كتاب في سطور| "حركة الحشاشين" وتاريخ أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
تصحبكم «البوابة نيوز» خلال شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات "كتاب في سطور"، وفى كل يوم نقدم قراءة فى رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية.
في هذا الكتاب "حركة الحشاشين" أسرار الباطنية والفرق الخفية.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي للدكتور محمد عثمان الخشت والصادر عن مكتبة ابن سينا عام 1988، يكشف لنا الدكتور الخشت عن أسرار تلك الجماعة.
لماذا كتاب الحشاشين؟
كان الدافع في الحديث عن هذا الكتاب في الوقت الراهن على الرغم من مرور أكثر من 36 عامًا على صدوره ونشره هو ما أثاره مسلسل الحشاشين والذي يعرض خلال شهر رمضان المبارك، من تأليف السيناريست الكبير عبد الرحيم كمال وبطولة النجم كريم عبد العزيز، وإخراج المخرج المتميز بيتر ميمي، من جدل تاريخي حول حقيقة تلك الجماعة الباطنية، جعل الكثير يبحثون عن كل الكتب التاريخية والفكرية التي تحدثت عن حركة الحشاشين، ومن بين تلك الكتب التي تناولت تلك الجماعة هو كتاب الدكتور محمد عثمان الخشت، الذي قدم دراسة حول تلك الجماعة وعقيدتها، وكيف حققوا تلك الشهرة في عصرهم.
تعتبر بلا شك حركة الحشاشين أخطر حركة سرية شهدها العالم الإسلامي؛ نظرًا لما كان لها من تأثير واسع النطاق في المجتمع الإسلامي إبان فترة بالغة التعقيد.. فترة كان يسيطر عليها الصراع بين مختلف الفرق العقائدية والسياسية، بل بين مختلف دول العالم الكبرى آنذاك.
براءة الحشاشين من تناول مخدر الحشيش
ويقول الدكتور محمد عثمان الخشت في مقدمة دراسته حول "الحشاشين" واصفًا إياهم بأنهم أخطر حركة سرية شهدها العالم الإسلامي، والتي ظهرت في فترة خطرة في التاريخ وهي تلك الفترة التي سيطر عليها الصراع بين مختلف الفرق العقائدية والسياسية.
ويقول: "وأول شيء يتحتم علينا أن نؤكد عليه منذ البداية هو بيان الصواب من تسمية هذا الكتاب وهذه الحركة، فقد يطرأ على ذهن القارئ للوهلة الأولى عندما تقع عيناه على عنوان هذا الكتاب أننا نقصد به طائفة من المدمنين الأوباش الذين يضعفون أمام تأثير المخدرات، ومن أسف فإن هذا المعنى هو الذى يؤكد عليه معظم الدارسين. والحقيقة أن هذا المعنى خطًا تمامًا؛ فقد ثبت لنا بالدليل القاطع، أن هذه الحركة بريئة تمامًا من تناول الحشيش المخدر".
والسبب الواقعي لتسميتها بهذا الاسم، كما حققنا، يرجع إلى مواقف صمودية كانت تقفها الحركة فى مواجهة ضروب الحصار التي كانت تفرضها عليها الجيوش المضادة لمدد طويلة؛ فكان يصمد رجال الحركة في قلاعهم حتى بعد نفاد المؤن والأطعمة، معتمدين في غذائهم فقط على أكل الحشائش. ومن هنا جاءت تسميتهم بالحشاشين".
الكتاب يكشف أسرار فرقة الحشاشين وعقيدتهم
"الخشت" ينفى تهمة تعاطي "الحشاشين" للمخدرات ويؤكد الحركة بريئة من ذلك
العمل السري للجماعة
كما يقدم الدكتور محمد عثمان الخشت في هذا الكتاب المهم حكاية حركة الحشاشين مؤكدًا على أن هذا الكتاب هو مجرد محاولة موضوعية محايدة تهدف إلى غاية علمية بحتة بعيدة عن أي غرض دعائي أو تشهيرى، محاولة منزهة تمامًا عن أية نزعة مذهبية أو أيديولوجية. وعمل المؤلف في الكتاب ليس كعمل الداعية ولا كعمل المهاجم، وإنما عمله يقف عند حد البحث والمقارنة والوصف والتحليل والموازنة ونتيجة للبحث والنقد الموضوعي لا نتاج التفكير الطائفي أو الانجياز المذهبي "الأيديولوجي".
معتمدًا على المصادر الأصلية والنصوص الحقيقية التي كتبها زعماء الحركة ومفكروها، ولم تقف عند أقوال الخصوم والتي اعتمد عليها بعض الباحثين، إذ أن عمل الجماعة السرية جعل فكرهم وعقائدهم في طي الكتمان والخفاء ما أتاح الفرصة لنسج الأساطير والخرافات حول تاريخها وعقائدها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شهر رمضان الكريم حركة الحشاشين محمد عثمان الخشت العالم الإسلامی حرکة الحشاشین تلک الجماعة هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
الكتاب الورقي إلى أين؟
كشف تقرير كانون المعنْون بـ(فكِّر في الكتب. تخيل الفصل التالي من طباعة الكتب ونشرها)، أنه على مر عقدين من الزمن كان نشر الكتب في حالة من التقلبات والانتقال المضطرب، الأمر الذي ترك أثرا على المؤلفين والناشرين ومقدمي خدمات الطباعة والموزعين وحتى تجَّار الجملة وتجَّار التجزئة والقُّراء؛ فمنذ أن بدأت تلك التقلبات في العام 1994، حينما أعلنت شركة أمازون نماذج قراءة جديدة تعتمد على التكنولوجيا، عطَّلت بذلك نماذج المبيعات المعتادة، ثم في العام 2007، عندما أطلقت القارئ الإلكتروني (كيندل).
وعلى الرغم من أن الطباعة والنشر الإلكتروني لم يكونا شائعين كما هو الحال الآن، فإن تلك المرحلة مهَّدت للكثير من التطورات المتسارعة في عالم نشر الكتب، حتى وصفتها مجلة الإيكونوميست في ذلك الحين بأنها (تكنولوجيا قوية وطويلة الأمد وقابلة للتكيُّف)؛ إذ تذكر كانون أن صناعة الكتب تبلغ ثلاثة أضعاف حجم صناعة الموسيقى، حيث سجَّلت (151 مليار دولار)، وأنها تزيد على صناعة الأفلام بنسبة 15% في السوق الأوروبية، الأمر الذي يكشف حجم الاستثمار في هذه الصناعة التي لم تتراجع سوى ضمن متغيرات الأسواق، وبالتالي فإنها ما زالت من الصناعات الرائدة على مستوى العالم.
وعلى غير المتوقَّع فإن التقرير يفاجئنا أن الكتب الورقية تُعَدُّ (أكثر مرونة بكثير مما تم التوقُّع به)، خاصة بعد انتشار الكتب الإلكترونية؛ فعلى الرغم من أن أمازون هي من بدأت ثورة النشر الإلكتروني الذي أصبح اليوم أداة مهمة للنشر، حيث وفَّرت للمؤلفين نشر مؤلفاتهم وبيعها عبر منصة كيندل للنشر الذاتي، إضافة إلى إنتاج شركة مايكروسوفت لمنتج برمجي أطلقت عليه (مايكروسوفت ريدر)، الذي يحوِّل الحاسوب الشخصي إلى قارئ كتب إلكتروني. إلَّا أن الكتاب الورقي لم يتراجع بشكل نهائي بل ظل متأرجحا بين التراجع والصعود؛ فما زالت الشركات ودُور النشر تطبع الكتب وتوزِّعها، وقد وسَّعت أمازون وغيرها منافذ بيع الكتب الورقية وتداولها من خلال المنصات الإلكترونية المختلفة التي تعتمد التسويق بأسعار تنافسية والتوصيل للمنتج، مما عزَّز وجود الكتاب الورقي وسهولة تداوله.
إن العلاقة اليوم بين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي شائكة وملتبسة، فمع تقدُّم التقنيات الحديثة، وتوسُّع العديد من الشركات الكبرى في النشر الإلكتروني، خاصة على مستوى (النشر الذاتي)؛ الذي يتيح للمؤلفين نشر مؤلفاتهم مباشرة عبر المنصات المتاحة دون الحاجة إلى دُور النشر، إضافة إلى تلك الإشكالات المتعلِّقة بحقوق الملكية الفكرية وأنظمة الحماية وربحية النشر وغيرها، إلَّا أن أهم ما نتج عن تلك الإشكالات هو التساؤل المتعلِّق بـ(كيفية السماح للوسيط الرقمي بإعادة تصوُّر مهارات التواصل والتوثيق التي كانت تتم عادة في الكتاب المطبوع ورقيا)، التي قدَّمها الكتاب المطبوع تاريخيا، وارتبطت به على المستوى الاجتماعي والعاطفي.
في محاولة للإجابة على السؤال (هل يفتح العالم الرقمي فجوة متزايدة في الوصول إلى الكتب المطبوعة؟)، قدمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تقريرا لافتا لاستطلاع تم تطبيقه على مجموعة من الطلاب الجامعيين؛ حيث أظهر أن الطلاب الذين يقرؤون الكتب المطبوعة يستمتعون بالمقروء أكثر من غيرهم، وأن معدِّل قراءة الطلاب للكتاب الورقي تتقارب مع معدلات قراءة الكتاب الإلكتروني بكافة أشكاله، بل إن الاستطلاع كشف أيضا أنه حتى أولئك الطلاب الذين يفضلون القراءة الإلكترونية لديهم مجموعة كبيرة من الكتب المطبوعة في منازلهم، فعلى الرغم من أن الثورة الرقمية قد جعلت الوصول إلى الكتب أسهل وأيسر للطلاب باختلاف مستوياتهم الاقتصادية، فإن المطبوع لا يزال أكثر قربا من الناحية التفاعلية والعاطفية من القارئ.
لقد كشف استطلاع (OECD) أن (الطلاب الذين يقرؤون الكتب على الورق أو يوازنون بين القراءة الورقية والرقمية يميلون إلى الأداء بشكل أفضل في اختبار القراءة PISA ويحققون نسب استمتاع عالية بالمقروء)، الأمر الذي يكشف تلك العلاقة المستمرة بين الكتاب الورقي والرقمي، التي ظلت خلال السنوات الماضية في صراعات تنبأ خلالها الكثير من صُنّاع الكتب بطغيان الكتب الرقمية خاصة في ظل المتغيرات الأخيرة وترويج النشر الإلكتروني بكافة أشكاله، غير أن السوق ما زالت تكشف الكثير من ملابسات تلك العلاقة وقدرة الكتاب الورقي على الصمود.
حيث يكشف تقرير (حجم سوق الكتب واتجاهاته) أن (حجم سوق الكتب في العالم قُدّر بنحو 150.99 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب قدره 4.2% من العام 2025 إلى 2030)، حيث يعود هذا النمو إلى ارتفاع إنفاق المستهلكين على الكتب، مدفوعا بزيادة الدخل والاهتمام المتزايد بالقراءة، إضافة إلى الابتكارات في الشكل الذي يُعزِّز مجالات القراءة، خاصة تلك المرتبطة بالصوت والفيديو، ويضيف التقرير إلى ذلك أنه من تلك العوامل أيضا سهولة الوصول إلى النسخ الورقية من الكتب التي تدفع إلى نمو السوق.
ومع نمو الكتب الرقمية والمصوَّرة، شكلت مبيعات الكتب الورقية -حسب التقرير-، (حصة إيرادات بنسبة 84.12% في عام 2024)؛ بسبب مطالبة الكثير من المستهلكين وأولياء الأمور بتقليل الوقت الذي يقضونه أو يقضيه أبناؤهم أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، فالكتب الورقية (أكثر مرونة، وأقل خطورة على العينين، وسهلة التصفُّح)، إضافة إلى موثوقيتها بالنسبة للقارئ لأنها ليست عرضة للتغيير الذي قد يطال الكتب الرقمية بسبب القرصنة أو مخاطر حماية حقوق الملكية الفكرية.
ولعل استمرارية معارض الكتب الدولية التي ما زالت تحتفي بالكتب الورقية بشكل خاصة، تشكِّل أحد أنماط تلك العلاقة؛ فما نجده من تزاحم دُور النشر المتخصصة بالكتب المطبوعة، والإقبال الكبير الذي تشهده هذه المعارض من كافة شرائح المجتمع، إضافة إلى قدرتها على إيجاد فضاءات ثقافية تجمع بين صُنَّاع الكتب ومؤلفيها وبين القُرَّاء والجماهير المستمتعة بالقراءة بكافة أشكالها، يجعل من سوق الكتب حالة من حالات التواصل والتبادل الفكري والمعرفي المستدام.
ولأن معرض مسقط الدولي للكتاب للعام 2025، سيفتتح أبوابه في 24 من أبريل الحالي، فإنه سيمثِّل ظاهرة ثقافية مهمة على مستوى صناعة الكتاب في عمان والعالم العربي بشكل خاص؛ لما يشهده من مشاركة كبيرة من قِبل المؤسسات الحكومية والخاصة؛ إذ ستشارك -حسب وكالة الأنباء العمانية- (674) دارا للنشر من (35) دولة، وقد مثَّلت إحصائية الكتب التي طُبعت ما بين 2024-2025، التي بلغت حوالي (52205) كتابا، رقما لافتا من حيث تزايد أرقام الكتب المطبوعة لهذا العام، بالرغم من توسُّع آفاق النشر الإلكتروني ومنصاته المتعددة.
إن الاحتفاء بالكتاب المطبوع في معرض الكتاب الدولي يعكس قدرة صناعة الكتب وموثوقية الكتاب الورقي، وصموده في وجه المتغيرات، باعتباره القادر على إيجاد فضاء واسع من التواصل الحيوي، مع إيماننا بأهمية الكتاب الرقمي باتساع آفاقه وإمكاناته غير المحدودة في الوصول إلى القُرَّاء، فالكتاب أيَّا كان شكله وكيفما كانت وسيلته سيبقى دوما الصاحب الوفي المؤنس، وسيظل المعلِّم والمرشد المخلص.
ولهذا فإن معرض مسقط الدولي للكتاب يمثِّل فرصة ليست لاقتناء الكتب وحسب، بل للتماس معها ومع مؤلفيها وناشريها. إنه فرصة للتفاعل مع مستجدات صناعة الكُتب وموضوعاتها وأفكارها الحديثة، وفضاء واسع للتواصل وتبادل المعارف مع المثقفين والكُتَّاب من عُمان وخارجها، إضافة إلى تلك الفعاليات التي تُعزِّز الحضور الثقافي الفكري والعلمي والفني، فالمعرض ليس سوقا للكُتب وحسب بل تظاهرة ثقافية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية تعزِّز من مكانة هذه الصناعة وتدفعها إلى الاستدامة.