وجه سليمان.. وتدخل قوي
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
عندما كانت الشعوب تقوم على التكاتف والتعاضد والإخاء والتعاون كان هناك شعب أبي لا يتعب ولا يتخاذل شعب يقدم أكبر ما عنده بالقول والفعل والعمل والعطاء هكذا كان ذلك الشعب قويا عظيما بإرادة أبنائه وتماسك بناته وتراحم أبيه وحنان أمه.
كان شعباً يشار له بالبنان فهو لا يؤمن بالمستحيلات ولا يؤمن بالأرقام الكبيرة أنها خيالية ولن نستطع بتكاتفنا إيجادها، ولكن مع حالة الطفل سليمان شفاه الله تجد أن أبناء وبنات عُمان شبابها ورجالها ونساءها وقفوا كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضاً فكانت الأرقام في تصاعد والعطاء يكبر.
منذ أن طُرحت الحالة علمتُ أنها لن تستمر لأكثر من أسبوع لأنني واثقة بعطاء أبناء عُمان وقوة إرادتهم وتحديهم وتحملهم الصعاب وتكاتفهم لم يهتموا للمال أو لكبر العدد المطلوب وإنما كانت في الدرجة الأولى جل اهتماماتهم شفاء سليمان وإيجاد إبرة الحياة له فهنا في عُمان ننقذ روحًا واحدة لكي تعيش بصحة وعافية وتنعم بحياة سعيدة وحياة طبيعية كباقي الأطفال، وهناك في غزة تموت الأرواح في تدافع كبير وتزايد أكبر ليس لأنهم أرادوا ذلك ولكن لأن لا حول ولا قوة لهم فمن لهم بعد الله ولكن جيش الله العظيم قادر على إنقاذهم ولكن رب ضارة نافعة والخير يكمن في بطن الشر.
إن منصات التواصل الاجتماعي كان شغلها الشاغل الحالة الإنسانية التي تحتاج لأهل عُمان وأهل الخير والعطاء أهل الكرم، فما كان منهم إلّا الوقوف بالمساعدة كل حسب إمكانيته وكل حسب عطائه، لكنني وأنا أتصفح آخر المستجدات وجدت أن المبلغ المطلوب قد اكتمل بتعاضدنا وتكاتفنا وقوتنا؛ حيث إن هذا الشعب العظيم كان قادرًا بقوة على تحطيم الرقم المطلوب بأقل وقت ممكن وحدث ذلك والمفاجأة الجميلة والعظيمة والمقدرة أن سلطان البلاد المفدى يقف وقفة شامخة ويأمر بمساعدة مالية لعلاج الطفل سليمان شفاه الله.
إن ما أود أن أطرحه هنا وما يجوب في داخلي سؤال واحد ما الذي يجعلنا نصل إلى هذا الحال ولماذا لا توجد هناك بنود وقرارت معروفة وموثوقة في أي حالة من الحالات المرضية والتي تستدعي التدخل السريع ووقوف الدولة معها!
المواطن بطبيعة الحال لا يستطيع أن يدفع تكاليف علاج ضخمة ولا يمكنه لو أنفق ما أمامه وما خلفه لأن المواطن دخله محدود فمثل هذه الحالات تستدعي التدخل السريع والوقوف العاجل من قبل سلطنتنا الحبيبة والمساهمة بعلاج أي حالة أخرى تستدعي تدخلًا سريعًا.
إن تلاحم وتعاضد وتكاتف أبناء عُمان جعل منها قدوة حسنة في التعاون والتراحم والإباء وأن مساهمتهم الفعالة في التدخل السريع لا تنسى فكل شخص فعل ما بوسعه للعلاج.
