رفض البرلمان التونسي اقتراحًا من صندوق قطر للتنمية بإنشاء فرع له في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، مشيرا إلى مخاوف بشأن السيادة الوطنية والعلاقات المحتملة مع الفصائل الإسلامية.. وتوجه هذه الخطوة، التي يقودها المشرعون المتحالفون مع الرئيس قيس سعيد، ضربة للجهود الرامية إلى معالجة التحديات الاقتصادية الضاغطة في تونس وتجنب التخلف عن السداد.

ووفقا لما نشرته بلومبرج، واجه الاقتراح، الذي يهدف إلى ضخ تمويل فوري بقيمة 150 مليون دولار في الاقتصاد التونسي المتعثر، معارضة قوية خلال نقاش برلماني ساخن. وجادل النقاد بأن إنشاء مكتب ممول قطري يمكن أن يضر باستقلال تونس ويتعارض مع رؤية سعيد للاعتماد على الذات. بالإضافة إلى ذلك، أثار بعض المشرعين مخاوف بشأن الدعم القطري المزعوم للجماعات الإسلامية، بما في ذلك حزب النهضة، الذي واجه التدقيق منذ أن تولى سعيد سلطات موسعة في عام 2021.

وتسعى تونس، التي تعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، إلى إيجاد سبل لمعالجة التزامات ديونها المتزايدة مع متابعة الاستثمارات العامة التي تشتد الحاجة إليها. وفي أعقاب تعثر صفقة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، تستكشف تونس مصادر بديلة للتمويل، مع احتياجات تمويلية تقدر بنحو 9 مليارات دولار هذا العام.

ويُنظر إلى رفض مقترح المساعدات القطرية على أنه انتكاسة لجهود الإنعاش الاقتصادي في تونس. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن البلاد قد تستكشف خيارات تمويل بديلة، بما في ذلك تعزيز العلاقات مع الجزائر والمملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من الارتفاعات الأخيرة في السندات الدولارية التونسية، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة، مع بقاء الفروق مرتفعة مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية، مما يشير إلى استمرار ضائقة السوق.

يعكس القرار التفاعل المعقد بين السياسة الداخلية والديناميكيات الإقليمية في مشهد ما بعد الربيع العربي في تونس. وبينما يؤكد الرفض التزام تونس بحماية سيادتها، فإنه يسلط الضوء أيضًا على تحديات التعامل مع الضغوط الاقتصادية وسط التحولات السياسية.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

هل يُؤسر الوعي؟!

يُعرفُ عن الوعي بأنه الإدراك، وهو حالة ذهنية؛ مطلقة؛ تنبثق عن جملة من القناعات التي يصل إليها الفرد، فيتخذ منها مواقف، ويصدر من خلالها آراء، وممارسات على أرض الواقع، وبالتالي فمجمل هذه المواقف والآراء والممارسات «تُقَيَّمْ من قبل الآخرين» على أنها مستويات من الوعي لدى هذا الفرد أو ذاك، وإن اتسعت الدائرة فيشار في ذلك إلى المجموع، وهذا الأمر لا ينفي أن يسبق تَكوّن هذا الوعي وتشكله مجموعة من المغذيات، وهذه المغذيات هي مجموع ما تنتجه البيئة الحاضنة من أحداث ومواقف، وتصادمات وتفاهمات، ومحتوى الحاضنة نفسها هو الذي يحدد نوع هذا الوعي، فالدول التي تعيش صراعات عسكرية، أو صراعات ثقافية، أو صراعات دينية، أو صراعات اقتصادية، سوف ينعكس ذلك حتما على وعي الفرد، فيصب كل ذلك في خانة الوعي عند الفرد، ويضاف إلى ذلك مجموعة من التجارب الشخصية التي يمر بها، وهو في حاضنته الاجتماعية؛ القريبة منها أو البعيدة، ومن هنا يقاس مستوى الوعي بين الأفراد على اعتبار سنوات العمر التي قطعوها في حياتهم، وبالتالي فلا يمكن أن ينظر إلى وعي من هو في العقد الأول من العمر، مثل من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهنا أفرق بين اكتساب المعرفة «التخصص» وبين مكتسبات الوعي المتعمق في قضايا الحياة، ومعنى هذا أن هناك من يكون في العقد الثاني أو الثالث، ويملك مستوى من المعرفة المتقدمة، بينما لا يملكها من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهذا أمر مسلم به، ولا يحتمل جدالا سفسطائيا مملا، فهذه حقيقة، ومعنى هذا أن الوعي شيء، واكتساب المعرفة شيء آخر، نعم؛ قد يزيد اكتساب المعرفة من مستويات الوعي، وليس العكس.

