شهدت سلطنة عمان في شهري فبراير ومارس من هذا العام 2024م انتخابات لاختيار مجالس إدارات اثنتين من الجمعيات المهنية الفاعلة، وهما جمعية الصحفيين العمانية، وجمعية الكتاب والأدباء، وتعد هاتان الجمعيتان مثالا لعدد من الجمعيات المهنية الأخرى التي تجمع أصحاب التخصصات والاهتمامات في المجال الواحد، مثل الجمعية الفلكية العمانية، والجمعية التاريخية العمانية وجمعية المهندسين العمانية، والعديد من الجمعيات التي أشهرت في سلطنة عمان والتي تعد من مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة.

إن الناظر إلى أهداف الجمعيات المهنية التي أشهرت في سلطنة عمان يجد من بين الأهداف الجامعة لها -على اختلاف الصياغات وتعددها-: أن تكون مؤسسة جامعة للعاملين في ذلك المجال لتعزيز الروابط وتوثيق الصلات بينهم، كما تهدف إلى العمل على تعزيز الوعي المجتمعي في مجال الجمعية، إضافة إلى الارتقاء بمهارات الأعضاء وتعزيزها، وتطوير جوانب البحث العلمي في مجال الجمعية، كما أن من النقاط الجامعة بينها أن مجالات تلك الجمعيات تجمع بين جانب التخصص العلمي، والجانب المهني*، وقد دَرَجَت هذه الجمعيات على إيجاد ملتقيات خاصة، أو ندوات ومؤتمرات تجمع أعضاءها بشكل سنوي، أو موسمي، أو توقيت مناسب مرتبط بذكرى حدث ما له علاقة بأنشطة الجمعية أو مجال عملها، لتوثيق الصلات بين الأعضاء، وتبادل الخبرة بينهم، والاطلاع على المستجدات في مجالهم، ونقل المعرفة إلى أبناء المجتمع، فكانت بتلك الأدوار مؤسسات مجتمع مدني فاعلة في التنمية والتطوير.

يُعدُّ مجال الوقف اليوم مساقا علميا يُدرَّسُ في المؤسسات الأكاديمية، وأُصدرت له المجلات العلمية المتخصصة التي تنشر بحوث الوقف في المجالات الشرعية والإدارية والقانونية، والمصرفية، وإدارة أمواله، إضافة إلى نشر مستجدات التطبيقات الوقفية الجديدة، والأخبار في عالم الوقف، كما أنه يُعدُّ قطاعًا مهنيًا يعمل فيه المئات بين موظفين رسميين في المؤسسات الحكومية، ووكلاء، ومشرفين، وأعضاء مجالس إدارات، تجمعهم وحدة التطلعات، وشغف البحث عن التجديد والابتكار، ومتابعة المستجدات، والبحث عن الحلول المبتكرة للتحديات التي تواجه مسيرة الأوقاف، فهو بذلك مجال لا يختلف عن مجال الصحافة، والتاريخ، والفلك، والأدب، والهندسة والطب وغيرها من المجالات التي أنشئت لها جمعيات مهنية تُشَكِّل كل منها مظلة تجمع المهتمين بمجال تخصصها، فهل حان الوقت لإنشاء جمعية الأوقاف العمانية؟

إن المتابع لمجال الوقف في سلطنة عمان، وشؤون العاملين فيه، في هذه المرحلة المهمة التي يشهد فيها القطاع حالات من التحول بين الإدارة التقليدية للأوقاف الموروثة، والإدارة المؤسسية الحديثة التي تواجه هي الأخرى تحديات مالية وإدارية في مرحلة التأسيس؛ لا يجد تواصلا فاعلا بين المتخصصين في الوقف، والعاملين فيه من الوكلاء، وأعضاء مجالس إدارات المؤسسات والوقفية إلا من بعض العلاقات الاجتماعية، والشخصية، أو التواصل الضروري في المجال الرسمي، ذلك لأن غياب المؤسسة الجامعة ترك فراغا ملحوظا، وأفقد القطاع حلقة التواصل المهمة بين أفراده، وقد سعى بعض المهتمين مشكورا لمحاولة جسر ذلك الفراغ فعمد إلى تأسيس مجموعة على برنامج التواصل (واتساب)، إلا أنها لا تفي بالغرض، ولا تعد أداة رسمية تنظمها القوانين النافذة في البلاد، كما أنها قد تواجه تحديات قانونية حال سعيها لتنظيم فعاليات تستوجب جمع الأموال لتغطية تلك الفعاليات، كما قدمت مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية مشكورة مبادرة مهمة في هذا الجانب بتنظيم الملتقى الوقفي الأول عام 2022م، والملتقى الوقفي الثاني عام 2023م بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، واللذين كان من أهدافهما تعزيز الصلات والروابط بين القائمين على الأوقاف، وتطوير مهارات العاملين في مجال الوقف، إلا أن ذلك الجهد المشكور والمهم لا يغني عن وجود جمعية رسمية بأهداف واضحة، لها أطرها القانونية الرسمية.

