المحاضرة الرمضانية الـ 14 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1445هـ (نص + فيديو)
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الاربعاء 17 رمضان 1445هـ – 27 مارس 2024م:
لتحميل الملف
https://2u.pw/Fxf6YyDR
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نستكمل الحديث عن يوم الفرقان (غزوة بدرٍ الكبرى)، التي كان لها تأثيرٌ كبيرٌ جداً في تاريخ المسلمين، ولها أهميةٌ كبيرة في صناعة فارقٍ كبير على مستوى تاريخ البشرية بشكلٍ عام، وكنَّا تحدثنا أمس بإيجازٍ واختصار، وعلى ضوء بعضٍ من الآيات المباركة، التي وردت بشأن ذلك في (سورة الحج، وسورة الأنفال)، ووصلنا إلى ما قبل الالتحام في القتال والمعركة، ونتحدث اليوم، لنقدم موجزاً ملخصاً عن مجريات المعركة، ثم نتحدث عن الدروس والعبر، التي نحن بحاجةٍ إليها؛ للاستفادة من هذا الحدث التاريخي العظيم.
عندما اصطف الطرفان للقتال في بدر، خرج ثلاثةٌ قبل البدء بالاشتباك من أبطال المشركين، هم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد، وكان عتبة هو وأخوه وابنه أيضاً هم من الذين لهم دور أساسي في مكة، في الصد عن الإسلام، في محاربة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” بالحملات الدعائية، في تثبيط الآخرين وتخويفهم عن الالتحاق بالإسلام، وكما هو حال بعض البيوتات الأخرى في مكة، التي كانت تقوم بهذا الدور؛ فخرج ليبين مدى إخلاصه لقضيته، التي هي: الشرك والكفر، والصد عن سبيل الله، والحرب ضد الإسلام، خرج بأسرته (بأخيه، وابنه)، وفي المقابل أخرج رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” علياً، وحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب “رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِم”، لمبارزتهم، وبدأ القتال بين الطرفين، وكان هذا القتال له أهمية كبيرة جداً لما بعده، فالذين خرجوا من جهة المشركين من أبرز الشخصيات المهمة في صف المشركين، والذين خرجوا في صف المسلمين كذلك هم أبرز المجاهدين في صف المسلمين؛ ولذلك سيكون للنتيجة، للمبارزة فيما بين هؤلاء، أهمية وتأثير معنوي فيما بعده.
ولأهمية هذه المواجهة التي بدأت في مقدمة معركة بدر، وفي بداية الاشتباك، قبل الاشتباك العام، نزل قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج: من الآية19]، ليكون أولئك هم المصاديق الأولى لهذا الاختصام، ولهؤلاء المتخاصمين.
والشيء المؤسف في واقع البشرية هو هذا: أن يكون منهم من يتَّجه للصد عن سبيل الله، للكفر بنعم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، للجحود بالحق الذي أتى من عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لمحاربة الرسالة الإلهية، والوقوف ضدها، حينها يصبح الاختصام بهذا الشكل؛ بينما من الشرف الكبير لمن ينطلق وهو مناصرٌ لرسالة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يقف في صف الحق، يؤيد توجيهات الله، يتبنى نهج الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ويقف في صفه، يصبح هذا من الشرف الكبير جداً، ويصبح الخصام هذا كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، ثم تكون النتيجة نتيجة كبيرة في الدنيا والآخرة، نتائج وتداعيات وآثار وتبعات هذا الاختصام تمتد من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة.
عندما حصلت المبارزة بين هؤلاء الذين خرجوا من صف المشركين، والثلاثة الذين خرجوا من صف المسلمين، كانت النتيجة انتصاراً مهماً للمسلمين، حيث قُتِل الثلاثة الأبطال الذين خرجوا من صف المشركين بكلهم: عتبة، وشيبة، والوليد، ومن جانب المسلمين استُشِهد عبيدة، فكان هذا له أثره الكبير في معنويات المسلمين من جهة، وتفاؤلهم بالنصر، وترسيخ ثقتهم بوعد الله الحق الذي لا يتخلف؛ أمَّا في جانب المشركين فقد كان لمقتل الثلاثة الذين خرجوا، وهم من أبطالهم، وفرسانهم، ومقاتليهم، والشخصيات البارزة فيهم، والبيوتات المؤثرة في أوساطهم، كان له انعكاس على هبوط معنوياتهم وتشاؤمهم، ومثَّل صفعةً مهمةً لهم.
والتحم الطرفان للقتال، واشتد القتال، وحمي الوطيس، وأخذ رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” كفاً من الحصباء- ملأ كفه من الحصباء- ورمى به أثناء اشتداد المعركة، وبعد وقت من النهار والمعركة مشتدة، رمى به في وجه المشركين، وقال: ((شاهت الوجوه))، صاح بهم بهذا: ((شاهت الوجوه))، ومكَّن الله منهم، واستحر فيهم القتل، في أبطالهم، وفي كبارهم وشخصياتهم المؤثرة والبارزة؛ فَقُتِل من مقاتليهم وأبطالهم ما يقارب- أو حسب الإحصائيات- سبعين قتيلاً، وأسر منهم سبعون، وانهزموا هزيمةً كبيرة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}[الأنفال: من الآية17]، فعلاً أتى التأييد الإلهي حتى في وقت تلك الرمية، التي كان لها أثرها العجيب جداً، مع أنه رماهم بالحصى، ولكن كان لتلك الرمية أثرها الكبير مع الفعل، مع الموقف، مع القتال، مع الاشتباك؛ فيأتي التأييد الإلهي بأشكال كثيرة، ولكن مع قيام المؤمنين بمسؤولياتهم وما عليهم، وأخذهم بأسباب النصر، وأخذهم بأسباب النصر.
فتحقق الانتصار الإلهي العظيم للمسلمين، وكان نصراً قوياً، فاجأ الأعداء، وفاجأ المتربصين، سواءً من كانوا متربصين في المدينة، من المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، واليائسين، وضعاف الإيمان؛ أو من البقية، من المحيطين بالمجتمع المسلم، مثلما هو الحال بالنسبة لليهود، وبقية القبائل العربية الأخرى، الذين فوجئوا جميعاً بذلك الانتصار العظيم، وتلك الهزيمة المُرَّة والنكبة الكبيرة للمشركين من قريش.
وأسس الله بهذا الانتصار لمرحلةٍ جديدة، أصبح للمسلمين فيها هيبتهم وعزتهم، وأعزهم الله بذلك النصر بعد الاستضعاف الكبير، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[آل عمران: الآية123]، فكان فعلاً يوماً فارقاً، وكانت تلك المعركة فارقة، ما بعدها اختلف تماماً عمَّا قبلها، في عزة المسلمين، في هيبتهم، في أمل الآخرين، الذين كانوا مضطربين ومترددين: [هل سينتصر الإسلام لو واجه تحدياً عسكرياً؟ هل سيتمكن من تحقيق النصر والثبات والاستمرار، أم أنه عند أول عاصفة وفي بداية أول تحدٍ عسكري يمكن أن يتغير كل شيء؟]، فكانت تلك المعركة مصيرية في آثارها ونتائجها؛ بينما كان أمل المشركين أن يقتلوا رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” ومن معه من المسلمين، والذين خرجوا معه هم صفوة المسلمين، هم الأكثر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله، واستجابةً لرسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، وتفاعلاً معه، واستجابة للتحرك في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
وكان موقف الأنصار موقفاً عظيماً ومميزاً، كما قال عنهم سيدهم (سعد بن معاذ) فهم كانوا فعلاً صُبُراً في الحرب، وصُدُقاً عند اللقاء، واستبسلوا، وقاتلوا ببسالة. أيضاً تميز في معركة بدر موقف أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وبسالته، وشجاعته، وتفانيه في سبيل الله تعالى، وفتكه بالأعداء، وما حققه الله على يديه، حيث في الأخبار والسِّيَّر أنَّه قُتِل من المشركين على يديه ستةٌ وثلاثون من مجموع القتلى، وفي بعضها أكثر، إضافةً إلى اشتراكه في قتل آخرين، وذاع صيت شجاعته وبطولته في أوساط العرب وأوساط المشركين بعد تلك المعركة وما حصل فيها، وذكر التاريخ وذكرت السِّيَّر بطولات للمؤمنين، ولكن المسألة كلها تعود إلى تأييد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والدور العظيم للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، في الترتيبات القتالية بكلها، وفي إدارة المعركة، وما حققه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما كان للجوانب المعنوية فيها من أهمية وتأثير كبير.
التفاصيل المتعلقة بالمعركة هي مذكورةٌ في كُتب السِّيَّر والتاريخ، ومن أهم التفاصيل أيضاً، ومن أهم الدروس والعبر المتعلقة بغزوة بدر: ما ذكره الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في (سورة الأنفال)، سورة الأنفال قدَّمت أهم توثيق لغزوة بدر وليوم الفرقان، وقرنته بالدروس والعبر والمعارف المهمة جداً، فهي غنية بما فيها من المعارف ذات الأهمية الكبيرة التي تبني هذه الأمة، ليكون لديها رؤية متكاملة في الجهاد في سبيل الله، وفي التحرك في إدارة الصراع مع أعداء الله بشكلٍ صحيح، ومن كل الجوانب؛ لأن (سورة الأنفال) تذكر كل الجوانب: الروحية، المعنوية، العملية، الاجتماعية، تحيط المسألة من كل جوانبها.
المسلمون في هذا العصر في أمسِّ الحاجة لاستلهام الدروس والعبر من سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم” وجهاده؛ لأنه فيما بعد غزوة بدر استمرت السرايا، والغزوات، والحروب، والمعارك الكبرى، مع المشركين بمختلف فئاتهم: الحرب مع قريش، الحرب مع اليهود، عدة حروب مع اليهود، وكذلك الحرب مع دولة الرومان (مع الروم)، وكلها حقق الله فيها نتائج مهمة للمسلمين: ثبَّتت قواعد الإسلام، وكذلك مكَّنت المجتمع الإسلامي من النهوض، وأن يبني نفسه؛ ليكون له دوره العالمي في إطار الرسالة الإلهية؛ فكان لها النتائج المهمة جداً.
المسلمون أيضاً بحاجة إلى فهم صحيح لفريضة الجهاد في سبيل الله؛ لأنها فريضة استُهدِفت بالتهميش والتغييب:
– غاب وقَلَّ الحديث عنها، سواءً في المناهج التعليمية، سواءً فيما يتعلق بالإعلام والبرامج الإعلامية، أو على المستوى التثقيفي والفكري، قَلَّ الحديث عنها كثيراً، ونقص، حتى لو كان هناك حديث، عادةً ما يكون ناقصاً، يُغفِل جوانب ذات أهمية كبيرة جداً تتعلق بالجهاد في سبيل الله.
