بوابة الوفد:
2025-02-02@09:50:11 GMT

الدين الغائب..

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

عام 1765 وفى الوقت الذى كان فيه كهنة الكنائس فى أوروبا يفرضون وصاية جائرة على مجتمعاتهم باسم الدين استطاع الأسكتلندى جيمس وات من داخل حجرة صغيرة اختراع محرك يعمل بطاقة البخار.. وهنا كانت الدنيا والكون كله على موعد مع عصر جديد تتحرك فيه ولأول مرة «كتلة حديد» تحمل البشر والحجر.. تلك كانت المرة الأولى التى يستريح فيها الإنسان من حمل متاعه وجر أشيائه خلفه وانقلبت الدنيا وسارعت خطاها نحو التطور معتمدة على تبعات ثورة علمية واقتصادية هائلة عندما اندفعت القطارات بين المدن وانتقلت البضائع والمحاصيل بسهولة من الريف إلى الحضر.


الحقيقة أن أعظم إنجازات العلم أنه حرر العقل الإنسانى من الخرافات والضلالات وأتصور أن العلم هو دين العصر الذى نقل البشرية من كفر الجهل والظلم والقهر إلى فضاءات الحرية والوعى بقيمة الحياة، وأن للإنسان الحق الكامل فى حياة كريمة دون وصاية زائفة يفرضها عليه من منحوا أنفسهم بتنطع توكيلات سماوية يتحدثون بموجبها باسم الله حينًا وخدمة لحاكم مستبد ظالم حينًا آخر.
نور العلم هو الذى مهد الطريق للثورة الفرنسية 1789 والتى هزت موجاتها كل أوروبا، وانتقل وهجها للعالم بأسره، وهنا تتجلى قيمة فريضة العلم التى ترسخ قيما جديدة للعدل والحرية والمساواة والجمال. من يتأمل خارطة الأحلام فى العالم يجد أنها ولدت وكبرت فى ربوع كثيرة تحول فيها الواقع من اللون الأسود الكئيب إلى ألوان جديدة زاهية من التحضر والنمو والتطور، بفضل الأخذ بفريضة العلم والتمسك بالولاء لتلك العقيدة الإنسانية. العلم بالمعنى المجرد هو أحد تجليات العقائد الدينية إذا فهمنا بحق أن الدين أى دين فى منطلقه الأول كان ثورة على الواقع من أجل التغيير والارتقاء بالشأن الإنساني، وتحرير البشر من الجهل والخوف.
العقائد الدينية التى يتم تسويقها على أنها وعد بآخرة منعمة تعوض الفقراء والمظلومين عن مرارة ومزلة القهر والحاجة، هى عقائد مضللة لم تنتج يتاجر بها دعاتها وأولى أمرهم.
أعتقد أننا بحاجة لاستعادة الفريضة الغائبة –فريضة العلم الذى يحرر العقول وينقلها من حالة الخمول التاريخية إلى واقع الثورة والتمرد واقتناص فرصة حقيقية للتغيير، والعلم هنا هو العلم بمعناه الأشمل والأعم، العلم الذى حول محرك البخار على يد جيمس وات إلى محرك حضارى غير مسارات التاريخ، ومن الواضح أن الواقع الذى نعيشه منذ عقود يشبه واقع ما قبل عصر المحرك بجموده وشيخوخته وعجزه وضحالة حلمه وفقره وقهره وظلمه.. الطريق للحرية يبدأ بالأخذ بأسباب العلم والسقوط فى الاستبداد والقهر يبدأ بتسويق الجهل والتخلف تحت شعارات دينية خادعة ومضللة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح

إقرأ أيضاً:

«الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار

سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء أمس على الأسباب التى تضيع الآمال الفلسطينية فى التخلص من آثار الحرب المدمرة التى لحقت بهم، وذكرت افتتاحية الصحيفة عدة أسباب من شأنها ضياع ذلك الحلم فى إعادة الإعمار، وأضافت: يعود الفلسطينيون إلى الشمال – لكن رغبة الرئيس الأمريكى فى «تطهير» القطاع، على الرغم من عدم واقعيتها، تثير قلقًا عميقًا.

وتابعت: «يعود الفلسطينيون إلى ديارهم فى شمال غزة، على الرغم من أن القليل من منازلهم ما زالت قائمة. لقد دمرت المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى. بالنسبة للبعض، كانت هناك لقاءات حزينة؛ بينما يبحث آخرون عن جثث أحبائهم. إنهم يبحثون عن الأمل وسط أنقاض حياتهم السابقة. ولكن هناك تهديدات جديدة تلوح فى الأفق. فإسرائيل والأمم المتحدة فى مواجهة بشأن مستقبل وكالة الأونروا، وكالة الإغاثة للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قانون إسرائيلى ينهى كل أشكال التعاون مع الوكالة حيز التنفيذ اليوم ــ فى الوقت الذى تتدفق فيه المساعدات التى تشتد الحاجة إليها أخيراً على غزة. ويقول خبراء المساعدات إن أى كيان آخر لا يملك القدرة على توفير الدعم الطويل الأجل اللازم للسكان.

ولفتت إلى القضية الثانية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. قائله «فالانتقال إلى المرحلة الثانية ـ والتى من المفترض أن تنسحب فيها إسرائيل بالكامل، وأن تنزع حماس سلاحها ـ سوف يكون أكثر صعوبة».

وفى الوقت نفسه هناك مخاوف بشأن الهجوم الإسرائيلى على جنين فى الضفة الغربية المحتلة، والذى وصفه المسئولون الإسرائيليون بأنه تحول فى أهداف الحرب. وفى لبنان، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على 26 شخصًا احتجاجًا على استمرار وجودها وقد تم تمديد الموعد النهائى لانسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من فبراير.

ولكن التهديد الجديد هو اقتراح ترامب برغبته فى «تطهير هذا الشيء بأكمله»، مع مغادرة مليون ونصف المليون فلسطينى غزة مؤقتًا أو على المدى الطويل، ربما إلى الأردن أو مصر. ونظرًا لتاريخهم من النزوح القسرى، ليس لدى الفلسطينيين أى سبب للاعتقاد بأنهم سيعودون على الإطلاق. ويبدو هذا وكأنه نكبة أخرى.

وأضافت: طرح الرئيس الأمريكى الفكرة مرة أخرى، وورد أن إندونيسيا كانت وجهة بديلة وهذا أكثر من مجرد فكرة عابرة. فقد أبدى قلقه على الفلسطينيين، قائلًا إنهم قد يعيشون فى مكان أكثر أمانًا وراحة. لقد أوضحوا رعبهم بوضوح. ولا يغير تغليف الهدايا من حقيقة أن الإزالة القسرية ستكون جريمة حرب.

وأكدت الجارديان أن هذه التعليقات البغيضة هى موسيقى فى آذان أقصى اليمين الإسرائيلى. وربما تكون مقصودة فى المقام الأول لمساعدة بنيامين نتنياهو على إبقاء شركائه فى الائتلاف على متن الطائرة. فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي- الذى من المقرر أن يلتقى ترامب فى الأسبوع المقبل - خطط «اليوم التالي» فى غزة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سعيه إلى تأجيل مثل هذا اليوم. وإن طرد الفلسطينيين من الشمال سيكون أكثر صعوبة الآن بعد عودة مئات الآلاف. ولا تريد مصر والأردن استقبالهم لأسباب سياسية وأمنية. وقد أوضح لاعبون أقوياء آخرون معارضتهم - ولا يزال ترامب يأمل فى تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية فى إطار صفقة إقليمية أوسع. ومع ذلك، قد تأمل إدارته أن يؤدى الضغط الكافى على المساعدات إلى تحويل أصغر داخل المنطقة، أو ربما تحويل أكبر فى مكان آخر.

وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يحتاج اقتراح ترامب إلى أن يكون قابلًا للتطبيق ليكون ضارًا. فهو يعزز اليمين المتطرف فى إسرائيل- الذى حفزه بالفعل إلغاء العقوبات الأمريكية على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية - ويزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. يبدو أن ترامب ينظر إليهم باعتبارهم عقبة أمام تطوير العقارات وصفقته الكبرى التى ناقشها منذ فترة طويلة، وليس بشرًا لهم الحق فى إبداء رأيهم فى حياتهم. غالبًا ما بدا التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين نظريًا إلى حد كبير. لكنه لا يزال مهمًا. ولا يزال الفلسطينيون بحاجة إلى مستقبل طويل الأجل فى دولة خاصة.

مقالات مشابهة

  • ترامب وحلم السطوة
  • إشراقات من مسيرته الجهادية ومشروعه القرآني: أبرز ملامح شخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا