بينما كانت "أميرة" تلعب على الرصيف، لم تكن تعلم ما يخبئه القدر بين طياته، وأن تلك الدقائق الأليمة هي لحظات الوداع الأخير لوالدتها التي قرر سائق متهور أن يخطف روحها الى دار الخَلَدِ على عجلات سيارته المسرعة، لتصبح وشقيقتها الصغرى يتيمتان طيلة العمر.

في الرابعة والنصف، من عصر يوم الاثنين الماضي، كانت الطفلة "أميرة" (10 أعوام)، تلعب في الرصيف على جانب الطريق العام بمحافظة صعدة بانتظار أمها التي كانت تمسك بيد شقيقتها الصغرى "ندى" (ثمانية أعوام) على جزيرة الشارع تحيناً خلوه من طيش السائقين، لتجتازه إلى الجهة المقابلة حيث ابنتها الأخرى، قبل أن تباغتهما سيارة يقودها سائق متهور بسرعة جنونية ليدهس والدتها في منتصف الشارع ويقذف بها لمسافة بينما تنجو طفلتها الصغيرة التي كانت بجانبها على مسافة صفر بأعجوبة.

ناشطون تداولوا على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع مرئي لكاميرا مراقبة أحد المحال التجارية، وثق الحادث المأساوي للمرأة وطفلتها "ندى" الذي وقع بالقرب من سوق العند.

ويظهر المقطع الطفلة "أميرة" التي شهدت اللحظات الأليمة، وهي تركض بعد الحادثة للبحث عن والدتها باتجاه المكان الذي قذفت بها السيارة في مشهد مفزع، بينما تقف الطفلة الناجية "ندى" متبلدة من هول الحادث المُرّوع الذي خطف "أمها" من جوارها دون وداع أخير في فاجعةٌ يصعب عليها نسيانها.

وأثارت الحادثة موجة غضب واستياء واسعين بين أوساط الناشطين والسكان، الذي وصفوه بـ "الموجع" وعكس مدى الاستهتار بأرواح الناس وعدم وضع مراعات النساء والأطفال في الشوارع، والاستهانة بالدم اليمني، مطالبين الجهات المعنية باعتبار الحادثة "عمداً" واتخاذ اقصي العقوبات بحق السائق عدم التهاون بأرواح المواطنين جراء القيادة المتهورة التي لاتعمل أدنى اعتبار لحرمة الدم.

الحرب الصامتة

هذه الحادثة لم تكن الأولى، بعد أن تحولت الطرقات في مختلف المحافظات إلى قاتل متجول يحصد أرواح المواطنين، وأصبحت الحوادث المرورية احد اقوى الحروب الصامته التي تشهدها البلاد بموازاة الحرب العسكرية، حسب الإحصائيات.

ومنذ بداية شهر رمضان المبارك زادت حوادث السير في عموم البلاد وبشكل يومي، خاصة في أوقات ماقبل الإفطار والسحور وبعدهما والمساء، مخلفة عشرات الوفيات والجرحى.

والساعات القليلة الماضية شهدت حادثتين مُرّوعتين في محافظتي (مأرب وأبين) المحررتين أسفرتا عن وفاة وإصابة نحو 15 شخصا اغلبهم نساء وأطفال.

وحسب مصادر محلية، في مأرب، توفيت 5 نساء وجرح آخرون بحادث تصادم بين مركبتين على الخط الدولي بمديرية الوادي، فيما توفي شاب وجرح 4 آخرون بحادث تصادم دراجتين ناريتين في مدينة زنجبار بالقرب من مبنى مؤسسة المياه بمحافظة أبين.

وتحصد الحوادث المرورية أرواح المواطنين والمسافرين في الطرق الطويلة والمتنقلين بين المحافظات بشكل يومي، خصوصًا في الطرقات الفرعية البديلة مع استمرار إغلاق مليشيا الحوثي الطرقات الرئيسة إبان اندلاع الحرب في البلاد عام 2015 ولجأ السكان إلى سلوك طرقات جبلية وعرة تؤدي إلى حوادث مميتة بشكل مستمر.

طرق الموت

وأدى الحصار الذي تفرضه المليشيا الإرهابية على عدة محافظات منها تعز وإغلاق الطرق الرئيسة، إلى استخدام المواطنين طرق فرعية بديلة جبلية وعرة والتي يطلق عليها "طرق الموت"، تنتج عنها حوادث ومآس لا حصر لها، في ظل تجاهل أممي لمعاناة اليمنيين منذ اكثر من تسع سنوات.

وعلى سبيل المثال تشهد طرقات محافظات تعز والضالع والقبيطة بلحج والطريق الدولي الرابط بين اليمن والسعودية في منطقة العبر - الوديعة والطرق الصحراوية البديلة في صحراء الجوف ومأرب التي يسلكها العائدون من السعودية من المغتربين والمعتمرين، بين الفينة والأخرى، حوادث متكررة وخسائر بشرية.