– ومن جهة أخرى: تعرضت هذه الفريضة العظيمة المقدَّسة المهمة للتشويه، شُوِّهت بشكلٍ كبير، شوِّهت من جانب التكفيريين، وبعض الأنظمة التي تدعمهم بإشرافٍ أمريكي، وتوجيهٍ غربي، والتشويه من جوانب كثيرة جداً: سواءً في تحديد من هو العدو، أو في الممارسات الوحشية والإجرامية: من قتلٍ للأبرياء، من عمليات انتحارية في المساجد، في الطرقات، في الأسواق، في المستشفيات، من استهدافٍ للناس بشكلٍ عام (كباراً وصغاراً)، وتوجيه بوصلة العداء إلى غير الأعداء: إمَّا إلى من لهم مشكلة مع أمريكا، ويتحركون في أوساط الأمة ضد العدو الإسرائيلي؛ وإمَّا بهدف إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية بين المسلمين، وهكذا، من هذا النوع عناوين وأساليب تخدم الأعداء، في مجملها تخدم الأعداء بشكلٍ كبير ولا تخدم الأمة.
عندما نتحدث عن الجهاد في سبيل الله، على ضوء الدروس المستفادة من سيرة النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، ومن الآيات القرآنية، والرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” كان لديه اهتمام كبير جداً بالجهاد، فأخذ مساحةً كبيرة من اهتماماته، وكان حاضراً في مقدمة أولوياته، وكان أيضاً يعطيه الوقت، والجهد، والاهتمام، والتحريض، والأعمال الواسعة المتنوعة، المرتبطة بفريضة الجهاد، يعطيه أهميةً بارزةً وكبيرةً جداً، وهذا معروف؛ فهو استمر في الغزوات، والسرايا، والعمليات الاستطلاعية، ومختلف الأعمال المتعلقة بذلك، حتى كان على فراش الموت، في لحظات حياته الأخيرة، وهو يُعِدُّ جيشاً، كان يحاول أن يدفع بتحريك ذلك الجيش (جيش أسامة) لمواجهة الروم، وهو على فراش المرض، فكان اهتمامه كبيراً؛ نتحدث عن بعض من الدروس المستفادة من مسيرة النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” وجهاده، والآيات القرآنية المتعلقة بفريضة الجهاد في سبيل الله:
– يتضح لنا من خلال النصوص القرآنية، والاهتمام الكبير جداً لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” بأمر الجهاد: ضرورة الجهاد:
هذا من أهم ما ينبغي أن نستوعبه: أنه لابدَّ من الجهاد، أنه من الضروريات التي نحتاج إليها؛ لأن الصراع حالة قائمة في واقع البشر، ليس الوضع البشري والواقع البشري مستقراً، هادئاً، لا مشاكل فيه، ولا حروب فيه، ولا صراع فيه، والبشر هادئون، وأوضاعهم مستقرة؛ فأتى تشريع الله بالجهاد ليسبب لهم المشاكل، وليثير بينهم الحروب، وليدخلهم في صراعات. ليست المسألة هكذا.
المسألة: أن الصراع هو جزءٌ من حياة المجتمع البشري، وحالة قائمة في الواقع، ومستمرة، مستمرة، البشر بينهم أشرار، بينهم طغاة، بينهم مجرمون، يثيرون الشر، يعتدون، يرتكبون الجرائم، يظلمون عباد الله، يتحركون بأطماعهم، بأهوائهم، بعدوانيتهم، يرتكبون أبشع الجرائم بحق الناس؛ فلابدَّ من الجهاد؛ لدفع شرهم، لدفع خطرهم، ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة: من الآية251]، وفعلاً الواقع والأحداث تثبت ذلك.
في تاريخ البشر، فيما قد مضى وإلى اليوم، كم هناك من جهات ومن أشرار ومن طغاة سيئون، يتجهون هم ويتحركون هم للعدوان على الناس، لارتكاب الجرائم، لظلم المجتمع البشري، تأتي اعتداءات على شعوب، اعتداءات على أمم، اعتداءات على مناطق، اعتداءات ومظالم كبيرة جداً؛ ولذلك فليس التشريع بالجهاد هو الذي أثار المشكلة في واقع البشر، ولكنه لحماية الناس، ولدفع شر الأشرار، ولإنقاذ المستضعفين؛ أمَّا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فهو غنيٌ عن عباده، غنيٌ عن عباده، ليس بحاجةٍ إليهم ليدافعوا عنه؛ ولهذا يقول الله “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت: الآية6].
ولذلك عندما يتجه المسلمون للعمل وفق انتمائهم للإسلام على أساس شريعة الله، وهديه، وتعليماته المباركة المقدَّسة، التي فيها الخير والفلاح، وفيها الفوز العظيم في الدنيا والآخرة، فيها السمو للناس، لتحقيق إنسانيتهم؛ يأتي من يعتدي عليهم، من يحاربهم، من يحارب انتشار رسالة الإسلام، من يتحرك في هذه الأرض بظلمه، بفساده، بطغيانه، بجبروته، بإجرامه، فلابدَّ من الجهاد في سبيل الله.
– أيضاً الجهاد في سبيل الله ضروريٌ من حيث هو عامل بناءٍ مهم، وحافز لنهضة الأمة، وحافزٌ لها لتسعَ لتكون قويةً في كل المجالات:
وهذه المسألة معروفة في مختلف الأمم والبلدان: أنَّ التحدي يعتبر حافزاً مهماً، وأن حالة الصراع، والمخاطر، والمخاوف، التي تُحَرِّك الأمة عملياً لتبني نفسها لتكون قوية، هي من أهم الدوافع والعوامل لبناء أي أُمَّة.
بل إنَّ بعض الأمم، وبعض الشعوب، وبعض البلدان، تحدد لها- ليكون حافزاً لنهضتها- عدواً معيناً، حتى لو لم يكن عدواً حقيقياً، أو كان خصماً يمكن التفاهم معه، فهم لا يركنون إلى فرضية إمكانية التفاهم معه، ولو نأتي إلى كل البلدان التي نهضت، وتطورت، وتقدمت، وبنت نفسها لتكون قوية؛ سنجد أن لديها حافزاً مرتبطاً بالصراع والتحدي، ومواجهة الأخطار، وأنها حوَّلت هذا إلى حافز قوي، مُلهِم ومؤثِّر في أن تتحرك بفاعلية واهتمام كبير، وهذه مسألة معروفة في واقع البشر، وحينما غابت من واقع المسلمين، الذين دُجِّنُوا بطريقة غريبة جداً، وكأنه ليس لهم أعداء، ولا عليهم تحديات ولا مخاطر، وليس هناك ما يدعو إلى أن يتحركوا ليكونوا أمةً قوية في كل المجالات. فالصراع بنفسه هو حافز مهم للبناء، وللنهضة، والسعي للقوة.
– هو أيضاً ضروريٌ لتحرر الأمة واستقلالها، وإلَّا أخضعها أعداؤها، وأذلوها، وسيطروا عليها، واستغلوها، واستعبدوها:
وهذه مسألة معروفة في واقع البشر، ليس هناك حتى الآن- مثلاً- في شرق الأرض وغربها، ولدى مختلف أممها وشعوبها وبلدانها، تفكير في أن مصلحة أي شعب أن يكون شعباً ضعيفاً، عاجزاً، لا يمتلك القوة، ولا القدرة العسكرية، ولا يمتلك المنعة والعزة والجهوزية لمواجهة أي عدو، وأن يتَّجه لبرامج تدجينية، بعيدة عن افتراضية الأعداء والمخاطر والتحديات.
الحالة الغريبة جداً هي: الحالة القائمة في أوساط المسلمين، في أكثر شعوبهم وبلدانهم، من أصبحت الحالة عندهم حالة تدجين، وكأنه لا أعداء لهم أصلاً، وكأن مصلحتهم في أن يكونوا أمةً ضعيفة، تهرب من كل عناصر القوة، وتتخلى عن كل أسباب القوة والعزة والمنعة، وتتمسك بكل عوامل الضعف والعجز والتدجين، وهذه حالة مؤسفة جداً في واقع المسلمين!
نحن كأمة مسلمة نعيش في وسط عالم، تحيط بنا أمم وشعوب وبلدان، لديها أهدافها، توجهاتها، كثيرٌ منها توجهاتها استعمارية، عدوانية، استغلالية، وعندما يكون هناك بلد ضعيف، عاجز، لا يمتلك القدرة، ولا يسعى للقوة، ولا يقف شعبه على أُهبة الاستعداد، وفي حالة اليقظة والجهوزية لمواجهة أي عدو، بل يكون شعباً ضعيفاً، عاجزاً، مدجناً؛ فهي وضعية- بحد ذاتها- تُطمِع الآخرين في ذلك الشعب، وفي وطنه، ثروته، ممتلكاته، ولا يمكن أن يحظى أي شعب يتَّجه على أساس التدجين، والضعف، والعجز، وعدم السعي للأخذ بأسباب القوة واليقظة والجهوزية، لا يمكن أن يحظى بالحريَّة، بل سيتجه الآخرون، كم من البلدان الطامعة والحاقدة، كم من فئات الأعداء الذين قد يتحركون ويعتبرون تلك فرصة رائعة جداً لأن يسيطروا، وأن يتغلبوا، وأن يستعبدوا ذلك الشعب، ويسيطروا على ذلك البلد.
فلا يمكن للأمة أن تكون حرةً، مستقلةً، عزيزةً، إلَّا إذا بنت نفسها على أساس الجهاد في سبيل الله، لتكون أمةً قويةً، في منعة، في عزة، في حالة جهوزية لمواجهة الأعداء والتحديات.
ثم نحن كمسلمين أمةٌ مستهدفة أكثر من غيرنا، بالرغم مما بين البشر من صراعات وخلافات، بمختلف أديانهم، وأممهم، وشعوبهم، وتوجهاتهم، بينهم الصراعات، الحساسيات، الاختلافات، الأطماع، النزاعات، ولكن الأمة الأكثر استهدافاً بين المجتمع البشري هم المسلمون، هذا ثابتٌ تاريخياً، وهذا واضحٌ في عصرنا الراهن، وبشكل يمكن للإنسان أن يتابع في أي يوم من الأيام نشرات الأخبار، حوادث الحروب، القتل، الاعتداءات، كل الأخبار المؤسفة المحزنة هي في واقع المسلمين، بين أوساط المسلمين، القتلى، الجرحى، الدمار، الخراب، الاحتلال… في واقع المسلمين.
في هذا العصر، الذي حاولت دول الغرب والدول الأخرى أن تقدِّم نفسها بأنها دول حضارية، وأنَّ هذا العصر هو عصر الحقوق، حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعوب، تبقى الحالة مختلفة لدى المسلمين، البلدان التي تستهدف بالاحتلال والغزو بلدان المسلمين، الطمع الكبير في بلدان المسلمين، وثرواتهم، ومواقع بلدانهم، ويركِّز الأعداء على احتلال أوطان المسلمين، على فرض قواعد عسكرية فيها، على نهب ثرواتهم، على التحكم فيهم على كل المستويات: السياسية، والاقتصادية، على التأثير عليهم، والضغط عليهم؛ للتغيير في فكرهم، وثقافتهم، ومناهجهم الدراسية، والتحكم بها وبمخرجاتها، ليس هناك أمة تعاني من الاستهداف لها، والتدخل في شؤونها، والضغط عليها، والنهب لثرواتها، وحياكة المؤامرات لإثارة الفتن فيها، وإغراقها بالأزمات، مثل ما هو حال المسلمين، فنحن الأمة الأكثر استهدافاً بين كل أمم الأرض وشعوبها، وهذه حالة واضحة جداً، المسلمون هم من يتعرَّضون للغزو إلى بلدانهم، وأوطانهم، وللاحتلال، وللإذلال، وللإهانة، ولجرائم الإبادة الجماعية، تُرتَكب بحقهم، ولا نزال نسمع في كل مرحلة، في كل مرحلة، في كل مرحلة عن إبادات جماعية للمسلمين هنا أو هناك، وهذا على المستوى التاريخي، على مدى التاريخ، وفي عصرنا الراهن كما قلنا.
على مستوى التاريخ: نجد أنَّ المسلمين تعرَّضوا للغزو، ولجرائم الإبادة الجماعية بشكل كبير جداً، حملات كبيرة جداً عليهم؛ لغزو بلدانهم، واحتلال أوطانهم، ونهب ثرواتهم، ولتدميرهم، وقتلهم، وإبادتهم، وإهانتهم، وإذلالهم، كلنا نعرف ما جرى في التاريخ من حملات المغول، ومن حملات الصليبيين، التي هي ثمان حملات كبرى، ثم ما بعد ذلك: المجتمع الغربي بعد أن تحرَّك تحت العنوان الاستعماري، والاحتلال، والنهب، والطمع، والسيطرة، وليس تحت العنوان الصليبي، مع أنه لا يزال في الواقع يحمل نفس التوجه، نفس العداء، يحمل نفس العداء ونفس التوجه الذي كان أثناء حملاته الصليبية التي استهدفت بلداننا كمسلمين.
قرون من الزمن، تحرَّك الغرب تحت العنوان الاستعماري؛ لاحتلال بلداننا، لارتكاب جرائم رهيبة جداً، يعني: بعض الشعوب قد تصل الإحصائيات إلى قتل ثلث السكان فيها، قتل الملايين من المسلمين، ضحايا من المسلمين في تلك الحملات بالملايين، وهكذا استمر الغرب حتى هذه اللحظة، في مخلفات الاستعمار الغربي أتوا بالعدو الاسرائيلي لاحتلال فلسطين، مكَّنوه، ودعموه، وقدَّموا له كل أشكال الدعم، بما في ذلك الدعم العسكري، الدعم المالي، الدعم السياسي، وحاولوا أن يفرضوا هذا الاحتلال ليكون مقبولاً، أصدروا له حتى قرارات، قرارات في الأمم المتحدة، بمصادرة نسبة كبيرة من فلسطين، أراضي عام 48، بأي حق تصادر أرض المسلمين، أوطانهم، بلدانهم، لصالح الآخرين؟! لكن الغرب هكذا سيتعامل مع المسلمين، هم أعداء، هم أعداء.
المؤسسات الدولية نفسها هي تحت سيطرتهم، يمتلكون فيها الفيتو، يمتلكون فيها ما يعيق أو يجمِّد أي قرارات، ثم يتعامل الآخرون مع قضايا أمتنا- سواءً الغرب، أو أي دول أخرى- يتعاملون مع قضايا أمتنا الواضحة، ومظلوميتها الواضحة بلا مبالاة، وفعلاً هل نتوقع من الآخرين أن يكونوا أكثر اهتمامٍ منَّا كمسلمين بقضايانا؟! هل نريد من بلد غير مسلم هنا أو هناك، مثل ما هو الحال الآن في أحداث فلسطين، والعدوان الذي يشنه العدو الإسرائيلي على غزة، بعض المسلمين كان ينتظر من الصين، أو من روسيا… أو من أي دولة هنا وهناك، أن تهبَّ هي لتوقف العدوان على غزة، كيف نتوقع من الآخرين أن يكونوا أكثر اهتماماً بقضايانا منَّا نحن المسلمين؟!
حملات التحريض ضدنا كأمة مسلمة، سواءً في المناهج الدراسية، مثلاً: المناهج الغربية، مخرجاتها تكوِّن رؤية سلبية جداً ضد المسلمين، وضد العرب، وتعزز الحالة الاستعمارية، والأطماع في بلداننا، وأوطاننا، وثرواتنا، والموقع الجغرافي لبلداننا… وهكذا. أمَّا المنهج التعليمي والتثقيف، وكل الأنشطة التثقيفية التعليمية لدى العدو الإسرائيلي، فهي مشحونة بالحقد، والكراهية، والعداء الشديد للمسلمين، والاستباحة، والتحريض، الاستباحة لهم، لدمائهم، لأموالهم، لممتلكاتهم، لأوطانهم، وكذلك بالتحريض الشديد جداً على إبادتهم، وقتلهم، وتشبيههم بالحيوانات، بل الادِّعاء بأن أصلهم حيوانات وليسوا بشراً؛ وإنما هم في أشكال بشر، وعندما حصل التطبيع من بعض الدول العربية، لم يتغير شيءٌ أبداً في المناهج الدراسية التعليمية لدى العدو الإسرائيلي، في الأنشطة التعبوية، التي ترسِّخ الكراهية الشديدة للمسلمين؛ ولذلك عندما نرى ما يفعله العدو الإسرائيلي في غزة، من جرائم إبادة شاملة، إبادة جماعية، قتل للأطفال والنساء، تباهٍ من جنوده بقتل الأطفال، بقتل المسنين، بقتل النساء، تَعَمُّد لقنص النساء وقتلهن، هتك للأعراض، فلا غرابة في ذلك، هم تربوا على ذلك من طفولتهم، رضعوا الحقد والكراهية والعداء للمسلمين.
فأمة لها أعداء، تواجه مخاطر كبيرة، واجهت على مدى تاريخها مخاطر رهيبة جداً، تواجه مخاطر، هناك تحريض مستمر ضدها، حتى الآن فيما يعرف في الغرب بحملات التحريض والكراهية ضد الإسلام [الإسلاموفوبيا]، كم هناك من أنشطة في إطار هذا العنوان؟ أنشطة ومنظَّمات مدعومة بالأموال، وتعمل بكل ما تستطيع لترسيخ الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، حتى في المجتمعات الغربية؛ فنحن أمة نحتاج إلى أن نتحرك للجهاد في سبيل الله.
– أيضاً الجهاد في سبيل الله بقدر ما هو ضرورة، وحاجة واقعية وفعلية، هو فريضة دينية، مهما تنصلنا عنها وتجاهلناها:
والقرآن الكريم أعطى مساحة للحديث عن هذه الفريضة واسعة جداً، أكثر من أي فريضةٍ أخرى، في الحث عليها، والإلزام بها، والتأكيد عليها، وصيغ الأمر، والصِّيَّغ التي تُبَيِّن أنها من فرائض الدين، وأنها إلزامية، والمساحة الكبيرة في القرآن للحديث عن الجهاد واضحة، سور بأكملها، مثلما هو الحال بالنسبة لـ(سورة الأنفال، وسورة التوبة، وسورة محمد، وسورة الفتح)، ومساحة في السور الأخرى، مساحة واسعة مثلما هو الحال في (سورة البقرة، وآل عمران، وسورة النساء، والمائدة، في سورة الحج كذلك…)، في سور كثيرة من القرآن الكريم، آيات كثيرة جداً، أكثر من خمسمائة آية عن الجهاد في سبيل الله.
حديث عنه يُبَيِّن أهميته، فضله، الإلزام به، الذم للمثبِّطين عنه، الترغيب فيه، توضيح للآداب والالتزامات العملية والأحكام المتعلِّقة به، كشف واقع الأعداء، وخطورتهم، ونقاط الضعف، ونقاط القوة، وأسباب النصر، وأسباب الهزيمة، وكل ما يتعلق بفريضة الجهاد في سبيل الله.
وفي هذا السياق نفسه جعله الله معياراً يُبيِّن مصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، هل هو مؤمن أم لا؟ ولهذا يقول الله في الرد على الأعراب، عندما: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا}[الحجرات: من الآية14]، ردَّ الله عليهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: الآية15]، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}[التوبة: من الآية111]، {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}[التوبة: 44-45].
يبين أنه شرط للفوز والنجاح: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: الآية142].
رغَّب فيه، بيَّن مكاسبه الكبرى للأمة، في الدنيا والآخرة، وسمَّاه تجارة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الصف: 10-11]، يعني: خيرٌ لكم في الدنيا والآخرة، ما وراء الإخلال به إلَّا الشر عليكم، والخطر عليكم، {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[الصف: 11-13].
ربط به النصر والتمكين للأمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7]، يعني: لا يمكن للأمة أن تنتصر، لدفع الخطر عنها، ودفع شر أعدائها، بدون الجهاد في سبيل الله.
– ثم نحن أمة لها رسالة، وعليها مسؤولية، ومنوطٌ بها التصدي لجبهة الشر:
الإسلام هو رسالة إنقاذ للمستضعفين وللبشرية، وتخليصٌ لها من سيطرة الطاغوت المرتبط بالشيطان، الذي يظلم الناس، ويذلهم، ويستعبدهم، فالإسلام رسالة تحرير، وإنقاذ، وحريَّة، وكرامة، وعزة، وشرف، ولإقامة القسط، ولنشر العدل، والحق، والخير، والقيم العظيمة في الحياة، ومثل هذه المهمة لابَّد أن يكون إلى جانبها الجهاد، وإلَّا فمعروف كيف يتصرف الأشرار، والطغاة، والمجرمون، في سعيهم لمنع مبادئ الإسلام وقيمه ورسالته، التي هي رسالة خيرٍ، ونجاةٍ، وفلاحٍ للبشرية.
– في السياق الإيماني نفسه، أهمية الجهاد في التربية الإيمانية، وصلاح النفوس:
لأن الجهاد يعتمد أساساً على الإيمان، لابدَّ فيه من الثقة بالله، لابدَّ فيه من التوكل على الله، لابدَّ فيه من المحبة لله، لابدَّ فيه من الخوف من الله، هذه ركائز يبنى عليها الجهاد، وإلَّا لا تستطيع الأمة أن تتحرك للقيام بهذه الفريضة بدون ذلك.
لابدَّ أيضاً والإنسان يواجه فيه المخاطر، والتحديات، ويستشعر قرب لقاء الله، ويتوقع الشهادة في أي لحظة، لابدَّ أن يتجه بصدق بالتزام إيماني في أعماله، في سلوكياته، ويستشعر القرب من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويكون حريصاً على قبول عمله.
– له أهميته على المستوى التربوي:
لأنه يربيك على العزة، على الكرامة، على الإباء، ينمِّي فيك هذه المشاعر على الحريَّة؛ وإلَّا هانت النفوس بدون ذلك، هانت، وتروَّضت على الهوان، وهبطت المعنويات، الاهتمامات… وغير ذلك.
– أهميته كذلك في الارتقاء بالاهتمامات، والتفكير، والأعمال، والبرامج:
الأمة تكبر اهتماماتها، تتجه لما يبنيها لتكون قوية، بدلاً من أن تغرق في الأمور التافهة، والسيئة، والدنيئة، والرذائل، والمفاسد.
– وكذلك أيضاً ارتبط به مصير المسلمين وعزهم:
النقلات والمتغيرات في تاريخ الأمة، سواءً في مسيرة النبي وحركته وجهاده “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، أو ما بعد ذلك، المراحل التي اعتز فيها المسلمون، وانتصروا، وبرزوا كأمة قوية في الساحة، حاضرة برسالتها، بدورها، بمشروعها العظيم، متى كانت؟ في إطار الجهاد في سبيل الله، عندما تجاهد الأمة، ما الذي غيَّر واقع المسلمين عمَّا كانوا عليه في مكة: من حالة الاستضعاف، من حالة الاضطهاد، من حالة الضعف نفسه؛ إلى وضعٍ مختلفٍ تماماً، ثم إلى وضع أكبر وأكبر، كلما استمر جهادهم؛ كلما ازدادوا قوةً، وتمكيناً، ونصراً، ومهابةً، وعزاً؟ كان ذلك مرتبطاً بالجهاد.
في أيام الفتوحات الكبرى للمسلمين، ما الذي تحقق للمسلمين؟ كيف تحققت تلك الفتوحات؟ كانت هي بحد ذاتها امتداداً لما قام به النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” من جهد كبير في تربية الأمة، وإحياء روح الجهاد فيها، وتعزيز الثقة بالله فيها، وتعويدها على النهوض بمسؤوليتها، والشعور بمسؤوليتها.
أمَّا في الحالة التي عطَّل المسلمون فيها الجهاد في سبيل الله، فقد تكبَّدوا خسائر كبيرة جداً:
– الخسائر تبدأ من النفوس:
يفقد الناس الشعور بالقوة النفسية، بالعزة، وتترسخ حالة الذل في نفوس الناس؛ لتعطيلهم الجهاد، والخوف، والتهرب من أي موقفٍ قوي، وهي حالة خطيرة جداً، إذا انتشرت حالة الذل والخوف، كما هي سائدة في واقع الكثير من بلدان المسلمين.
– على المستوى التربوي:
تراجع كبير، وضعف الاهتمامات، وَتَهَرُّب من أبسط الأعمال، يفقد الناس حتى روحيتهم العملية، وفعلاً ترى كيف يصل الحال بالكثير من المسلمين: أنه لا يصل في مستوى الفعل والموقف إلى مستوى أن يقاطع بضائع الأعداء، بل يدعم الأعداء بماله، لا يصل إلى مستوى أن يكون له موقف إذا كان ينشط أصلاً في الجانب الإعلامي، في إطار نشاطه ذلك: لدعم قضايا أمته، وتحمل المسؤولية تجاهها، أو للخروج مثلاً في مسيرات ومظاهرات وغير ذلك.
– من أخطر النتائج هي: جرأة الأعداء على الأمة:
الأمة بتركها للجهاد يتجرأ عليها أعداؤها، يتشجَّعون عليها؛ لأنهم يرونها أمة ضعيفة، حسب التعبير المحلي: [مدفخة]، يضربونها متى شاءوا والأمر طبيعي جداً، يقتلون أبناءها، يحتلون أوطانها، يستهدفون مقدساتها، وهم غير قلقين من ردة فعل قوية، فهذه حالة خطيرة جداً، تراجع في مستوى الوعي عن الأعداء، بالرغم من حديث القرآن الواسع عنهم، وما يفيده الواقع في إطار الاهتمام والمتابعة.
– عملياً: يتجه الأعداء للسيطرة على الشعوب، والتحكم بها في كل مجالات حياتها:
– يحتلون الأوطان.
– يستبيحون الأمة.
– يخترقونها.
– يستنزفونها في تحريك بعضها على البعض الآخر… وهكذا.
ومن أبرز ما يجلي لنا هذه الحالة المؤسفة: موقف الشعوب الإسلامية في الوطن العربي وغيره، تجاه مأساة الشعب الفلسطيني ومظلوميته في غزة، هي قضية واضحة، ليس فيها التباس، ليست المشكلة عند المسلمين أنَّ هناك التباس حول الموضوع، لكن كيف هو مستوى تفاعلهم مع مظلومية الشعب الفلسطيني؟ في أكثر البلدان، في أكثر الشعوب، ليس هناك أي اهتمام عملي أصلاً، لا على مستوى التبرعات لدعم الشعب الفلسطيني بالمال، لا على مستوى المسيرات والخروج والمظاهرات، الذين ينشطون إعلامياً بالملايين من تلك البلدان، اهتمامهم ضعيف، أو يكاد ينعدم تجاه هذه المظلومية، كذلك على المستوى الرسمي: هناك توجه بأن لا يكون هناك أي موقف فعلي لمناصرة الشعب الفلسطيني، وأقصى ما يقدَّم هو بيانات فيها عبارات- حتى العبارات ينتقونها- لا تكون مزعجة بشكلٍ أكبر للعدو الإسرائيلي… وهكذا، هذه الحالة المؤسفة، وهم يشاهدون مآسٍ رهيبة جداً، مظالم رهيبة جداً: قتل للأطفال، للنساء، للكبار، للصغار، جرائم إبادة جماعية، شعب من هذه الأمة، من المسلمين يتضوَّر جوعاً، وهم يتفرَّجون! الحالة الهابطة على المستوى النفسي التربوي، على مستوى الأخلاق والقيم، على مستوى الإباء، والعزة، والكرامة، والغيرة، والحمية، والأسف للمظلوم، تضرر كل شيء: تضررت الحالة النفسية، الحالة التربوية في واقع الأمة، وأسهم في ذلك الحكام، وأسهمت الأنظمة فيما وصلت إليه الشعوب في هذه الحالة.
في البلدان التي فيها تحرُّك، مثلما هو الحال في بلدنا في اليمن، هناك تحرَّك- بحمد الله، بتوفيق الله- لحمل راية الجهاد، شعبنا اليوم عملياً في حالة جهاد، وموقف فعلي، وموقف عملي، وموقف مواجهة مع الأعداء، هذه نعمة كبيرة جداً جداً، والوصول إلى هذه المرحلة: أن نكون في مواجهة مباشرة ضد أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، هذا نعمة عظيمة جداً جداً، كثيرٌ من الشعوب كم ستحتاج من مراحل حتى تصل إلى مثل هذه المرحلة، بالنظر إلى ما قد صنعه الأعداء، وما تأثر به الواقع، تراكمات تحصل على الشعوب في الواقع، تراكمات نتيجةً للتقصير، تراكمات كبيرة، والتفريط، ونتيجةً لما عمله الأعداء وصنعوه من عوائق.
لكن في ظل هذه النعمة العظيمة جداً، هناك ذنب كبير جداً في التخاذل، في التفريط، في التنصل عن المسؤولية، في الإهمال، أمام هذه الفرصة التي قد هيَّأها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لذلك ينبغي أن نستشعر نعمة الله علينا، وهو “جَلَّ شَأنُهُ” القائل: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: من الآية54]، الإنسان في إطار هذا الموقف يستطيع أن يقاتل، يستطيع أن يخرج ليتظاهر، يستطيع أن ينفق، يستطيع أن يتكلم، يستطيع أن يسهم بأي إسهام، الذين لهم عذرهم الشرعي يستطيعون في إطار النصح لله ورسوله، كما ورد في (سورة التوبة)، أن يساهموا بالتشجيع، بالكلام… بغير ذلك، فهي نعمة كبيرة جداً، نعمة، وفعلاً نرى ثمرتها: عزةً، كرامةً، مهابةً عند الأعداء، مهابةً كبيرة عند الأعداء، قوةً، ونرى ثمرتها أيضاً، ونرى أنها عامل نهضة فعلاً، عامل نهضة لتطوير القدرات والإمكانات… وغير ذلك؛ إنما كيف نتَّجه بشكل أكثر إخلاصاً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وجداً، واهتماماً، والتزاماً، التزاماً في بقية المجالات: على المستوى السلوكي والعملي بتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واهتماماً ببقية المجالات، التي فيها قصور مُعَيَّن، أن نتلمس مواطن القصور؛ لنهتم بها، ونتفادى تقصيرنا فيها.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الجهاد فی سبیل الله فی الدنیا والآخرة العدو الإسرائیلی الشعب الفلسطینی الدروس والعبر من المسلمین على المستوى لتکون قویة ع ل ى آل ه یستطیع أن کبیرة جدا رسول الله على مستوى یقول الله ال م ؤ م ن س ب ح ان ه ت ع ال ى فی أوساط لیس هناک کبیر جدا ؤ م ن ون فی إطار أ م و ال لا یمکن أن یکون ص ل و ات ما بعد کان له من أهم أنه لا فی ذلک التی ت فیه من
إقرأ أيضاً:
محمد علي الحوثي: البأس اليماني سيكنس العدوان إذَا عاد للتصعيد ولا خطوط حمراء لدينا
الثورة نت/..
جدَّدَ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، التأكيد على ثبات الموقف اليمني في مساندة الشعب الفلسطيني، مهما كانت التحديات والنتائج، ومهما تآمر المتآمرون، منوِّهًا إلى الجاهزية اليمنية العالية في خوض مسار التصعيد ضد العدوّ الصهيوني، والتصدي للاعتداءات هو ورعاته الأمريكيين والغربيين.
وفي حوار متلفز مع قناة المسيرة، أجري من مجمع “العُرضي” بعد ساعات من العدوان الأمريكي البريطاني، تطرق الحوثي إلى التحَرّكات الأمريكية والبريطانية في المناطق المحتلّة، وما يرتبط باليمن إزاء التطورات الإقليمية من غزة إلى لبنان، ثم سوريا.
وعرّج الحوثي على مسارات العمل الحكومية بعد تشكيل حكومة التغيير والبناء، وعملها في مسار صرف المرتبات بصورة استثنائية في ظل تنصل تحالف العدوان عن صرفها، ومصادرتهم لموارد الثروات التي كانت تغطي المرتبات والمعاشات.
وتطرق اللقاء إلى جملة من القضايا ذات الصلة، تستعرضها صحيفة المسيرة نَصًّا، على النحو التالي:
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بكم، مشاهدينا الكرام من مجمع العرضي في العاصمة صنعاء، نتحدث بعد ساعات من العدوان الأمريكي على هذا المجمع.. نتحدث أَيْـضًا عن التهديدات الإسرائيلية تجاه اليمن، وعن التحَرّكات الأمريكية والبريطانية في المناطق المحتلّة، وما يرتبط باليمن إزاء التطورات الإقليمية من غزة إلى لبنان، فسوريا، ثم نعرج قليلًا على حكومة التغيير والبناء وما يتصل بصرف مرتبات الموظفين.. أرحب معي في هذه المقابلة الخَاصَّة بالأُستاذ محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى، مرحبًا بك أُستاذ.
أهلا وسهلا حياكم الله، حياكم الله.
– نبدأ أُستاذ محمد معك ونحن بعد ساعات من العدوان الأمريكي على العاصمة صنعاء، وبالتحديد على مجمع العرضي.. ما هي رسالتكم وتعليقكم أولًا على هذا العدوان؟
نحن نقول بأننا في الشعب اليمني، سواءٌ أكانت القوات المسلحة، أَو أي فرد من أبناء الشعب اليمني عندما نتحَرّك لمواجهة العدوان على غزة، نتحَرّك من منطلق إيماني، ومن منطلق ضمير، ومن منطلق معاناة، الأمريكيون عندما أتوا لقصف بلدنا مع السعوديّين والإماراتيين.
وكما شاهدتم أثناء هذه الزيارة لمجمع العرضي، لم يكن هذا هو الاستهداف الأول لمجمع العرضي، وكان هناك مجزرة ما تسمى “مجزرة العرضي” التي ارتكبت هنا، ثم تلاها الاعتداءات كما ترون على هذا المجمع.
هذا المجمع، بما يقوم به اليوم من تحَرّك بأبنائه المجاهدين الأبطال في قيادة هذه الوزارة، وكذلك المجاهدون الأبطال في الجبهات، أثبت أن التحَرّك وطني، وأن التحَرّك الذي يسير عليه؛ مِن أجلِ مناصرة المظلومين لأبناء غزة، وهذا شرف وفخر لأبناء الشعب اليمني يتحَرّكون من منطلق المسؤولية، نحن لا نقول بأننا دولة عظمى، ولا نقول بأننا لا يمكن أن يقصف بلدنا، أَو لا يمكن أن يكون هناك عدوان على بلدنا، عندما نساند أبناء غزة، نحن نعلم أنه العدوان مُستمرّ على بلدنا، وإن تحَرّكنا؛ لأَنَّنا سمعنا ذلك الأنين في غزة، كما سمعناه في اليمن رأينا ذلك القصف، تلك المدارس كما رأيناها في اليمن، رأينا القصف، المستشفيات كما رأيناه في اليمن، كُـلّ المجازر التي رأيناها في غزة تكرّرت أَو سبق فعلها في اليمن، فتحَرّكنا هو تحَرّك إيماني، ومن منطلق المسؤولية، يتحَرّك أبناء الشعب اليمني.
– يعني لا يمكن لهذا العدوان، أَو أي عدوان في المرحلة المقبلة، أن يثني اليمن عن واجبه تجاه غزة.
أعتقد أن الأموال التي صرفت على السلاح الأمريكي خلال 2015 وإلى اليوم من قبل دول الخليج، كانت أكثر بكثير مما ستقدمه أمريكا للدفاع عن “إسرائيل”، ومع ذلك، لم تقم تلك الغارات، ولم تثنِ الشعب اليمني عن القيام بدوره وواجبه، وهذه رسالة حقيقية المفترض أن يقوموا بدراستها، الشيء الحقيقي والواقعي، إذَا أراد الأمريكيون أن يتوقف مساندة أبناء غزة، بإيقاف العدوان على غزة، وفك الحصار عنها.
– كان هناك أُستاذ محمد تهديدات إسرائيلية وتكرّرت وتصاعدت في الفترة الأخيرة تجاه اليمن، بشن هجمات على اليمن أوسع مما كان في السابق.. ما هو ردكم على هذه التهديدات؟
الإسرائيليون قد يرتكبون حماقات، لكن لا يعني ذلك أننا سنتوقف عن استهداف الكيان، طالما العدوان والحصار مُستمرّ على أبناء غزة، ونحن لا نأبه بتلك الأشياء التي يتحدثون عنها، نحن نعرف الشعب اليمني وقوته وصموده، وكلما استهدف أبناء الشعب اليمني من قبل اليهود، إنما ستزداد لديه المعنويات أكثر؛ لأَنَّ يستهدفهم، وسيزداد السخط ضد “إسرائيل”، وضد الأمريكيين، هذا هو ما يعرف عن أبناء الشعب اليمني، كلما ازداد استهدافنا، ازداد سخطنا، وقوتنا، والتطور الكبير جِـدًّا الذي تحرزه القوات المسلحة لمواجهتهم.
– ولكن الإسرائيليين في الفترة الأخيرة اعترفوا بأن الضربات على الحديدة لم تردع اليمن عن مساندة غزة، هم يتحدثون عن ضربات أوسع.. هل ستردع أي ضربات أوسع اليمن من الاستمرار في مساندة غزة؟
عندما تنظر إلى الموقف اليمني، فهو نابع من موقف إيماني، موقفنا ليس استعراضًا، موقفنا لا نبحث عن الشهرة، نحن لا نتوجّـه في مواجهة اليهود؛ مِن أجلِ أن يقال عنا بأننا نفعل هذا، أَو؛ لأَنَّنا إذَا فعلنا ذلك، فمعناه أننا خرجنا عن الموقف الإيماني، وبالتالي توسعت الأهداف كما يقول الإسرائيلي، أم لم تتوسع، فقد رسم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- هدفًا واحدًا، يتمثل بإيقاف القتل والإبادة لأبناء غزة، وإيقاف الحصار عليها، وستتوقف عملياتنا في البحر الأحمر، ما لم فعملياتنا لن تتوقف، والسيد القائد يتحدث كُـلّ أسبوع، ويوضح الموقف اليمني، ويوضح ماذا يجب على الجميع القيام به تجاه هذه المظلومية العظيمة والكبيرة التي يعاني منها أبناء غزة.
– إذَا ما تحدثنا عن التطورات الإقليمية، وانطلقنا من سوريا، هناك نشوة بالذات إسرائيلية بعد سقوط النظام في سوريا، هل سيؤثر ما حصل في سوريا على اليمن؟
نحن في موقفنا الإيماني، وفي توجّـهنا لا نأبه بشيء، أولًا الجبهات تختلف، الأحداث تختلف، المواقع تختلف، المواقف تختلف، ما حصل هناك من اعتداء للإسرائيلي استنكرناه، وموقفنا منه واضح، ونقول لنأتي جميعًا لنجاهد هؤلاء اليهود؛ لأَنَّهم سبب المشكلة، وسبب الدمار في كُـلّ الوطن العربي.
فهذا لا يؤثر، ونحن نستغرب عندما يتم ربط الموضوع هنا أَو هناك، نحن لدينا هدف، لدينا قوة، لدينا جيش، لدينا شعب، لدينا قائد، لدينا أُمَّـة، ونتحَرّك وفق هدف معين وثابت، هو نصرة إخواننا في غزة، ونصرة أَيْـضًا الإخوان السوريين إذَا ما تحَرّكوا في مواجهة العدوان عليهم.
– لأنهم يقولون بعد دمشق، هم يعتقدون أن بيروت سقطت بأي معنى؟
سقوط حزب الله؟ يقولون بعد ذلك سقطت دمشق، وبالتالي بغداد، أَو صنعاء.. يعني من هذا المنطلق، يعني موقف، يعني هو عبارة عن حديث استخباراتي، وحرب نفسية توجّـه ضد ضعاف الإيمَـان، وحديثهم عن اليمن هو حديثهم عندما قال إن أحد سيستطيع أن يصل إلى الشمس، فنقول لهم: إذَا كان باستطاعة اليهودي أن يصل إلى الشمس، فَــإنَّه لا يستطيع أن يصل إلى اليمن!
– يعني هناك فارق كبير بين اليمن وسوريا فيما يتعلق؟؛ لأَنَّهم يقولون، كان هناك جيش، وكان هناك قدرات كبيرة وكان هناك ربما حاضنة شعبيّة للنظام في سوريا، وبالتالي سقط هذا النظام في أَيَّـام معدودة.
لسنا في صدد البحث عن كيف وصل إلى هناك، أَو كيف تحَرّكوا في سوريا، نحن في مواجهتنا، وما يجب أن نتقي إليه، وأن نركز عليه، وعلى ما يفعله العدوّ الإسرائيلي، سواء في سوريا، أَو بما يريد أن يفعله في اليمن، كما تقول، أَو ما يفعله في غزة.. هذا هو الهدف الذي يجب أن تتجه إليه أبصارنا وأنظارنا، ونحن لا نأبه بأي شيء آخر.
– البعض في وسائل الإعلام السعوديّة والإماراتية يقولون إن من يجب عليه أن يرحل هي حكومة التغيير والبناء وما يتصل بثورة 21 سبتمبر أم أن المطلوب هو رحيل الاحتلال؟
المفروض أن السعوديّ والإماراتي هو من يجب عليه أن يقلق اليوم في اليمن، وكما هو معروف فالسعوديّ والإماراتي يحاولون هزيمة ثورة 21 سبتمبر، لكن هذه الثورة هي ثابتة، وقدمت الكثير من العطاء، قدمت الكثير من التضحية في سبيل تحقيق أهدافها، وفي سبيل طرد المحتلّ لبلدنا، وبإذن الله تعالى سيتحقّق لنا هذا، نحن نقول: نحن في مرحلة خفض التصعيد، وَإذَا حدث تصعيد جديد، فلن يرى أمامه إلا الرجال الثابتون الواقفون الصامدون.
ونعلم أن لديهم قوات أعظم، ولديهم تحَرّك أقوى، ولديهم تطور في القدرات أكثر مما كانت في الماضي، والمناطق التي تم استهدافها سيتم استهدافها من جديد، لا مانع لدينا، لا خطوط حمراء، كما قال السيد القائد، لا خطوط حمراء، لدينا على الإطلاق، لإيقاف ما يحصل على بلدنا، أَو ما يحصل في غزة والاعتداء عليها.
