ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية يناقش الوعي وأثره في بناء المجتمعات
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء في الليلة الثامنة عشرة من شهر رمضان المبارك، عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة فضيلة الدكتور محمود الصاوي، وكيل كلية الإعلام والدعوة السابق، وفضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لشؤون الدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار اللقاء د.
قال الدكتور محمود الصاوي إن موضوع الوعي ودوره في بناء المجتمع هو موضوع الساعة وكل ساعة، فالوعي كلمة عامة تدل على سلامة الفهم والإدراك، وهي مفردة عربية نبوية قرآنية، مشيرا أن مقياس تقدم الأمم والأوطان يكون بمقدار ارتفاع وعيها وسلامة هذا الوعي، خاصة في هذا الزمن الذي يشهد حروبا فكرية طاحنة تستهدف الوعي وتحاول التأثير عليه، مع استمرار محاولات اختطاف الوعي وتزييفه وتضليله عبر منصات إعلامية ومنافذ متعددة تقف ورائها مراكز بحثية بتمويلات ضخمة تحاول اختطاف عقول شبابنا والتأثير على وعيهم، لافتا أن للوعي أنواع كثيرة، منها العفوي والتلقائي، والوعي العمدي والوعي الحدثي، ولكل منها ما يميزه عن غيره.
مؤسسات صناعة الوعي
أكد وكيل كلية الإعلام والدعوة السابق أننا في حاجة ماسة لتفحص الأغذية التي يتم تقديمها للعقول، لأنها هي التي تنتج الوعي، وهو ما يفرض علينا الحديث عن مؤسسات صناعة الوعي والتي لا بد أن تكون لديها رؤى واستراتيجيات تجتمع عليها حتى نضمن للمجتمع سلامة وعيه وتقدمه، فمجال الوعي متسع وكبير، ومنه الوعي الاقتصادي والوعي الثقافي والتربوي والديني والأخلاقي، وهكذا، فهي متسعة باتساع حركة الإنسان في الحياة، لافتا إلى أننا في حاجة ماسة في خطابنا الديني المعاصر للتركيز على باب مهم من أبواب الوعي وهو الوعي بالسنن الإلهية والسنن الربانية، فلا شك أن لله تعالى سننا إلهية وقوانين ثابتة لا تتحول ولا تتبدل يدير بها هذا الكون، وقد ينتج عن غياب الثقافة السننية وغياب الوعي بها يحدث الكثير من الفوضى والانحرافات السلوكية والأخلاقية، فلله تعالى سنن يدير بها هذا الكون وهي ثابتة لا تتغير، ونحن في حاجة كبيرة لدراسة هذه السنن وتثبيت الثقافة السننية، لرفع مستوى الوعي في الأمة بشبابها ونسائها.
أوضح فضيلته أن الأصل الذي ينطلق منه المسلم في بناء وعيه الفكري هو كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مصداقا لقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلو بعدي أبدا كتاب الله وسنتي"، فلا شك أن دراسة الأفكار الوافدة من المجتمعات الأخرى وتشريحها وتفكيك مقولاتها مما يعيننا على التصدي لجميع الأفكار الدخيلة التي تستهدف هويتنا، مشيرا إلى أننا بحاجة ماسة لمتابعة مستمرة لما يتم ترويجه مؤخرا من أفكار ومقولات تحاول التأثير سلبيا على عقول أبنائنا وبناتنا، لتفنيدها والتصدي لها.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمود الهواري أن الله منذ خلق الخلق والإنسان يعيش في صراع مستمر حول الحق والباطل، فهو في معركة مع نفسه ومع بني جنسه ومع الكون من حوله، وهذه المعارك قد اتخذت ميادين متعددة، الأرض والجو والبحر، واستخدمت أسلحة مختلفة الدروع والسيوف والخناجر والبنادق والتكنولوجيا، لافتا أن من تأمل حقيقة هذه المعارك وجد أنها تدور على الأفكار، ومن خطورة هذا الميدان أن فكرة واحدة صحيحة قد ترتقي بأمة وفكرة واحدة فاسدة قد تكون سببا في انهزام الأمة، خاصة أننا في زمان تزييف المفاهيم وتمييع الثوابت وإسقاط القدوات والطعن في الهويات، في زمان اختلت فيه الموازين موازين الحلال والحرام والصواب والخطأ والحق والباطل، وكأنما يريد المغرضون أن يخرجوا منا عقولنا وقلوبنا وذواتنا ويصوغون منا خلقا جديدا بقلب جديد لا يحس وعقل جديد لا يفكر ولسان لا ينطق.
وبين الأمين العام المساعد لشؤون الدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية أن للوعي أدوات، كما قال الله عز وجل: «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون»، فالناس يتساوون جميعا في أصل الخلقة، العالم والجاهل، الأبيض والأسود، الكبير والصغير جميعا درجة واحدة، وربما كان في هذا النص إشارة إلى الفطرة التي يخلق الله عز وجل عباده عليها، ثم ميز الله الخلق بوسائل الإدراك وطرائق المعرفة، وهنا وفي هذه المنطقة انقسم النَّاس إلى فريقين، ففريق أعمل الأدوات وحقَّق الوعي وصان الفكر فمدحه رسول الله ﷺ وأثنى عليه، وفريق أهمل الأدوات فكان نصيبه الذَّم، وهم أهل الغفلة، موضحا أن أهل الوعي قد قَالَ فيهم نبينا ﷺ: "نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا، وَبَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ"، وأمَّا من لم يَسْتَخْدِمْ أَدَوَاتِ الْوَعْيِ وَالْفَهْمِ وَالْإِدْرَاكِ فقال فيه الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.
وحول منهجية الوعي، بين فضيلته أن تحضُّر أيِّ أُمَّة يبدأ بفكرةٍ تنطبع في أذهان أصحابها إلى درجة الاعتقاد الجازم المفضـي إلى الحركة الواقعية، في ظل واقع يعج بالتزييف، والطعن في المؤسسات، واستهداف الهويات، مضيفا أن الثّورة التُّكنولوجيَّة والمَعلُوماتيَّة قد أتاحت الفُرصة لرُوَيْبِضاتِ العصْر ومكَّنتهُم من الخوضِ في جواهِر الأمور، فهناك من يحاول أن يزيف وعينا اليوم ويريد أن يقنعنا بأنَّ «الهويَّة الدِّينيَّة» لبلادنا هو عبءٌ لا بدَّ من التَّخلُّص منه! وأنَّ هذه الهويَّة هي الَّتي منعتنا من التطور! واسمع منهم في هذا الباب ما لا يقبله عقل ولا عاقل، وهناك من يحاول أن يزيِّف وعينا اليوم ويريد أن يقنعنا بأنَّ «رجال الدِّين» هم السَّبب في التَّخلُّف والتَّقهقر، ويريدون زعزعة إيمانك، والتَّشكيك في ثوابتك، وتغيير هويَّتك، والإساءة إلى مؤسسات، مشددا على أنه وللانتصار في معركة الوعي فلا بد من الوعي بتحقيق معنى الإيمان والوعي بواجبات الأزمان والوعي بقضايا الأوطان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر الجامع الأزهر شهر رمضان ملتقى الأزهر صلاة التراويح الدکتور محمود فی بناء
إقرأ أيضاً:
ملتقى بالدقم يناقش الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في مؤسسات التعليم العالي
«عُمان»: افتتحت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية اليوم بولاية الدقم بمحافظة الوسطى الملتقى السنوي الثالث للقيادات يستمر لثلاثة أيام تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في مؤسسات التعليم العالي» برعاية سعادة الشيخ أحمد بن مسلم الكثيري محافظ الوسطى، وبحضور سعادة الدكتور سعيد بن حمد الربيعي رئيس الجامعة.
ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على دور التقنيات الحديثة في تطوير العملية التعليمية وتعزيز الابتكار الرقمي في المؤسسات الأكاديمية، ويشارك في الملتقى مجموعة من الخبراء والمتخصصين من مختلف القطاعات لتقديم رؤى متقدمة حول تأثير الذكاء الاصطناعي في تحسين المهارات الأكاديمية والتدريسية، بالإضافة إلى حضور الكوادر الأكاديمية والإدارية والفنية في الجامعة.
تضمن برنامج اليوم الأول للمؤتمر جلسة افتتاحية شملت كلمة رئيس الجامعة، بالإضافة إلى سلسلة من العروض والمحاضرات التي قدّمها خبراء من سلطنة عُمان وخارجها من قطاعات مختلفة مثل عمانتل وأوكيو والاتحاد العربي للتدريب والتعليم الموازي، حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الابتكار الرقمي وإيجاد بيئات تعلم حديثة، كما يتضمن الملتقى جلسات نقاشية تهدف إلى تبادل الآراء حول التطبيقات العملية لهذه التقنيات.
الجلسة الأولى قدّمها فراس بن عيسى المحرمي من شركة عمانتل، حيث استعرض دور الذكاء الاصطناعي في تحفيز الابتكار الرقمي، مع التركيز على أهمية البيانات في التحول الرقمي ودورها في تحسين أنظمة الذكاء الاصطناعي، كما ناقش أهمية البيانات الاصطناعية في معالجة تحديات الخصوصية وجمع البيانات الضخمة، مما يسهم في تحسين تدريب النماذج الذكية بطريقة أكثر أمانًا وفاعلية.
أما الجلسة الثانية، فقد قدّمها الدكتور خالد سعيد النقبي من الإمارات العربية المتحدة، حيث ناقش كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين تجربة التعلم للطلبة ودعم المعلمين في أداء مهامهم. وأشار إلى أهمية منصات التعلم الذكية وأدوات التقييم الذكي التي تساعد في قياس أداء الطلبة بدقة وفعالية، كما أشار إلى دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التفكير النقدي وتحسين مهارات حل المشكلات لدى الطلاب.
عرض تجارب المؤسسات
كما أتاح الملتقى للخبراء عرض تجاربهم العملية في تطبيق الذكاء الاصطناعي، حيث قدّم خميس بن راشد المقيمي من مجموعة أوكيو ورقة حول تطور استخدام الذكاء الاصطناعي في المجموعة منذ عام 2019، وأشار إلى إطلاق «برنامج هالة» الذي يهدف إلى تعزيز الثقافة المؤسسية وتوحيد جهود التحول الرقمي، مع التركيز على توظيف الكفاءات العُمانية في هذا المجال.
اليوم الثاني من الملتقى
يتضمن برنامج الملتقى غداً الاثنين ورقة بحثية بعنوان «الذكاء الاصطناعي بين الواقع والخيال: استراتيجيات لبناء جامعة رائدة في الذكاء الاصطناعي»، التي سيقدّمها كمال بن حمود الصباحي من كلية الدراسات المصرفية والمالية، كما ستتم مناقشة محاور أخرى تخص توظيف التقنيات الذكية في التعليم العالي، بما في ذلك أحدث الحلول الذكية التي تطورها شركة مايكروسوفت في هذا المجال.
زيارة ميدانية
وفي ختام الملتقى، سيتم تنظيم زيارة للمشاركين إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم للاطلاع على المشروعات التنموية والفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة.