حذرت فى هذه الزاوية قبل أيام من خطورة الاعتماد على الأموال الساخنة والهرولة وراءها بنفس طريقة الاستسهال القديمة، والتى أدت فى النهاية إلى أزمة اقتصادية كادت تعصف بوطن بالكامل.
ها هى نفس الأزمة تتكرر فقد دخلت الأموال الساخنة بكثافة إلى الدولة المصرية من خلال شراء أذون خزانة بالدولار معتمدة على الفائدة العالية التى حددها البنك المركزى بـ36% وتم وضع تلك الدولارات فى الأيام الأولى للتعويم وبأعلى سعر، وفجأة أراد البنك المركزى تخفيض الفائدة بمقدار 2٪ ويتخذ قراراً بذلك وبعدها مباشرة خرجت بعض تلك الأموال الساخنة من مصر بعد الاستفادة من الفائدة وفرق العملة مما تسبب فى ارتفاع سعر الدولار فى البنوك فجأة بعد منحنى هبوط على مدار الأيام السابقة.
للأسف الحكومة لم تستفد من دفعة الثقة التى حصلت عليها بعد دخول الدفعة الأولى من أموال صفقة رأس الحكمة وأموال صندوق النقد فى جذب استثمارات حقيقية، وتوسعت فى بيع أذون خزانة طمعاً فى الأموال الساخنة وهى ليست أموالاً دائمة تدخل إلى الاقتصاد وإنما هى ديون قصيرة الأجل بفائدة كبيرة، وخروجها المفاجئ يربك المشهد بالكامل وقد حدث مرة فى السابق، ويحدث حاليًا بصورة أقل مرجحة للتصاعد.
يجب محاسبة المسئولين عن تلك العمليات العبيطة التى تمارس فى اقتصاد مصر بشكل ساذج وإضاعة لكل فرصة لبناء اقتصاد جديد بدون أزمات ولا سعر صرف وسوق سوداء.
لقد ألمح الرئيس السيسى عن اتخاذ إجراءات اقتصادية جديدة وحل دائم لأزمة الدولار، ولكن يبدو أنه حتى نجاحات تلك الحكومة مؤقتة مثل الأموال الساخنة، وأداءها مرتبك فيما يتعلق بالاقتصاد وضبط الأسواق، هى حكومة صناعة أزمات بدون وعى لمخاطر عدم المعرفة، وعدم القدرة.
لقد جاء الوقت لإنشاء مجلس أعلى للتخطيط الاقتصادى، وعدم ترك الأمر لوزير المالية أو محافظ البنك المركزى أو على أقل تقدير اختيار مجموعة اقتصادية قوية تكون عصب الحكومة القادمة، ويكون لديها القدرة على خلق بيئة اقتصادية ومناخ سليم وإلا سوف تعاد الكرة مرات أخرى وبعد كل صفقة على طريقة رأس الحكمة تتبخر الأموال وتذهب إلى جيوب المضاربين بالأموال الساخنة وتجار السوق السوداء ومافيا السلع الغذائية.
لا يمكن أن تظل حكومة مصر بهذا الضعف والعجز رغم المنح الإلهية التى حصلت عليها أكثر من مرة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزاوية الأموال الساخنة الدولارات أزمة اقتصادية الأموال الساخنة
إقرأ أيضاً:
خبراء يحذرون من حرب اقتصادية عالمية
حذر خبراء دوليون من تحول المواجهة التجارية بين واشنطن وبكين إلى "حرب اقتصادية عالمية"، حيث تعهدت الصين بعدم التراجع أمام سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحمائية، بينما دافع مسؤولون أميركيون عن التعريفات الجمركية.
وقال الرئيس ترامب -أمس الأربعاء- إنه سمح بوقف مؤقت مدته 90 يوما، للتعريفات الجمركية التي فرضها على عشرات الدول، باستثناء الصين التي رفع نسبة الرسوم الجمركية عليها إلى 125%، بعدما كانت 104%.
وشمل قرر وقف الرسوم الجمركية المضادة 90 يوما الدول التي لم ترد على الرسوم الأميركية، في حين زاد الرسوم على الصين التي أعلنت مزيدا من الإجراءات الانتقامية.
وقال نائب رئيس مركز الصين والعولمة الدكتور فيكتور غاو -خلال برنامج "مسار الأحداث"- إن بلاده لن تتراجع أمام سياسات الرئيس ترامب التجارية.
وتعهد بأن تقاتل الصين حتى النهاية إذا أراد الرئيس ترامب الحرب التجارية، مضيفا أن بلاده ستواصل الدفاع عن مصالحها وحماية مبادئ التجارة الحرة، محملا الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن خلق أزمة مع العالم، وليس مع الصين فقط.
انتهاك قواعد التجارة
وأدان غاو ما وصفها بإستراتيجية "الضغوط القصوى" التي تنتهجها الإدارة الأميركية، مؤكدا أن الصين لن تخضع يوما لمثل هذه الضغوط، واتهم الولايات المتحدة بتقويض النظام العالمي القائم على القواعد، وأنها "تحول النظام التجاري إلى نظام مقلوب رأسا على عقب".
إعلانوبحسب غاو فإن بلاده اتخذت "موقفا دفاعيا بحتا"، حيث ردت على التعريفات الأميركية بتعريفات انتقامية بطريقة متناسبة متماثلة، متعهدا بأن تواصل بكين الرد بالمثل على أي تعريفات جديدة تفرضها واشنطن، وقال إن هذا النهج يعكس إستراتيجية صينية واضحة في مواجهة ما وصفه بالسلوك الأميركي المتسلط.
وشدد غاو على أن الوقت قد حان لواشنطن لتعتبر نفسها دولة من بين دول العالم وتتخلى عن اعتبار ذاتها القوة المسيطرة، محذرا من أن الاستمرار في هذه السياسات قد يؤدي إلى خسارة سيطرة الدولار الأميركي، وعدم عودة الوظائف في مجال التصنيع إلى الولايات المتحدة
وأكد نائب رئيس مركز الصين والعولمة أن بكين تتبنى رؤية بديلة للنظام التجاري العالمي، تقوم على معاملة منصفة بين الدول، بعيدا عن ممارسة التهديدات والضغوط.
توجس أوروبي
وفي موازاة الموقف الصيني الحازم، رأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي أن ما يجري حاليا هو تحول كبير يستجد لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأشار عبيدي إلى أن بعض المحللين باتوا يتحدثون صراحة عن "حرب عالمية ثالثة اقتصادية وليست عسكرية"، مما يعكس خطورة المرحلة الراهنة.
وبخصوص الرد الأوروبي على السياسات الأميركية، أوضح عبيدي أن الاتحاد الأوروبي يتبنى نهجا تدريجيا ومدروسا، حيث سيكون الرد الأوروبي الرسمي على 3 مراحل زمنية متتالية:
الرد الأول على التعريفة 20% بالنسبة للدول الأوروبية من يوم أمس الأربعاء. الرد الثاني سيكون في شهر مايو/أيار. الرد الثالث سيكون في شهر ديسمبر/كانون الأول.واعتبر عبيدي هذا التدرج بأنه يعكس نوعا من الحكمة من قبل الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمة الراهنة.
إستراتيجية تفاوضية وليست فوضىوفي المقابل، دافع نائب رئيس تحرير الواشنطن تايمز تيم كونستانتين بقوة عن سياسة ترامب، معتبرا أنها "إستراتيجية تفاوضية" مدروسة وليست مجرد خلق للفوضى كما يصورها خصومه.
إعلانوبحسب كونستانتين فإن الرؤية الإستراتيجية للرئيس ترامب هي جعل دول أخرى في العالم تعيد النظر بطريقة عملها مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يستخدم التعريفات كأداة ضغط تفاوضية لتحقيق اتفاقات تجارية أفضل للجميع على المدى البعيد.
وردا على الانتقادات الصينية التي طرحها غاو، اتهم كونستانتين الصين بأنها "لم تلعب يوما بطريقة منصفة"، مستشهدا بالتعريفات المفروضة على الصادرات الأميركية التي تتراوح بين 40% و70%، والتي اعتبرها دليلا على عدم التكافؤ في العلاقات التجارية بين البلدين.
مخاوف من التداعيات
ومن زاوية أخرى، حذر الدكتور عبيدي من انعكاسات الأزمة الإستراتيجية على مستقبل العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن أوروبا قد اكتشفت مع أزمة أوكرانيا، أن التحالف مع أميركا الذي امتد منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم أصبح هزيلاً.
ورأى عبيدي أن الأزمة الحالية، رغم سلبياتها، تمثل فرصة تاريخية للدول الأوروبية من أجل بناء اقتصاد أوروبي لا يعتمد في النهاية على الولايات المتحدة الأميركية.
وانتقد المقاربة الأميركية الجديدة تجاه الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن النظام الليبرالي بُني أساسا على التفريق بين السياسة والاقتصاد، "بينما نشهد اليوم تداخلا كبيرا بين السياسة والاقتصاد في المقاربة الأميركية".
وحذر من أن لب المشكلة هو قضية المؤسسات، حيث إن "ترامب معروف بأنه لا يؤمن بالمؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة،"، وهو ما رآه عبيدي وضعا خطيرا يهدد الاقتصاد العالمي في المرحلة الراهنة.