– معادلة الاستباحة كما يجري اليوم في سوريا، وتحدث عنها السيد القائد بأن العدوّ يريد تطبيقها على شعوب المنطقة.. هل يمكن أن يقبل اليمن بهذه المعادلة مع هذه الظروف والتعقيدات الصعبة الموجودة اليوم؟
الشعب اليمني لديه مجموعة كبيرة جِـدًّا من القيم والإيمان والأخلاق، والقبائل اليمنية القوية، والتي فيها الفرد بكله قبيلة، وهذا بفضل الله جيش واحد بمفرده، ولو تعرف بأن أكثر ما نقوم بالحلول القبلية اليوم، فكل قبيلة لا تقبل أن يتقدم إخوانهم من أبناء القبيلة الأُخرى، ولو لشبر في قبيلة الآخر، ولذلك، وكما قلت لك، فالحديث عن اليمن، يجب أن يأخذ منحى آخر، ومختلف آخر، ولا داعي لأن نروج لحربهم النفسية التي يريدون أن يثيرونها ضد ضعاف النفوس، وضد ضعاف الإيمان، وبلدنا -بفضل الله تعالى- اسمه، يمن الإيمان، يمن الحكمة، وهو يستمد قوته، من قائده، ومن عزيمته، ومن إيمانه، وهو لا يخاف ولا يأبه بأي شيء.
– اليمن اليوم يتصدر مشهد الإسناد لغزة، وَمن الواضح أن العدوّ، خَاصَّة الإسرائيلي والأمريكي، يتقنون الحرب الأمنية، وَالخلايا التجسسية.. كيف تتعاملون مع هذا؟
نحن لدينا -بفضل الله تعالى- شعب واعي، شعب متحَرّك، والكثير من العمليات أفشلت من قبل الشعب اليمني، حَيثُ تم الإبلاغ عنها، والحديث عنها، وإبلاغ الأجهزة الأمنية.. أَيْـضًا التواجد المُستمرّ لأبناء الشعب اليمني بقياداتهم، وبأفرادهم، وبأجهزتهم الأمنية، هم منسجمون مع بعضهم البعض، وبالتالي يواجهون عدوًا آخر، ولدينا الأمثلة المعروفة، فالعدوان علينا ليس هو المرة الأولى، فهو منذ مئات السنين، ويتم الإعداد على بلدنا، وكان شعار أبناء الشعب اليمني، وقبائل الشعب اليمني: “أنا عدو ابن عمي، وعدو من عاداه، واليمن مقبرة الغزاة، كما قيل”.
– أَيْـضًا ماذا عن الحرب النفسية والإعلامية؟ يعني واضح أنه في الفترة الأخيرة، وبالذات بعد ما حصل في سوريا، هناك حرب نفسية موجهة إلى اليمنيين؛ بهَدفِ التهويل وَالإرهاب.
هؤلاء لا يعلمون بأن هناك حالة وعي كبيرة، ومن لا يعلم بذلك، فليشاهد الميادين التي تخرج فيها كُـلّ جمعة بمظاهراتها الحاشدة، بخروج القبائل، بتصريحاتهم، بقوتهم، بنشاطهم، بتحَرّكهم المُستمرّ.. هذه الحالة هي حالة وعي، حالة إيمان، حالة كُـلّ واحد منا يفهم بأن تحَرّكه هو يتحَرّك بمسؤولية واجبه، وواجبه قبل أن يكون واجب الجيش.
هذه هي النفسية اليمنية التي تختلف عن بقية النفسيات الأُخرى.. أنا أعتبر بأن مناصرة غزة هو واجبي، أنا بمفردي، حتى لو لم يكن لدي أحد، وكذلك كُـلّ أبناء الشعب اليمني من هذا المنظار، ينظرون إلى خروجهم الجماهيري، أَو إلى مساندتهم لأبناء غزة، يخرجون بألم، بقوة، يشعرون بالأسى على إخواننا في غزة، فيتحَرّكون بوعي إيماني.
– يعني قبل أن نتحدث عن التحَرّكات الأمريكية والبريطانية.. هناك من يحاول التقليل من الخروج الجماهيري للشعب اليمني، رغم أنه في المقابل الفصائل الفلسطينية تدعو باستمرار جماهير الأُمَّــة، بل حتى على مستوى العالم، إلى الخروج.. هل هذا الخروج بلا قيمة؟
لو كان بلا قيمة، لما كان بهذا المستوى من العظمة والزخم وأهميته، وكما قال السيد القائد خروج اليمنيين في كفة، وخروج الآخرين في كفة، فلنفخر بما قال.
والحقيقة أن المنافقين حديثهم المُستمرّ والدائم هو: لماذا تخرجوا، وكلّ هذه خرافات، ونحن نقول:
من لا يعرف أهميّة هذا الخروج، فهو لا يعرف الشعب اليمني، من لا يفهم قيمة هذا الخروج، فهو لا يعرف بعد أهميّة هذا الشعب، وإيمانه ووعيه، وَبالعكس، عندما يدعي، أي عندما يكون هناك أي فصل، أَو أي تحَرّك في أي بلد، أَو أي نجاح في أي مكان، يدعون الشعوب للخروج؟ لماذا يدعونهم للخروج ومساندتهم في مواقفهم؟ لماذا يدعونهم للخروج ومساندتهم في مواقفهم؟
يخرج في البرد، في المطر، لا يخرج؛ مِن أجلِ أن يستعرض أَو أن يأخذ صورة هنا أَو هناك، إنه يخرج من منطلق إيماني، بأن هذا الخروج هو لله وجهاد في سبيله، وأنه يعتبر هذا جزءاً فقط من الذي يجب عليه أن يقدمه لإخوانه في غزة.
– التحَرّكات الأمريكية والبريطانية في المناطق المحتلّة في عدن وغيرها، كانت متصاعدة في الفترة الأخيرة.. ماذا عن التكتل السياسي الذي تم إشهاره مؤخّرًا في عدن؟ كيف تنظرون إلى هذا التكتل؟
هو تكتل جمع الفاشلين والأدوات الأمريكية التي عمل باستمرار على أن يجعلهم في الواجهة، فقمع الفاشلين مرة أُخرى، وبدون رتوش، حتى يعني مثلاً أنا قلت إذَا كان أحمد بن دغر بمسؤول التكتل الأمريكي اليوم، تكتل أحزاب الارتزاق الأمريكية، فَــإنَّ معنى ذلك أنه فاشل من البداية؛ لأَنَّه من لم يستطع أن يقدم شيئًا، وهو في رئاسة الحكومة ما يقدمها، وَهو يعتبر في عمل حزبي أَو عمل شعبي؟
– ألا تنظر صنعاء أن هذا التكتل السياسي سيتحول أَيْـضًا إلى تحَرّك عسكري ضدها؟
لا، نحن ننظر إلى أنه جمع لمرتزِقة الأمريكيين، ويريدون أن يحركوا أوراق منتهية وحارقة، وبالتالي لا يمكن بإذن الله تعالى أن يحققوا أي انتصار، لو حقّقوا أي انتصار لكان في السابق، فهل تستطيع السعوديّة والإمارات التي فشلت سابقًا أن تحقّق انتصارًا، وسيأتي أحمد بن دغر ليحقّق الانتصار للأمريكيين؟
– لكن تعتقدون أنه هناك نوايا أمريكية لإعادة تحريك المرتزِقة باتّجاه صنعاء؟
بالتأكيد، الأمريكيون يحاولون أن يحركوا كُـلّ أوراقهم، لكن كما قلت لك، يحركون الأوراق الحارقة، والسعوديّة قدمت المبالغ الكبيرة، والمبالغ التي يقدمها اليوم الأمريكيون، هم يعيشون على الأموال، وَالارتزاق، وَلو تتوقف السعوديّة عن دعمها لأصبحوا فاشلين ولا يقدمون أي شيء، وهم فاشلون.. أنا اليوم، ولا يمكن أن يقدموا أي شيء، ولا أن يقدموا أي صورة ناصعة لأبناء الشعب اليمني.. ما هو السيناريو الذي يقدمونه اليوم، انزلوا وشاهدوا في المناطق التي تحت سيطرتهم، هي مجموعة من الفشل، ومجموعة من الفاشلين.
لو كان يملك هؤلاء الذين يتكتلون اليوم أمامنا، وأنا أقول دائمًا، هم كانوا قد فقدوا؛ لأَنَّهم هم أصلًا بقايا النظام السابق الذي ثار عليه الشعب اليمني، وأرادوا أن يلتفوا على الشعب اليمني كطرفين للمبادرة الخليجية؛ مِن أجلِ أن يعيدوا مرة أُخرى إنتاج الفشل، والشعب اليمني.. يعني كان هناك عبد ربه نائم أربعة وعشرين ساعة، رجل يضعه على ماذا على الشعب اليمني؟!
واليوم جاءوا بمجلس مكون من عدة أشخاص، من هو المجلس؟ ومن هم الأشخاص؟!
– هل وصلتكم رسائل تهديد من قبل الأمريكيين؟ واضح أن هناك خطوات تصعيدية باتّجاه اليمن؟
الرسائل اليوم، هي بينهم وبين الصواريخ والطيران المسيَّر، وهو قبل قليل يعتدي على وزارة الدفاع، وعلى مكتب “العرضي”.. على هذا المكان، يعني رسالته واضحة، وهي رسالة حرب ونحن جاهزون لمواجهة هذه الحرب.
وكما قال السيد القائد -يحفظه الله- نحن نفرح جِـدًّا أننا نواجه الأمريكي، والإسرائيلي مباشرة، بدلًا من مواجهة الوكلاء ووكلاء الوكلاء.
– نستطيع أن نقول إن الضربات اليمنية، سواء في البحر أَو إلى عمق الكيان الإسرائيلي هي رسائل بالحديد والنار من اليمن؟
نحن نواجه تلك الرسائل كلها التي تأتينا، وكما هو معروف، فالبحرية الأمريكية هربت في مواجهة أبناء الشعب اليمني، وهربت من مواجهة أبطال القوات الصاروخية والطيران المسيَّر، وستهرب بإذن الله، إذَا ما عملت أي حماقة، وارتكبت أي حماقة في المعركة البرية، وكما قال السيد القائد ينتظرونه في المعركة برًا.
– ما تقييمكم للتحَرّك الأمريكي البريطاني في اليمن؟ هل هو فقط يقتصر على محاولة معاقبة اليمن؟ إن صح التعبير على مساندته لغزة؟ أم أن هناك فعلاً مطامع أمريكية بريطانية؟
البريطاني هو أشبه معكم بفصائل الارتزاق التي تواجه الشعب اليمني، لا يزال يحلم بالعودة إلى اليمن، وقد طرد منها، فهذا هو ممكن، والحقيقة أن واقعنا اليوم مختلف عن السابق، فلدينا التكنولوجيا، لدينا الصواريخ، لدينا الفرط الصوتي، ولدينا أشياء كثيرة نواجههم بها، وحتى لو لم نملك شيئًا، سنواجههم، فقد واجهنا منذ عام 2004، والبعض منا لا يعرف من أين الطلقة، أَو السريع في البنادق؛ لأَنَّه كان لا يوجد عمل، ولا تدريب، ولا تسليح، ولا شيء.. كان هناك تحَرّك ثقافي بناه الشهيد القائد، وتحَرّكت الدولة في مواجهتنا وبإيعاز أمريكي لمواجهتنا؛ لأَنَّنا رفعنا الشعارات المناهضة لأمريكا، ولم تكن لدينا إمْكَانات، وقد حاولنا في إحدى المرات أن يكون لدينا مدفع، وحاولنا أن نضرب به معسكر كهلان، وكان هذا عندنا إنجازًا.
