"حقوق الوالدين".. ندوة ضمن ملتقى الفكر للأئمة بأوقاف الفيوم
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
عقدت أوقاف الفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة، ندوة بعنوان "حقوق الوالدين" ضمن فعاليات اليوم السابع عشر لملتقى الفكر للأئمة بمسجد ناصر الكبير بالفيوم.
يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف الفيوم العلمي والدعوي والتثقيفي، وضمن جهودها في نشر الفكر الوسطي المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتوعية الشباب.
ندوة بعنوان "حقوق الوالدين" ضمن فعاليات ملتقى الفكر للأئمة بأوقاف الفيوم
جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وتحت إشراف الدكتور محمود الشيمي وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، وبحضور فضيلة الشيخ جمعة عبد الفتاح إمام المسجد مقدما، وفضيلة الشيخ سيد عجمي محاضرا، وفضيلة الشيخ أحمد طه محاضرا، وعدد من العلماء وأئمة الأوقاف، وذلك في إطار فعاليات ملتقى الفكر للأئمة بأوقاف الفيوم، والذي يتم تنفيذه طوال شهر رمضان المبارك.
وخلال اللقاء أكد العلماء أن بر الوالدين عبادة أجمعت عليها جميع الشرائع، وأن بر الوالدين من الحقوق المطلقة، فطاعة الوالدين والقيام بحقهما واجب مطلق لا يحتاج لعلة قال (سبحانه): "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"، وأن الطاعة المطلقة للوالدين حق سريع الوفاء، وقد غرس الله (عز وجل) حب الأبناء في قلوب الآباء وأن بر الوالدين تأمين لسير الحياة في مسارها القويم، وقد اهتم الإسلام بأمر الوالدين،حيث قرن القرآن الكريم الأمر بعبادته بالإحسان للوالدين فقال (سبحانه):"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، وقد بين القرآن الكريم مرحلة البر وكمالها في قوله (سبحانه):"وَقَضَى ربُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، فإذا تقدم العمر بالوالدين وبلغا مرحلة الضعف والشيب وأرذل العمر هنا يحتاجان إلى بر يصحبه سعة صدر وصبر ومعاملة خاصة ورحمة وعطف وأن يروض الأبناء أنفسهم في طريقة التعامل مع كبير السن، ولذا خص النبي (صلى الله عليه وسلم) برهما في مرحلة الكبر بالذكر قال (صلى الله عليه وسلم): “رغم أنفُ ثم رغم أنفُ ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة".
وأشار العلماء إلى أن بر الوالدين من أفضل الأعمال التي جاءت به جميع الشرائع، حيث يقول سبحانه: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، وقال سبحانه عن عيسى عليه السلام: "وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا"، وأن بر الوالدين من أوجب الحقوق، وأن العقوق من الكبائر قال (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ مِن أكبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلعَنَ الرجُلُ والِدَيه قالوا يا رسولَ اللهِ وكيفَ يَلعَنُ الرجُلُ أبَوَيه ؟ قال: يَسُبُّ الرجُلُ الرجُلَ فيَسُبُّ أباه ويَسُبُّ الرجُلُ أُمَّه فيَسُبُّ أُمَّه" فقد جعل النبي (صلى الله عليه وسلم ) التسبب في اللعن لعن، وأن بر الوالدين شكر لله (عز وجل) على نعمة الوجود فالأبوان هما سبب الوجود المباشر قال سبحانه: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوالدين أوقاف الفيوم ملتقى الفكر للأئمة حقوق الوالدين الأوقاف بوابة الوفد جريدة الوفد صلى الله علیه وسلم الفکر للأئمة ل و ال د ی
إقرأ أيضاً:
الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق
في كل عام يهلّ علينا شهر رمضان المبارك، شهر عظيم بكل ما فيه من نفحات إيمانية ودروس إسلامية وعبادات وصلوات مباركة، شهر من أجمل أوقات العام التي تقربنا فيها إلى الله تعالى، فخلال أيامه العطرة تتهذب الأخلاق وتصفو النفوس وتستقيم السلوكيات، ويحرص المسلمون أينما كانوا ووجدوا على اغتنام الفرص الذهبية التي يقدمها لهم هذا الشهر الفضيل ويستمتعون بتجليات الفضائل والمكارم والمحاسن التي تتنزل عليهم من كل أبواب الخير ويشعرون بالسعادة الغامرة.
ومما يحمله شهر التوبة والمغفرة في كنفه أنه يعلمنا الكثير من الدروس المهمة التي يمكن أن ننساها في خضم تسارع الأيام وكثرة المشاغل في حياتنا اليومية، وعندما يأتي إلينا رمضان نأخذ من سماته وآثاره الطيبة طريقا يدلنا على عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى، ويوضح لنا الحكمة والموعظة الحسنة التي منحها الله لجميع البشر من أجل أن يدركوا قيمة الحياة الدنيا وما فيها من متاع ومفردات لا يمكن إغفالها أو إنكارها أو نسيانها عن قصد.
وليس سرا أن نقول إن شهر رمضان الفضيل هو عبارة عن مدرسة جامعة يتعلم المؤمن العارف بربه الكثير من الدروس الإيمانية التي تعينه على نيل رضا الله تعالى فهو الخائف من عقابه تعالى، والراغب دوما لغفرانه من الذنوب والخطايا التي يرتكبها الإنسان بسبب نزعات الشيطان ووساوسه التي لا تنقضي.