وتنوعت هذه الحوادث بين الدهس والصدام والانقلاب والسقوط.

وأرجع مراقبون أسباب الحوادث المرورية إلى جوانب، بينها السرعة الزائدة والتجاوزات الخاطئة والخطرة وتهور السائقين وإهمال المشاة وسوء وتردي الطرقات فضلا عن غياب الاضاءات في المركبات إلى جانب المواصفات الفنية للمركبات وإهمالها وعدم إجراء الفحص الفني والصيانة الدورية لها، وتهالك الطرقات نتيجة عدم صيانتها منذ بداية الحرب.

إضافة إلى عدم التزام السائقين والركاب والمشاة، بالإجراءات والتعليمات المرورية، والانزلاقات الطينية المصاحبة للأمطار في المنحدرات، وسوء الأحوال الجوية في ظل الأجواء الماطرة وتدني الرؤية، فضلا عن الأخطاء الهندسية في الطرق وغياب أي صيانة للطرقات، وفقدان التحكم والسيطرة بمكابح السيارات والشاحنات والتي تمر بأسواق شعبية يكون فيها الأهالي عرضة للحوادث.

أرقام

خلال السنوات الخمس الأخيرة، سقط المئات من المدنيين بين قتيل ومصاب اغلبهم نساء وأطفال إثر تعرضهم لحوادث دهس نتيجة السرعة الزائدة لأطقم مليشيا الحوثي يقودها عناصر ومشرفين حوثيين في مختلف مديريات ومحافظات الانقلاب في ظل تنصل المليشيا عن محاسبتهم.

ومطلع يناير الماضي، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، عن مقتل وإصابة 2092 مدنياً جراء الحوادث المرورية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، خلال العام 2023م.

وأوضح التقرير الإحصائي الأمني السنوي لقطاع الأمن والشرطة للعام الماضي 2023م، الذي نشرته وزارة الداخلية على موقعها الإلكتروني، أن المناطق المحررة شهدت خلال العام الماضي 2925 حادثاً مروريا نتيجة السرعة الزائدة، تسببت بمقتل 275 شخصا وإصابة 1817 آخرين، علاوة عن الخسائر المادية التي بلغت 448 مليونا، و210 ألف ريال يمني.

وأواخر يوليو العام الماضي، أعلنت إدارة المرور الخاضعة لإدارة مليشيا الحوثي في احصائية لها، وفاة واصابة 12590 شخصا جراء الحوادث المرورية التي شهدتها صنعاء المحافظات الخاضعة لسيطرتها خلال العام الهجري الماضي الموافق العام 1444هـ (وهو التقويم الذي اعتمدته المليشيا بدلا عن الميلادي).

وبحسب البيان الذي نشرته وكالة سبأ بنسختها الحوثية، فإن الحوادث جراء السرعة الزائدة والإهمال والأعطال الفنية تسببت بوفاة 1488شخصا بينهم 260 امرأة، وإصابة 11102 شخصا بينهم 1966 امرأة بإصابات مختلفة، وخسائر مالية قُدرت بأكثر من 4 مليارات ونصف ريال يمني.

وتُشير الإحصائيات إلى أن ضحايا اليمن من الحوادث المرورية سنويًا تفوق ضحايا الحرب في جبهات القتال.

وطالب سائقون، سلطات الأمر الواقع "الحوثيين" والحكومة المعترف بها دولياً، سرعة التوسعة والصيانة الدورية للطرقات التي تربط بين المدن والمحافظات وتشهد تكرارا للحوادث المرورية المروعة للحد من سقوط مزيد من الضحايا فيها.

ودعوا الى تكثيف انشطة التوعية المرورية والتذكير بمخاطر الحوادث المرورية وخسائرها المروعة البشرية والمادية، بهدف الحد منها.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الحوادث المروریة السرعة الزائدة

إقرأ أيضاً:

أوبجكت ون تسجل نمواً استثنائياً سنوياً في قطاع العقارات الفاخرة في دبي

 

رسّخت أوبجكت ون، الشركة سريعة النمو في مجال التطوير العقاري، مكانتها في سوق العقارات المزدهر في دبي بفضل نموها الملحوظ ومشاريعها المبتكرة. خلال العام الماضي، حققت أوبجكت ون إنجازات غير مسبوقة، مما عزز من مكانتها كشركة بارزة في السوق العقاري الإماراتي.

يعكس هذا الأداء نمو أوبجكت ون والقيمة التي قدمتها لعملائها، حيث أطلقت الشركة أكثر من 9 مشاريع راقية بأعلى معايير الجودة ووسعت حصتها السوقية في مواقع رئيسية في دبي. كما نمت قيمة مبيعات أوبجكت ون بنسبة 913% على أساس سنوي، مما عزز مكانتها كشركة رائدة في قطاع العقارات الفاخرة. هذا العام، أكملت أوبجكت ون بيع أكثر من 860 وحدة، بزيادة 1059% في حجم المبيعات عن العام السابق. تغطي محفظة الشركة العقارات السكنية والمشاريع متعددة الاستخدامات، والتي شهدت طلباً قوياً، مما يدلّ على ثقة السوق في عروض أوبجكت ون ومنتجاتها.

هذا ومن المقرر أن تعلن أوبجكت ون عن مشاريع جديدة في مناطق رئيسية، بما في ذلك مثلث قرية جميرا، والفرجان، ومجمع دبي لاند ريزيدنس، وجزر دبي، لتلبية متطلبات واحتياجات المشترين والمستثمرين المحليين والدوليين الحريصين على شراء مساحات معيشية تتميز بأعلى معايير الجودة ووسائل الراحة الحديثة. تعكس هذه التطورات التزام أوبجكت ون بين التميز وتلبية الطلب المتزايد على مساحات معيشية مستدامة تركز على المجتمع.

علّقت تاتيانا تونو، المديرة العامة لشركة أوبجكت ون، على نمو الشركة قائلة: ” لقد كان سوق العقارات المزدهر في الإمارات العربية المتحدة بمثابة حجر الزاوية للنمو هذا العام، مدفوعاً بالتعافي الاقتصادي القوي الذي تنعم به البلاد، والسياسات الحكومية التقدمية، والطلب المتزايد على العقارات الفاخرة. حققت دبي إنجازات ملحوظة، حيث بلغت قيمة المعاملات العقارية 625 مليار درهم إماراتي في عام 2024. وبصفتها شركة ملتزمة بأعلى معايير الجودة والابتكار ورضا العملاء، تفخر أوبجكت ون بالمساهمة في هذا القطاع المزدهر من خلال مشاريعها الآن وفي المستقبل. ستعكس مشاريعنا القادمة التفضيل المتزايد لتقنيات المنازل الذكية وميزات البناء المستدامة والمعيشة المجتمعية المتكاملة، مما يعزز حضورنا ويعيد تعريف معايير المعيشة الحضرية.”

تشمل قاعدة عملاء أوبجكت ون المشترين المحليين والدوليين، مع اهتمام قوي من المستثمرين في تركيا وإيران وفرنسا والهند وألمانيا والصين. كما جذبت خطط الدفع المرنة للشركة وخيارات التمويل الجذابة اهتمام المشترين، خاصة بين مالكي المنازل لأول مرة والمستثمرين الذين يسعون إلى عائدات إيجارية عالية. فضلاً عن ذلك، نجحت أوبجكت ون في تأمين العديد من الشراكات الاستراتيجية مع كبار المهندسين المعماريين والشركات التكنولوجية التي تركز على الاستدامة وصناديق الاستثمار، مما كان له دور محوري في دفع نمو الشركة.

في الوقت الذي تواصل به أوبجكت ون نموها وإنجازاتها، تظل الاستدامة في طليعة استراتيجية الشركة، حيث تدمج أنظمة كفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة وتقنيات المنازل الذكية ومواد البناء الخضراء في مشاريعها، مما يجذب المشترين المهتمين بالبيئة، وهو ما يجسده إيفرجرين هاوس، مشروع الشركة القادم. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن عروض أوبجكت ون حلولًا مبتكرة تواكب أحدث التقنيات، مما يوفر للعملاء تجربة سلسة وذكية في شراء العقارات. تعتمد الشركة أحدث تقنيات المنازل الذكية في مشاريعها، مما يسمح للمشترين بالتحكم في الإضاءة والمناخ والأمان من أجهزتهم المحمولة.

تماشياً مع استراتيجيتها الطموحة للنمو، افتتحت أوبجكت ون مؤخراً مكتباً جديداً في داون تاون دبي بمساحة 5170 قدم مربع في إعمار سكوير، المبنى 3. يتميز المكتب بتقنيات متقدمة ويقدم خدمات استشارية مخصصة للمشترين المحتملين.


مقالات مشابهة

  • ألمانيا.. اعتقال سائق سيارة اصطدمت بحشد في سوق لعيد الميلاد
  • أوبجكت ون تسجل نمواً استثنائياً سنوياً في قطاع العقارات الفاخرة في دبي
  • ​الإمارات تشارك في مؤتمر مساعدة ضحايا حوادث الطائرات في «إيكاو»
  • ضحايا "حقنة العمى" التي تلقوها في مستشفى 20 غشت بالدار البيضاء ينتظرون أجوبة
  • الجولاني ينفي مشاركته في الحرب الطائفية بالعراق: علاقتي بالقاعدة اصبحت من الماضي
  • المرور السعودي يعلن أبرز 3 أسباب للحوادث المرورية في مكة المكرمة
  • أمانة منطقة الرياض تنظم ورشة عمل لتطوير إستراتيجيات رصد الحوادث المرورية
  • تقرير: 66 مليون عربي عانوا من الجوع العام الماضي
  • ضبط سائق سيارة اصطدم بشخص وتسبب فى وفاته بالقاهرة
  • حادث سير بين مركبات على شارع الأردن