«عباقرة الظل»، حلقات نشرتها «البوابة نيوز»، منذ سنوات، للكاتب المبدع مصطفى بيومي، وصدرت فى كتاب بالعنوان نفسه، ويتناول الحديث عن عدد من الممثلين الأقل شهرة عن نجوم الصف الأول، وقدموا أدوارًا معقدة ظلت باقية في أذهان الناس، ويطلق عليهم أعمدة الطبقة الوسطى في السينما المصرية، ويرى «بيومي» أن كثيرًا من هؤلاء العباقرة لعبوا أدوارًا لا تقل أهمية عن أدوار البطولة، حملت مقولات معبأة بالفلسفة الشعبية الخالصة.

. تحيةً لروح كل نجم من هؤلاء النجوم، تعيد البوابة نشر بعض هذه الحلقات.

أداء تلقائى يعبر عن عبقرية الفنان الأصيل بأسلوب احترافى رفيع المستوى

عنيف شرس متطرف في وحشيته كأنه الشيطان، رقيق وديع مسرف في طيبته مثل طفل برىء، عاقل حكيم يُضرب باتزانه المثل، أرعن مندفع كالطوفان العارم، أرستقراطى متعجرف يجزم من يراه أنه سليل باشوات، شعبى قح توحى هيئته بأنه لم يغادر الحارة منذ ميلاده.

وجوه متعددة متنافرة متناقضة، وداخل كل وجه تجليات متباينة، فالشر والخير عنده درجات. لا يملك المشاهد المسحور بأدائه الواثق المقنع السلس، التلقائى العفوى البسيط، إلا أن يقر بعبقرية الفنان الأصيل ذى الأسلوب الاحترافى رفيع المستوى، لكنه لم ينل من الشهرة وذيوع الصيت ما يعادل حجم موهبته وعطائه الثرى.

فعدلى كاسب علامة بارزة مضيئة في تاريخ السينما المصرية، فضلا عن إبداعه المتميز اللافت في المسرح والتليفزيون، وواحد من أبناء الجيل الجاد المثقف الملتزم، المحب للفن والمؤمن برسالته. العمل عنده متعة وهدف، والتحقق المشبع جائزة كبرى يقنع بها ويفرح. لا شك أنه في أعماقهم على يقين من انتصار التاريخ له، وإن تعثر إنصافه وتأخر.

الشر النمطى ليس واردًا عند عدلى، فلكل شخصية توصف بالشر مفاتيحها ودوافعها وسماتها الخاصة التى ينبغى أن توضع في الاعتبار. لا يعتمد الفنان المتمكن على ضخامة الجسد وما توحى به من قدرة على البطش وإلحاق الأذى. الشر تكوين نفسى وليس جسديًا، ومن هنا تظهر الفوارق الشاسعة بين الأب السكير غير السوى في «المراهقات»، ١٩٦٠، والأخ الجشع الذى يمتهن الجزارة ويدمن العنف في «السفيرة عزيزة»، ١٩٦١، والتاجر الثرى العاشق المتعالى طبقيا في «زقاق المدق»، ١٩٦٣، وهؤلاء جميعا يختلفون جذريا عن أبى جهل في «هجرة الرسول» ١٩٦٤.
 

فيلم المراهقات

شاكر، في «المراهقات»، شخصية معتلة الأعصاب، سكير نهم للطعام والجنس، عصبى متوتر دائما. يسىء معاملة ابنه الوحيد أحمد «جلال عيسى»، على الرغم من نجاحه وتفوقه، ويبدو لطيفا حانيا مع ابنة زوجه صفية «زيزى مصطفى». يهيج ويحتد لأتفه الأسباب، أو بلا أسباب، ويحشد عدلى كاسب كل أدواته التعبيرية ليتجسد وحشا آدميا، يشتم ويضرب ويمزق الكتب ويطرد الابن في قسوة من يتلذذ بالسلوك السادى. مشاهدو الفيلم يجمعون بين كراهيته وسيطرة الشعور بالعجز عن فهمه، فهو مريض بالشراسة غير المبررة.
 

فيلم السفيرة عزيزة

الأمر مختلف عند الجزار عباس في «السفيرة عزيزة»، ذلك أن دوافع الشر عنده تتمثل في الجشع المادى والرغبة في الاستحواذ على ميراث شقيقته، فضلا عن استعداد فطرى للعنف، ما يقوده إلى السجن مدانا بانتهاك التسعيرة ومقاومة السلطات. طريقة عدلى في الإمساك بالساطور والتلويح به دليل عملى غير مباشر على عدوانيته الأصيلة، وصوته الخشن الجاف علامة شراسته، لكنه «ابن بلد» تحيط به شلة من الأصدقاء الطيبين الذين لا يمكن تصنيفهم في دائرة الشر. هزيمته أمام زوج أخته «شكرى سرحان»، قرب نهاية الفيلم، لا تبدو منطقية مقنعة بمقاييس القوة، لكن أبطال السينما المصرية ينتصرون عادة لأسباب تجارية!
 

سليم علوان في «زقاق المدق» شرير «معتدل» مقارنة بسابقيه، ذلك أن عشقه لفاتنة الزقاق حميدة «شادية»، يدفعه إلى الإقدام على خطبتها دون الاهتمام بخطيبها الفقير عباس «صلاح قابيل». عشقه للفتاة حسى جنسى خالص، وكم يبدو عدلى بارعا متمكنا في الإعلان عن امتعاضه عند مقارنته بالغريم الشاب الذى لا يرقى إلى مكانته الاجتماعية: «الواد الحلاق الشحات ده»!.

الانتصار ميسور على عباس لغياب الندية والتكافؤ، لكن المرض يطيح بالتاجر الثرى فلا يبقى من شره إلا التوتر والغضب. إنه شر اجتماعي طبقى ذو دوافع عاطفية مفهومة مبررة في الإطار الإنسانى، أما عن أبى جهل في «هجرة الرسول»؛ فإنه يمثل الشر المطلق، ما يستدعى التهيؤ لتجسيد الشخصية عبر منظور أحادى متحامل، يجمع بين الظاهر الشكلى القبيح والباطن الذى يستوطنه الغل. عندما يتعلق الأمر بالموروث الدينى وقداسته، تتوارى المعايير الفنية وتغيب منهجية الأداء المتوازن.

بالتكوين الجسدى العملاق نفسه، ومن خلال الملامح التى تتجهم في غلظة موحية بالشر، ينتقل عدلى كاسب لتقديم شخصيات طيبة خيرة، تقترب أحيانا من الوقوف على عتبات الغفلة والسذاجة.
 

فيلم سر طاقية الإخفاء

سالم سلامة سليمان، رئيس تحرير جريدة «النور» في «سر طاقية الإخفاء»، ١٩٥٩، رجل طيب ذو توجه كوميدى قوامه اللحية الغرائبية والانفعال العصبى، فضلا عن التحول السريع من الغضب إلى الرضا ومن القسوة الشكلية غير الأصيلة إلى المبالغة في الرقة. يسهل تصديقه لكل ما يُقال له، ويكرر كالأطفال كلمة «البلالم»، متوهما أنها أداة الاختفاء السحرية. ما هكذا يكون رؤساء التحرير بطبيعة الحال، لكن الفيلم في مجمله خارج الأطر التقليدية، والموهبة الكوميدية كامنة في أعماق الشرير المبدع.

في «لقاء في الغروب»، ١٩٦٠، يقدم عدلى واحدا من أهم شخصياته، ينفرد بالدور الرئيس في النصف الأول من أحداث الفيلم، ويتألق بعفويته وتلقائيته في تجسيد شخصية عزت، الزوج والأب الثرى المرح الأقرب في بساطته الخلابة إلى عالم الأطفال أنقياء القلوب. نهم في الطعام، برىء صريح في الكشف عن مشاعره ورغباته، ولا يتقن صنعة الكلام المنمق الذى تتوق إليه الزوجة آمال، مريم فخر الدين. يحبها على طريقته مثلما يحب ابنه الوحيد ممدوح، ومن يتأمل ملامح عدلى المسكونة بالصفاء والطيبة، لن يصدق بسهولة أنه شاكر وعباس وسليم و«أبو جهل». كيف يتحكم الممثل القدير في خريطة وجهه على هذا النحو، متحولا من الشر المخيف إلى الطيبة المتطرفة المشتبكة مع السذاجة؟. هنا تكمن الموهبة التى تبرهن على أن مدمنى النمطية والتكرار الممل ليسوا موهوبين، بل إنهم ليسوا ممثلين.
 

فيلم عائلة زيزي

الأب الطيب البشوش في «عائلة زيزى»، ١٩٦٣، و«نغم في حياتى»، ١٩٧٥، امتداد على نحو ما لشخصية عزت، أما مصطفى علوان والد العريس جلال في «أم العروسة»، ١٩٦٣، فشخصية ذات نسيج مختلف في مسيرة عدلى السينمائية. إنه صديق حميم جدير بالحب عند مشاهدى الفيلم، وفى أسلوب أدائه «نداهة» تستقطب العيون والقلوب معا. يفجر الضحكات الصافية بطريقته في الكلام والتهام الفاكهة، ويتناسى الجميع أنه زوج باهت الشخصية. ينصب التركيز كله على المرح الذى لا تشوبه شائبة من الافتعال والابتذال. غاية ما يُقال عنه إنه رجل طيب، وما أجمل أن تكون رجلا طيبا.

 بين البراعة في أدوار الشر بتجلياته المختلفة، والتمكن في تجسيد الطيبة والبراءة، يتحرك عدلى أيضا في الساحة الفسيحة التى تفصل بين العالمين، ويكشف عن قدرة جديرة بالإعجاب في معايشة شخصيات يصعب تصنيفها إلا في دائرة الانتماء الإنسانى العام.

وكيل النيابة في «حب وإعدام»، ١٩٥٦، قوى وقور متزن كما يليق بوظيفته، والكهل الذى ينخرط في شلة المترددين على القهوة في «الكرنك»، ١٩٧٥، جاد عاقل مسكون بمزيج من الخوف والسخرية، وفى «صغيرة على الحب»، ١٩٦٦، يبدع عدلى في تقديم شخصية شاكر، زوج شقيقة سعاد حسنى. يتسم بالعصبية والاندفاع بفعل المفارقات وسوء الفهم، وعندما يزول اللبس يظهر الوجه الآخر الملتزم بالتقاليد والأعراف.

في «مدرس خصوصى»، ١٩٦٥، يتألق عدلى في تجسيد شخصية الزوج العنيد والأب الصارم، ولا متسع هنا للحديث عن ثنائية الخير والشر، ذلك أن الأغلب الأعم من ردود أفعاله منطقية مبررة قابلة للفهم والاستيعاب.

ضابط الشرطة مساعد الحكمدار في «حياة أو موت»، ١٩٥٤، وضابط الجيش الكبير الذى يتولى منصبا قياديا بالكلية الحربية في «رد قلبى»، ١٩٥٧، وأيضا ضابط الجيش المتعاطف مع ابنتى شقيقه في «نادية»، ١٩٦٩؛ نماذج للأدوار الصغيرة محدودة المشاهد والتأثير، يؤديها الفنان المحترف الملتزم في كفاءة وإخلاص، وما أكثر هذه الأدوار.

التوقف ضرورى أمام دورين صغيرين مهمين يقدمهما عدلى كاسب في «الزوجة العذراء»، ١٩٥٨، و«اللص والكلاب»، ١٩٦٢. محروس سايس الاصطبل الفحل القوى، الذى يكشف بأسلوب فنى غير مباشر عن أزمة العاجز مجدى بك «أحمد مظهر»، والمخبر حسب الله بكل ما في إيقاعه الواثق المحسوب من تعبير عن سطوة السلطة التى يقبع في قاعها، ويستمد من مكانته المتواضعة نفوذا يتوافق مع البيئة الشعبية التى يتحرك الجميع في إطار قواعدها الخاصة.

ربع قرن من الإبداع السينمائى، يبدأ في السنوات الأولى من خمسينيات القرن العشرين، وينتهى برحيله قرب نهاية السبعينيات. عشرات الأفلام والشخصيات، وتنوع في الوجوه يثير الدهشة والإعجاب. حصيلة العطاء المحترم تضمن للممثل العملاق مكانة تزداد توهجا مع كرور السنين، وهل يصح في النهاية إلا الصحيح؟

ربع قرن من الإبداع السينمائى، يبدأ في السنوات الأولى من خمسينيات القرن العشرين، وينتهى برحيله قرب نهاية السبعينيات. عشرات الأفلام والشخصيات، وتنوع في الوجوه يثير الدهشة والإعجاب. حصيلة العطاء المحترم تضمن للممثل العملاق مكانة تزداد توهجا مع كرور السنين، وهل يصح في النهاية إلا الصحيح؟.

 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصطفى بيومي السينما المصرية أدوار ا

إقرأ أيضاً:

القرن الأفريقى على صفيح ساخن.. الصومال وإثيوبيا يستقبلان عامًا ساخنًا.. السودان مرشح للذهاب إلى السيناريو الليبى.. غموض كبير بشأن استقرار البحر الأحمر.. وأرض الصومال تسعى لنيل الاعتراف من واشنطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ينتظر القرن الأفريقى شهورا ساخنة خلال العام المقبل ٢٠٢٥ فى ظل استمرار الاضطرابات والصراعات داخل المنطقة التى تعد محط أنظار القوى الإقليمية والدولية نظرا لأهميتها الاستراتيجية فى صراع النفوذ بين القوى العظمى، والذى يؤثر بشكل كبير فى إخماد أو إشعال التواترات.

النسخة الورقة للتقريرالصومال وإثيوبيا

يبدو أن الأزمة بين الصومال وإثيوبيا مرشحة للتصعيد فى ظل التحولات التى شهدها شهر ديسمبر الجاري، حيث تصاعد التوتر بينهما بعد الهجوم الذى شنه الجيش الإثيوبى على الصومال، التى استبعدت أديس أبابا من مهمة حفظ السلام المقبلة والتى تبدأ فى الأول من يناير ٢٠٢٥، على الرغم أن الجارتين وقعا على إعلان أنقرة لإنهاء الأزمة بينهما.

وتعود جذور الأزمة إلى الأول من يناير من العام الجارى حينما وقع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، مذكرة تفاهم غير قانونية مع المنطقة الانفصالية أرض الصومال أو "صوماليلاند"، تنص على حصول أديس أبابا على ٢٠ كم من ساحل البحر الأحمر لإقامة قاعدة عسكرية، وهو الأمر الذى أغضب الصومال على المستويين الشعبى والرسمي، وسحبت سفيرها فى أديس أبابا، وطردت السفير الإثيوبى من مقديشيو إلى جانب عدد من الإجراءات الأخرى التى فاقمت من الأزمة بين الدولتين الجارتين فى القرن الأفريقي.

طرد إثيوبيا من الصومال

واتخذ الصومال خطوة مهمة لمعاقبة إثيوبيا على ما اقترفته بعدم التراجع عن مذكرة التفاهم غير القانونية، باستبعاد أديس أبابا من مهمة السلام الجديدة التى تبدأ فى يناير ٢٠٢٥ ويتوجب على إثيوبيا سحب قواتها وتصفية نفوذها فى مقديشيو.

الأزمة الأخرى التى تؤرق إثيوبيا هى فشل الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر، ومرور عام كامل دون تحقيق أى تقدم فى هذا الشأن، والذى بات قريبا حينما وقعت إعلان أنقرة، الذى يمنحها هذا الحق ولكن تحت السيادة الصومالية، إلا أن الإعلان أجهض بعد الهجوم الذى شنته القوات الإثيوبية ضد الصومال، وفى القاهرة أعلن وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى خلال مؤتمر صحفى مع نظيره الصومالى أحمد معلم فقي، فى ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٤ أن الوصول إلى البحر الأحمر هو للدول المشاطئة فقط. 

ويبدو أن إثيوبيا ستلجأ إلى التصعيد ضد الصومال عن طريق أمرين، الأول هو شن هجمات على المناطق الحدودية فى الصومال، بالإضافة إلى دعم ولاية جوبالاند التى نشب خلاف بينها وبين الحكومة الصومالية فى الأسابيع الأخيرة. 

الأمر الثاني، هو التعنت فى سحب القوات الإثيوبية المتمركزة فى بعض المناطق الصومالية خاصة وأنها فى مناطق حيوية مثل المطارات.

على الجانب الآخر، فإن المنطقة الانفصالية أرض الصومال تسعى لاستغلال عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض لنيل الاعتراف الدولى حيث كشفت خلال الأسبوع الماضى عن زيارة الجنرال مايكل لانجلي، قائد القيادة الأمريكية فى أفريقيا (أفريكوم) إلى أرض الصومال.

يأتى هذا التطور المهم وسط تحول ملحوظ فى ديناميكيات السياسة الخارجية الأمريكية وتصاعد الضغوط الصينية فى منطقة القرن الأفريقي.

وكشف موقع صوماليا جارديان، أن أرض الصومال تخطط لمنح الولايات المتحدة مساحة استراتيجية من الأرض على طول البحر الأحمر، بالقرب من مدينة بربرة الساحلية، لإنشاء قاعدة عسكرية. 

وقال أرض الصومال فى واشنطن بشير جود إن القاعدة ستعمل كأصل حاسم فى مواجهة تهديدات الحوثيين للسفن الغربية والإسرائيلية التى تعبر الممرات البحرية الرئيسية القريبة.

وأضاف أن الجهود جارية لإقناع إدارة ترامب القادمة بقبول الاقتراح، والذى إذا نجح، سيؤدى إلى اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال كدولة مستقلة، مما ينهى فعليًا سعيها الذى دام ثلاثة عقود للحصول على الاعتراف الدولي.

يأتى هذا التطور فى أعقاب اقتراح قدمه النائب الجمهورى سكوت بيرى من ولاية بنسلفانيا، يدعو إلى الاعتراف الرسمى بأرض الصومال. 

ويبدو أن هناك خطوات أمريكية بشأن الاعتراف بأرض الصومال، حيث قال وزير الدفاع البريطانى الأسبق جافين ويليامسون، إن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، يعتزم الاعتراف باستقلال صوماليلاند، الإقليم الذى أعلن انفصاله عن الصومال منذ ١٩٩١.

وأضاف ويليامسون فى تصريحات خلال شهر نوفمبرالماضى عقب فوز ترامب الانتخابات الرئاسية، أنه أجرى مناقشات مع فريق ترامب حول الاعتراف الرسمى بصوماليلاند، معربا عن قناعته بأن ترامب سيتولى هذا الملف بعد عودته إلى البيت الأبيض فى يناير المقبل.

منطقة البحر الأحمر

وترتبط القرن الأفريقى ارتباطا وثيقا بمنطقة البحر الأحمر، التى شهدت اضطرابات شديدة على مدار العام المنصرم وينتظر أم تتصاعد خلال العام المقبل.

اشتعلت منطقة البحر الأحمر خلال ٢٠٢٤ بسبب أمرين الأول هو محاولات إثيوبيا غير الشرعية للحصول على منفذ بحرى وهو ما فتح مواجهة مع الصومال، والأمر الثانى هو الهجمات التى شنتها الميلشيات الحوثية المتمركزة فى اليمن، على السفن المارة فى البحر الأحمر بزعم إسناد ومناصرة المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة.

الهجمات الحوثية أثرت كثيرا على أمن البحر الأحمر ما استدعى عسكرة المنطقة التى تمثل شريانا هاما للتجارة العالمية وتسببت الاضطرابات فى خسائر كبيرة لقناة السويس وصلت إلى ٧ مليارات دولار بحسب تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال اجتماعه مع الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، أواخر ديسمبر الجاري.

الفريق أول عبد الفتاح البرهان السودان والسيناريو الليبي

وأما عن السودان فإن الأزمة تقترب من عامها الثاني، ومازالت مستمرة، على الرغم أن القوات المسلحة السودانية اكتسبت زخمًا فى ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة، ولكن احتمالات السلام ضئيلة لعدة عوامل.

ويبدو أن الأزمة السودانية فى ٢٠٢٥ مرشحة للوصول إلى السيناريو الليبي، وهو حكومتان لشعب ممزق، فقد أعلنت ميليشيات الدعم السريع عزمها تكوين حكومة موازية، وأكد مستشار قائد ميليشيات الدعم السريع إبراهيم مخير، فى تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أنه جرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية فى العاصمة الكينية نيروبى بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف "تقدم" ومن خارجه، بحثت تشكيل "حكومة سلام" على الأرض داخل السودان، فى المناطق التى تسيطر عليها "الدعم السريع" فى غرب السودان ووسطه.

ويتوقف نجاح هذه الخطوة أو فشلها، على ردود الأفعال الدولية والإقليمية مع هذه الحكومة، فى ظل ارتباط "الدعم السريع" بمصالح مع هذه الدول التى تدعمه ضد الجيش السوداني، وتساهم بشكل مباشر فى استمرارية الأزمة.

وعلى مدار العام الفائت لم تحقق مبادرات السلام المختلفة من بعض القوى الإقليمية والدولية أى اختراق للأزمة، التى تسببت فى أكبر مجاعة فى العالم.

وكشف التقرير الأخير للأمم المتحدة الصادر فى ديسمبر الجاري، عن أرقام مفزعة ومقلقة للغاية حيث يعانى أكثر من ٢٤ مليون سودانى من المجاعة المتفشية فى ٥ مناطق وينتظر أن يتضاعف العدد خلال شهر مايو من العام المقبل، إلى جانب تهديد ١٧ منطقة أخرى، وهو أمر غاية فى الخطورة.

ويشترط الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى وقائد الجيش السوداني، انسحاب ميليشيات الدعم السريع من جميع الأراضى التى تسيطر عليها كشرط مسبق للعودة إلى طاولة المفاوضات.

مقالات مشابهة

  • غزة المنسيِّة
  • ميلاد السيد المسيح
  • سامح قاسم يكتب: على الأرض السلام
  • الإسكان: الطرح الجديد لمن لم يصبهم الدور.. والأولوية للحالة الاجتماعية
  • صندوق الإسكان الاجتماعي: الطرح الجديد لمن لم يصبهم الدور والأولوية للحالة الاجتماعية
  • القرن الأفريقى على صفيح ساخن.. الصومال وإثيوبيا يستقبلان عامًا ساخنًا.. السودان مرشح للذهاب إلى السيناريو الليبى.. غموض كبير بشأن استقرار البحر الأحمر.. وأرض الصومال تسعى لنيل الاعتراف من واشنطن
  • منير أديب يكتب: في وداع عام الحرب والصراعات والإرهاب.. قتل ودمار وانتشار العنف والتطرف.. والأمل في المستقبل
  • اعترافات ومقابلات تكشف للحقيقة.. «نيويورك تايمز»: إسرائيل تمنح الضباط سلطة قتل آلاف المدنيين فى قطاع غزة
  • مصطفى بكري يكتب من بنغازي: ليبيا من الهدم إلى البناء
  • محافظ بورسعيد يستقبل وفداً من مبادرة «بالشباب نقدر»