في حوار مع بغداد اليوم.. باحث إيراني يكشف أهمية زيارة هنية إلى طهران تزامنا مع قرار مجلس الأمن
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
بغداد اليوم- بغداد
عقب الموافقة على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار المؤقت في غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، زار إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على رأس وفد من الحركة طهران أمس الثلاثاء.
وفي طهران، ألتقى هنية لأول مرة وتحدث مع حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعقد الجانبان مؤتمرا صحفيا مشتركا عقب الاجتماع وبعد ذلك توجه هنية للقاء المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي.
والتقى هنية اليوم الأربعاء الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بحسب بيان ذكره موقع الرئاسة الإيرانية اطلعت عليه وكالة أنباء "بغداد اليوم".
وعن توقيت هذه الزيارة التي تعد هي الثانية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى طهران منذ بدء معركة طوفان الأقصى في اكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأشار الخبير في قضايا غرب آسيا (أحمد زارعان) في حديثه لوكالة أنباء "بغداد اليوم"، إلى ضرورة أن تكون فصائل المقاومة في المنطقة على موقف واحد فيما يتعلق بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة.
وقال: حالياً المنطقة بشكل عام وغزة بشكل خاص في وضع حساس ومن الضروري أن يكون هناك تنسيق بين طرفي محور المقاومة وسفر هنية محدد في هذا الإطار.
وفيما يلي نص الحوار
إسماعيل هنية يسافر إلى إيران للمرة الثانية بعد طوفان الأقصى. ما هي برأيك أهم المواضيع التي ناقشها الجانبان وما هي أهمية هذه الرحلة؟
أحمد زارعان: تلتزم الجمهورية الإسلامية بتقديم الدعم الشامل لجماعات المقاومة، وتعتبر حماس أحد أهم أطراف محور المقاومة، ومن الطبيعي أن تتواصل وتتعاون الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحكومات وفصائل المقاومة مع بعضها البعض على مختلف المستويات والأبعاد. كما أن المنطقة بشكل عام وغزة بشكل خاص تعيش حالياً وضعاً حساساً ومن الضروري أن يكون هناك تنسيق بين أطراف محور المقاومة، وبالتالي فإن رحلة السيد هنية تتحدد في هذا الإطار.
رحلة هذا المسؤول السياسي في حماس تزامنت تقريبا مع موافقة مجلس الأمن الدولي على وقف إطلاق النار المؤقت. هل تعتقد أن هناك علاقة بين هاتين المسألتين؟
أحمد زارعان: كما ذكرت فإن المنطقة تعيش وضعاً حساساً وهذه الحساسية تتطلب تنسيق وتضافر محور المقاومة، ونظراً لكون الجمهورية الإسلامية تعتبر النظام الصهيوني نظاماً غير شرعي، وبسبب الصراع الجوهري، فإنه لا يمكن لإيران أن تشارك بشكل مباشر في المفاوضات المتعددة الأطراف بحضور النظام الصهيوني، وأطراف أخرى مثل مصر قطر تلعبان دوراً في هذا المجال، حيث تفكر فصائل المقاومة الفلسطينية من خلال إرسال وفود دبلوماسية إلى إيران أو وجود دبلوماسيين إيرانيين في بيروت والدوحة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سياق المفاوضات أو قضايا أخرى، والآن بعد صدور قرار مجلس الأمن بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، أصبح التوافق والتنسيق بين أطراف المقاومة بهذا الشأن وفيما يتعلق بالسيناريوهات المستقبلية أمراً حتمياً.
من المحتمل أن طول أمد الحرب أدى إلى تقليص القدرة القتالية لفصائل المقاومة الفلسطينية. هل يمكن لهذا التوقف استعادة القدرة على المقاومة؟
أحمد زارعان: بحسب قادة عسكريين وسياسيين وخبراء إسرائيليين، فرغم مرور نحو ستة أشهر على بدء الحرب، ما زالت حماس محتفظة بقدراتها القتالية وتنظيمها. فإذا كانت حماس على وشك التدمير أو الهزيمة، فإن الصهاينة لن يصروا على ضرورة البدء بعملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، ولن يعترفوا بأن تدمير حماس سيستغرق وقتاً.
لكن من الواضح أن وقف الحرب سيضع حماس في وضع أفضل، خاصة وأن الحقائق الميدانية أثبتت أن النظام الصهيوني لم يحقق أياً من أهدافه، مثل القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى، وإنهاء الحرب. ونزع سلاح غزة، وإجلاء السكان الفلسطينيين من غزة. وهذه الحقائق من شأنها أن تعزز روح حماس وشعب غزة وجميع أنصار الحرية الفلسطينية.
ما مدى احتمالية عدم اهتمام إسرائيل بهذا القرار، وهل سنرى في هذه الحالة رد فعل من المجتمع الدولي؟
أحمد زارعان: تظهر تصريحات السلطات الصهيونية في الأيام الأخيرة أنها غير مستعدة لقبول قرار مجلس الأمن ولا تعتبره ملزماً وتصر على أهداف محددة سلفاً. ومع ذلك، وعلى الرغم من عصيان النظام الصهيوني لقرار مجلس الأمن، فمن غير المرجح أن تتخذ الدول التي تتمتع بحق النقض إجراءات عقابية ضد هذا النظام وتتدخل بشكل إنساني لصالح شعب غزة، لكن، كما صرح المسؤولون الأمريكيون، فإن استمرار الحرب من قبل النظام الصهيوني سيؤدي إلى عزلة هذا النظام على المستوى الدولي بأبعاد مختلفة. إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار وتهديد بعض الدول بقطع العلاقات الدبلوماسية، دليل واضح على العزلة السياسية لهذا النظام وقربه من الانهيار.
في النهاية، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من معارضة النظام الصهيوني للقرار، فمن غير المرجح أن يتم وقف إطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان وحتى بعد ذلك، ولكن يجب الاعتراف بأن وقف إطلاق النار سيتم. سيكون صراعاً جديداً ومعقداً وطويل الأمد، وسوف يبدأ في خلق نظام جديد في غرب آسيا، ويتعين علينا أن نتوقع سيناريوهات معقدة وربما خطيرة. ومن الممكن أيضاً تحليل تصويت الامتناع الأمريكي عن التصويت من منظور الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتصميم نظام مستقبلي جديد.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الجمهوریة الإسلامیة النظام الصهیونی قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار محور المقاومة بغداد الیوم
إقرأ أيضاً:
بين التصعيد والتفاوض.. استراتيجية أمريكية لكبح نفوذ طهران
قال بهنام بن طالبلو، المدير الأول لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، إن التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أثارت شكوكاً حول إمكانية بدء مفاوضات مع الولايات المتحدة.
اللحظة الحالية ليست مناسبة للدبلوماسية المبكرة
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن تراجع خامنئي الواضح عن المحادثات مع واشنطن ليس جديداً، وإنما يعكس نمطاً راسخاً من موازنة القوة وتجنب المساءلة.وفي حين أن تعليقاته الأخيرة قد تحد من المناورات السياسية لطهران، فهي لا تستبعد إمكانية إجراء مفاوضات مستقبلية، بل تشير بدلاً من ذلك إلى محاولة لزيادة قوة إيران التفاوضية مع تجنب استعادة عقوبات "الضغط الأقصى" الأمريكية أو التهديد بالعمل العسكري. موقف إيران الهش
وربط الكاتب بين استراتيجية خامنئي وموقف إيران الهش سياسياً واقتصادياً فعلى الصعيد المحلي، تواجه إيران اقتصاداً منهاراً، ودفاعات جوية مشلولة، وسكاناً يشعرون بالإحباط بشكل متزايد تجاه النظام.
وعلى الصعيد الإقليمي، سقط حليفها الوحيد، نظام الأسد في سوريا، وتعرض وكلاؤها، مثل حماس وحزب الله، لضربات كبيرة.
Tehran’s Trump Trap - The National Interest https://t.co/nvLUlJsQ1V
— Massoud Maalouf (@Massoudmaalouf) February 19, 2025وعلى الصعيد الدولي، أصبحت إيران معزولة، وتعتمد بشكل كبير على الصين لشراء النفط الخاضع للعقوبات بينما تعمل في الوقت نفسه على توسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم. ولا تعد هذه الإجراءات علامات على حسن النية بل محاولات لبناء النفوذ وإخفاء نقاط ضعف طهران.
ورغم تصريحات خامنئي، اتخذت إيران خطوات لتبدو كأنها مع المفاوضات والتصالح. فقد امتنع وكلاء إيران في العراق عن مهاجمة المواقع الأمريكية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وأطلق المتمردون الحوثيون في اليمن سراح طاقم ناقلة كانوا قد احتجزوها كرهائن. وانخرطت طهران في "دبلوماسية الرهائن"، فأطلقت سراح سجناء مزدوجي الجنسية لكسب ود الدول الأوروبية.
الواقع أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان نفى أي تورط في مؤامرة لاغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى العكس. وتشير هذه الإجراءات إلى محاولة يائسة لخلق بيئة مواتية للمفاوضات.
ومع ذلك، يحذر الكاتب من الخلط بين مبادرات إيران هذه وأي تغيير حقيقي في سلوكها، نظرا لأن عداء طهران تجاه ترامب عميق، ويتجذر في ثلاثة عوامل رئيسة:
1. دعم المحتجين الإيرانيين: دعم ترامب علناً المتظاهرين الإيرانيين خلال احتجاجاتهم المناهضة للنظام. ويتناقض دعمه الصريح بشكل حاد مع استجابة الرئيس أوباما الفاترة لاحتجاجات عام 2009.
2. سياسة "الضغط الأقصى": ألحقت عقوبات ترامب خلال ولايته الأولى أضراراً اقتصادية غير مسبوقة بإيران، متجاوزة خسائر الحرب الإيرانية العراقية. ومن خلال استهداف صادرات النفط والاقتصاد الإيراني من جانب واحد، أثبت ترامب أن العقوبات يمكن أن تكون فعالة دون دعم متعدد الأطراف.
3. القضاء على قاسم سليماني: كانت الضربة الأمريكية بطائرة دون طيار التي قتلت سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني، ضربة استراتيجية ونفسية لطهران. فقد عطلت العملية النفوذ الإقليمي لإيران وأفقدت النظام توازنه، كما يتضح من رده الخافت على إسرائيل في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
Foundation for Defense of Democracies - Tehran’s Trump Trap @ https://t.co/SkCqOXNPi9
— drdivine (@drdivine) February 19, 2025ونظراً لهذا التاريخ، فإن الإشارات المتضاربة التي ترسلها إيران لا تتعلق بالسعي إلى السلام بقدر ما تتعلق بتخفيف نقاط ضعفها الحالية. ويستخدم النظام الدبلوماسية كأداة لكسب الوقت وتقليل الضغوط وتجنب المزيد من الانتكاسات الاقتصادية أو العسكرية.
المسار المتوقع للولايات المتحدة وقال الكاتب إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكثف الضغوط على إيران بدلاً من التسريع بالمفاوضات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدة تدابير:1. تشديد العقوبات: التركيز على تعطيل مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين، شريان الحياة الاقتصادي الأساسي لها. من خلال وقف هذا التدفق من الإيرادات، يمكن للولايات المتحدة أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية وإجبار النظام على تقديم تنازلات.
2. زيادة التهديدات العسكرية: تعزيز إمكانية العمل العسكري الأمريكي أو الإسرائيلي لإبقاء طهران على حافة الهاوية. ويمكن أن يردع الخوف من الضربات الجوية أو التدخلات العسكرية الأخرى إيران عن المزيد من الاستفزازات.
3. التقليل من أهمية المحادثات: التقليل علناً من احتمالات المفاوضات لتجنب منح إيران اليد العليا. ومن خلال الحفاظ على موقف صارم، يمكن للولايات المتحدة الضغط على طهران للجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر ملاءمة.
4. دعم المعارضين الإيرانيين: الاستمرار في تضخيم أصوات حركة المعارضة الإيرانية. ومن خلال تسليط الضوء على إخفاقات النظام ودعم الناشطين المؤيدين للديمقراطية، يمكن للولايات المتحدة تقويض شرعية طهران وزيادة الضغوط المحلية على النظام. تعليقات حامنئي...محاولة لكسب النفوذ وذكر الكاتب أن تعليقات خامنئي الأخيرة قد تبدو وكأنها تستبعد المفاوضات، لكنها تشكل جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للتلاعب بالتصورات وكسب النفوذ، مؤكداً أن ظروف إيران والتصريحات الخارجة منها تعكس أزمة يعانيها النظام.
لذا، دعا الكاتب الولايات المتحدة إلى استخدام الوسائل المتاحة لإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروطها الخاصة، وذلك من خلال تكثيف العقوبات، والحفاظ على الضغط العسكري، ودعم المعارضة الإيرانية.
ورأى الكاتب أن اللحظة الحالية ليست مناسبة للدبلوماسية المبكرة، بل للصبر الاستراتيجي والعزيمة. ومن خلال استغلال نقاط ضعف إيران ورفض مكافأة استفزازاتها، يمكن للولايات المتحدة تحقيق نتيجة أكثر ملاءمة في تعاملاتها مع طهران.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن الرسائل المختلطة التي تبعث بها إيران هي علامة على اليأس، وليس حسن النية، ويجب على الولايات المتحدة أن ترد بالقوة، وليس بالتنازلات.