تفكيك أم تدمير؟.. كيف تغيرت وتيرة الحرب بين إسرائيل وحماس؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
خمسة أشهر من الحرب والهدف الإسرائيلي المعلن: القضاء على حركة حماس، ولا يعرف تحديدا حتى الآن ما إذا كانت إسرائيل قادرة على تحقيق هذا الهدف، لكن من الواضح أن وتيرة الحرب تغيرت، وباتت حدة القتال أقل مما كتنت عليه قبل شهور.
ويشير محللون عسكريون إلى التباس لدى البعض عند الحديث عن "تفكيك" حماس، مقابل "تدميرها" ويؤكد البعض أن الهدف الواضح في النهاية هو جعل الحركة غير قادرة على القتال والسيطرة.
وتعتقد إسرائيل أنها فككت هيكل القيادة والتحكم الرئيسي لحماس في وسط وشمال غزة، لكن لاتزال هناك جيوب لها في مناطق أخرى، وتبقى "أربع كتائب" تعمل بشكل كامل" في رفح، وهو السبب الذي تبرر به إسرائيل رغبتها في التوغل هناك رغم التحذيرات الدولية من وقوع "كارثة" إنسانية.
وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى تراجع حدة القصف وتناقض عدد الآليات الإسرائيلية في القطاع، مقارنة ببداية الحرب، وفي المقابل تراجعت أيضا الكمائن وهجمات "آر بي جي" وعمليات القنص من جانب حماس، بحسب الصحيفة.
وتراجع عدد الجنود الإسرائيليين في القطاع. ولم يؤكد الجيش العدد الدقيق المتواجد الآن، لكنه يشير إلى وجود فرقتين فقط بعدما كان العدد هو خمس فرق في ذروة الحرب، أي خفض القوة بنسبة 60 في المئة على الأقل.
وباتت قوات الجيش الإسرائيلي تتمركز على طول محيط القطاع، وعلى طول الممر الذي يفصل الشمال عن الجنوب، وبات للجيش حرية الحركة.
وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، لصحيفة واشنطن بوست: "الجيش الإسرائيلي سيطر على كافة مناطق مدينة غزة ومدن الشمال، وعودته الآن إلى مختلف المناطق تعتبر سهلة للغاية، مقارنة بالأسابيع الأولى للحرب والاجتياح البري".
ويقول مسؤولون عسكريون إن مسلحي حماس، الذين كانوا ينفذون في السابق عمليات منسقة، أصبحوا الآن أكثر ميلا لشن هجمات كر وفر بوحدات أصغر تتألف من رجلين إلى أربعة رجال، أو بقناص منفرد.
وتشير التصريحات الموجزة على القناة الإلكترونية التي تديرها "كتائب القسام" التابعة لحماس إلى انخفاض في عدد الهجمات. وتقول الجماعة إن قواتها تركز منذ 20 مارس على استهداف الدبابات والجنود الإسرائيليين في منطقة خان يونس في الجنوب وفي محيط الشفاء.
ويرى المدنيون الفلسطينيون في الشمال مقاتلين فلسطينيين من وقت لآخر، لكن "المواجهات مع القوات الإسرائيلية محدودة للغاية"، وفقا لأحد سكان غزة، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لصحيفة واشنطن بوست بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
ويستمر الإسرائيليون في السيطرة على المجال الجوي،.ويقول السكان إنه حتى مع انسحاب القوات من ساحة المعركة، تظل الطائرات والطائرات بدون طيار حاضرة دائما في السماء.
وأدت خمسة شهور حرب المدن إلى خروج حماس من معاقلها الرئيسية، وتقول الاستخبارات الإسرائيلية إن أكثر من 11 ألف مسلح قتلوا بالإضافة إلى 15 من كبار القادة.
لكن مسؤولا من حماس مقيم في قطر قال لرويترز إن الحركة تقدر أنها فقدت ستة آلاف مقاتل خلال النزاع الأخير، أي نصف العدد الذي تقول إسرائيل إنها قتلته تقريبا.
وقال المسؤول إن الحركة "يمكنها مواصلة القتال وهي مستعدة لحرب طويلة في رفح وغزة".
وأضاف "خيارات نتنياهو صعبة وخياراتنا صعبة أيضا. يمكنه احتلال غزة لكن حماس مازالت صامدة وتقاتل. لم يحقق أهدافه بقتل قيادة حماس أو القضاء على حماس".
وقال مصدر في الجيش الإسرائيلي في القيادة الجنوبية لصحيفة التليغراف البريطانية: "حماس لم تعد تعمل كجيش. لقد تم القضاء على وحداتها وليس لديها قيادة وسيطرة مركزية".
وأضاف أن "كل وحدة تعمل بشكل مستقل، وتفعل ما تعتقد أنه ينبغي عليها القيام به، ولكن لا يوجد مركز تحكم يمكنه تحريك الوحدات".
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه "فكك" 20 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس.
لكن واشنطن بوست قالت إن "التفكيك لا يعني التدمير، ولاتزال بقايا الحركة قادرة على شن تمرد فتاك، كما يتضح من القتال العنيف" الذي دار في محيط مستشفى الشفاء، شمال القطاع.
الجثث في كل مكان.. شهادات عن الهجوم الإسرائيلي على مستشفيات بغزة نقل فلسطينيون تحدثوا لوكالة أسوشيتد برس، كانوا فروا من الهجوم الإسرائيلي المستمر على المستشفيات الرئيسية في غزة، صورة قاتمة عن الوضع، بينما لا تزال جثث أقربائهم تحت الحطام.ويقول الجيش إنه قتل 170 مسلحا في منطقة المستشفى، واعتقل أكثر من 800 مسلح مشتبه بهم.
ويوضح رافائيل كوهين، الخبير الأمني الأميركي في مؤسسة "راند" الأميركية لموقع الحرة أنه عندما يشير الإسرائيليون إلى تدمير الكتائب، فإنهم يستخدمون ذلك في إطار المعني العسكري وليس المعنى العام، وهو لا يعني قتل كل فرد في الوحدة، أو القبض عليهم حتى آخر فرد"، لكن يعني "خفض قوتهم القتالية بنسبة هي عادة أكبر من 50 في المئة".
ومن منظور عسكري، فإنه "تم تفكيك أو تدمير حماس على الأقل في الأجزاء التي تعمل فيها إسرائيل".
ويؤكد كوبي مايكل، وهو باحث إسرائيلي كبير في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، ومعهد مسغاف لشؤون الأمن القومي لموقع "الحرة" أن فكرة القضاء على حماس أو تدمير حماس "لا تعني الوصول إلى آخر إرهابي أو إلى آخر صاروخ، ولكن تفكيك جميع مراكز الثقل العسكرية والحكومية بشكل لا يجعلها قادرة مرة أخرى على أن تصبح قوة فعالة في قطاع غزة أو في أي منطقة فلسطينية أخرى".
لكن كوهين يقول إن ما حدث حول مستشفى الشفاء يثبت أن حماس لديها القدرة على إعادة تشكيل نفسها، ولايزال بإمكانها تجنيد المقاتلين وبناء القيادة، بعد أن قامت إسرائيل بإخلاء منطقة الشفاء، في نوفمبر الماضي.
ويقول كوهين إن إسرائيل دمرت الكتائب في هذه المنطقة، لكن "من الواضح أنهم أعادوا تجميع صفوفهم".
ويقول المحلل الإسرائيلي مايكل، الذي شغل سابقا إدارة مكتب فلسطين في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، إنه في المناطق التي فككت فيها إسرائيل قدرات حماس، في مراكز ثقلها الرئيسية، حاولت حماس أن تستعيد عافيتها، لكن الفرق الرئيسي بين الوضع الحالي وقبل السابع من أكتوبر أنه بات للجيش الإسرائيلي "الحرية الكاملة في الحركة".
ويقول إن الجيش أثبت أيضا "كفاءة قدراته الاستخباراتية والتحرك بسرعة والتوغل عبر الحدود" متوقعا التركيز في الفترة المقبلة على عمليات أكثر استهدافا.
وكانت وكالة رويترز نقلت نهاية الشهر الماضي عن أربعة مسؤولين مطلعين على استراتيجية إسرائيل المقبلة في رفح أنها ستواصل العمليات العسكرية واسعة النطاق في غزة لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع أخرى، بينما تستعد لشن غزو بري لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع.
ويعتقد القادة العسكريون أن بإمكانهم إلحاق ضرر كبير بقدرات حماس المتبقية في ذلك الوقت، ما يمهد الطريق للتحول إلى مرحلة أقل كثافة من الضربات الجوية المستهدفة وعمليات القوات الخاصة.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إن الجيش الإسرائيلي سيحول تركيزه قريبا إلى الكتائب الأربع "العاملة بكامل طاقتها"، والتي يقول إنها موجودة في مدينة رفح الجنوبية.
وتتجمع آلاف العائلات في رفح في الخيام فوق شبكة أنفاق حماس التي يزعم الجيش الإسرائيلي أنها لا تحتجز آلاف المقاتلين فحسب، بل أيضا قادتها “المطلوبين إلى جانب أكثر من 100 رهينة إسرائيلية.
وقال عاموس هاريل، كبير محللي شؤون الدفاع في صحيفة هآرتس، واصفا التغير في كثافة وتقليص قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في غزة: "إن الأمر مختلف تماما. إنها لم تعد حربا واسعة النطاق".
وأضاف: "الميزة التكتيكية للجيش الإسرائيلي واضحة. لكن من الصعب أن يتحول ذلك إلى نصر حاسم".
وفي تصريحاته لموقع "الحرة"، قال المحلل مايكل، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "نحن في المرحلة الأخيرة من الحرب"، ويشير إلى أن "التشكيل العسكري المنظم لحماس لم يعد موجودا، رغم وجود بعض القدرات الهامشية وهي بالأساس في منطقة رفح وهي أربع كتائب من أصل 24".
ويشير كذلك إلى أن إسرائيل ستسعى لإغلاق ممر فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة.
ويقول كوهين إن عملية رفح "ستكون دموية للغاية وستخاطر بضرب الحدود المصرية".
ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن إسرائيل تحتاج إلى بعضة أسابيع حتى يتم الانتهاء عملية غزة وبشكل أساسي رفح، وستعمل بعدها على منع حماس من إعادة تشكيل نفسها، ويرى أن إسرائيل سوف تشرع في تشكيل إدارة عسكرية مؤقتة ستمكن الجيش من إدارة جميع المسائل المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وغيرها بطريقة فعالة دون أي تدخل من حماس.
وهذا، من رأيه، سيعطي إشارة لسكان غزة بأن حماس لم تعد خيارا بعد الآن.
وبعد ذلك ستكون هناك إدارة إقليمية أو دولية أو مزيج منهما ترتب عملية إعادة إعمار القطاع، وتدرب الإدارة المحلية في القطاع.
ويلي ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل، وانتشاره على طول الحدود، مع الحفاظ على حرية التدخل مرة أخرى "تماما كما فعلنا بعد الانتفاضة الثانية".
ويقول إنه خلال خمس سنوات بعد انتفاضة عام 2000، تمكنت إسرئايل من "تفكيك البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية في الضفة الغربية التي شكلت تهديدا كبيرا، وفي العامين الماضيين أو نحو ذلك، خاضت إسرائيل حملة أخرى في الضفة الغربية تكثفت بعد 7 أكتوبر".
ويرى أن "الإرهاب" سيظل موجودا لكن "الميزة الكبيرة التي لدينا الآن هي أننا نتواجد بقوات على الأرض، ولدينا قدرة الوصول وحرية الحركة وقدرات استخباراتية ضخمة".
وقال نتانيل فلامر، المحاضر في جامعة بار إيلان والخبير في شؤون حماس لواشنطن بوست إن الغارات الدقيقة التي تشنها القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي على المناطق التي يعيد فيها المسلحون تجميع صفوفهم ستكون "النموذج" للقتال في المستقبل.
ويقول مايكل إن إسرائيل دأبت على دخول مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، هو بالضبط ما ستفعله في قطاع غزة لسنوات طويلة قادمة، "لكن حماس كتشكيل عسكري منظم لن تكون موجودة بعد الآن".
الخبير في السياسة الدولية جوست هيلترمان، من مجموعة الأزمات الدولية، قال لموقوع "الحرة" "إنه لا يعرف ما إذا كانت إسرائيل ستحقق أهدافها العسكرية، وقد يعتمد هذا جزئيا على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعطي الضوء الأخضر للهجوم على رفح".
لكنه يعتقد أن "هزيمة حماس عسكريا لن تفعل شيئا يُذكر لتعزيز الهدف الإسرائيلي الأوسع المتمثل في تفكيكها كحركة سياسية تتخذ من غزة والضفة الغربية والشتات الفلسطيني مقرا لها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی واشنطن بوست القضاء على فی رفح فی غزة
إقرأ أيضاً:
سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة
القدس المحتلةـ غابت "نشوة" النصر المطلق المزعوم، الذي وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طوال فترة الحرب على قطاع غزة، وتصدرت مشاهد الغضب والحزن لدى الإسرائيليين، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يؤكد الإجماع الإسرائيلي على الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.
وتجلى هذا الإجماع في حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في شمال القطاع، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة ما زالت تتمتع بمزايا عسكرية ولديها قدرات وترسانة لخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، ويعكس فشل تل أبيب في القضاء على مقدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية، وكذلك المقدرات السلطوية للحركة في الحكم بغزة.
واستند هذا الإجماع إلى الاعتراف الإسرائيلي بأنه في مناطق شمال القطاع كافة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تخوض المعارك مع المقاومة، وتروج القيادات العسكرية أنها نجحت في القضاء على مقاتلي حماس، وكانت قوات حماس تعود للمناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال.
وتتوافق قراءات المحللين والباحثين فيما بينها على أن الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب يعكس الفشل السياسي للحكومة، وكذلك الإخفاق العسكري للجيش، وهو الفشل الذي يفتح الباب لمراجعات، وسط وجهات نظر نقدية تسلط الضوء على مسألة الإخفاق العسكري في الحرب والسخرية مما أطلقه نتنياهو "النصر المطلق"، الذي اعتبرته بعض القراءات والتقديرات بـ"الهزيمة".
جيش الاحتلال أخفق في السيطرة على شمال غزة (الجزيرة) خسائر فادحةوقال الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، وذلك على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في قطاع غزة.
إعلانواستعرض شلحت -في حديث للجزيرة نت- طبيعة الخسائر للأهداف المعلنة، ولعل أبرزها إطلاق سراح "الرهائن" الذي لم يكن ذات أولوية بالمرحلة الأولى، وتحول إلى سلم الأولويات بإنجازه من خلال الترويج لمزيد من الضغط العسكري لتحقيقه، لكن في نهاية المطاف لم يتحرر أحد من "المختطفين" إلا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.
ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن الهدف الأبرز الذي روجت له إسرائيل، طوال فترة الحرب، هو القضاء على حركة حماس عسكريا وسياسيا، قائلا إنه "لربما دمرت إسرائيل جزءا من ترسانة المقاومة، لكنها فشلت في القضاء على مقدراتها العسكرية، خاصة أن مقاتلي حماس وقبيل أسابيع من الاتفاق كبّدوا الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات والمعدات".
جيش الاحتلال لم يستطع القضاء على المقاومة (الجزيرة) غياب الحسمويوضح شلحت أن جيش الاحتلال أخفق أيضا في تحقيق الهدف الأساس بألا يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يوجد لتل أبيب أي خطة بعد انتهاء الحرب.
ولفت إلى أن ما تطرحه إسرائيل بهذا الصدد يتلخص في عدم الموافقة على أن تكون حماس جزءا من السلطة في القطاع، وهو الطرح الذي يتعارض مع الخطط الإقليمية والدولية كافة، التي ترى حماس جزءا لا يتجزأ من إدارة السلطة والحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.
صالح لطفي: المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة (الجزيرة) المظلومية التاريخيةويرى المحلل السياسي والباحث بالمجتمع الإسرائيلي صالح لطفي أن الإجماع بتل أبيب بعدم تحقيق أهداف الحرب هو نتائج للتركيبة المجتمعية والسياسية والحزبية والدينية في إسرائيل، وهي التركيبة التي أخذت تتبلور بعد الانتفاضة الثانية، إذ كانت بوصلة المجتمع الإسرائيلي بجميع مكوناته التوجه نحو اليمين والفاشية.
إعلانوعزا لطفي -في حديث للجزيرة نت- الإجماع على عدم تحقيق أهداف الحرب إلى 3 معضلات يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، وهي الشك والريبة والهواجس، وكذلك الموروث التاريخي ما قبل قيام إسرائيل، والمتلخص في ظاهرة المظلومية التي ترافقهم في ضوء ما حدث معهم في أوروبا، إضافة للمعضلة الثالثة وهي نكبة الشعب الفلسطيني التي ما زالت تلاحقهم.
ويعتقد الباحث بالمجتمع الإسرائيلي أن معركة طوفان الأقصى كسرت المظلومية التاريخية على مستوى الشعوب والأنظمة على مستوى العالم، إذ بقيت مجموعات صغيرة بالمجتمع الغربي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني ما زالت تتبنى جوهر المظلومية التاريخية للإسرائيليين.
نشاط قوات من لواء "الناحال" في بيت حانون بقطاع غزة (الجزيرة) حالة وجوديةوتعليقا على معاني ودلالات الإجماع الإسرائيلي بعدم تحقيق أهداف الحرب، أوضح لطفي أن ذلك يعود بالأساس إلى حالة الريبة وفقدان المظلومية لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يتساءلون "ماذا بعد؟"، وهو السؤال الذي يعكس الحالة الوجودية، وذلك خلافا للفلسطينيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل شيء، لكنهم يصرون على العودة لأرضهم ومنازلهم المدمرة، وهي مشاهد ترهب المجتمع الإسرائيلي.
ويعتقد أن هذه المشاهد والمشاعر، التي تحمل في طياتها وجوهرها أبعادا أخلاقية ووجودية، تدلل على تشكل أول حالة انكسار بالمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد قويا، وما عاد قادرا على تحمل مزيد من تداعيات الصراع، كما يظهر أن الحكومة الإسرائيلية ما عادت قوية، إذ أثبتت الأحداث أن إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي والغربي.
وفي قراءة لخسائر إسرائيل من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يشير لطفي إلى أن حكومة نتنياهو قبلت اليوم ما رفضته في خطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، في مايو/أيار 2024، إذ كانت راهنت على عامل الوقت من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وكسر شوكتها، لكن المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة.
إعلان