بعد قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة| هل انتهى دعم أمريكا لإسرائيل؟.. «صحف عبرية» تكشف تفاصيل الخلاف بين واشنطن وتل أبيب قبيل القرار.. وأساتذة قانون دولي: خطوة إيجابية وملزمة لوقف القتال
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
"إسرائيل بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي بقصفها العشوائي غزة، الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين"، بداية هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن بنهاية ديسمبر الماضي، كان التوافق الأمريكي والدعم اللامحدود لتل أبيب قد بدأ في التلاشي حيث شكلت هذه التصريحات التي أدلى بها بايدن وسط تجمع يهودي، أول ظهور للخلاف الذي بدأ في الكشف عن نفسه في العلن، وفي آخر الخطوات كن امتناع واشنطن عن التصويت أو الطعن باستخدام الفيتو على قرار مجلس الأمن الرامي لوقف إطلاق النار في غزة.
وكان مجلس الأمن الدولي قد وافق، مساء أمس الاثنين، على قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن و"الحاجة الملحة لتوسيع تدفق" المساعدات إلى غزة، حيث صوّتت 14 دولة لصالح القرار، بينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن على الفور، قائلا: ""لقد وافق مجلس الأمن للتو على قرار طال انتظاره بشأن غزة، يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. يجب تنفيذ هذا القرار. الفشل لن يغتفر".
وعلى الرغم من الخلافات العلنية التي باتت السمة الغالبة للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي وصلت على هجوم بايدن على حكومة نتنياهو ووصفها بالحكومة "الأكثر تشددًا في تاريخ إسرائيل.. والتي لا تريد حل الدولتين"، إلا أن الأوساط السياسية في إسرائيل لم تكن تتوقع أن تتخلى أمريكا عن موقفها في مجلس الأمن، وجاء تصرف واشنطن بالامتناع عن التصويت، ما أدى إلى تمرير قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار.
خلافات بين واشنطن وتل أبيب.. تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل إصدار قرار مجلس الأمنوعلى وقع الصدمة بدأت الصحف الإسرائيلية في الهجوم على حكومة نتنياهو في أعقاب الامتناع الأمريكي عن التصويت في مجلس الأمن، حيث أكدت العديد من الصحف العبرية أن العزلة الدولية تتزايد على إسرائيل، وأن الحكومة التي وصفوها بالساذجة يجب أن تتحرك لإيجاد حلول للأزمة والإفراج عن الرهائن.
وفي صحيفة جيروسالم بوست، نشرت الباحثة والأكاديمية سوزان هاتيس رولف، وهي عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي، مقالًا بعنوان "عزلة إسرائيل تتزايد، والحلول ساذجة في ظل الحكومة الحالية".
تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى ما نشرته مجلة الإيكونوميست يوم السبت الماضي على غلافها، إذ وضعت على غلافها عنوانًا مفاده أن "إسرائيل وحدها"، وأشارت الكاتبة إلى أن الموقف العالمي بدأ يتغير بعد الدعم اللامحدود من دول العالم في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، إلا ان هذا بدأ في التلاشي وفي مقدمة هذه الدول التر تراجعت عن الدعم الحليف الأول "واشنطن"، بدأ أنصار إسرائيل السابقون يهددونها بفرض عقوبات، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة والذخائر، وتدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة.
وترى الكاتبة أن "ما تحتاج إليه إسرائيل حتى تتمكن من عكس عزلتها المتنامية هو تغيير أساسي في العقلية، وهو التغيير الذي لا يمكن أن ينجم إلا عبر تغيير الحكومة الإسرائيلية".
أما صحيفة "إسرائيل هيوم" وتحت عنوان "كيف فاجأت الولايات المتحدة إسرائيل على حين غرة؟" تشرح الكاتبة والمحللة شيريت أفيتان كوهين ما كان يجري في الساعات الأخيرة قبل التصويت في مجلس الأمن، تقول "محادثات سرية، ضغوط دبلوماسية، وتوترات متزايدة، هكذا كانت الساعات التي سبقت الأزمة المتصاعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول صياغة نص قرار مجلس الأمن، وتضمنت محادثات على كافة المستويات بين البلدين".
"حاولت إسرائيل في البداية العمل مع الولايات المتحدة لتخفيف صياغة القرار، لكن عندما فشلت في ذلك، حاولت إسرائيل إقناع البيت الأبيض باستخدام حق النقض، وعندما لم ينجح ذلك، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصريحات قاسية ضد الولايات المتحدة، مما جعل الأزمة علنية"، بحسب كوهين.
وتنقل كوهين التسريبات التي حصلت عليها صحيفة إسرائيل هيوم قبيل التصويت، والتي توّضح بأن "محادثات جرت خلال الليل بين الوزير رون ديرمر وكبار المسؤولين في البيت الأبيض، وبين سفير اسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد إردان ونظيرته السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد. وعلى الرغم من نجاح الولايات المتحدة في هذه المحادثات لتخفيف المسودة الأصلية للقرار، إلا أنه في النتيجة تم دمج إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في بند واحد، كذلك خلا القرار من إدانة حركة حماس بعد شنّ هجمات 7 أكتوبر".