لذا فالصوم ليس مجرد تجسيد فردي لطقوس رمضانية تنتهي سريعا، وإنما يعد هذا الشهر المباركة وحدة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يجتمعون على الخير والعطاء وعلى العبادة والطاعة والتقوى، والسير على منهج إسلامي راسخ منذ عهد البعثة المحمدية وحتى يومنا هذا.
إننا نعلم جميعا بأن الله تعالى شرع لعباده ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمد خيوط السعادة الأبدية في أخراهم، وقد امتحن الله عز وجل عباده بما شرع لهم من العبادات والمعاملات والواجبات، وذلك ليمحص من يعبد عن رشده، ويسلك طريق الظلالة جراء اتباعه هواه.
لقد حدثنا الله تعالى في كتابه العزيز عن فريقين من الناس، الأول هو الذي يمتثل لشرعه ويقف عند حدوده بصدر منشرح وقلب مخلص، ونفس مطمئنة، سينال الفوز والفلاح من لدنه سبحانه، أما الفريق الثاني فهو من يتخذ طريقا معوجا يلائم رغبته، ويصادف هوى في نفسه، ونبذ ما سوى ذلك وراء ظهره سوف يخسر الدنيا والآخرة».
أما من الناحية الواقعية التي يستخلصها المؤمن من رمضان نجد أن الصيام مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب والفوائد -وهذا أمر لا جدال فيه - والسبب في ذلك هو أن المؤمن يتدرب عمليا في كل عام على الإكثار من الطاعات والتمسك بالخصال الحميدة، والتخلق بالصفات الإنسانية الجميلة، ومنها ما هو مثبت في كتب الفقه والدراسات الإسلامية التي تؤكد بأن «الصوم يعد جهادا للنفس البشرية ومقاوما بشدة لكل الأهواء النفسية، ويدرب المؤمن على الحفاظ على الأمانة، ومراقبة الله في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله سبحانه وتعالى، وكفى به رقيبا».
وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
إذن الصيام كما نراه ويراه الناس من حولنا عبارة عن «مدرسة خصبة للعطاء يجدد فيها المسلم عرى إسلامه ويتمسك بتطبيقها في حياته»، وربما تكون دورة تدريبية يتخرج منها ملايين المسلمين في هيئة ثوب إيماني جديد، يدخلون بها أبواب المستقبل ويواكبون تغيرات الزمن بهمة قوية وإصرار على كسب الخير، وعلاج ما يلم بهم من خلل بشري كالنقص في أداء الواجبات أو ارتكاب الخطايا والذنوب وغيرها».
وفي الجانب البدني، نرى في شهر رمضان المبارك الكثير ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم يحرصون على ممارسة «الرياضة» وخاصة «المشي» في أوقات مختلفة،لاقتناعهم بأهمية هذا الشهر من الناحية الصحية التي يكتسبها الجسم من الصيام والقيام، فقد أثبت الطب الحديث بأبحاثه وتجاربه وما توصل إليه من نتائج مثبته أن الصوم «أفضل وسيلة للإنسان للتخلص من كثير من الأمراض والمعاناة التي عجز الأطباء عن علاجها، ولذا يحاول الكثير من الناس استغلال هذا الشهر الفضيل في ممارسة الرياضة والتقليل من العادات الغذائية الخاطئة».
وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسما سنويا تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة ذات خصوصية متفردة، يحطون عنهم الأوزار والآثام وما اقترفته أيديهم من الذنوب والخطايا، وبعضهم من يتخذ رمضان سلوك حياة طيلة العام، والبعض الآخر يراه وقتا مناسبا لتصحيح المسار في حياته، فعندما ينتهي رمضان يخرج الصائمون منه بصحائف بيضاء لا تشوبها شائبة، ولكن علينا أن نعي بأن هذه المميزات يختص بها عباد الله الذين يلتزمون بتعاليم الدين ويصومون بـ«جميع جوارحهم عما حرم الله» وهم بذلك يجمعون بين صوم «الظاهر والباطن»، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم من الناس، فقد ورد في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه سلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». أخرجه البخاري.
والله سبحانه وتعالى لا يقر شيئا لا وبه حكمة عظيمة، فقد ورد في كتب التفسير وأقوال العلماء والفقهاء حول أبواب العبادات فمثلا فيما يتعلق بصحة البدن فأوجب علينا سبحانه «الصلاة» كتمرين يومي في اليوم خمس مرات ما بين ركوع وسجود، أما فيما يتعلق ببذل المال فأمرنا الله عز وجل بـ«الزكاة» والإنفاق في سبيل الله كلاًّ حسب طاقته وإمكانياته، أما فيما يستوجب كف النفس عن الأشياء المحببة إليهم والمشهية فشرع الله علينا «الصيام»، الذي يذكر الصائم بنعم الله عليه إذ منحه القدرة على هذه العبادة التي ينال بها جزيل الثواب في وقت حُرم فيه آخرون من الحياة في هذا العام بعد أن توسدت رؤوسهم أديم الأرض، ومن المؤكد تماما أن لكل هذه العبادات حكما بالغة أوجدها الله تعالى للبشرية ليجزي من يلتزم ويعاقب من يحيد عن رشده.