‏إن تحويل القطاع الوقفي إلى قطاع فاعل ضمن مؤسسات المجتمع المدني في مرحلة يعوَّلُ فيها كثيرا على القطاع الخيري أو القطاع الثالث للإسهام في تنمية المجتمع، وإيجاد مصادر تمويل مستدام لعدد من القطاعات الحيوية في البلاد؛ يستدعي وبشكل مهم تأسيس أو إشهار جمعية الأوقاف العمانية كي تضطلع بدور الرابط بين القائمين على الوقف في مختلف أنحاء سلطنة عمان، وتشكل مظلة رسمية تجمع المختصين والمهتمين والعاملين في القطاع.

للاطلاع على أهداف الجمعيات المهنية في سلطنة عمان زيارة موقع وزارة الإعلام عبر الرابط:https://www.omaninfo.om/pages/201/show/824

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجمعیات المهنیة فی سلطنة عمان فی مجال

إقرأ أيضاً:

اللقاء الأول للمؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان يبحث التحديات والفرص الاستثمارية

العُمانية: بحث اللقاء الأول للمؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان الذي نظّمته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية اليوم بمسقط، التحديات التي تواجهها المؤسسات الوقفية، ومقاييس الامتثال لها، وذلك بحضور سعادة أحمد بن صالح الراشدي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

وأكد سعادة وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، على أهمية اللقاء الأول للمؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان، حيث يعد منصة يلتقي فيها جميعُ المؤسسات الوقفية سواء العامّة والخاصة.

وقال سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن اللقاء الذي حضره 35 مؤسسة تطرق إلى التحديات التي تواجه المؤسسات الوقفية وإيجاد الحلول لها وطرق تنفيذها، وقد أطلقت الوزارة اليوم -أول مرة- مبادرة "قياس جاهزية المؤسسات الوقفية"؛ تهدف إلى قياس مدى جاهزية المؤسسات في جوانب الحوكمة والتنظيم والالتزام وتشكيل مجالس الإدارة وتشكيل الإدارات التنفيذية والاستثمار، موضحًا أن كل محور له وزن مختلف عن الآخر.

وأضاف سعادته أن مدى جاهزية المؤسسات الوقفية يعكس نضج تجربة المؤسسة، حيث إن تاريخ الأوقاف بسلطنة عُمان يمتد أكثر من ألف عام ولا يزال بعضها موجودًا حتى الآن، مبيّنًا أن المؤسسات الوقفية أسهمت في تطوير الأوقاف بطريقة احترافية مؤسسية، بحيث يكون لها مجلس إدارة وإدارة تنفيذية ولجان تثقيفية وشرعية واستثمارية وإدارة مخاطر.

وأفاد سعادته بأن التجربة المؤسسية في إدارة الأوقاف بسلطنة عُمان قصيرة نسبيًا، إلا أنها وصلت إلى مرحلة جيدة، موضحًا أن هناك مؤسسات وقفية معنية بالجانب الصحي والجانب التعليمي.

وأكد سعادته أن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تقوم بدور المنظِّم والمشرِّع والمراقب، حيث أطلقت حوكمة عمل المؤسسات الوقفية بالتعاون مع إحدى شركات الحوكمة، تهدف لحوكمة المؤسسات العامة والخاصة، أما في الجانب الرقابي فإن الوزارة تُلزِم المؤسسات الوقفية بتعيين مدققين من خارج المؤسسة، كما تعمل على تعزيز مستوى الثقة بين المجتمع والمؤسسات الوقفية.

من جانبه أكد هلال بن حمد الصارمي المدير التنفيذي لمؤسسة الصحة الوقفية (أثر) على أهمية اللقاء الأول للمؤسسات الوقفية، الذي يناقش دورها والتعريف بها والإنجازات التي قامت بها خلال الفترة الماضية.

وقال لوكالة الأنباء العُمانية: إن المؤسسات الوقفية حديثة العهد في سلطنة عُمان، والعمل وفق مؤسسات محوكمة يحتاج إلى وقت حتى تستطيع القيام بمهامها وأعمالها بشكل متكامل، مضيفًا أن استمرارية عقد هذا اللقاء سيسهم في إتاحة الفرصة لتبادل الخبرات والتجارب في الاستثمار بين المؤسسات الوقفية.

وذكر عددًا من التحديات التي تواجهها المؤسسات، من بينها القدرة المالية، والبدء في استثمارات وقفية، وعدم وجود داعمين أساسيين في بعض المؤسسات الوقفية مما يترتب عليه صعوبة في عملية تشغيل المؤسسات، لافتا إلى أهمية التعاون بين المؤسسات من خلال وجود استثمارات مشتركة بينها، ومع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والمؤسسات الوقفية فيما يتعلق بالحوسبة المالية.

وبيّن المدير التنفيذي لمؤسسة الصحة الوقفية (أثر) أن هذه المؤسسة تُعنى بالجانب الصحي وتسعى إلى رفع كفاءة القطاع الصحي في سلطنة عُمان، كما تتعاون مع المؤسسات الصحية، إضافة إلى العمل للحصول على واقفين لتتمكن من شراء الأجهزة وأدوية معينة يحتاج لها المجتمع.

وفي سياق متصل أوضح المهندس محمد بن سالم البوسعيدي عضو مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية، أن الوزارة تبذل جهودًا في توفير فرص استثمارية مناسبة للمؤسسات الوقفية من خلال الأصول الوقفية الموجودة لديها، مشيرًا إلى وجود أكثر من 39 ألف أصل وقفي، ويحتاج أغلبها إلى استثمار، مقترحًا أن تعرض الوزارة إعطاء المؤسسات الفرصة في تثمير تلك الأموال.

وبدوره أشار الدكتور بدر بن خلفان الراشدي من مؤسسة سمائل الوقفية العامة، إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الوقفية الناشئة، هي الإيرادات والتسويق والخبرة الاستثمارية وتأهيل الكوادر.

كما قدم الدكتور محمد فخري صويلح من بنك نزوى خلال اللقاء عرضًا مرئيًا بعنوان "المعايير المحاسبية للقطاع الوقفي"، تطرق خلاله إلى المعايير المحاسبة المالية والمراجعة والتدقيق وأخلاقيات المهنة، مبيّنًا أن أبرز المبادئ المحاسبية هي: وحدة النقد والتكلفة التاريخية وتحقق الإيراد والأهمية النسبية والإفصاح العام والاستحقاق والثبات، مشيرًا إلى أن الأصول الوقفية تصنّف إلى مخصصة للاستخدام الفوري وأصول غير مادية.

مقالات مشابهة

  • جمعية سواعد بالمجمعة تحصد جائزة أفضل منظمة غير ربحية
  • تسجيل وتوثيق الإرث المعرفي لمهنة صيد الأسماك في عمان
  • سرد بصري للتاريخ العُماني في السينما الوثائقية
  • الحرس الوطني ووزارة الخارجية ينفذان مهمة إسعاف جوي لمصاب في سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تسجل إنجازا طبيا بإجراء أول عملية زراعة قلب
  • «صكوك الوقف» تفوز بجائزة الابتكار في التمويل الأخلاقي
  • اللقاء الأول للمؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان يبحث التحديات والفرص الاستثمارية
  • النسخة الثامنة من إلهام ونجاح.. 50 موجّهًا يرافقون 50 رائد عمل نحو التميز الريادي في سلطنة عمان
  • مناقشة الصعوبات التي تواجه الجمعيات التعاونية بمحافظة صنعاء
  • مناقشة تفعيل آلية الحفاظ على ممتلكات الأوقاف بمديريات القطاع الغربي بصنعاء