القائد يذكر: الجهاد فريضة الزامية تم تعطيلها، واليمن انموذج معاصر يثبت جدوائيتها
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
26 سبتمبر نت: كتب/ علي احمد جاحز |
في محاضرته الليلة ركز السيد القائد على ابراز الجهاد كفريضة و ركيزة اساسية من ركائز نجاح ونجاة الامة التي يفترض انها تحمل رسالة الاسلام ومكلفة بحمل مهمة الاستخلاف العظيمة، وعلى سبيل التهيئة لطرح الموضوع استرسل القائد في استعراض واقع الامة وما تواجهه من مخاطر، وصولا الى اثبات حاجتها ان تتحرك في اقامة الفريضة الجهادية، هل الجهاد فريضة وحسب!؟
ليس هناك ادنى شك في ان الجهاد فريضة، فالقرآن اعطى مساحة واسعة للحث على فريضة الجهاد، بل انه حث عليها اكثر من اي فريضة، فهناك اكثر من 500 اية تحث على الجهاد، وتثبت الزامية الجهاد، ومثلما جاءت ايات تنص انه كتب الصيام والصلاة فقد جاءت ايات تنص انه كتب القتال والجهاد.
لم يتوقف السيد القائد عند اثبات الزامية الجهاد بل حرص على ان يبرز انه اهم فريضة واعلاها الزامية، فقد جعل الله الجهاد معيارا يبين مصداقية الايمان، ومن اوضح الادلة على ذلك ما جاء في الايات التي ردت على الاعراب في سورة الحجرات، يوضح سبحانه وتعالى ذلك في قوله: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَـمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَـمْنَا وَلَـمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَـمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)}
كما ان الجهاد شرط لدخول الجنة والامتحان الاهم الذي يؤهل الانسان لدخولها، وجاء لك في آيات ومواضع كثيرة منها ماهو على سبيل التحذير ومنها ماهو على سبيل الترغيب.
حيث انه في سياق التحذير والتنبيه الحاسم يقول تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَـمَّا يَعْلَـمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَـمَ الصَّابِرِينَ (142) من سورة آل عمران. وفي سياق الترغيب الذي يفيد الحتمية ايضا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَـمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) من سورة الصف
المتأمل يجد ان هذه ادلة واضحة وصريحة وسهلة الفهم والحتمية فيها قطعية حاسمة لاتقبل التأويلات والشبهات. وهذا يحيلنا الى خطورة ما حدث للامة من تجهيل وتضليلة وصل الى درجة ان يقدموا لنا اركان الاسلام وفرائضه بدون فريضة وركن الجهاد، وهذا التضليل كان هدفه الاول صرف الوعي عن كون الجهاد فريضة مكتوبة مثل الصلاة والصيام. لماذا نحن معنيون بالجهاد؟
لم يقف السيد القائد عند اثبات الزامية فريضة الجهاد، بل، اكد اننا معنيون بحمل راية الجهاد، فنحن امة لها رسالة وعليها مسؤولية ومنوط بها التصدي لجبهة الشر وهي رسالة الاسلام، وكأن السيد القائد يريد ان يؤكد ان الاسلام رسالة تجسد مهمة الاستخلاف في الارض بكل ما تحمله من قيم ومسؤوليات من تحرير وانقاذ ونشر للعدل والحق والخير وبناء واعمار وتشييد في الارض.
وفي سبيل نجاح هذه المهمة العظيمة لابد ان يكون ضمن ركائزها وعلى رأس مسؤولياتها الجهاد، باعتبار ان اعداء هذه المهمة وهم الشيطان واوليائه لا يقفون مكتوفي الايدي امام رسالة الاسلام والمهمة العظيمة الملقاة على عاتق من يحمل راية الاسلام، بل يتحركون لافشال تلك المهمة وبالتالي فان الجهاد ركيزة اساسية من ركائز نجاح تلك المهمة.
كما ان السيد القائد حرص على ان ينوه الى ان الجهاد لايمكن ان ينجح الا بتوفر مقومات من ايمان وزكاء و اعداد وتربية ووعي وتضحيات..الخ.
فوائد الجهاد ومخاطر تعطيله
هذه المرة استدعى السيد القائد سياق الفتوحات الاسلامية كشاهد على ما تحقق للامة من عزة ومجد ومنعة ورخاء، واعتبرها امتداد لما حققه رسول الله صلوات الله عليه وآله من انجازات وانتصارات وفتوحات من خلال اقامة فريضة الجهاد وتربيته للامة على الجهاد والتحرك الجهادي.
