البابا تواضروس يتحدث عن «طرق تقديم المحبة»
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من بيت الكرمة بكينج مريوط، دون حضور شعبي، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
استكمل قداسة البابا تواضروس، سلسلة "طرق تقديم المحبة"، وتناول إنجيل قداس أحد التجارب من الأصحاح الرابع في إنجيل معلمنا متى والأعداد (١ – ١١)، وتأمل في "كيف استخدم السيد المسيح لغة الحب وعبّر عنها" من خلال مشهديْن تخللا قراءات هذا الأسبوع، وهما: الشاب الغني: "«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟».
تابع البابا تواضروس إشباع الأربعة آلاف رجل: "وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ»... وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ" (مت ١٥: ٣٢ - ٣٨)، وهنا السيد المسيح أراد أن يقدم هدية متواضعة للجموع، والتي جاءت ببذل حقيقي وحب.
وأعطى قداسة البابا مفهومًا لتقديم الهدية من خلال الآية: "هَدِيَّةُ الإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ الْعُظَمَاءِ" (أم ١٨: ١٦)، وأن الهدية يجب أن تكون ملائمة للشخص المهدى له.
وقدم قداسته أشكالًا للهدايا على ضوء المشهدين، كالتالي:
١- البذل: عندما قدم لنا السيد المسيح النصرة على الشيطان في التجارب بكلمة "مَكْتُوبٌ"، والتي أجاب بها في التجارب الثلاث، فصارت الهدية الثمينة هي كلمة الله في الكتاب المقدس.
٢- حب روح العطاء: عندما قال السيد المسيح للشاب الغني أن يعطي أمواله للمساكين، وكذلك إشباع الجموع بروح العطاء.
٣- لها تعبير وصفة رمزية عن الشخص المهدى له: مثلما قدم المجوس هداياهم للمولود السيد المسيح، فكان الذهب تعبيرًا عن أنه ملك العالم وملك الملوك، واللبان تعبيرًا عن أنه شفيعنا بالشفاعة الكفارية، والمر تعبيرًا عن أنه سيتألم آلامًا من أجل غفران خطايا كل البشر على الصليب.
٤- حسب احتياج الشخص المهدى له: فيجب أن تكون الهدية تناسب احتياج الشخص المهدى له، "هذَا وَإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ. كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ" (٢ كو ٩: ٦، ٧)، وكما قدم لنا السيد المسيح النصرة ومفتاح الهدية بكلمة "مَكْتُوبٌ".
ووضع قداسة البابا معوقات تقديم المحبة الباذلة من خلال تجارب الشيطان للسيد المسيح، وهي:
١- محبة الذات (أنانية الإنسان):
"فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ»" (مت ٤: ٤)، حيث أراد الشيطان أن يجعل السيد المسيح يفكر في ذاته فقط، لكي يبتعد عن هدف تجسده، والخطة الخلاصية التي جاء من أجلها، لذلك في الصوم نصوم فترة انقطاعية حتى نتذكر أن الحياة هي من الله، وفترة أخرى نأكل فيها أطعمة نباتية لتعطينا الطاقة الهادئة ويزداد الزهد لدينا.
٢- محبة الراحة (الكسل):
"قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ»" (مت ٤: ٧)، حيث أراد الشيطان أن يجعل السيد المسيح يلجأ للراحة، ولكن الإنسان الذي يهتم بتقديم الهدية دون الاستسلام للكسل، لأن الراحة لا تتفق مع البذل.
٣- محبة الكرامة:
"حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ»" (مت ٤: ١٠)، حيث أراد الشيطان أن يجعل السيد المسيح ينسى ويبتعد عن هدفه، ولكن الإنسان يجب ألا ينحرف فكره عن الصواب وعبادة الإله الحقيقي، وألا يهتم بكرامته، أو أن يكون صاحب سلطة في العالم، "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، "وَأُوجَدَ فِيهِ" (في ٣: ٨، ٩).
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عظته الأسبوعية اجتماع الاربعاء البابا تواضروس السید المسیح قداسة البابا م ک ت وب
إقرأ أيضاً:
السفارة المصرية برومانيا تقيم حفل استقبال على شرف قداسة البابا
أقام السفير مؤيد الضلعي سفير مصر في رومانيا، حفل استقبال على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني، وذلك بحضور عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين لدى بوخارست، وممثلين عن الكنائس والمنظمات الدولية.
ورحب السفير المصري في كلمته بقداسة البابا قائلاً: "نتشرف جميعًا بوجودكم بيننا، مرحبًا بكم في بيتكم، بيت مصر. نتمنى لزيارتكم كل النجاح والتوفيق".
روح المحبةوفي بداية كلمته قال قداسة البابا: "هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها رومانيا الجميلة، والمرة الأولى التي يجتمع فيها القلب المصري مع هذه الدولة الصديقة صاحبة التاريخ العريق والحضارة الغنية. إن مصر الدولة الكبرى في منطقة الشرق، كانت ولا تزال بيتًا لكل العرب"
وأضاف: "لقد علمت مصر العالم فن الأعمدة، حيث ارتفعت المسلة رمزًا للشموخ، تنتهي بالمثلث الذهبي الذي كان يرمز إلى عين الإله المضيئة مع الشمس، فتعلن بدء يوم العمل. وعندما دخلت المسيحية أرض مصر، تحولت المسلة إلى منارة ترمز إلى الاستقامة، ثم جاء الإسلام وأضاف المئذنة كفن معماري أصيل، ليبقى العمود دائمًا تعبيرًا عن طريق الإنسان من الأرض نحو السماء، وهو طريق يحتاج إلى استقامة".
وتابع قداسته: "نحن نصلي قائلين مع صاحب المزامير: قلبًا نقيًّا اخلق فيَّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدد في داخلي"
كما استشهد قداسة البابا بما قاله المفكر المصري الكبير الدكتور جمال حمدان، الذي وصف مصر بأنها "فلتة الطبيعة وعبقرية التاريخ وأم الجغرافيا”، لافتًا إلى عبقرية الموقع والدور عبر العصور.
وأكد قداسته أن مصر وطن عريق تعاقبت عليه حضارات متعددة من الحضارة الفرعونية إلى القبطية، ثم الإسلامية والعربية، وصولاً إلى الحضارة الإفريقية وحضارات البحر الأبيض المتوسط والحضارة اليونانية الإغريقية، وهو ما صنع من مصر بوتقة غنية بالوحدة والتنوع في آن واحد.
وتحدث عن نهر النيل الذي كان محور وحدة المصريين عبر العصور: "إن نهر النيل كان وما يزال سر وحدة المصريين، إذ جمع بين الأرض والإنسان، وزرع في قلوبنا حب الحياة الهادئة، والوحدة الوطنية التي لم تكن صناعة أو قرارًا، بل نتاج طبيعة متجذرة في وجداننا".
صلاة من أجل سلام العالمواختتم: "نصلي من أجل السلام في العالم، ومن أجل أشقائنا في غزة والسودان، ونصلي من أجل إنهاء الحروب في أوكرانيا وروسيا، وفي الهند وباكستان، ونطلب من الله أن يفيض بسلامه على الأرض، ويبارك جميع الشعوب والأمم بمحبة وسلام دائمين".
واختتم الحفل في أجواء وطنية مليئة بالحب والتقدير، حيث أعرب الحاضرون عن سعادتهم بلقاء قداسة البابا، وتمنوا لزيارته لرومانيا كل التوفيق والنجاح.
يأتي هذا اللقاء، في إطار زيارة قداسة البابا الرعوية لإيبارشية وسط أوروبا، والتي بدأت بوصوله إلى بولندا يوم الجمعة الماضي، ثم غادرها قداسته أمس، وصولًا إلى رومانيا التي يقضي فيها عدة أيام بين أنشطة رعوية وزيارات رسمية، وفقًا لأجندة الزيارات الرعوية لقداسته لعام ٢٠٢٥.