هل تقلب مشاركة حركات دارفور بالحرب الموازين لصالح الجيش السوداني؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
حسمت 3 من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة السودانية الموقّع في أكتوبر/تشرين الأول 2020 موقفها وتخلت رسميا عن الحياد الذي أعلنته بعد اشتعال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وقررت خوض المعارك إلى جانب الجيش.
وشاركت قوات من حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وأخرى من حركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور في المعارك الأخيرة التي شهدتها أم درمان القديمة وفي شرق البلاد على الحدود مع ولاية الجزيرة التي بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها عليها.
وقاد رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي هذا الأسبوع قوة ضخمة من ولاية نهر النيل شمال البلاد إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان شمال العاصمة الخرطوم معلنا المشاركة في المعارك القادمة.
مغادرة الحيادوكانت 3 من الحركات المسلحة التي تشارك في الحكم بموجب اتفاق جوبا قررت بعد نشوب الحرب عدم التدخل في القتال والتزام جانب الحياد، وأصدرت بيانا بموقفها، في محاولة لتحجيم النزاع وقصره على الجيش والدعم السريع.
وامتنعت عن توقيع البيان حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي بزعامة الهادي إدريس وتجمّع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وكان الرجلان عضوين في مجلس السيادة وقتها واختارا الانضمام إلى التيار الداعي إلى وقف القتال ليصدر رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان لاحقا قرارا بإقالتهما من منصبيهما.
وبعد نحو أسبوعين من اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023 شكلت حركات دارفور الرئيسية الأربع (تحرير السودان، تحرير السودان- المجلس الانتقالي، العدل والمساواة، تجمع قوى تحرير السودان) قوة مشتركة لحماية المدنيين في الإقليم، لتأمين وصول المساعدات الإنسانية وتأمين المقار والمؤسسات المهمة في الفاشر عاصمة شمال دارفور.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أعلن كل من مناوي وجبريل ومصطفى تمبور الانحياز إلى الجيش، وسبقهم إلى ذلك مالك عقار الذي تم تعيينه نائبا لرئيس مجلس السيادة، مبررين تحولهم بالانتهاكات المريعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، فيما تمسك الهادي إدريس والطاهر حجر بعدم موالاة أي من طرفي القتال.
قادة في حركة العدل والمساواة يستعدون للمشاركة في معارك ولاية الجزيرة المرتقبة (مواقع التواصل) تباين وانقساماتوأثر تباين مواقف قادة الحركات المسلحة حيال الحرب على القوة المشتركة في دارفور حيث توقفت عن أداء مهام الحماية وتأمين المساعدات، مما ألقى بظلاله على الأوضاع الإنسانية في الإقليم، وبات يواجه نقصا مريعا في الغذاء تحول إلى مجاعة في العديد من مخيمات النزوح.
وبدا جليا كذلك أن الحرب أحدثت انقسامات قوية وسط هذه الحركات، إذ انشقت حركة العدل والمساواة إلى فصيلين يقود أحدهما جبريل إبراهيم، فيما يتزعم سليمان صندل فصيلا آخر يبدو أقرب بمواقفه إلى الدعم السريع.
كما تواجه جماعة الهادي إدريس خلافات وانشقاقات معلنة، حيث توجهت مجموعة منها بزعامة صلاح رصاص للقاء البرهان وإعلان تأييدها الجيش وعزل إدريس من رئاسة الحركة.
ورغم موقفها المنحاز باكرا فإن الحركات لم تخض قتالا ميدانيا مع الجيش إلا مؤخرا، حيث شاركت قوات من العدل والمساواة في معارك أم درمان القديمة، وذلك بعد أيام من تخريج 1500 من مقاتليها في ولاية كسلا شرقي البلاد.
وأكد رئيس الحركة جبريل إبراهيم -لدى مخاطبته الخريجين في 9 مارس/آذار الجاري- أن "إسهام الجنود سيكون قويا في دحر الدعم السريع".