وكان ذلك الاستدعاء مدخلا اراد السيد من خلاله الوصول الى توضيح مخاطر تعطيل فريضة الجهاد، حيث اتضح في الحالة التي عطل المسلمون فيها الجهاد مدى مافقدوه في واقعهم، حيث خسروا العزة والقوة والقرار وترسخ في اوساطهم الذل والخوف، بل وصارت هذه الحالة سائدة في واقعهم فعلى المستوى التربوي نجد ان الناس فقدوا روحيتهم الجهادية لدرجة ان البعض لم يعد يستطيع ان يقوم بالمقاطعة.
والاهم والاخطر بين نتائج ترك فريضة الجهاد هو جراة الاعداء على الامة، وهذا ما اختصره السيد القائد في توصيفه للامة انها اصبحت كما يقال " مدفخة "، وهو توصيف شعبي يمني فسره بقوله ان الاعداء باتوا ينتهكون مقدساتها وكرامتها ويقتلون شعوبها ويدمرون مدنها .. وهم مطمئنون، وعمليا يتجه الاعداء للسيطرة على الامة ومقدراتها وقراراتها ويحتلون اوطانها ولايجدون اي تحرك لمواجهتهم. وخلص من هذا كله الى الدليل المعاصر الملموس على صوابية ما سبق وهو ما يجري في فلسطين وفي غزة هذه الايام من جرائم وانتهاكات وصلت حد الابادة، وكيف بدت مواقف الامة وتخاذل الدول والانظمة نتيجة تعطيل فريضة الجهاد، ووصف حالة الامة بالحالة الهابطة على المستوى النفسي التربوي، والى اي مدى تضررت الامة بسبب هذه الحالة وانعدمت الغيرة والحمية، ولم يفصل السيد القائد مظاهر وجزئيات تلك الحالة ، ففي الوقت الذي يحرص القائد على تذكير الناس بان القران اكد وحث على الجهاد كفريضة واعتبره شرطا للايمان ودخول الجنة وارشد الى الايات التي تؤمد الزامية الجهاد، وصلت حالة الامة الهابطة الى مستوى صدور فتاوى تحرم الجهاد وتتيح للحكام ان يعاقبوا من يدعوا اليها ولو مجرد الدعوة الى المقاطعة او مجرد الدعاء للمجاهدين في فلسطين. فاعلية موقف اليمن .. نعمة وفضل ومسؤولية: ليس من باب التباهي اختتام القائد محاضرته بالاشادة بموقف اليمنيين فهو فوق تلك الصغائر، بل يرمي الى ان يبرز فاعلية وجدوائية التحرك الجهادي من خلال التجربة اليمنية كنموذج ماثل للعيان ومثال معاصر، اذ بالفعل لم يعد خافيا ان اليمن صار انموذجا ناجحا، و انه باقامته فريضة الجهاد بامكانات بدات من الصفر وامام اعتى طغاة العالم وصل الى وضع متقدم من القوة والمنعة ووصل الى مرحلة متقدمة من الوعي والتحرك والمبادرة، وهذه نعمة كبيرة كما اكد السيد عدة مرات. وفي سياق حرصه على ان يبقى النموذج اليمني صادقا ومعبرا عن المعية الالهية، فان القائد مثلما اشاد بالموقف والنعمة، لم ينس ان يشير الى اهمية الشعور بالمسؤولية في الحفاظ على الموقف والاستمرار والتقدم فيه، وان في مقابل تلك الحالة المتقدمة وامام هذه النعمة التي حظي اليمن والشعب اليمني بالفضل من الله وما خصنا الله به من شرف حمل راية الجهاد، هناك ذنب كبير في حال التخاذل والتنصل عن المسؤولية، وهو ما يجعل من الاهمية بمكان الاستشعار الدائم للمسؤولية وكيف نبقى على استعداد دائم لنتحرك اكثر في هذا الاتجاه الجهادي المقدس، وهذا من شأنه ان يؤثر في الامة باي حال ان تتجه ذات الاتجاه الذي ثبت ولايزال يثبت جدوائيته وفاعليته.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: السید القائد فریضة الجهاد الجهاد فریضة ان الجهاد
إقرأ أيضاً:
” الحِكمة ” في مشروع الشهيد القائد
أينما تجد الحكمة تجد العقل، تجد التدبير الصحيح، تجد الأخلاق السامية، تجد المواجهة ضد الظالمين وعدم الاستسلام للمستكبرين … سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات..
