بوابة الوفد:
2025-04-07@02:37:38 GMT

الدين الغائب..

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

عام 1765 وفى الوقت الذى كان فيه كهنة الكنائس فى أوروبا يفرضون وصاية جائرة على مجتمعاتهم باسم الدين استطاع الأسكتلندى جيمس وات من داخل حجرة صغيرة اختراع محرك يعمل بطاقة البخار.. وهنا كانت الدنيا والكون كله على موعد مع عصر جديد تتحرك فيه ولأول مرة «كتلة حديد» تحمل البشر والحجر.. تلك كانت المرة الأولى التى يستريح فيها الإنسان من حمل متاعه وجر أشيائه خلفه وانقلبت الدنيا وسارعت خطاها نحو التطور معتمدة على تبعات ثورة علمية واقتصادية هائلة عندما اندفعت القطارات بين المدن وانتقلت البضائع والمحاصيل بسهولة من الريف إلى الحضر.


الحقيقة أن أعظم إنجازات العلم أنه حرر العقل الإنسانى من الخرافات والضلالات وأتصور أن العلم هو دين العصر الذى نقل البشرية من كفر الجهل والظلم والقهر إلى فضاءات الحرية والوعى بقيمة الحياة، وأن للإنسان الحق الكامل فى حياة كريمة دون وصاية زائفة يفرضها عليه من منحوا أنفسهم بتنطع توكيلات سماوية يتحدثون بموجبها باسم الله حينًا وخدمة لحاكم مستبد ظالم حينًا آخر.
نور العلم هو الذى مهد الطريق للثورة الفرنسية 1789 والتى هزت موجاتها كل أوروبا، وانتقل وهجها للعالم بأسره، وهنا تتجلى قيمة فريضة العلم التى ترسخ قيما جديدة للعدل والحرية والمساواة والجمال. من يتأمل خارطة الأحلام فى العالم يجد أنها ولدت وكبرت فى ربوع كثيرة تحول فيها الواقع من اللون الأسود الكئيب إلى ألوان جديدة زاهية من التحضر والنمو والتطور، بفضل الأخذ بفريضة العلم والتمسك بالولاء لتلك العقيدة الإنسانية. العلم بالمعنى المجرد هو أحد تجليات العقائد الدينية إذا فهمنا بحق أن الدين أى دين فى منطلقه الأول كان ثورة على الواقع من أجل التغيير والارتقاء بالشأن الإنساني، وتحرير البشر من الجهل والخوف.
العقائد الدينية التى يتم تسويقها على أنها وعد بآخرة منعمة تعوض الفقراء والمظلومين عن مرارة ومزلة القهر والحاجة، هى عقائد مضللة لم تنتج يتاجر بها دعاتها وأولى أمرهم.
أعتقد أننا بحاجة لاستعادة الفريضة الغائبة –فريضة العلم الذى يحرر العقول وينقلها من حالة الخمول التاريخية إلى واقع الثورة والتمرد واقتناص فرصة حقيقية للتغيير، والعلم هنا هو العلم بمعناه الأشمل والأعم، العلم الذى حول محرك البخار على يد جيمس وات إلى محرك حضارى غير مسارات التاريخ، ومن الواضح أن الواقع الذى نعيشه منذ عقود يشبه واقع ما قبل عصر المحرك بجموده وشيخوخته وعجزه وضحالة حلمه وفقره وقهره وظلمه.. الطريق للحرية يبدأ بالأخذ بأسباب العلم والسقوط فى الاستبداد والقهر يبدأ بتسويق الجهل والتخلف تحت شعارات دينية خادعة ومضللة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح

إقرأ أيضاً:

العلم يزداد بالانفاق!