وقال إن قرار التخلي عن الحياد "شكل تغييرا كبيرا في الميدان"، وإنه يمثل خطوة للأمام لإنهاء التمرد قريبا، وأكد أن قوات الحركة منتشرة في دارفور وفي مناطق عديدة وتتمتع بقدر عال من التدريب.
جبريل إبراهيم (يسار) تعهد بالمشاركة مع الجيش في القضاء على "تمرد" الدعم السريع (مواقع التواصل) ترجيح الكفةوبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن الكتيبة العاشرة التابعة للعدل والمساواة بقيادة اللواء التوم حامد توتو شاركت في عملية تحرير الإذاعة يوم 12 مارس/آذار الجاري.
كما أن جزءا كبيرا من القوة التي أكملت تدريبها في كسلا وصلت معسكر سركاب شمال أم درمان، فيما توجهت البقية إلى الفاو بولاية القضارف للمشاركة في معارك الجزيرة المرتقبة.
من جهته، يؤكد رئيس حركة تحرير السودان مصطفى تمبور للجزيرة نت وجود قواته في دارفور ومشاركتها في المواجهات التي دارت مؤخرا بالقضارف شرق السودان، حيث اشتبك الجيش مع قوة للدعم السريع في منطقة الخياري القريبة من ولاية الجزيرة.
ويقول تمبور إن العديد من جنوده أصيبوا في هذه المعركة، وإن نحو 450 آخرين يوجدون حاليا في الحشد العسكري المتقدم لتحرير ولاية الجزيرة.
ويرى أن دخول الحركات المسلحة ساحة المعارك ضد الدعم السريع سيسهم بقوة في ترجيح كفة الجيش من واقع إدراكها التكتيك الذي تعتمد عليه "المليشيا"، وبالتالي "يسهل جدا القضاء عليها في الجزيرة وفي كل مكان".
ويعزو تأخر المشاركة بالمعارك إلى وجود أغلبية القوة في دارفور، وعدم تجميعها بالنحو المطلوب، مضيفا "لكن الآن اكتملت التجهيزات تماما".
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين مصطفى أن الحركات المشاركة في القتال ستغير ميزان القوة لصالح الجيش.
ويلفت مصطفى في حديثه للجزيرة نت إلى تمتع تلك الحركات بخبرة عالية وتكتيكات تماثل الدعم السريع من حيث الخفة والسرعة وأساليب القتال المتحرك والإرادة القوية "لهزيمة الدعم السريع بعد شهور من الحياد".
مبرر أخلاقيمن جهته، أعلن مناوي رسميا هذا الأسبوع خوض القتال إلى جانب الجيش، وقاد تحركا عسكريا من قواته التي كانت ترتكز في ولاية نهر النيل شمال السودان إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية وسلم القوة إلى الجنرال ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش.
وقال إن قواته "لديها مدرسة خاصة في الدفاع عن الحقوق والوطن، وإنهم عازمون على مساندة الجيش لإخراج الأجانب ولمنع السلب والنهب واحتلال المنازل".
وأوضح مناوي أنهم انتظروا 10 أشهر على أمل أن يتم التراضي على حلول لإيقاف الحرب، دون نتيجة، مضيفا "لذلك لا بد أن تساهم الحركة في إعادة ممتلكات المدنيين واستعادة سيادة الدولة".
ويمتلك مناوي أكبر عدد من القوات والعتاد العسكري المتقدم، وتشير التقديرات إلى تجاوز عدد مقاتليه 30 ألف جندي يتركز القسم الأكبر منهم في ولاية شمال دارفور.
بدوره، يرى المحامي والباحث عبد الباسط الحاج في حديثه للجزيرة نت أن موقف الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا كان حرجا بعد نشوب الحرب، لأنها جزء من الحكومة القائمة، ومع احتفاظها بقواتها وعدم تطبيق برامج التسريح وإعادة الدمج توجب عليها وفق مواقعها السياسية مشاركة الجيش.