فلا رقي ولا حضارة ولا عزة ولا كرامة إلا بوجود الحكمة واستخدامها في السير في هذه الحياة وفق المنهج الإلهي الذي رسمه لنا في كتابه الكريم الذي قال فيه(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شيء) .
وإذا ما فقدت المجتمعات الحكمة كانت الفرقة والشتات والجهل والتخلف والخنوع والاستسلام لأعداء الله تعالى
إن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – عندما تكلم عن الحكمة إنما تكلم عنها بالمفهوم الواسع وليس بالمفهوم الضيق، لأنه – رضوان الله عليه – كان يحمل هموم أمة يريدها أن ترتقي من التخوم إلى أعالي النجوم يريدها أن تنطلق وتتحرك بحركة القرآن الكريم كما كان نبيها العظيم – صلى الله عليه وآله وسلم – قرآناً يمشي على وجه الأرض، يتحرك بحركته، ويسير على منهجه (إن اتبع إلا مايوحى إليَّ)[الأحقاف:9] .
ولهذا قال الشهيد القائد- رضوان الله عليه – : ((الحكمة أن تكون تصرفاتهم حكيمة، أن تكون مواقفهم حكيمة، أن تكون رؤيتهم حكيمة … وقال – أيضاً- الحكمة هي تتجسد بشكل مواقف، بشكل رؤى، بشكل أعمال، هي تعكس وعياً صحيحاً، وعياً راقياً، تعكس زكاء في النفس تعكس عظمة لدى الإنسان ….)).
لقد انطلق الشهيد القائد في كلامه عن الحكمة من قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)[البقرة:269] .
والحكمة اسم لإحكام وضع الشيء في موضعه، والحكيم هو من تصدر أعماله وأقواله عن رويّة ورأي سديد…
يُقال: فلان من أهل الحكمة أي من أهل العلم والمعرفة والتبصر بحقائق الأمور وكنهها ….
والحَكَمَة (بفتح الحاء والكاف) هي في اللغة ما أحاط بحنكي الفرس وتُسمى بحَكَمَة اللجام وهي حديدته التي تكون في الفرس لإحكام لجامه وسميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد وتذلل الدابة لراكبها حتى تمنعها من الجماح ومنه اشتقاق الحِكمة- التي نحن في صدد الكلام عنها – لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل ومن المهانة والابتذال ومن الانحطاط في سفاسف الأمور وما يخل بالمرؤة والفتوة .
والحكمة المذكورة في قوله تعالى :(ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)[البقرة:129] ليس المراد بها السنة كما ذهب إليها المفسرون..
فقد استبعد الشهيد القائد هذا المعنى وقال رداً عليهم : ((إن الله تعالى قال في آية أخرى لنساء النبي ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ)[الأحزاب:34]، هل معنى ذلك أنهن يقرأن أحاديث في البيوت ؟ لا…)).
قلتُ: لايُعقل أن يكون المراد بالحكمة هي السنة في قوله ( و يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) وذلك لأمور كثيرة منها -إضافة لما ذكره الشهيد القائد -:
– أن الحكمة هي من القرآن وليس منفصلة عنه قال تعالى:(وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ..)[النساء:113] فالإنزال واحد، والحكمة هي من الكتاب مما يتلى على نساء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم – قال تعالى:(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) فهل الأحاديث كانت تتلى على نساء النبي – صلى الله عليه وآله وسلم-؟! مع أن الأحاديث بدأ تدوينها مع مطلع القرن الثاني للهجرة، قال ابن حجر في فتحه[ 1/ 277] : (( وكان ابن شهاب الزهري أول من دوّن الحديث على رأس المائة بأمر من عمر بن عبدالعزيز ))
– إن كلمة الحكمة مجردة عن إضافة الرسول أو النبي يعني لم يقل الله : “ويعلمهم الكتاب وحكمة النبي أو وحكمة الرسول وإنما قال:(ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) وأما واو العطف فهو مثل قوله تعالى:(وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ)[الحجر:87] فالسبع المثاني هن من القرآن وليس هن السنة !! .
– إذا كان المراد بالحكمة هي السنة فكيف نفهم معناها في قوله(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ..)[آل عمران:81] .
فهل الله آتى أنبياءه الأحاديث التي لم يتم تدوينها إلا في مطلع القرن الثاني الهجري والتي قام بتدوينها الزهري؟!