هذه البسطة في المقدمة عن الوعي لا تذهب إلى الإجابة عن السؤال الذي يحمله العنوان (هل يُؤْسَر الوعي؟)، بقدر ما تقدم توصيفا بسيطا للفكرة العامة في هذه المناقشة، والإجابة عن هذا السؤال: نعم؛ يُؤْسَر الوعي، وهذا الأسر لا يتوقف عند تحييده عن اتساع دائرته التأثيرية؛ فقط، بل يصل الأمر إلى تعطيل الدور الذي يقوم به، وتأثيره على الواقع المحيط، ولأن المسألة مرتبطة بالفرد، فإن وسائل التحييد تظل كثيرة، وفي مقدمتها الدعاية الإعلامية «البروباجندا» التي تسعى إلى أسر الوعي لدى المتلقي، وتوجيهه نحو الرسالة التي يبعثها المرسل من خلال رسالته فقط، دون أن تترك لهذا المتلقي حرية القبول أو الرفض، كما هو في حال الإعلانات التجارية؛ كمثال بسيط؛ وهذا ما أثبتته نظرية «الرصاصة الإعلامية» السائدة في مطلع القرن العشرين المنصرم، وإن ظهرت نظريات فيما بعد، عطلت هذه النظرية، ومنها نظرية «التعرض الانتقائي» التي أعطت الفرد المتعرض للرسالة حرية الاختيار والانتقاء لهذه الرسالة أو تلك.

وأسر الوعي؛ يمارس على نطاق واسع، وتتسع دائرته في الحاضنة الاجتماعية، عندما يعمد المجتمع، سواء عبر الممارسات الأسرية، التي تحتكر الكثير من المعلومات عن أبنائها؛ بحجة أنهم صغار لا يفهمون، أو عبر مؤسسات ، يعمد أفرادها إلى عدم إعطاء الجمهور الصورة الكاملة لكثير من أنشطتها؛ بحجة أن ذلك ليس مهما، بقدر ما تهم النتائج المترتبة على تنفيذ البرامج والخطط، كل ذلك حتى لا تقابل تلك البرامج والخطط بشيء من النقد، أو التعديل، أو محاولة الإفصاح عن حقيقتها الموضوعية، والمادية، ومآلات نتائجها، حيث يجد الجميع أنفسهم أمام واقع غير جديد، ويحدث هذا حتى على مستوى المؤسسة نفسها؛ في كثير من الأحيان، سواء أكانت مؤسسة عمل، أو مؤسسة أسرية، وخطورة هذه المسألة أن ممارستها أصبحت ضمن المعتاد، وتتوارثها الأجيال، وكأن الأمر عادي بالمطلق.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: مصر تلعب دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية
  • عبدالمنعم سعيد يكشف أبرز التحديات التي تواجه الحكومة.. وهذه حقيقة مشروع التوريث - (حوار)
  • 6 دول عربية ترفض مقترح ترامب لتهجير الفلسطينيين
  • تعرف على حجم المساعدات التي وصلت لغزة بعد وقف إطلاق النار
  • هل يُؤسر الوعي؟!
  • الأونروا: استلمنا ثلثي المساعدات من الشاحنات التي دخلت القطاع منذ اتفاق غزة
  • شركات يابانية ناشئة تستكشف فرص التمويل والتوسع في الإمارات
  • اقتصادية قناة السويس تعتمد 1,84 مليار دولار بالمنطقة الاقتصادية
  • «اقتصادية قناة السويس» تعتمد 4 مشروعات جديدة باستثمارات 1.84 مليار دولار
  • «اقتصادية قناة السويس» تحقق 5.7 مليار دولار إيرادات في منتصف العام الحالي