كنيسة مارجرجس بسوهاج تواصل دورها الرعوي في نهضة الصوم
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
تواصل كنيسة الشهيد مارجرجس الروماني، التابعة لمطرانية الأقباط الأرثوذكس بسوهاج، غدا الخميس، دورها الرعوي من خلال تنظيم أنشطة وطقوس روحية خاصة بمناسبة نهضة الصوم الكبير، ذلك بدءًا من الساعة الثانية عشر ظهراً.
كهنة كنيسة الأنبا شنودة يترأسون نهضة الصوم الكبير بسوهاج تفاصيل المشهد الأخير في حياة الرهبان الثلاثة بالتزامن مع عيد الصليب..شاهد
يتضمن اللقاء إقامة الطقوس القبطية الأرثوذكسية بمشاركة الآباء الكهنة واحبار الكنيسة والمصلين.
ومن المقرر أن تختتم المراسم والطقوس في الثالثة عصراً.
مناسبات وأنشطة تعيشها الكنائس المصريةيعيش الأقباط في ربوع الأرض، هذه أيام، فترة روحية تعرف بـ الصوم الكبير تستمر لمدة ٥٥ يوما، وينتهي باحتفالية عيد القيامة المجيد، ويأتي ذلك بعدما شهدت الكنائس خلال الأيام الماضية فعاليات روحية بمناسبة “صوم يونان” واستمر “فصح يونان” الذي اقيم بالكنائس في الإيبارشيات، ويأتي ضمن الأنشطة الروحية للكنيسة المصرية التي عاشت عدة فعاليات كان من ابرزها احتفالية عيد الغطاس التي أقيمت السبت الموافق ١١ طوبة، وجاءت بعد أيام بعيد الميلاد المجيد والذي جاء بعد صوم ونهضة الميلاد، لمدة ٤٣ يوما، تخللت طقوس روحية وإقامة سهرة "كيهك".
الاحتفالات بين الطوائف
تختلف الكنائس فيما بينها في عدد من الطقوس والأسباب العقائدية، وفى عدة جوانب من بينها اختلاف موعد الاحتفال بعيد الميلاد وترجعها عوامل جغرافية وغيرها تاريخية ولعل من أبرز هذه المظاهر التى تظهر اختلافات طفيفة غير جوهرية بين الطوائف توقيت وتواريخ الأعياد حتى تلك الكنائس التى تتحد فى عقيدة واحدة رغم اختلافها الشرقى والغربي، قد تتشابه المظاهر كصوم الميلاد الذى يسبق احتفال العيد ولكنه بدأ فى الكنيسة الغربية مثل «الكاثوليكية وروم الارثوذكس» يوم 10 ديسمبر الماضي وتخللت أنشطة روحية متنوعة، وهو ما حدث فى الكنيسة القبطية بعد أيام وعاشت أجواء روحية متشابهه خلال التسبحة الكيهكية، وأيضًا تحتفل كل من كنيسة السريان والروم الأرثوذكس والكاثوليك فى ذكرى مولد المسيح على غرار نظريتها الغربية يوم 25 ديسمبر سنويًا، بينما تحتفل الكنيسة الإنجيلية 5 يناير ، والأرثوذكسية 7 يناير.