قال الشهيد القائد – رضوان الله عليه – : (( كلمة (حكمة) في القرآن الكريم لا تعني سنة إطلاقاً، رسول الله – صلى لله عليه وآله وسلم – مهمته هو أن يعلِّم الناس هذا القرآن بما فيه من آيات وهي: أعلام وحقائق في كل مجال تتناوله )).
قلت: من هذا نعلم أن المراد من ذلك المفهوم الواسع للحكمة حسب ما تكلم عنها الشهيد القائد وهي منبثقة من القرآن وهي أيضاً آيات من القرآن تمنح الإنسان الحكمة إذا ما أتمر بأوامر القرآن وانتهى عن نواهيه..
قال الشهيد القائد: ((القرآن الكريم فيه أشياء كثيرة تتجه نحو الإنسان لتمنحه الحكمة (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ)[الإسراء:39] كما قال في سورة الإسراء بعد أن ذكر عدة وصايا ثم قال (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ)….)).
وهذا يعني أن الوصايا هن آيات الحكمة لأنه تعالى قال عقبها: (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) .
وهذه حقيقة تفرد بها الشهيد القائد وغفل عنها العلماء، ولا أظن أحداً تفطن إليها ونحن فهمناها من مضمون كلامه -رضوان الله عليه – وإليك توضيح ذلك :
ذكر الله تعالى آيات في سورة الإسراء تشتمل على وصايا
وكل آية منها تبدأ بصيغة (لا تفعل) وبعضها تبدأ بصيغة (افعل) وهي الأقل :
– (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ….. وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا – وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ…
– وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ….
– وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا….
– وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ….
– وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ …..
– وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ…
– وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ …
– وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا…..)[انظر سورة الإسراء من آية 22 – 27 ]
ثم قال تعالى عقب هذه الوصايا (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) يعني أن هذه الآيات
– الوصايا – هي مما أوحى الله لنبيه من الحكمة …
كذلك قال الله تعالى في لقمان الحكيم(وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)[لقمان:12] ثم ذكر بعد هذه الآية وصايا لقمان لابنه وهي من الحكمة التي آتاها الله إياه :
_ (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ……
– يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ…
– وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا…
– وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ …)[انظر سورة لقمان من آية 13 – 19]
وهكذا كل آية تبدأ بصيغة (افعل) أو (لا تفعل) تدخل ضمن آيات الحكمة التي ذكرناها آنفا.
وآيات الحكمة هن المراد من الحكمة في قوله(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ..) ومن قوله (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ..) ومن قوله (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) وغيرها من الآيات التي تُعرف بالقرينة والسياق وهذه الآيات – الوصايا الحكيمة – تمنحك الحكمة كما أشار إلى ذلك الشهيد القائد.
نعم تمنحك الحكمة بالعمل بها بأن تأتمر بأوامرها وتنتهي عن نواهيها بل إن العمل بمنهجية القرآن هو من سيجعلنا كلنا حكماء لأنه (كتاب أُحكمت آياته.) .
قال الشهيد القائد – رضوان الله عليه-(( إنه _ أي القرآن _ في الأخير يجعل كل من يسيرون على وفق توجيهاته ويتثقفون بثقافته يُمنحون الحكمة، والعكس الذين لا يسيرون على ثقافة القرآن، لا يهتمون بالقرآن، سيفقدون الحكمة، وسيظهر مدى حاجة الناس إلى الحكمة في المواقف المطلوبة منهم في القضايا التي تواجههم…))إهـ .. ثم أتى الشهيد القائد بمثال عن من فقدوا الحكمة قال – رضوان الله عليه – :((الآن في هذا الوضع الذي نعيش فيه وتعيش فيه الأمة العربية، الأمة الإسلامية، ونحن نسمع تهديدات اليهود والنصارى، تهديدات أمريكا وإسرائيل وسخريتها من الإسلام ومن المسلمين ومن علماء الإسلام ومن حكام المسلمين بشكل رهيب جداً تجد موقف الناس بكل فئاتهم يتنافى مع الحكمة أي هم فقدوا الآن الموقف الحكيم مما يواجهون، الرؤية الحكيمة لما يواجهون، النظرة الصحيحة للوضع الذي يعيشون …)).
إذاً لا مخرج لهم من هذا الإنحطاط الذي وصلوا إليه إلا بالتمسك بالقرآن الكريم وذلك بالتثقف بثقافته والسير على نهجه حتى يمنحهم الله الحكمة ويكونوا كما قال الله (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)[المائدة:54].