أما اليوم، فنحن نقصف في البحر الأبيض المتوسط، وفي المحيط الهندي، ونسدد الضربات في البحر العربي، وفي بحر عدن، هذا بفضل الله تعالى، والتحَرّك الجهادي، ولن نخاف، ونحن لا نملك شيئًا، فكيف سنخاف اليوم؟ وكما علمنا الشهيد القائد -رحمه الله- أن هذه الإمْكَانات التي لديهم أهم منها كلها هو الجانب المعنوي والإيماني للفرد، للمجاهد، للمقاتل، للقيادة.
ونحن نعلم أن العدوّ يفتقر للجانب المعنوي، وكانوا خائفين في حاملة الطائرات “أيزنهاور”، ووضعهم النفسي بئيس، وشعرنا بأنهم سيغادرون المنطقة، وكانت هناك تصريحات كثيرة، بأن لديهم أطباء نفسيون، يحاولون رفع المعنويات.
– في حال اتجهت واشنطن للتصعيد مع فصائل المرتزِقة في اليمن.. ما العنوان الذي سيختارونه؟ وهناك محاولة أن يكون التصعيد داخلي مع ما يسمى “الشرعية”؟
هو عدوان أمريكي مباشر، وكما قال السيد القائد يتصل بغزة أم مكيد بهذه؟
بنتيجة لدفاعنا عن أبناء غزة، وهم يقولون ذلك، فبالتالي نسميه العدوان الأمريكي المباشر في مواجهة المدافعين عن أبناء غزة، من الإبادة التي يرتكبونها، وبالتالي اليوم حديثنا هو إن كنتم تستقوون بأمريكا، فَــإنَّنا بإذن الله نتقرب إلى الله تعالى الذي هو ناصرنا، وعلمنا بصدق إن الله معنا، منذ أن تحَرّكنا عام 2004 وإلى يومنا هذا.
ونتساءل هنا: ما هي القوة التي وقفت معنا، أليست قوة الله، وهذا الذي تربينا عليه من عهد الشهيد القائد، ومع السيد القائد، وأن نكون أصحاب إيمان قوي وثابت وراسخ، فنحن لا نخاف من شيء.
– ما هي رسالتكم للمقاتلين في الطرف الآخر في حال تم الزج بهم في معركة كما تقولون إنها لصالح إسرائيل؟
نقول لهم: لقد تم الزج بكم في المرحلة الأولى؛ مِن أجلِ الدفاع عن الأمريكي والسعوديّ، واليوم يتم الزج بكم؛ مِن أجلِ الدفاع عن اليهودي والصهيوني الذي يقتل أبناء غزة، ونأمل من كُـلّ العقلاء هناك، وممن لا يزال يتظاهر بأنه مخدوع بشعارات لا تنخدعوا هذه المرة، وعليكم أن تتجهوا لتكونوا ممن ينفذ الإجرام اليهودي الأمريكي الذي يقوم بالإبادة على أبناء غزة، ونحن إنما موقفنا هو موقف إيماني ومساند، ولا نأبه ولا نخاف ولا نقلق، ولا يوجد لدينا أي شيء مما قد يصورونه لكم؛ فالوضع ثابت، ومعنوياتنا مرتفعة، ومعنويات المجاهدين عالية، والشعب في كُـلّ الميادين معنوياتهم عالية، وإنما هم يزجون بكم إلى المحرقة.
– هناك من يقول لماذا الإصرار على نصرة غزة؟ ولماذا صنعاء تستجلب العدوان الشامل والواسع عليها؟
لماذا لا تقول لأُولئك المرتزِقة الذين جلبوا على بلدنا ما يقارب العشر سنوات العدوان، والقصف، والمعارك، وإيقاف الرواتب، ويتحَرّكون في حصار أبناء الشعب اليمني، فأُولئك عملوا وتحَرّكوا؛ مِن أجلِ أن يحصل العدوان على بلدنا، فهم من طالبوا سابقًا بأن يكون اليمن تحت البند السابع، ونحن الذين رفضنا، ألا يكون اليمن تحت البند السابع في تلك الفترة.
ولو ترجعوا إلى الأرشيف لديكم، لتمكّنتم من إظهار بعض اللقطات من ذلك الوقت، فهل هؤلاء يبحثون عن مصلحة اليمن، وهل سيدافعون عن البلد.. نحن من يدافع عن أبناء الشعب اليمني، القبيلة اليمنية هي التي تدافع عن أبناء الشعب اليمني، المجاهدون في كُـلّ مكان، المواطنون في كُـلّ مكان، أبناء العواصم، المحافظات، أبناء الأمانة، الكل يتحَرّك في مواجهة عدوان ظالم على بلدنا من ألفين وخمسة عشر.
وإذا ما تجدد وعاد التصعيد من جديد؛ لأَنَّه في مرحلة خفض التصعيد، فلن يروا بإذن الله تعالى إلا البأس اليماني الشديد والقوي الذي يواجههم، وسيكنسهم بعيدًا عن اليمن.
– ما هي المكاسب التي تحصل عليها صنعاء من خلال مساندتها لغزة؟
نحن نبحث عن الثمن، وهو رضا الله تعالى؛ لأَنَّنا كما قال السيد القائد -يحفظه الله- إذَا توقفنا ولدينا القوة، فنخاف أن يضربنا الله، وضرب الله لنا هو أشد من ضرب الأمريكيين، فهذا هو الموقف الذي نبحث عنه، والذي يغيب عن أذهان الكثير من الساسة، وهم يبحثون عن المال، مصلحتنا هي مرتبطة بثقتنا بالله، وإيماننا به، وألا يتخلى عنا الله تعالى.
– كنا نتحدث عن المكاسب التي يحصل عليها اليمن من خلال مساندته لغزة، وتحدثت عن أن المكسب هو رضا الله؟
هناك مكاسب أُخرى تتمثل في ازدياد تطور الشعب اليمني، الجيش اليمني بقوته بقدراته، ارتباطه بربه، هذه مكاسب أُخرى نحن نحملها الآن.
– طيب ولكن هناك من يقول إنكم تحصلون على أموال كجبايات من السفن في البحر الأحمر؟ حتى الولايات المتحدة روجت لهذه المزاعم؟
[رَدَّ ساخرًا].. كيف يتم إيصال هذه الجبايات إلينا؟ وأمريكا هي التي حصلت على الجبايات، وأنا تحدث في تصريح سابق، قلنا لهم إنهم عندما تحدثوا بأن هناك استهدافًا، ويجب رفع التأمين، ليس مِن أجلِ الحفاظ على السفن، وإنما مِن أجلِ أن تحصل هي على زيادة التأمين ليعود في حساباتها، فهي تغطّي على الشمس بغربال! هي من تأخذ الأموال؛ مِن أجلِ حماية السفن، والسفن التي لا تصل إلى موانئ فلسطين المحتلّة، لا تحتاجُ إلى حماية الأمريكيين؛ لأَنَّنا صرَّحنا منذ البداية أن أية سفينة لا تصل الأراضي المحتلّة لا يمكن أن تصابَ بسوء، ومع ذلك، تقوم بحلبهم، وابتزازهم باستمرار، تحت ذريعة أن معها تحالف حارس الازدهار والرخاء وما أدري إيش؟ كُـلّ هذا؛ مِن أجلِ زيادة التأمين، وحلب السفن، هذا هو الذي يعملونه، خَاصَّة عندما يرون بأن هناك سفينة لا يمكن أن تضرب من قبلنا ولا يمكن أن تقصف، يقومون بحلبها، وأخذ الأموال عليها.
– الولايات المتحدة تحاول أن تقدم عمليات اليمن البحرية على أنها تهديد للملاحة الدولية؟
هذا غير صحيح ونحن قلنا هو عسكرة البحر الأحمر، من قبل أمريكا، والتهديد الحقيقي هو وجود الفرقاطات الأمريكية والبارجات الأمريكية فيه، التهديد هو أَيْـضًا استهداف الشعب اليمني المساند لأبناء غزة، من يريد ألا يكون هناك أي تهديد، فليبتعد عنا، وليوقف الدعم أَو إيصال بضائعه إلى العدوّ الذي يحاصر أبناء غزة في فلسطين.
– الدول المطلة على البحر الأحمر، صحيح أنها لن تنخرط في أي تحالف لصالح الولايات المتحدة؟
هذه خطوة مشكورة، ونحن نقول إن ما نقوم به اليوم هو جزء مما يجب أن يقوموا به.
– ولكن هم صامتون اليوم أمام عسكرة البحر الأحمر؟ وكلّ الدول التي أتت لادِّعاء حماية الملاحة الدولية، ليست جزءًا من الدول المطلة على البحر الأحمر، مثل دول من أُورُوبا أَو الولايات المتحدة الأمريكية؟
سبق، وقلنا لهم بأن يعودوا بفرقاطاتهم وحاملات طائراتهم إلى موانئهم ليحافظوا عليها هناك، أَو إذَا كان لدى أمريكا، كما تزعم، عدو آخر، وهو الصين، فلتذهب إلى بحر الصين؟؛ لأَنَّها دائمًا تحاول أن تثير المشاكل هنا وهناك، فهي تذهب لتساند أَو تواجه الصين، وتأتي إلى اليمن، وتذهب إلى أوكرانيا وتعتقد بأنها هي على كُـلّ شيء قدير.
المواقف التي نقوم بها اليوم هي مواقف نعتبر بأنها مواقف للدفاع عن أبناء الوطن العربي، وموقف شريف للدفاع عن أبناء غزة، والأمن القومي العربي، ونحن أَيْـضًا، كما قلنا في السابق، إن موقفنا هذا يؤكّـد أن القناة التي أرادها بن غوريون أَو غيره؛ مِن أجلِ يقوم بإيقاف قناة السويس هذه لن تتحقّق لهم، وهم يعرفون ذلك.
كان نتنياهو يتحدَّثُ بأن “إسرائيل” وأمن “إسرائيل” مرتبط بالبحر الأحمر، قلنا له هذه المعادلة سقطت، كما سقطت المعادلة أَيْـضًا، وانتصرنا بفضل الله، وهذه بشرى للشعب اليمني؛ لأَنَّنا استطعنا أن نسقط حاملة الطائرات، والسيد القائد يتحدث باستمرار عن هذا، ويجب أن يركز عليها الإعلاميون؛ لأَنَّ الحرب التي في البحر الأحمر هي حرب استثنائية، وفيها تطور في القدرات والمناورة والأساليب والتكتيك، ما لم تتحقّق لدى الأمريكيين، ولم يعرفوا إلا من خلال هذه التحَرّكات اليمنية، واستفاد الأمريكيون أَيْـضًا من تحَرّكات الجيش اليمني، والطيران المسيَّر والقوة الصاروخية وغيرها من القوات المسلحة اليمنية.