العلم يزداد بالانفاق!
مبادرة : مكتبة السودأن الافتراضية
مكتبة تخدم الجميع ،خاصة الجامعات


كان لدينا زميلين متصوفين ،علي قدر من المحبة و الروعة.. احيانا كان خطابهم بالاشارة! اشارة مورس! بالنقر علي التربيزة! و كنت اغبطهما علي ذلك.
احدهما د.محمد ميرغني،ولديه قول جميل "العلم بالانفاق يزيد" وهي حكمة صحيحة! إذ يكرر صاحب العلم حديثه و يعيده و بذلك يرسخ في ذهنه و يكتمل الحفظ! فيكسب ثواب نشر العلم النافع! وهو نوع من العمل! اليس التدريس عمل؟
وهنا اذكر احضار احدهم برنامج حاسوب لدينا وقد علم بذلك شخص آخر ،فجاء طالبا منحه ذلك البرنامج!تم ذلك بعد ممانعة من البعض! بعد فترة ام نجد البرنامج علي الكمبيوتر و لم تكن هنالك شبكة للانترنيت وقتها!تذكرنا باننا قد منحناه لذلك الشخص! وتمت استعادته بسهولة!
قبل الحرب و في مجموعة واتساب بادر احد الزملاء بجمع كتبه و بعض التقارير و اخطر المجموعة بان يحذو حذوه ويقدمونها للهيئة التي كنا نعمل فيها!فقد تقاعد معظم اعضاء المجموعة! ولم يعودوا ينتفعون بهذه الكتب و التقارير ومن هنا جاءت مبادرة الاخ عبدالله محمد خير للتبرع بالكتب و التقارير لاثراء المكتبة.حتي بنتفع بها كل الناس ،خاصة صغار الباحثين و الطلاب.
لقد لاحظت و جود تقارير مهمة جدا قامت بها مؤسسات عالمية في كثير من انحاء البلاد و في مختلف المجالات وهي معلومات أساسية ،مثل الخرائط الجيولوجية التي انتجها الروس في البحر الأحمر وتقارير شركة هنتينج الانجليزية لبعض المناطق في السودان.
في احيان كثيرة يستعين طلاب الدراسات العليا بهذه النقارير أو الدراسات لاستكمال بحوثهم في خارج البلاد و لا يعيدونها للجهات التي اخذوها منها!مع غياب اي نظام لتوثيق عملية الاستلاف! ويبقي استردادها وقفا لامانة ذلك الشخص!
لذلك و مع ظروف الحرب و خسارة البلاد لكثير من المؤسسات و ما فيها من معلومات ،كتب،تقارير و وثائق تاتي هذه المبادرة لأن نقدم جميعا علي نسخ ما لدينا من كتب أو تقارير و خرائط و وضعها علي الانترنيت في موقع واحد,اقترحت تسميته "المكتبة الافتراضية لاهل السودان" أو " مكتبة السودأن الافتراضية "..(تجدون ملخصا لهذه المبادرة علي النيت).
سيكون مشروعا كبيرا و سبخدم البلاد والناس و التنمية في اليلاد ،اذا ما غيض له النجاح.. بإذن الله
مبادرة اطلقتها في زمن السلام والامان و قد جاء وقتها!

ismailadamzain@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • سباق الجينات.. كيف غير جيمس واتسون العالم من مختبر ضيق؟
  • ذكريات من "السيرك"
  • تلسكوب جيمس ويب يكتشف مجرة عاشت في عصور الكون المظلمة
  • نتنياهو الخسران الأكبر
  • سائح يتعرض للتطاير بفعل رياح محرك طائرة أثناء إقلاعها.. فيديو
  • العلم يزداد بالانفاق!
  • مصادر تكشف تطورات مثيرة فى أزمة تجديد عقد زيزو .. تعرف عليها
  • جيمس ويب يكشف تفاصيل جديدة حول الكويكب “قاتل المدائن”
  • عمرو الليثي: الدراما التليفزيونية شهدت تزايدا ملحوظا في استخدام لغة السرسجية
  • الإعلامية الصينية ليانغ سوو لي: ممر G60 العلمي والتكنولوجي محرك الابتكار لتحقيق التنمية عالية الجودة