع إثباته حتى الكيان الصهيوني نفسه الذي ارتكب فظائع مثل هذه عبر تاريخه.
ربما كانت أهم نقطة في الكتاب في رأيي هي موقف بعض القادة العرب من الحرب على غزة؛ فمجملُ ما سمعه أنتوني بلينكن منهم هو: «كان على إسرائيل ألا تأمن لحماس، وقد حذّرْنا نتنياهو من ذلك مرارًا؛ فحماس هي جماعة الإخوان المسلمين. (..) الجماعات الإرهابية لا تحاول القضاء على إسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين، ونحن قلقون من تداعيات ما تفعله إسرائيل في غزة على أمننا جميعًا، وما سيأتي بعد حماس قد يكون أسوأ، فداعش جاءت بعد القاعدة وهي أسوأ منها. (..) دعمت إسرائيل حماس لسنوات، وكانت عشرات الملايين تتدفق، ويجب عليها أن تهزم حماس، لن أقول ذلك علنًا، كان ينبغي عليهم التعامل مع السلطة الفلسطينية والعمل معهم. (..) يجب على إسرائيل ألا تدخل غزة بريًّا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها تقطع رقابهم. (..) يمكننا أن نمنح إسرائيل المساحة والوقت للقضاء على حماس، لكن يجب على إسرائيل أن تساعدنا أيضًا من خلال السماح بدخول المساعدات الإنسانية وإنشاء مناطق آمنة للتأكد من عدم قتل المدنيين، بجانب السيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية. (..) لا ينبغي إيقاف الحرب حتى استئصال حماس من غزة».
وإذا كانت مواقف القادة الذين التقاهم بلينكن في جولته الشرق أوسطية مخزية، كما يبدو من هذه التصريحات، فإنّ على العكس من ذلك يظهر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان بمواقف قوية وصلبة ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته، ويفشل بايدن في فرض أيّ قرار عليه. ورغم الدعم العلني لإسرائيل، يُظهِر الكاتب إحباط بايدن الشديد من نتنياهو خلف الكواليس، ومن ذلك مثلًا أن سأل بايدن نتنياهو في إحدى المحادثات في أبريل 2024 بشكل مباشر: «ما هي استراتيجيتك؟». وعندما أصر نتنياهو على التوغل جنوب غزة، ردّ بايدن بحزم: «ليس لديك استراتيجية»، ولاحقًا في شهر مايو، بعد إصرار نتنياهو على غزو رفح رغم التحذيرات الأمريكية، أبدى بايدن غضبه واصفًا رئيس الوزراء الإسرائيلي لمستشاريه بالكاذب، بل قال أيضًا إنّ معظم فريقه كذابون «ثمانية عشر من تسعة عشر كلهم كذابون». وقد رفض نتنياهو رفضًا تامًا إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وحتى عندما طلب منه بلينكن ذلك مشيرًا إلى أنّ الرئيس بايدن سيأتي لإسرائيل «ونحتاج أن نكون قادرين على الإعلان قبل مجيئه بأنكم ستسمحون بدخول المساعدات الإنسانية»، رد نتنياهو بنبرة غاضبة: «تعلمون أنّ هذا سيكون خطأ كبيرًا. لقد تعرّضَت هذه البلاد لهجوم. يجب ألا يُعتبر مجيء الرئيس بمثابة زيارة لمساعدة الفلسطينيين، إنه هنا للوقوف مع إسرائيل. لا ينبغي أن تكون زيارة لمساعدة الفلسطينيين». وبالفعل حدثت الزيارة دون أن يضطر نتنياهو لتقديم أيّ تنازل عن مواقفه أو التزحزح عنها قيد أنملة، وهو ما حدث فيما بعد أيضًا في جنوب لبنان عندما اعتزم الكيان الصهيوني القضاء على قيادات حزب الله. ينقل وودوارد عن وزير الخارجية الأمريكي أنه التقى بنتنياهو صباح 16 أكتوبر 2023، وطلب منه السماح بدخول المساعدات الإنسانية لغزة، لكن نتنياهو انفجر غاضبًا رافضًا الفكرة تمامًا وقال: «الشعب الإسرائيلي لن يتسامح مع تقديم مساعدات لهؤلاء النازيين، إذا لم نكن قد دمّرنا حماس بالكامل». وكان رد بلينكن أنّ إدخال المساعدات الإنسانية هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به وهو «في مصلحتكم»، لكن هذا الرفض لم يمنع بلينكن من زَف البشارة لنتنياهو ومن معه في ذلك الاجتماع بإخباره كلَّ ما سبق أن سمعه من القادة العرب: «منذ آخر لقاء لنا، سافرنا في المنطقة، التقينا بأصدقائكم وأشخاص ليسوا أصدقاء، لكنهم ليسوا أعداء لكم. والشيء الوحيد الذي سمعناه مرارًا وتكرارًا هو أنهم يدعمون ما تقومون به، يدعمون هزيمة حماس. قد لا يستطيعون قول ذلك علنًا، لكنهم يدعمونكم فيما تفعلون. يريدون الاستقرار. لا يوجد حب ضائع بين أيِّ من هذه الدول وحماس».
ما كشفه بوب وودوارد عن مواقف القادة العرب من حماس، هو في الواقع معروف من قبل، وسبق لكثير منهم أن أعلنوا عنها، لكن الجديد في هذا الكتاب أنها موثقة بالأسماء والتواريخ ومنقولة من مصادر ثقة، بما يعني أنها ستبقى مواقف تاريخية تشهد على أصحابها وتذكّر الشعوب العربية ببيت معروف الرصافي:
لا يخدعنّك هتافُ القومِ بالوطنِ / فالقومُ في السرّ غيرُ القومِ في العلنِ.
شغلت بالي نقطة - وأنا أقرأ الكتاب - هي عن الإخوان المسلمين؛ فحسب وودوارد تضمنت كلُّ لقاءات وزير الخارجية الأمريكي مع قادة المنطقة، مطالبات بتدمير حركة حماس لارتباطها التاريخي بجماعة الإخوان، فما الداعي إلى الوقوف مع العدو وقوفًا معلنًا - رغم كلِّ جرائمه وخطورته - ضد جماعة يمكن احتواؤها؟!
يتعلل البعض بأنّ الأنظمة العربية اهتمت بالوضع الإنساني في غزة، ولكن من يقرأ الكتاب يصل إلى استنتاج أنّ هذه الأنظمة تريد من الكيان الصهيوني أن يتحلى «بالإنسانية» حتى يسمح ذلك بعد القضاء على المقاومة بالهرولة إلى التطبيع، وهذا ما أشارت إليه أمريكا وكذلك الدول العربية حيث أكد أحدُ قادتها تمسكه بالتطبيع، رغم كلِّ المآسي والمجازر التي حصلت من قبل الكيان.
يبقى أنّ بوب وودوارد أحرج في كتابه «الحرب» بعض الأنظمة العربية أمام شعوبها. ومن ذلك ما جاء على لسان أحد قادة المنطقة: «يجب على الإسرائيليين أن يتعلموا شيئًا نعرفه في العالم العربي؛ خذ وقتك في الانتقام.. كن صبورًا.. إنه نهج أفضل». ولكن مهما صار من أمر، فإنّ ما قاله أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي لمجلس الحرب الإسرائيلي خلال إحدى رحلاته لتل أبيب من أنّ «حماس فكرة، ولا يمكنك تدمير فكرة»، سيبقى حقيقة، حتى وإن خذل العرب حماس والمقاومة. والسؤال المطروح هو: هل ستنسى الشعوب هذه المواقف المتخاذلة؟!