الشعر ما بعد أنخيدوانا والجاهلية
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
« بالشعر كما بالموسيقى، نلامس شيئا ما، جوهريا، وفي الشعر يستبعد الزمن فإذا أنت خارج الصيرورة، الموسيقى والشعر غيبوبتان متساميتان»
المفكر إميل سيوران
لن يموت عشاق الشعر وكتّابه الذين يواصلون التدوين منذ أن كتبت أنخيدوانا/شاعرة الكون الأولى ألواحها في سور/بابل وبمختلف التقنيات والصيغ الجديدة. ولكن هناك إشكالية في التلقي والتقييم ولا غرابة لأن العالم كله يعيش خراباً لا نظير له.
الشعر، يتيم العالم وفقيده إلى أن يصبح له جائزة مادية مرموقة على غرار جوائز الشعر في أوربا وكندا.
***
جائزة الشعر في كندا (غريفن برايز) وهي الأثمن وقدرها 130 الف دولار كندي للديوان الفائز. ويتم إعلانها في مثل هذا الشهر كل عام. أحد الحكام في هذه الجائزة هو شاعر كندي ايطالي الأصل «ف.. م . موريتز» وسبق أن تم تكريمه بمنصب كبير وهو «كبير شعراء تورنتو» في دورة زمنية محدودة يتناوب عليها الشعراء الذين لديهم حضور وكتابات وموقع مؤثر في الثقافة الكندية. ويكون من مهام الشاعر، إدارة ورشات الكتابة الابداعية، القراءة في المراكز الثقافية وتشجيع القراء على تلقي الشعر وفهمه ومحاولة التقرب منه قراءة وكتابة. كما تخصص الجائزة حصة منها للشاعرة الذي أصدر أول ديوان له(هو/هي) قدرها 10 الاف دولار. كما تخصص فرعا وجائزة لديوان مترجم من لغة عالمية إلى الإنكليزية.
***
ماذا سنصنع بالشعر في هذا العصر الخراب؟
نصنع من الشعر كل ما ينقصني وينقصك من احتياجات روحية ومفاهيم جمالية يغزلها الخيال ويبسطها على الأوراق. تستطيع أن تصنع من القصيدة أثداء أو حمالات الأثداء، وتستطيع أن تصنع منها الشفاه والقبلات والقفازات، الأصابع أو اليد المبتورة بفعل قذيفة أو حادث في معمل. ويمكنك أن تصنع منه كمامات للوقاية من الفايروسات المعدية.
***
وقد تصنع من الشعر العطور والمقابر، وأشياء أخرى لا مرئية، متناهية في الصغر لا ترى بالعين المجردة، وتلك مأثرة الشعر. وهناك مقاربات بين الشعراء والغاوون معروفة جداً. «والشعراء يتبعهم الغاوون» ولذلك لا تقربوا الشعر كي لا يتعبكم الغاوون إن لم يكن لديكم ما يكفي من أسنان في الرأس لهضم المحتوى، والعودة بسلامة إلى ذواتكم.
لقد حاول الشعراء أن يصنعوا من الشعر القنابل المسيلة للدموع والقذائف لكنه لم يستوعب فكرة القتال ولم يذهب إلى الحرب معهم، بل كان أضعفُ الشعر، ذلك الذي أخذوه للنضال وللدفاع عن المستلب من حقوق الإنسان. بعضهم فعل ويفعل من باب الواجب والموقف اتجاه حدث أو قضية.
***
نصنع من الشعر ما عجزت عنه الموسيقى، وما فات عشاق اللغة من مجاز وأحجيات.
ويصنع الشعراء من الشعر شذرات، أو كتلة كلمات متراصة دون تقطيع بالسطور إن أرادوا بدل الكتابة الموزونة على البحور المعروفة منذ قرون كما في شعر المعلقات، وكما فعل بسام الحجار وشوقي أبي شقراء وعباس بيضون، وديع سعادة وسركون بولص، عبد القادر الجنابي، في أيقونات لا تقرأ على المنابر ومنصات شعراء يحضرها الآلاف والملايين.
لا عيب في تذوق التراث والتفاخر به، ولكن الوقوف على تلك الأطلال إلى الأبد محدودية صيغة من صيغ التزمت وقتل للتجديد. وكما تغيرت أدوات التدوين بين عصر وآخر، تغيرت كذلك أساليب وصيغ وأشكال التدوين شرقاً وغرباً.
الركون إلى ثوابت في الشكل واللغة والموضوع يفقد الشعر وهجه ويفقد القارئ تلك الدهشة التي أتى من أجلها إلى بيت الشعر. هذه الدهشة لا تتحقق إلا بالوصول إلى قدر من الحرية، حرية الخروج عن النسق بشكله ومعناه التقليدي، وهذا يستدعي ابتكار صيغة جمالية مفارقة للسائد. وأرى أن الانعتاق من الثوابت له نفس أهمية الموهبة. والشعر الأجمل هو النص الذي يكتب بصيغة وصنعة تحقق الدهشة وتدفع للتفكير في جماليات وقبح الأشياء من حولنا.
***
لا أدري لماذا يرددون كثيرا عبارات مثل: موت الشعر، موت الكاتب، موت الشاعر، موت المؤلف، قتلتُ آبائي...وصولا إلى موت القارئ وما إليه من إطروحات يتم تداولها.