وقائع مؤثرة في تاريخ المسيحية
ولا توجد علاقة فى هذا الاختلاف بتاريخ ميلاد المسيح الفعلي، بل بحسابات فلكية والتقاويم التى تتبعها الكنائس منذ نشأة المسيحية الأولى وتعود القياس الأشهر والفصول على مر العصور،وهناك عدة أسباب تتعلق بالتقويم والفرق الجغرافي، فقد اعتمدت الكنائس الشرقية على التقويم اليوليانى المأخوذ عن التقويم القبطى الموروث من المصريين القدماء وعصر الفراعنة وهو ما أقرته الكنيسة المصرية الأرثوذكسية حتى القرن الـعشرين واستمرت باتباع التقويم اليوليانى المعدل، وبعدما لاحظت الكنيسة فى عهد البابا غريغورويس الثالث عشر وجود فرقًا واضحًا بين موعد الاحتفالات الثابته فى أيام مجمع نيقية الذي عقد عام 325 ميلادية وأصبح منذ الفارق بمعدل عشرة أيام فرق أثناء الاعتدال الربيعى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كنيسة مارجرجس بسوهاج الأقباط الأرثوذكس
إقرأ أيضاً:
جاء العقل الرعوي شخصياً وبطل التيمم الفكري (1-2)
لو سألت في السودان عما وراء أزمة البلد المتطاولة لسمعت أنها من فشل النخبة وإدمان الفشل. وهو عنوان أحد كتب الدكتور الوزير منصور خالد. ولو سألت ما علة هذه الصفوة حتى أدمنت الفشل لقالوا، ضمن علل أقل خطراً، إن ذلك أثر من عقلها الرعوي. وفقه هذه العلة مما فصله النور حمد، الأكاديمي والناشط منذ عقود لأجل الفكرة الجمهورية للأستاذ محمود محمد طه، في كتابه "العقل الرعوي: في استعصاء الإمساك بأسباب التقدم" (2022).
"العقل الرعوي"
واستغرب كثير من الناس أنه حين حل بالسودان هذا "العقل الرعوي" في تجليه الأقصى، وهو قوات "الدعم السريع"، لم يمتنع حمد عن تحليله بمصطلح فقهه فحسب، بل إنه انحاز إليه حتى من دون زملائه في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) ممن قالوا بالحياد بين القوات المسلحة و"الدعم السريع" في دعوتهم إلى إنهاء الحرب. ونسارع إلى القول إن "الدعم السريع" مؤسسة اقتصادية عسكرية أعقد من أن يحيط بها مفهوم العقل الرعوي، ولكن هذه الصفة هي ما تواضعت عليه قوى الحرية والتغيير (قحت) في باكر أيام ثورة ديسمبر عام 2018 حين وصفوا محمد حمدان دقلو، قائد "الدعم السريع" بـ"راعي الجمال" في معرض التبخيس به.
أخذ النور حمد المفهوم عن ثنائية "الحضر والبدو" لابن خلدون ببينة من رأيه أن العرب أبعد الناس من سياسة الملك و"إنهم إذا ملكوا أمة من الأمم جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما في الأيدي". فالعقل الرعوي في قول حمد هو "منظومة قيمية تشكلت في ظروف تاريخية ارتبطت بنشاط اقتصادي بعينه وأسلوب حياة بعينه" وهو الرعي، ويتجسد هذا العقل في "المسلك المعادي للحداثة ولقيمها ولاحترام القوانين والنظام"، فهو حال الوحشية حيال الأنسية، والنظام مقابل اللانظام، والجلافة بوجه الصقل.
ولا يعتد أحد هنا بأن العالم العربي المعاصر قد تحدث، فمن رأي حمد أنه لا يزال واقعاً قبلياً "لم تغير الحداثة المظهرية بناه العقلية" بدليل تعثر إنجاز التحول الديمقراطي وبناء الدولة الحديثة فيه. فالعقل الرعوي كامن في العرب "كمون النار في الحجر". ومع ذلك لا تقتصر الظاهرة عند النور حمد على العرب. فوسعت هذه العقلية عنده عوالم شتيت متى ما وقعت هبة رعوية على محيط حداثي. فشمل بها القبائل الجرمانية التي عصفت بالإمبراطورية الرومانية، والمغول الذين عصفوا بحضارة الهند، وكذلك الفاشية والنازية، والأفغان العرب، و"داعش"، و"كوكلكس كلان"، بل الرئيس الأميركي دونالد ترمب لهبوبه "بعقلية الكاوبوي" من باطن الحداثة التي اعتزلت نخبها الليبرالية سائر الناس.
والسودان في فكر النور حمد مما ابتلاه الله بـ"العقل الرعوي" من لدن قدوم العرب المسلمين إليه في ما بين القرنين التاسع والـ14، فكان السودان في قوله بلا بنية عقل رعوي تحت ممالكه التاريخية مثل كوش ودولتي المقرة وعلوة المسيحيتين حتى تماهى مع ذلك الفضاء العربي. فتحول السودان به من "بيئة حضرية مقتدرة في الفعل الحضاري إلى بيئة رعوية". فصرنا أهل مدر بعد أن كنا حضراً، وهذا ما سماه مصابنا من "تمدد العلل العربية بأنفسنا". واستدرك بقوله إن العرب الذين وفدوا للسودان كانوا على الجاهلية لا الإسلام.
ولم ينفك السودان مباءة عقل رعوي إلا ما جاءه من حداثة بفضل كل من الحكم التركي- المصري (1821-1881) والاستعمار الإنجليزي (1956-1989)، ولم يمكثا فينا لأن المهدية الرعوية بقيادة محمد أحمد المهدي (1981) هبت على النظام الأول فقضت عليه كما أطاحت الحركة الوطنية الرعوية بالثاني. والنور حمد كمن جعل تحكيم الإسلام في الدولة معياره للهبة الرعوية. فقال إن "قوانين سبتمبر" الإسلامية التي شرع لها الرئيس نميري عام 1983 "أعادت حركة التحديث عقوداً للوراء" ناهيك عن تمهيدها لحكومة الإنقاذ التي "هي أكبر هبة رعوية في تاريخ السودان الحديث". ونبه ألا ننخدع للقائل إن الإنجليز أقاموا فينا دولة، فهي دولة قامت فرضاً بقوة السلاح بينما كمنت القبيلة طوال فترة الحكم الأجنبي. وعليه فالدولة الحديثة في السودان لم تنشأ بعد ولن تقوم إلا بعد أن ننجح في تفكيك العقل الرعوي وإزالة آثاره التي لا تزال تبسط أمرها علينا.
الحكومة الموازية
كان النور حمد من ضمن من جاؤوا إلى نيروبي في منتصف فبراير (شباط) الماضي لتكوين حكومة موازية لـ"حكومة بورتسودان" في المناطق التي تحت سيطرة "الدعم السريع". والباعث من وراء وقفة حمد مع هذه الحكومة الحليفة لـ"الدعم السريع" المرتقبة هو استنقاذ ثورة ديسمبر 2018 من شرور الفلول ممن أشعلوا الحرب للقضاء عليها واستعادة سلطانهم. فظاهر حمد إعلان هذه لحكومة الموازية لأنها، في قوله، الفرصة الوحيدة الباقية لنزع زمام المبادرة من القوى الكيزانية. وبدا هنا على شيء كبير من اليأس من "تقدم"، فالحراك المدني الذي تقوم به لوقف الحرب وشل يد الكيزان لا شوكة له ولا أسنان، وسيبقى حراكها، في رأيه، حالماً إذا كانت كل عدتها الهتاف والمناشدة حيال قوة شرسة وديناميكية لا تبالي بشيء كقوة "الكيزان". فالمسرح السياسي تغير فلا مجال، في قوله، للحديث عن سلمية الثورة، بل شق طريقاً آخر يخرج فيه المدني الذي بلا شوكة ليتحد مع قوة عسكرية هي "الدعم السريع" كما يفعل الجيش والفلول.
لم تتفق للنور حمد في السابق فكرة الإطاحة بحكومة الإنقاذ (أيام الرئيس السابق عمر البشير) عن طريق ثورة منذ كان ينشر كتابه عن العقل الرعوي في حلقات نحو عام 2016، فقال إن حكومة "الإنقاذ" التي نخر العقل الرعوي تحت حكمها الدولة الحديثة ستسقط لا محالة ولن يجديها تمديد عمرها عن طريق الميليشيات القبلية، "الجنجويد" قبل اكتسابها صفة قوات "الدعم السريع" بقانون عام 2017 التي استنجدت بها غير مدركة أنها "أخطر عليها وعلى مستقبل وحدة القطر" من الحركات المسلحة في الهامش التي أرادت القضاء عليها، ولكنه تحسب من سقوط "الإنقاذ" بثورة. ولو حدث ذلك فيكون فيه "إعادة إنتاج للعقل الرعوي".
ونواصل
ibrahima@missouri.edu