كتاب أعجبني.. «أنت ما تفكر فيه»
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
بعد عودتي للعمل في محافظة مسقط، ارتأت الإدارة أن تنقلني للعمل في دائرة غير الدائرة التي كنت أعمل فيها سابقا، ولم تكن الدائرة غريبة عليّ على وجه الإطلاق فقد سبق أن عملت في مكاتب قريبة منها، كل ما في الأمر أنني أنا أمام بيئة عمل جديدة وتحديات جديدة ومستقبل غامض لا مفر لي من خوضه، كان عليّ في البداية أن أضع لنفسي محل قبول بين مجموعة الموظفين العاملين في هذه الدائرة والذين قد سبق أن تبنوا صورة سلبية شائعة عني، وبعد فترة بسيطة استطعت أن أمتزج معهم وأن أدخل قلوبهم الطيبة وأن أصبح جزءًا لطيفًا من منظومة العمل، وذلك بفضل توفيق الله ثم بفضل كتاب وجدته على منضدة سمر الحسني إحدى الزميلات الصامتات في هذه الدائرة عنوانه (أنت ما تفكر به) لمؤلفه واين داير ترجمة د.
أما سمر صاحبة الكتاب فقالت: إنها اشترت هذا الكتاب بتوصية من أحد معارفها ليساعدها على تطوير شخصيتها وتحسين جودة حياتها اليومية من خلال الدخول في أعماق تفكيرها الداخلي وتغيير نمط حواراتها النفسية، تلك الحوارات التي تشكل مشاعرنا وشخصياتنا وتصوراتنا في نهاية المطاف، وتقول: الكتاب غني بالحكم والاستراتيجيات الهادفة والرؤى التي تسخر قوة تفكيرنا لتعزيز نمونا الشخصي ومن ثم تحقيق السعادة والنجاح. كان حديثها شيقا وعميقا تسلل إلى أعماق نفسي التي كانت تتحسس في تلك المرحلة عن سبل سريعة للوصول الى السطح واللحاق بالمراكب المتقدمة، ثم أخذت الكتاب من يدي وقالت وهي تلوح به في نشوة: يوزع المؤلف كتابه هذا على 365 صفحة بعدد أيام السنة الميلادية، وفي كل صفحة وضع مقولة يعبر فيها عن خلاصة تجاربه الشخصية في الحياة التي قضاها في العمل والقراءة والتأمل في النفس البشرية، وهنا تبادرت في ذهني فكرة أن نقرأ كل صباح صفحة من هذا الكتاب، ابتداء من ذلك اليوم في شهر أكتوبر من العام الفائت وحتى انتهاء الكتاب في التاريخ نفسه من العام المقبل، كانت صفحة السادس عشر من أكتوبر تقول «اقطع التزاما شخصيا بأن تفعل ما تحب وأن تحب ما تفعل، اليوم» وقد أعجب أكثر الزملاء بالفكرة وشكك البعض في قدرتنا على الاستمرار في القراءة طيلة عام كامل، لكننا استطعنا أن نكمل حتى يومنا هذا ستة أشهر من القراءة والحوارات اليومية الخفيفة حول الأفكار التي يطرحها المؤلف وأثرها فيما نعرفه من تجاربنا الشخصية، كانت أفراح الغافري أكثر الأشخاص شغفا بالكتاب والرؤى التي يطرحها لعل صغر سنها وانفتاحها على الحياة هو السبب الرئيس في عبثها بالكتاب ونظامه فأحيانا تقفز بنا في منتصف النهار لتقرأ صفحة في تاريخ لاحق عبثا بالنظام وإزعاجا وإثارة لغضبي. أما أحمد العامري المسؤول الجديد الذي التحق بنا مؤخرا فيقول إنه يجد النشاط وبيئة الإخاء وحب التعاون ويرى روح الشباب المتطلعة تتجلى في هذه الدائرة التي يتشارك فيها موظفوها أحلامهم وتجاربهم ويعملون من أجل إسعاد بعضهم البعض، ويرى فكرة قراءة صفحة من هذا الكتاب كل صباح على مسمع من الجميع ومناقشتها هي فكرة مبتكرة لم ير مثلها طيلة فترة عمله، حتى إنه نقل التجربة إلى حسابه الشخصي في وسائل التواصل الاجتماعي ووجد تفاعلا حميدا من متابعيه.
في أحد الصباحات وبدافع من الفضول، أطل علينا نبيل الجاسري وهو أحد المديرين الذين تلقوا تعليمهم الجامعي في الغرب، وعلق بعد أن أنهينا القراءة إن واين داير هذا الذين تقرأون له هو كاتب مشهور في العالم، وأنه أي نبيل سبق أن قرأ له كتابا باللغة الانجليزية أثناء دراسته في بريطانيا، وأكد لنا بعد أن تصفح الكتاب أن الترجمة هذه التي نقرأها غير دقيقة ولا توصل المعنى والفكرة ذاتها التي يريدها المؤلف والتي كتبها باللغة الإنجليزية، فهو أمريكي عاش يتيما في ملجأ أيتام حتى فترة مراهقته، وأضاف بأن كتبه معروفة ليس فقط في أمريكا وأوروبا وإنما في كل العالم، وهي الأكثر مبيعًا، أحد كتبه بيع منه أكثر من ٣٠ مليون نسخة، ومن كتبه المعروفة كتاب: «أستطيع أن أرى بوضوح الآن» و«النقلة» وكتاب «طريقة جديدة للحياة» وله محاضرات ومقابلات قيمة منشورة في اليوتيوب ومواقع كثيرة لمن شاء الاستزادة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
الحلقة الثامنة من كتاب .. عدسات على الطريق ..
بقلم: حسين الذكر ..
فيما كان الحذر والترقب يسود أجواء البيت ، رن جرس الهاتف مزغردا اذ كانوا ينتظرونه بشوق ولهفة ..
نهض العم كاظم مسرعاً وانتصب على قديمه بحذر ثم ركضت البنت ترفع السماعة بينما انشغلت الأم ببعض الأمور المنزلية ، أما الإبن فوضع يده على خده يراقب ما سيحدث !
-نعم تفضل من تكون ؟.
قاطعه العم كاظم :
ــ أظنك تقصد الملتقى الثقافي !
ــ بالضبط.. هو ما أعني .. ما معلوماتك عنه ؟
ــ إني أعرف عنه الكثير ، فإن عملي بالقرب منه ، كما إني أحد روادها المعروفين والدائمين !
ــ هذا حسن جداً ، فانه سيسهل علينا المهمة.
ــ ولكن حسب علمي ان ثمنها باهض ولا أستطيع على جمع ما يكفي !
ــ دعك من هذا .. فصاحب المكتبة أحد أقاربي ، وهو مقبل على سفر ويريد بيعها وفق شروط معينة أظنها أهم من المال بالنسبة به ، لأنه مرتبط بها روحياً ،ولا يريد بيعها لمن يقدرها ولا يغير واقعها ، وهو على وشك الرحيل ومغادرة البلد الى غير رجعة ، فقد ملّ الحصار وكبت الحريات والحرمان والتسلط الاستبدادي .. وان معظم الشروط تنطبق عليك وتتوفر عندك ، كما ان معرفته لك ، تسهل الأمر كثيراً ، فدعني من الان أناديك العم كاظم مدير الملتقى الثقافي .. ثم ضحك الاثنان !
ــ إنني لا أصدق ما أسمع .. وهل حقاً ، سأتحول من زبون مقرف يتلصص بين جدران وكتب المكتبة الى مالكها الشرعي بين ليلة وضحاها ، ان هذا أمر عجيب لا يمكن ان أصدقه وأعيه أو أعيشه حقيقة حتى لو حصل فعلاً ، لانه لا يتطابق مع كامل قواعد وشروط المنطق والسلوك العامة التي اعرفها وأؤمن بها .وحتما سيتحول بيتي الى كرنفال من الفرح حالما يسمعون الخبر، إن هذا حلم لا أكاد أصدقه ولا اظنه يتحقق في يوم من الايام ، فأنا كاظم الحزين ولم يكذب من نعتني بها ، لقد قضيت معظم حياتي وأنا أمضغ القساوة مضغاً ولا أعتقد ان هناك قوة في العالم ستغير وضعي لاسيما بعد ما بلغت من العمر عتياً !
ــ صدق يا عم.. ولن يفصلك عن ذلك إلا الوقت وغداً لناظره قريب !
ــ ولكن قل لي ماذا تسمي ذاك لو صح على زعمك .. هل هو سحر أم معجزة أم خيال .. أم ماذا ؟.
ــ ليس الأمر نصيباً مما ذكرت ، إن التحرك الجاد والطموح يثمر دائماً ويؤدي الى نتائج كبيرة ، وهذه قاعدة عامة تنطبق على الجميع بلا استثناء وأنت واحد منهم شريطة أن يكون الأمل موجوداً والتحرك فاعلاً والتغيير مطلباً اساسياً ودائمياً نحو الافضل مع قليل من التوفيق !
ــ طيب دعنا من كل هذا وفكر ببقية المبلغ كيف سأجمعه فلا أعتقد لدي ما يكفي !
ــ لا عليك ، فاني سادفع ما تبقى من المبلغ وأدخل شريكاً معك وحالما يوفقك الله ، سترد لي ديني وتحصل على كامل مكتبتك ، وأنا أحصل على كامل صداقتك ومودتك !
ــ إن هذا كثير علي وإنك تقرب إلي ما أعتقده بعيداً جداً .
ــ والآن اخلد للنوم وسأراك غداً بالمكان ذاته ، مع كامل المبلغ ، فلا تتأخر .. وداعاً يا عم ..!
ــ رافقتك السلامة يا ولدي !
ما أن وضع السماعة حتى أخذ يصيح بشيء من الهستريا:
ــ هيا أسرعوا تجمعوا فوراً ، الاستاذ كاظم الحزين مدير الملتقى الثقافي يناديكم ، ثم ضحك عالياً ومشى متبختراً وكأنه في حلم !
تجمعت العائلة على الفور تستنبئ الحدث الجلل ، فتعلقت البنت بأكتاف ابيها قائلة ــ آه كم أنت جميل يا أبي ..بهذه اللحظة التاريخية التي لم نعهدك بها من قبل ، بشّرنا بما تحمل من أخبار سارة ، فنحن لم نذق طعم الفرح منذ زمن بعيد .
ــ يبدو اني سأبلغكم بأسعد الأخبار في حياتي !
الأم : نتمنى لك ذلك وندعو الله أن يتمم عليك بالخير وأن يجعل كل شيء على ما يرام وأن لا تحدث لك أي متاعب جديدة !
الابن : أنا لا أثق بما يجري ، فاحرص يا أبتاه على المبلغ الذي معك فانه كل ما لدينا وأي خطأ – لا سامح الله – سيجعلنا على شفا حفرة من النار ، وأنت ستتحمل كامل المسؤولية والعبء الأكبر وثق اني أخشى عليك أكثر مما أخشاه على نفسي ، فلا تكن خيالياً أكثر من اللازم واجعل التأني طريقك للوصول الى مبتغاك واتمنى ان يحقق الله لك ما تريد ويعوضك في شيخوختك ما فات عليك في شبابك !
ثم آمتزجت الفرحة بالدموع والأمل بالترقب وران النعاس على الجميع وخلدوا للنوم … حسين الذكر