تظاهرات وإدانات بـ «كاودا» احتجاجاً على مقتل «11» طفلاً و معلمين بطيران الجيش السوداني
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
أدانت السلطة المدنية بجبال النوبة بمنطقة «كاودا»، التابعة للحركة الشعبية – شمال، جنوب غربي السودان، مقتل 11 تلميذا ومعلمين اثنين بمدرسة الهدر الابتدائية بمقاطعة دلامي.
الخرطوم ــ التغيير
و كان قد أصيب أكثر من 46 طفلا آخرين خلال الحادث عندما أسقطت طائرة حربية تابعة للقوات الجوية السودانية ثلاثة قنابل على مبنى المدرسة والحي التابع له في الرابع عشر من مارس الجاري.
ودعا داود أشعيا الفول، نائب حاكم المنطقة، المتظاهرين إلى الوقوف صفا واحدا مع أهالي القتلى، وقال إن مثل هذه الحوادث تكررت عدة مرات في جبال النوبة.
و أعتبر أن حكومة الخرطوم تمارس هذه التصرفات لإثارة الخوف بين السكان المدنيين لمنعهم من دخول المناطق المحررة بمنطقة جبال النوبة.
وأضاف: “نحن في المنطقة ندرك أن هذه الرسائل تهدف إلى منع الأطفال من الذهاب إلى المدارس، ولكننا نشجع الآباء على مواصلة إرسال أطفالهم إلى المدرسة لتلقي التعليم.”
ونصح أشعيا المعلمين ومديري المدارس بتحمل اللحظات الصعبة التي تحتاج إلى قرارات جادة بشأن كيفية المضي قدما في التعليم.
ودعا المجتمع الدولي، إلى الوقوف ضد هذه الأعمال التي تؤدي إلى قتل المدنيين الأبرياء وأطفال المدارس.
من جانبه قال هاشم عبد الله، الأمين العام للحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال، إن القصف الجوي ترك جميع المنازل في المنطقة في حالة حزن بسبب مقتل مدنيين أبرياء. وأضاف أن الأطفال المتوفين كانوا يمثلون مستقبل السودان.
وأوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها هذه الحادثة، فقد حدث عام 2000 أن قصف الجيش مدرسة سانت فنسنت فيري الابتدائية في كاودا، وأدى القصف إلى مقتل أطفال من المدرسة ومعلمين.
وأشار إلى أن قصف المدارس والطلاب تكرر أيضا في عام 2015. وأضاف “قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء جريمة ضد الإنسانية”.
وقال عمار أمون دلدوم، السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، إن القصف الأخير الذي قامت به القوات الجوية السودانية هو جريمة ارتكبتها حكومة السودان ضد السكان المهمشين في جبال النوبة.
وأضاف: “الحكومة السودانية تقتل الأطفال والمسنين والنساء وغيرهم من الأشخاص في منطقة جبال النوبة التي قامت بتهميشها على مدى السنوات الـ 69 الماضية”.
وقال حامد مأمون إسماعيل، طالب مدرسة المسحة الثانوية، إنهم تظاهروا ليقولوا للعالم أن ما فعلته حكومة السودان بقتل الأطفال في المدارس هو عمل إجرامي.
وتابع: “نحن هنا بسبب مقتل أطفال المدارس في الهدرا، وندين الحادث ويجب عدم قصف المدارس في جبال النوبة بالقنابل”.
وشاركت في التظاهرة أمانات الإدارة المدنية بجبال النوبة المختلفة بما في ذلك أمانات التعليم والإعلام ورعاية الطفل والحكم المحلي والهندسة والزراعة وغيرها، وجمعيات الشباب والنساء.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني: بين الواقع والمأمول
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة
الصراع السوداني الممتد يمثل أحد التحديات الأعقد في تاريخ البلاد الحديث، حيث تشابكت الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وبرزت مطالب عاجلة للسلام والاستقرار. ومن بين القضايا المطروحة اليوم بإلحاح من قِبل إدارة الرئيس الأمريكي بايدن هي إمكانية دمج ما تبقى من قوات الدعم السريع في الجيش السوداني بهدف إنهاء النزاع وتحقيق الاستقرار. يطرح هذا الطرح تساؤلات عدة، بين جدلية الاندماج وتأثيره على النسيج الوطني، مرورًا بمسألة المحاسبة والعدالة، وصولاً إلى مواقف الإسلاميين والقوى السياسية والعسكرية التقليدية، ومدى قبول السودانيين أنفسهم لهذه الخطوة بعد كل هذه البشاعات التي قامت بها هذه المليشيات متعددة الجنسيات..
الأبعاد الجدلية لعملية الدمج
قوات الدعم السريع ليست مجرد تشكيل عسكري عادي؛ فهي تتسم ببنية إدارية وتاريخ خاص له ارتباطات مع محاور* ذات أحلام وأمال عراض في موارد السودان وأراضيه وموانئه، نشأت أصلاً كقوة مسلحة شبه مستقلة تحت قيادة منفصلة تحت امرة الرئيس المخلوع البشير كقوات باطشة ومؤمنة للرئيس لضمان حمايته وبقاءه في السلطة، مما أكسبها مكانة فريدة من نوعها، ولكنها مثيرة للجدل داخل الأوساط السودانية. ولعل العامل الأكثر تعقيدًا في عملية دمج هذه القوات هو تاريخها المرتبط بنزاعات عنيفة وارتكاب انتهاكات جسيمة في دارفور وأماكن أخرى، حيث أُلقي على عاتق هذه القوات جرائم كبرى تُصنف تحت بند جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية..
إن مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني تتطلب، بلا شك، حلاً جذريًا لهيكلية هذه القوات وإعادة تنظيمها بما يضمن ولاءها التام للمؤسسة العسكرية الوطنية، وتحت قيادة مركزية موحدة. يرى البعض أن الاندماج قد يكون سبيلًا لإنهاء النزاعات الداخلية وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات الأمنية. لكن في المقابل، يعتبر آخرون أن أي خطوة نحو دمجها دون محاسبة واضحة وشفافة ستكون تضحية بقيم العدالة وسيادة القانون.
موقف السودانيين ومسألة احقاق العدالة
يشكل الرأي العام السوداني عاملًا محوريًا في تحديد ملامح هذا الدمج. فالشعب السوداني الذي عانى من سنوات من القمع والحرب والانتهاكات، يطمح إلى تحقيق العدالة قبل السلام. والمحاسبة، في نظر الكثيرين، هي شرط أساسي قبل التفكير في إدماج أي طرف متورط في انتهاكات حقوق الإنسان في نسيج الجيش الوطني.
ومما لا شك فيه أن الإصرار على تحقيق العدالة قد يؤدي إلى صعوبة تطبيق خيار الدمج، فالمواطنون السودانيون لا يرغبون في رؤية من ارتكبوا الجرائم بحقهم وقد انضموا إلى المؤسسة العسكرية دون خضوعهم للمساءلة. ويرى كثيرون أن تجاهل هذه النقطة قد يؤدي إلى فقدان الثقة الشعبية في الجيش كمؤسسة، مما يعرقل تحقيق الاستقرار المنشود.
موقف الإسلاميين والمؤسسة العسكرية
المشهد السياسي السوداني يسيطر عليه توازن حساس بين القوى المدنية والعسكرية والإسلامية. يتجلى موقف الإسلاميين بشكل خاص في النظر إلى قوات الدعم السريع كمنافس وتهديد، بل ويسعى بعضهم إلى تفكيك هذه القوة، في حين يحاول الجيش أن يستعيد دوره التاريخي في حفظ النظام والأمن.
أما الجيش السوداني، فإن خيار الدمج قد يعزز من سيطرته على الوضع الأمني في البلاد، لكنه أيضًا قد ينطوي على تحديات كبرى، خاصة إذا لم يلتزم قادة الدعم السريع بالهيكلية العسكرية الوطنية وبالقوانين المنظمة لعمل الجيش. إن المؤسسة العسكرية السودانية، التي كانت في يوم من الأيام تمثل العمود الفقري للأمن القومي، تجد نفسها اليوم في وضع حرج، يتطلب منها توخي الحذر في التعامل مع أي قوة عسكرية ذات توجهات أو قيادات مستقلة، لتجنب أي انشقاقات مستقبلية.
خاتمة: معادلة السلام أم تسوية سياسية؟
في النهاية، يبدو أن دمج قوات الدعم السريع او اياً من الحركات المسلحة في الجيش السوداني يمثل معادلة معقدة تحتاج إلى توازن دقيق بين تطلعات السودانيين للسلام وضرورة المحاسبة. وعلى القوى الوطنية السودانية والقادة العسكريين أن يتبنوا خطوات صارمة نحو
ضم او الحاق أي فصيل مسلح يحتكم لأسرة في حالة الدعم السريع او لقبيلة او منطقة في حالة بعض حركات الكفاح المسلح لضمان عقيدة جيش الدولة بعيداً عن الاستقلالية الفردية والولاءات الجانبية. فإذا أُحسن التعامل مع هذا الملف بعد التحقق من السودانوية (الجنسية) ، قد يكون الدمج و التسريح خطوة نحو تعزيز الأمن الوطني وتوطيد الاستقرار.
*المحور المقصود هنا هو دولة الامارات العربية المتحدة
quincysjones@hotmail.com