– ثروات اليمن، أُستاذ محمد، يعني خاضعة لسيطرة التحالف السعوديّ الأمريكي؟ هناك من يقول بأن الأولى أن تذهبوا لتحرير هذه الثروات لرفع معاناة الشعب اليمني، بدلًا من الذهاب لمساندة غزة؟
المعركة الحقيقية مع العدوّ الذي يثير المشاكل بالذات الأمريكي والإسرائيلي؟ فاليوم، عندما نواجه مباشرة، نحن نواجه العدوّ نفسه الذي يتحَرّك في بلدنا، وأنت تلاحظ أنه حصل التخفيض عندما كان هناك المواجهة المباشرة مع هؤلاء، واليوم، عندما يريدون أن يتحدثوا عن عودة العدوان على بلدنا إنما يريدون أن يحركوا الأدوات التي حركوها في العدوان على بلدنا، ونحن مسؤولون أمام الله، ما دام لدينا قوة أن نواجه، ولا نترك غزة بذلك المستوى الذي فيها من الجرائم، ما لا يجب لأي مؤمن أن يتوقف أمام فعلها، ونحن ندعو الأنظمة العربية جميعها نحرك الجيوش لمواجهة ذلك الصلف الذي يواجهكم، والخزي الذي تواجهونه، لا يمكن على الإطلاق أن تتحقّق لهم، لا سياسة ولا دبلوماسية، وهم بهذه المواقف المترهلة والمواقف المخزية التي يسوقونها في بياناتهم، يجب أن يكون هناك موقف شجاع.
الموقف العربي البطولي هو أن نساند إخواننا في غزة، وأن نقول للأمريكي كفى، وأن نقول للإسرائيلي كفى، هذا ما يجب على الأنظمة العربية أن نتحَرّك فيه.
– فيما يتعلق بالتحالف السعوديّ الإماراتي، ما هو موقفكم في حال تورط بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أي عدوان جديد ضد اليمن؟
أولًا: العدوان على شعبنا اليمني مُستمرّ، لا معنى له بأنه توقف، بل هناك خفض للتصعيد فقط، وَإذَا ما أرادوا، العودة إلى مرحلة التصعيد مرة أُخرى، فالصواريخ التي كانت بأيدي القوات لا زالت، وَإذَا كان هناك نسبة خطأ مترين أَو ثلاثة، نقول لهم اليوم نسبة الخطأ صفر، نقولها اليوم، الفرط الصوتي إذَا كانت لم تستطع كُـلّ أنظمة الدفاع أن توقفها على بعد ألفين كيلومتر، فهي بالتأكيد أقرب أن تصل إلى الأهداف الأُخرى التي يريدون من خلالها التحَرّك، ستصل إلى تلك المناطق، إلى تلك الأهداف.
– في ما يتعلق بالمفاوضات مع السعوديّة، كنتم على وشك التوقيع إلى أين وصل هذا المسار؟
أوقف الأمريكي هذا كما تحدث السيد القائد في أول خطاب له، وعودوا إلى خطاب السيد القائد، فقد تحدث عن أربع نقاط، ولا يوجد استئناف.
– ما هو موقفكم من السعوديّة؟ لماذا تذهب السعوديّة خلف الرغبة الأمريكية في إيقاف هذه المساعي؟
هذا السؤال يتجه إلى السعوديّة.
– المحور الداخلي: هناك إيرادات كافية فيما يتعلق بصرف مرتبات موظفي الدولة، سواء الثروات النفطية أَو الثروات الغازية، من يعرقل هذا التوجّـه؟
أراد الأمريكي أن يقدم ضريبة، أَو يقول إننا سندفع ثمن موقفنا مع غزة، حتى بإيقاف المساعدات التي تصرف من قبل الأمم المتحدة، فما بالك بأن يسمح بأن تعود هذه الآلية التي كنا نريد الوصول إليها؟ بإذن الله سيعود إلى أبناء الشعب اليمني كلما تحقّق كُـلّ ما نصبوا إليه، والصبر من قبل أبناء الشعب اليمني، سيكون له بإذن الله نتائجه الإيجابية والطيبة والكبيرة، والشعب اليمني يعرف بأننا في مواجهة عظيمة، ويعرف أَيْـضًا بالتطور والتقدم الذي وصلنا إليه، وصل اليوم إلى يافا لنضرب يافا المحتلّة، وهذا يعتبر شيئاً عظيماً جِـدًّا للشعب اليمني.
– هناك أموال طائلة للشعب اليمني في الخارج، سواء مرتبطة بأركان النظام السابق أَو غيرها.. هل هناك إجراءات لاستعادة هذه الأموال؟
بإذن الله ستتم كُـلّ هذه، ونحن طلبنا مراراً بعودتها لدى الأمم المتحدة.
– فيما يتعلق بحكومة التغيير والبناء، ونحن بعد أشهر من تشكيلها، نترقب أن تتحول من تغيير وبناء بالقول إلى تغيير وبناء فعلية؟
بإذن الله تعالى وهناك خطوات جادة لدى الحكومة، ونحن نأمل، لا نقول بأن الحكومة لا تواجه صعوبات، لا نتوقع أنه غداً بإذن الله تعالى ستكون النتائج قريبة، وعندنا مثل يمني يقول “صنعاء ما بنيت في يوم”، يعني هناك بناء مُستمرّ، هناك تحَرّك، وهناك تقديم قوانين إيجابية، ندعوكم وبقية وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على هذه القوانين، التي بإذن الله ستوجد بنية حقيقة تستطيع من خلالها حكومة التغيير والبناء التحَرّك الفعال، المثر والمثمر، ومن خلال هذه القوانين التي كانت تلك القوانين السابقة تعيق الكثير من الأعمال، على سبيل المثال بالأمس أقرت قوانين الاستثمار في جوانب كبيرة ومفتوحة وعظيمة، وبإمْكَان الشعب الاطلاع عليه، وأن يناقشوه وأن تفرغ حلقات للنقاش، ويذهب الناس بإذن الله تعالى نحو بناء مستقبلهم واقتصادهم في الشعب اليمني، وغيرها من الأعمال التي سيقومون بها، لكن من خلال الدمج، ومن خلال العملية اليوم التي تقوم بها حكومة التغيير والبناء، والتي هي بحاجة إلى أن نساعدهم ونعينهم، أن نقدم لهم الكثير من الخدمات، والإعلام الذي يوصل الوعي الكامل لأبناء الشعب اليمني بأهميّة مساندة الحكومة.
– الحكومة تتحدث عن صرف نصف مرتب شهريًّا خلال المرحلة المقبلة، المواطنون يترقبون هذا الإنجاز إلى أين وصلتم؟
بإذن الله تعالى سيتم تنفيذه خلال الشهر القادم، وهذه ليست المرة الأولى التي نعمل على أن يصل الراتب، بل حاول الرئيس المشاط خلال الفترة الماضية، وحاولوا أن يكون هناك، تقديم نصف الراتب، وهذه المحاولة أَيْـضًا، من قبل السيد القائد حفظه الله، ومن قبل الحكومة، وَبإذن الله أنها تتكلل بالنجاح.
هناك اجتزاء لبعض الأشياء، ومحاولة لملمة في الداخل؛ مِن أجلِ أن يتنفذ هذا الشيء، وبإذن الله سيكون، سيرى النجاح عما قريب، وهذه كلها هي محاولة، نحن لا نقول بأننا دولة فيها رخاء كثير، أَو نقول بأنها دولة ليست ضمن خطوط الفقر قبل العدوان، فما بالك بعد العدوان؟ لكننا نعمل بكل ما في وسعنا؛ لأَنَّنا نعرف أهميّة صبر أبناء شعبنا، وصبر العاملين في المؤسّسات الحكومية، ومعرفة المخطّط الأمريكي لتدهور الخدمات الحكومية، فهم يعملون ويساندون في هذا الاتّجاه، وهذا لا يعفي دول العدوان، بل هي المسؤولة عن ما حصل من إيقاف الرواتب، هي المسؤولة عن إيقاف تسليم الرواتب، هي المسؤولة عن إيقاف الثروات التي كان يعتمد عليها لتوفير الراتب، وقلناها دائمًا أعيدوا، أعيدوا كُـلّ الإيرادات التي تصل إلى البنك المركزي اليمني، ونحن جاهزين لأن نصرف الرواتب حتى لمن هم تحت الارتزاق.
– أُستاذ محمد الحكومة مسؤولة على إرغام الطرف الآخر، أَو التحالف السعوديّ الإماراتي، على الذهاب لحلول باتّجاه صرف المرتبات؟
هذا عندما أوقف تصدير النفط والغاز وغيرها من الأوراق الضاغطة التي على هذه، ونحن نستشعر دائمًا، إنما هناك بعض المزايدين في بعض وسائل الإعلام، أَو في بعض وسائل التواصل الاجتماعي، يأتي ليقول ما لهم ما يصرفوا الرواتب لماذا لا يفعلوا كذا؟ فالطرف الآخر الذي لديه المساعدات ولديه الدعم من السعوديّة والإمارات، من دول الخليج، من أمريكا وبريطانيا، لماذا موقف لديهم الراتب؟
ولكن من خلال الآلية التي قدمت في مجلس النواب، وأقرت، ووقع عليها الأخ الرئيس بالأمس، سيكون هناك انفراجة كبيرة، ونتوقع بإذن الله أن يكون هناك مساعدة، وأن نعمل بالحاصل.
– السؤال الأخير: في هذا السياق؟ العدوّ الأمريكي يحاول أن يكون الوضع في المناطق المحتلّة أَو المناطق الحرة، وضع معاناة وأزمات اقتصادية، هل لدى صنعاء اليوم توجّـه ورؤية لمحاولة قطع الطريق أمام استمرار هكذا وضع؟
صحيح أنه العدوّ وهذا يؤكّـد بأن ما يقومون به هو خدمة لعدوهم الذي يقوم بتجويع الجانبين، فالذي يقف إلى جانب هذا العدوّ هو يحمل أثمين وجريمتين؛ لأَنَّه يجوع أبناء الشعب الذين يسيطر عليهم خدمة للأمريكي، ويجي على الآخرين ويعمل على تجويعهم، فأنا أقول له اتق الله، عد إلى رشدك، ثق بأن الله ربك، قف مع أبناء شعبك، لنستطيع أن نخرج من عنق الزجاجة التي يريد الأمريكي أن يوضعها لنا، ووضعها الأحزاب فيما قبل، بمبادرتهم الكارثية بأن يكون الشعب اليمني تحت البند السابع لا ألحقهم الله خيرًا.