"هذه الأمور دفعت إسرائيل إلى المطالبة في الساعات الأخيرة بأن يستخدم صديقها الكبير حق النقض ضد المقترح، في إشارة للولايات المتحدة"، ولكن بعد ذلك سمع مسؤولون إسرائيليون كبار للمرة الأولى أن أعلى المستويات في البيت الأبيض يصرون هذه المرة على عدم استخدام حق النقض، وهو ما فاجأ إسرائيل، التي تعتبر القرار بأنه يشكل خطرًا كبيرًا، لأن تفسيراته واسعة وقد تتسبب بإشكالية كبرى لإسرائيل"، بحسب ما ذكرت الكاتبة كوهين.
إسرائيل تنسحب من محادثات الهدنةوبعد أن انسحب الوفد الإسرائيلي من محادثات الهدنة، انسحب أيضا اليوم من المحادثات الجارية في الولايات المتحدة في أعقاب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن، حيث قال مسؤول أمريكي إن واشنطن في حالة من الحيرة بسبب قرار إسرائيل يوم الاثنين الانسحاب من محادثات مزمعة هذا الأسبوع بشأن غزة وتعتبر القرار رد فعل مبالغا فيه على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لمجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفقا لوكالة "رويترز".
مسؤول أمريكي: بايدن لا يخطط للاتصال بنتنياهووذكر المسؤول الأمريكي أن حالة التوتر في السياسة المحلية في إسرائيل يُحتمل أنها السبب في تقرير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم إرسال وفد إسرائيلي إلى واشنطن لحضور المحادثات، مضيفًا أن الرئيس جو بايدن لا يخطط الاتصال بنتنياهو بشأن القرار وأن نتنياهو لم يبادر بالاتصال ببايدن قبل القرار.
أساتذة قانون دولي: قرار مجلس الأمن "خطوة إيجابية متأخرة"وفي هذا الشأن وصف الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي، قرار مجلس الأمن الدولي بـ"الخطوة الإيجابية" نتيجة للضغوط الدولية الرافضة لاستمرار العدوان على غزة مع تزايد عدد الضحايا لما يفوق الـ 30 ألف شهيد منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر الماضي.
وأضاف "حلمي" أن قطاع غزة على مدار الأشهر الماضية شهد العديد من الانتهاكات والمخالفات للقانون الدولي، بل ومخالف للإنسانية أيضًا، ومن هنا فإن قرار مجلس الأمن يعد خطوة قوية بعد ضغوط دولية كبيرة دعت على ضرورة وقف نزيف الدماء وقتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، وتسهيل وصول المساعدات بعدما ضربت المجاعة أرجاء غزة.
وأرجع أستاذ القانون الدولي سبب امتناع واشنطن عن التصويت إلى أن إطالة أمد الحرب والخلافات بين بايدن ونتنياهو هي من دفعت واشنطن لاتخاذ هذا الموقف، لانها لا تريد بأي حال من الأحوال إطالة أمد الحرب على غزة، لأن إسرائيل أو أمريكا لا يمكنهما البقاء في حروب لفترات طويلة، لانها تمثل استنزافا لميزانيات ضخمة في البلدين على غرار ما حدث لأمريكا في حروب فيتنام وأفغانستان والصومال والعراق.
القرار إلزامي لإسرائيلمن جهته، شدد أستاذ القانون الدولي محمد محمود مهران، على أهمية قرار مجلس الأمن الذي يعد إلزامي لإسرائيل، وكافة أطراف الصراع حيث يأتي القرار استنادًا إلى القانون والمواثيق الدولية التي تستهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
وأوضح "مهران" في تصريحات تليفزيونية، أن قرار مجلس الأمن يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة، كما أنه صادر بموجب الفصل السابع الذي يتناول الإجراءات المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، ومن هنا فإن جميع الأطراف المتصارعة لوقف القتال، بل أن مجلس الأمن يملك أدوات مشددة لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار وقف النار، قد تصل للتدخل العسكري إذا لم تمتثل للقرار.
ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن المادة 25 من الميثاق تجعل قرارات المجلس ملزمة لجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن المادة 39 تمنحه سلطة تقديرية في تحديد وجود أي تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل عدواني، واتخاذ التدابير المناسبة وفقا للمادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادتهما إلى نصابهما.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قرار مجلس الأمن وقف اطلاق النار غزة إسرائيل واشنطن تل أبيب قانون دولي جو بايدن وقف إطلاق النار فی غزة أستاذ القانون الدولی الولایات المتحدة قرار مجلس الأمن فی مجلس الأمن الأمن الدولی عن التصویت على قرار إلى أن
إقرأ أيضاً:
هدنة مرتقبة في غزة مع تصاعد المساعي الدولية لإنهاء القتال
◄ وفد من "حماس" يصل القاهرة لمناقشة مقترحات الوسطاء
◄ "حماس": نتعامل بإيجابية مع أي مقترحات تضمن وقفا دائما للحرب
◄ تفاؤل أمريكي بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار
◄ ويتكوف يعِد عائلات الأسرى الإسرائيليين بـ"صفقة جادة خلال أيام"
◄ أحرونوت: الاتفاق المرتقب جزء من صفقة شاملة تشمل نهاية الحرب
◄ محللون: جولة المفاوضات الحالية ربما تكون أقرب لقبول المقترح المصري
الرؤية- غرفة الأخبار
عاد التفاؤل الحذر مجددا إلى مسار المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وذلك بعد أن انقلبت إسرائيل على اتفاق يناير الماضي، واستأنفت عدوانها الغاشم على قطاع غزة.
وتشير التحركات الدبلوماسية وتصريحات المسؤولين إلى أنَّ المقترح المصري الأخير الذي تم طرحه، يتم البناء عليه في ظل مرونة من حركة المقاومة الإسلامية حماس أبدتها للوسطاء في القاهرة والدوحة، وأيضًا تفاؤل أمريكي بقرب التوصل إلى صفقة.
وتتمسك فصائل المقاومة الفلسطينية بأن يقود أي اتفاق إلى وقف كامل للحرب لاحقًا، وذلك في الوقت الذي يوسّع فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية بقطاع غزة، واستهداف مزيد من المربعات السكنية والمستشفيات والمقرات الحكومية.
والسبت، توجه وفد من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" برئاسة خليل، إلى القاهرة للاجتماع مع الوسطاء من قطر ومصر للتوصّل إلى اتفاق ووقف العدوان الإسرائيلي.
وقالت الحركة في بيان لها: "نتعامل بإيجابية مع أي مقترحات تضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، كما نتعامل بإيجابية مع أي مقترحات تضمن التوصّل إلى صفقة تبادل جادة".
ويرى محللون أن هذه الجولة من المفاوضات ربما تكون الأقرب لقبول مقترح مصري يعيد التهدئة مجددا لفترة زمنية مرة أخرى، لافتين إلى أن التفاؤل الأميركي وعدم الممانعة الإسرائيلية يشي بقرب الاتفاق حول هدنة جديدة قبل وصول ترامب للمنطقة الشهر المقبل.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار إلى "تقدم يتحقق فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة"، وهو ما اعتبره محللون أول تفاؤل أميركي يطرح علناً منذ انقلاب إسرائيل على هدنة وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي.
وسبق تفاؤل ترامب إبلاغ مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عائلات الأسرى الإسرائيليين بأن "صفقة جادة على الطاولة وأنها مسألة أيام قليلة حتى يتم عقدها"، وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن الاتفاق المرتقب جزء من صفقة شاملة تشمل نهاية للحرب.
وأفادت "تايمز أوف إسرائيل"، السبت، بأن إسرائيل ستقدم عرضاً مخففاً لصفقة الأسرى بينما يتوجه وفد من حماس إلى القاهرة"، ونقلت عن مسؤولين قوله إن "إسرائيل خفضت بشكل طفيف عدد الأسرى الأحياء الذين كانت تطالب بالإفراج عنهم والذين كان عددهم 11 حياً ولكنها تريد إطلاق سراحهم بشكل أسرع؛ ووافقت على الانسحاب من المناطق التي تم الاستيلاء عليها أخيراً، وإجراء محادثات حول وقف دائم لإطلاق النار".
ووفق المصدر الإسرائيلي ذاته، فإنه قد "بدأت مصر في الأيام الأخيرة بالدفع بمقترح جديد يقضي بالإفراج عن 8 أسرى أحياء سعياً منها للتقريب بين الطرفين، ووافق نتنياهو على تخفيف مقترحه السابق بعد اجتماع مع ترامب بالبيت الأبيض"، لافتاً إلى أن "يوم الخميس، قدمت إسرائيل للوسطاء المصريين ردها على اقتراح القاهرة الأخير ويتضمن الإفراج عن الأسرى الأحياء خلال الأسبوعين الأولين من وقف إطلاق النار الذي يستمر 45 يوماً، رافضة بذلك مطالب حماس السابقة بأن يتم الإفراج عن الأسرى الأحياء بشكل دوري خلال مدة الهدنة".
وأفادت القناة الإخبارية الـ13 الإسرائيلية، بأنه "تتبلور بين الولايات المتحدة ومصر مقترحات جدّية تقترب مما يمكن لإسرائيل أن توافق عليه سواء من حيث عدد الأسرى الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم، أو من حيث عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في المقابل والحديث يدور عن إطلاق سراح أكثر من أسرى أحياء".