وأبدى ثقته في إمكانية ترجيح الحركات كفة الجيش لخبرتها في التعامل الميداني مع الدعم السريع وبقدراته القتالية ذاتها.
ويقول الحاج إن مبررات "تمرد" قوات الدعم السريع على الجيش و"ارتكابها انتهاكات فظيعة ترقى لجرائم الحرب في دارفور والخرطوم والجزيرة وغيرها" منحت هذه الحركات مبررا لإعلان مساندة الجيش، خاصة مع استمالة قوات الدعم السريع مليشيات قبلية عربية في دارفور للقتال بصفها إضافة إلى فصائل أخرى، بينها تمازج وجماعة أبو عاقلة كيكل في الجزيرة والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق.
ويرى أن الدافع الأخلاقي لدى الحركات لدعم الجيش صحيح من حيث المبدأ، لكنه قد يلقي بتداعيات خطيرة مستقبلا، من بينها أن الحرب قد تعزز مكانة هذه القوات وبالتالي تصعب مهمة الجيش عند إجراءات التسريح وإعادة الدمج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات حرکة تحریر السودان قوات الدعم السریع الحرکات المسلحة العدل والمساواة جبریل إبراهیم ولایة الجزیرة فی دارفور أم درمان
إقرأ أيضاً:
أطباء بلا حدود: خطر المجاعة والموت يهددان ولاية دارفور السودانية
حذرت منظمة أطباء بلا حدود، من خطر المجاعة والموت الذي بات يهدد الجميع في ولاية جنوب دارفور جنوب غربي السودان، بسبب أمراض سوء التغذية.
اقرأ ايضاًمخاوف من امتدادها...المجاعة تنتشر في 5 مناطق بالسودانوقالت المنظمة في بيان، اليوم الأربعاء، عبر منصة "إكس"، بأن الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات هم الأكثر عرضة لسوء التغذية، مضيفة "لا ينجو سوى عدد قليل جدًا من الناس من خطر المجاعة والموت الذي يشكله سوء التغذية في جنوب دارفور".
وأشارت إلى أنها قدمت مواد غذائية لمدة شهرين إلى 6 آلاف مريض بسوء التغذية، وإلى عائلاتهم أي حوالي 30 ألف شخص.
وتابعت: "أدى عدم الاستجابة الكافية من المنظمات الدولية، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة إلى ترك الناس دون طعام كافٍ لتناوله، أو خدمات طبية كافية لمنع الوفيات التي يمكن تجنبها، مع استمرار الآثار المروعة للحرب".
وأمس الأربعاء قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن يمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول أيار المقبل، متهماً الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بتعطيل المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من وطأة ما قال إنها "واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العصر الحديث".
وتشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن حوالي 24.6 مليون شخص، أي حوالي نصف العدد الكلي للسودانيين، في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية حتى شباط، وهي زيادة كبيرة، عما كان متوقعاً في حزيران عند 21.1 مليون حتى الشهر ذاته.
أطباء بلا حدود: قلة قليلة من الناس أمست بمنأى عن خطر المجاعة والموت الذي يشكله سوء التغذية في ولاية جنوب دارفور:
قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن قلة قليلة من الناس أمست بمنأى عن خطر المجاعة والموت الذي يشكله سوء التغذية في ولاية جنوب دارفور.
وأشارت المنظمة، إلى أن الاستجابة غير… pic.twitter.com/FbUdz6xzT5
— الراكوبة- أخبار السودان (@alrakoba1) December 25, 2024
المصدر: وكالات
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند أطباء بلا حدود: خطر المجاعة والموت يهددان ولاية دارفور السودانية كيت ميدلتون بإطلالة من ألكسندر ماكوين رفقة أبنائها في عيد الميلاد 15 شهيداً في غزة والضفة الغربية بنيران الاحتلال الإسرائيلي سوريا..7 إصابات برصاص الاحتلال الإسرائيلي بمواجهات في القنيطرة تركيا..القبض على 182 شخصاً يشتبه بانتمائهم لـتنظيم"داعش" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter