هزيمة الحوثي بتحدي التحويلات.. هل تحسن الشرعية استغلال سيف العقوبات الأمريكية وغضب الغرب؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
في حادثة غير مسبوقة، تراجعت جماعة الحوثي عن إجراءاتها الأحادية والتعسفية بحق القطاع المصرفي والمالي في اليمن بعد نحو 10 أيام من محاولتها إفشال الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن مؤخراً لضبط السوق المصرفي.
وبدأت القصة مع تعميم بنك صنعاء المركزي التابع للجماعة بمنع التعامل مع "الشبكة الموحدة للأموال" التي أنشأها البنك المركزي بعدن وألزم البنوك وشركات ومنشآت الصرافة العاملة بالمناطق المحررة بالتعامل عبرها، موجها بوقف التعامل مع أكبر بنكين يقفان خلف الشبكة وهما بنكا "القطيبي والبيسري".
الإجراءات التعسفية من قبل بنك صنعاء الخاضع للجماعة الحوثية ورد البنك المركزي بعدن عليها بوقف التعامل مع بنوك وشركات صرافة التي استجابت لها، أدت بالمحصلة إلى وقف شبه كلي لعمليات تحويل الأموال بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
لتنهي الأزمة، أمس الثلاثاء، باتفاق غير معلن قضى بتراجع بنك صنعاء الخاضع للجماعة الحوثية عن كل إجراءاته السابقة والسماح للبنوك وشركات الصرافة العاملة بمناطق سيطرة الجماعة بالتعامل مع الشبكة الموحدة وإعادة التعامل مع بنكي "القطيبي والبيسري"، مقابل تراجع البنك المركزي في عدن عن توجيهات بوقف التعامل مع البنوك وشركات الصرافة التي استجابت لإملاءات بنك صنعاء.
بنود الاتفاق التي كشف عنها مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، كان لافتاً فيها تعهد البنوك التجارية بعدم مخالفة توجيهات البنك المركزي في عدن، وهو ما يجعل من هذا الاتفاق أول هزيمة حقيقية للجماعة الحوثية في الملف الاقتصادي وكسر لإجراءاتها العبثية والتعسفية التي أدت إلى انقسام العملة في اليمن.
>> انتهاء أزمة التحويلات بفرض "مركزي" عدن قراراته على ذراع إيران
وما يثير الانتباه في الاتفاق هو أنه جاء بناءً على تحرك وجهود جمعية البنوك وجمعيتي الصرافين بصنعاء وعدن وفق نصر، وهي خطوة غير مسبوقة على مدى السنوات الماضية وعلى الرغم من سلسلة الإجراءات "الانفصالية" التي أقدمت عليها الجماعة الحوثية وكانت بدايتها بقرارها منع تداول العملة المطبوعة من قبل البنك في عدن أواخر عام 2019م.
هذا التحرك غير المسبوق من قبل البنوك التجارية وتراجع الجماعة الحوثية عن إجراءاتها لأول مرة، يعود لأسباب خاصة متعلقة بكل طرف، فالجماعة تعيش حالياً أزمة سيولة خانقة جراء تلف العملة القديمة باتت تهدد استقرارها بمناطق سيطرتها، وهو ما يضعف قدرتها في تحمل تداعيات مواصلة العبث بالملف الاقتصادي.
في حين أن تحرك البنوك وشركات الصرافة يشير إلى المخاوف المتنامية لديها من مخاطر تمردها على السلطة الشرعية ممثلة بالبنك المركزي في عدن استجابة لأوامر جماعة الحوثي المصنفة حالياً على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية، جراء مهاجمتها للسفن التجارية بالبحر الأحمر وخليج عدن.
حيث تخشى البنوك التجارية وشركات الصرافة في اليمن من أي اتهام بعلاقتها او ارتباطها بتسهيل العمليات المالية للجماعة الحوثية، قد يضعها في قوائم العقوبات التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية من حين لآخر لملاحقة شبكات التمويل الإيرانية، آخرها كان أمس الثلاثاء ضد 6 كيانات بتهمة أنهم "وسطاء ماليون وتجاريون لمليشيا الحوثي الإرهابية وحزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني".
ويسهل التصنيف الأمريكي للجماعة الحوثية ضمن قوائم الإرهاب، الطريق أمام الحكومة الشرعية في تضييق الخناق سياسياً وعسكريا واقتصادياً وقطع او تجفيف الموارد عنها من خلال تحجيم التعامل التجاري والمالي القائم حالياً بينها وبين العالم باعتبارها "سلطة أمر واقع" في اليمن.
وهو ما سيمثل ضربة قاضية للمليشيات الحوثي بإنهاء تحكمها في عدد من الملفات الهامة وعلى رأسها ملف الاتصالات الذي لا تزال تتحكم به بسبب استمرار تعامل الشركات الدولية التي تدير الكابلات البحرية المزودة لخدمة الانترنت للجمهورية اليمن، مع الجماعة الحوثية، وعدم اعترافها بمؤسسة الاتصالات الشرعية في عدن.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك فشل وزارة الاتصالات والحكومة باستعادة السيطرة على الكابل البحري (AAE-1) الذي جرى تشفيره عبر مهندسين تابعين لجماعة الحوثي عام 2018م ومثل ذلك ضربة قاصمة للمشروع الحكومي الضخم المتمثل بشركة "عدن نت" والذي تجاوزت تكلفته 100 مليون دولار، لتقديم خدمة الجيل الرابع 4G بالمناطق المحررة بعيداً عن سيطرة الجماعة الحوثية.
فشل الشرعية في استعادة خدمات الكابل البحري جاء بسبب رفض الشركة التي تدير الكابل التعامل معها استجابة لمخاطبات من قبل مؤسسة الاتصالات التابعة للجماعة الحوثية في صنعاء والتي لا تزال تتعامل معها الشركات المديرة للكابلات البحرية باعتراف وزارة الاتصالات في عدن في بيان لها صادر الشهر الماضي.
إصرار هذه الشركات الدولية بالتعامل مع الجماعة الحوثية يمكن للحكومة الشرعية الآن أن تضع له حداً باستغلالها للتصنيف للأمريكي للجماعة وللغضب الغربي ضدها بسبب هجماتها ضد الملاحة الدولية، في اجبار هذه الشركات على وقف تعاملها مع الجماعة باتت مصنفة على قوائم الإرهاب، وهو ما سيشكل نصراً مهماً في قطع أكبر إيراد مالي تستفيد منه الجماعة في تمويل حروبها الداخلية ضد اليمنيين وضد العالم.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: البنک المرکزی فی عدن للجماعة الحوثیة الجماعة الحوثیة وشرکات الصرافة التعامل مع بنک صنعاء فی الیمن من قبل وهو ما
إقرأ أيضاً:
تجميد الأصول.. ما العقوبات التي طالب الشرع برفعها عن سوريا؟
دعا القائد العام للإدارة السورية، أحمد الشرع، خلال سلسلة لقاءات مع وفود أجنبية، إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، مشددًا على أن هذه العقوبات كانت موجهة إلى النظام المخلوع الذي انتهى دوره الآن.
وأوضح الشرع أن رفع هذه العقوبات يُعد ضرورة ملحة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الذين نزحوا بسبب الحرب، ولتمكين جهود إعادة الإعمار التي تحتاجها البلاد بعد سنوات طويلة من الدمار.
تحركات دولية لرفع العقوباتأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، دعمه لإنهاء العقوبات، معتبرًا أن الوقت قد حان لعودة مؤسسات الدولة للعمل بشكل كامل وضمان الأمن والاستقرار.
كما أشار إلى أن رفع العقوبات سيساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي وتحسين الأوضاع الإنسانية للسكان المتضررين.
وفي 8 ديسمبر الجاري، وبعد 11 يومًا من العمليات العسكرية، أعلن مقاتلو المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام السيطرة على العاصمة دمشق، في تحول كبير للمشهد السوري، وتسعى الإدارة الجديدة إلى تقديم صورة مختلفة للعالم، تدعو فيها إلى التعاون من أجل إعادة إعمار البلاد وتسهيل عودة الاستثمارات الأجنبية.
العقوبات الغربية على سوريافرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى حزمة من العقوبات الاقتصادية والسياسية منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، بهدف الضغط على النظام السوري لوقف الانتهاكات ضد المدنيين والدفع نحو انتقال سياسي. وتضمنت هذه العقوبات:
1. تجميد الأصول: شملت أصول الحكومة السورية ومسؤولي النظام السابق في الخارج.
2. حظر التعاملات المالية: منع التعامل مع البنك المركزي السوري والمؤسسات المالية السورية.
3. قيود على الاستثمار: حظر الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة.
4. منع الصادرات: حظر تصدير التكنولوجيا والمعدات ذات الاستخدام العسكري.
5. منع استيراد النفط السوري وبيع المعدات النفطية.
6. قيود على السفر: إدراج مئات الشخصيات والكيانات السورية على قوائم العقوبات.
7. حظر الطيران: منع الطائرات السورية من التحليق في الأجواء الغربية أو الهبوط في مطاراتها.
8. تقييد البرمجيات والتكنولوجيا: منع تصدير البرمجيات المستخدمة في الرقابة على الإنترنت.
كما تضمنت العقوبات تهديدًا بفرض عقوبات على الدول والشركات التي تتعامل مع سوريا أو تساعدها في التهرب من هذه الإجراءات.
تداعيات العقوبات على الاقتصاد السوريأدت العقوبات الغربية إلى تضييق الخناق على الاقتصاد السوري بشكل كبير، ما تسبب في تراجع القطاعات الحيوية مثل النفط، الزراعة، والصناعة.
كما تفاقمت الأزمة الإنسانية نتيجة نقص الإمدادات الأساسية وارتفاع الأسعار، مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة بالنسبة للمواطنين السوريين.
ورغم نجاح العقوبات في تقليص الموارد المالية للنظام السابق، فإنها لم تُحدث تغييرًا جذريًا في سلوكه السياسي، بل دفعت الحكومة السابقة إلى البحث عن قنوات بديلة وموارد جديدة، على حساب غالبية الشعب السوري.
تحديات الإدارة الجديدةتحرص الإدارة السورية الجديدة على إعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي، من خلال التأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب شراكة حقيقية من أجل إعادة إعمار سوريا ورفع المعاناة عن شعبها، وتسعى الإدارة إلى إقناع الحكومات الغربية بأن العقوبات لم تعد تخدم أهدافها السابقة، بل أصبحت عائقًا أمام استقرار البلاد وتعافيها.
في ظل هذه التطورات، يبقى رفع العقوبات اختبارًا حقيقيًا لمدى تجاوب المجتمع الدولي مع الواقع الجديد في سوريا، ومدى استعداد القوى الكبرى للمشاركة في إعادة بناء دولة مزقتها الحرب على مدار أكثر من عقد.