نعم ربما أعرف بعضها، وقرأت بعض هذه الإطروحات من مصادرها. ربما كل هذه المقولات جرت في أوربا وقالها شعراء ونقاد كبار، ولكن مسألة القتل ليست حقيقية. أنا وأنت نكتب لأننا قرأنا ما كتبه الجيل السابق. منهم تعلمنا وسنتعلم، ثم نحاول إن استطعنا أن نشق خطاً مفارقا ولو بدرجات عن النسق العام. ما يثير الريبة أن شاعرة لم تكتب سوى ديوانا واحداً تطل على القراء لتقول: لقد قتلت آبائي، وهي في الأصل تتعكز على تناصات واقتباسات سابقة، وتأخذ باب إلى الشهرة بمساندة عدد من الآباء والكتاب الأكثر رسوخاً منها، ومن الذين تدعي أنها «قتلتهم» بمعنى تجاوزتهم إبداعياً وخلقت حداثة غير مسبوقة في العربية.
***
ومن الشعر نصنع سجادة سحرية ومكنسة الساحر الذي ستأخذنا عبر الأكوان في رحلة خارقة بعد أن نقبض على معايير الخلطة السحرية. فالشعر ملعب المجانين المولهين بسحر معرفة ما وراء الأكمة والأفق، بيت الذين لم يفقدوا خط العودة الى الصفر، إلى قعر الوجود، إلى بؤرة خرائب الروح وانكسارات ومباهج الجسد.
الشعر ابتدأ من تعريف سيدة الشعر، أنخيدوانا لذاتها: أنا، أنخيدوانا... وإلى أن صارت الأنا الذاتية، هي شعلة متقدة واستمرار لمعرفة الأول والآخر حتى آخر المطاف.
احتفل العالم بيوم للشعر في 21 من الشهر الجاري «مارس»، وتحتفل كندا بالشعر وبالشعراء على مدار شهر نيسان (إبريل) وتقام الأمسيات واللقاءات التي يحضرها عشاق الأدب والكلمة وكان لي مشاركات في مثل هذه القراءات في السنوات الماضية.
جاكلين سلام كاتبة سورية مقيمة في كندا
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من الشعر تصنع من
إقرأ أيضاً:
هآرتس تكشف عدد الأسرى الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، اليوم السبت 8 مارس 2025 ، عدد الأسرى الإسرائيليين ، الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية التي نفذها في قطاع غزة .
وقالت هآرتس إن41 أسيرا إسرائيليا من بين 251 أسرتهم حماس في غزة، قُتلوا في الأسر، بعضهم قُتل بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية التي شنتها على غزة".
وأضافت أن "الخرائط العسكرية تؤكد أن موقع مقتل 6 من الأسرى على يد الجيش الإسرائيلي في أغسطس/ آب الماضي، كان ضمن مناطق العمليات المحدودة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الجيش الإسرائيلي عندما نشر تحقيقه حول مقتل الأسرى الستة، قال إنه لم يكن يعلم بوجودهم في المنطقة".
وأكدت أن الجيش "كان على علم بالخطر الذي يحدق بالأسرى عندما عمل في المنطقة التي قُتل فيها الرهائن الستة".
ويشار إلى أن الأسرى الإسرائيليين الستة الذين تم قتلهم هم: هيرش جولدبرج بولين، أوري دانينو، إيدن يروشالمي، أليكس لوبانوف، كارميل جات، وألموج ساروسي.
ولفتت هآرتس إلى أنه "رغم قرار وقف نشاط الجيش الإسرائيلي في مدينة خانيونس (جنوب) بقطاع غزة، بسبب المخاوف على حياة الأسرى، إلا أنه بعد توقف ليوم واحد فقط، قرر الجيش مواصلة عملياته هناك بهدف تحديد مكان زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار".
وأشارت إلى أنه "بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، تقرر أن العثور على السنوار كان أكثر أهمية من إنقاذ أرواح الأسرى الإسرائيليين (لم يتم تحديد مكانه في حينه)".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أي بعد نحو عام على بدء عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من حرب إسرائيلية مدمرة ضد قطاع غزة، اغتيل السنوار بمدينة رفح جنوب القطاع برصاص الجيش الإسرائيلي وهو يقاتل.
ورغم تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة من المسؤولية عن مقتل أسرى إسرائيليين في قطاع غزة وتحميل حركة حماس مسؤولية ذلك، إلا أن المعارضة الإسرائيلية تحمله مسؤولية مقتل عدد كبير من الأسرى جراء عرقلته لأشهر طويلة التوصل إلى صفقة لإعادتهم خوفا من انهيار ائتلافه الحكومي، الذي كان وزراء من اليمين المتطرف به يضغطون لمواصلة حرب الإبادة على غزة.
ومطلع مارس/آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.
ويريد نتنياهو، مدعوما بضوء أخضر أمريكي، تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها، كما تهدد إسرائيل بإجراءات تصعيدية أخرى وصولا إلى استئناف حرب الإبادة الجماعية.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية جنوب لبنان: الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر في حزب الله محدث: صحيفة أميركية: إسرائيل رسمت مسارا إلى حد غزو آخر لقطاع غزة القيادة بإسرائيل توجه الجيش للاستعداد لاستئناف الحرب على غزة الأكثر قراءة عائلة أسير إسرائيلي في غزة توجه مناشدة لحكومة نتنياهو قراران رئاسيان بتعيين قائدين للأمن الوطني والدفاع المدني بالصور: 70 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى تظاهرة في إسرائيل للمطالبة بإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حماس عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025