شكرًا وشكرًا لكل من وضع إعلانًا أو روج بطريقته الخاصة لوصول حالة الطفل سليمان للناس، فلولاكم لما عرف الجميع، ولما ساهم الجميع، فأنتم كنتم سببًا بعد الله لنجاح منظومة التعاون، فكلنا جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكنتم الرقم الصعب الذي يعد جيشًا لدولة كبيرة تنعم بالرخاء يعمها السلام وتسعد بتقديم الخير وتقدمه بحب.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
عمر البشاري
بالبسابير البارحة أعلن برهان بألا تفاوض إلا باستسلام الدعم السريع… ولا عودة لجدة وأن الفاشر وشندي واحد في حساباته…
في ذات الوقت كان البراؤون وهم كتائب الإسلاميين في مكان ما من امدرمان يحتفلون ويتغنون بأهازيج تردد ضرورة القتال في دار فور وتحرير الفاشر.. ولسان حالهم يقول فلترق كل الدماء..حتي نعود للسلطة ونعد للدين مجده…
وفي ذات الليلة نشرت سودان تربيون مقابلة مع مناوي يظهر فيها امتعاطا من التعديلات في الوثيقة الدستورية التي اجراها برهان مؤخرا ويعترض على أي حكومة تنشأ عنها ويصفها بأنها ستكون مهيضة الجناح لأن الأولوية الآن للحرب وليس الحكم…
قراءة هذا المشهد توحي لك بأنه مكرر وسبق وأن عشناه في حرب الجنوب فماذا كانت النتيجة ؟
إذا كنا نعتبر بالتاريخ بعد سنوات الهوس الديني التي بذل فيها الإسلاميون في الجنوب دمائهم شلالات وانهار بتنظير من الشيخ الترابي وبتحريض من العقيد يونس محمود الذي يقوم بدوره الانصرافي اليوم وساحات الفداء وخزعبلات اسحق أحمد فضل الله حول الغزلان وريحة المسك التي تسد ميديا البلابسة فراغها الآن…ثم انتهى كل ذلك بالمفاصلة الشهيرة واستنكار الترابي لكل تلك الفظاعات التي تمت باسم الدين الى درجة وصف شهداء الأمس بفطائس اليوم كما شاع وانتهي كل ذلك بنيفاشا وحق تقرير المصير وانفصال الجنوب ونحر الطيب مصطفى للثيران السود ابتهاجا بفصل الجنوب واعتلى البشير المنبر في كادقلي ليعلن للناس في العالم أن ( زمن الشريعة المدغمسة قد ولى وجاء عهد التطبيق الصريح للدين…)
وكأني اري كل تلك الصور تمر ببطء امام ناظري لتكرر نفسها مرة أخرى في مقبل الأيام…وقد كان البشير هو بطل الرواية السابقة والمستفيد منها بتمديد سنوات حكمه الى عدد ناهز العشرة بعد فصل الجنوب في ٢٠١١ الى أن تهاوى تحت ثقل تناقضاته الداخلية وفقدان بترول الجنوب وضغط الكفاح المسلح والغضب الشعبي في ديسمبر، ٢٠١٩ .
ولكن السؤال هو من المستفيد من اعادة المأساة الملهاة هذه المرة ومن الذي يحرك مسرح العرائس ممسكا بخيوطها…ويتحكم في المشهد المنظور ؟
كالعادة المستفيدة هي قيادة الجيش وتحديدا الجنرال برهان فمحرقة دارفور /كردفان الوشيكة ستريحه من اثنين من ألد خصومه واخطرهما على مستقبله السياسي السلطوي هما الإسلاميين والمشتركة الإثنين معا بضربة حجر واحد… فليذهبوا إلى جحيمها إن حرروها فله الفضل والمنة وإن هلكلوا وانكسرت شوكتهم فهو الرابح… وذلك أقصى أحلامه…
والغالب أن يتواطأ على هلاكهم لا يتوانى لسببين:-
الأول أن يتخلص من حرج التيار الشعبوي المتصاعد فكريا بقيادة النهر والبحر وبتنظير سخي من عمسيب وله مشايعوه وعسكريا عبر درع البطانة وكيكل والداعي للتخلص من دارفور ومن سكان الكنابي والمشتركة في الجزيرة… وهما المكافئ الموضوعي لتيار الانتباه ومنبر السلام العادل بقيادة الطيب مصطفى سياسيا وعبدالرحيم حمدي صاحب المثلث المعلوم اقتصاديا في النسخة الفائتة من الإنقاذ
والثاني أن ذلك يقع في نطاق تعزيز الطموح السلطوي لبرهان كديكتاتور عسكري همه الأكبر التخلص من خصومه السياسيين والعسكريين خصوصا أولئك الذين لهم عليه افضال في إنقاذ الجيش وسلطانه من التهديد الوشيك والخطر الذي مثله تمرد الدعم السريع…عبر ما اصطلح على تسميته بحرب الكرامة والطغاة لا يحبون من يشعرون تجاهه بالفضل والامتنان.
وعليه السيناريو المتوقع لهذه الحرب أن تستمر وبما أنه لم يكن هناك من سابقة في تاريخنا المعاصر بأن تمكنت الحكومة من قمع تمرد وانهائه بالعنف ولا العكس أي أن نجح تمرد في اقتلاع حكومة وتنصيب نفسه مكانها فمن المتوقع أن تنتهي باتفاق يفصل كردفان ودارفور…هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن ميثاق نيروبي ودستوره قد شرعن ذلك عبر حق تقرير المصير وذلك بعد أن يكون البرهان قد استخدم الحرب كمحرقة لإبعاد أو على الأقل أضعاف خصومه السياسيين والعساكر ..لينفرد بالسلطة ولو الى حين كما فعل نظيره البشير في الانقاذ الأولي ..فها هو التاريخ يعيد نفسه والأحداث والظروف تتكرر لتجعله يكرر سلوك البشير وإذا الأخير هو الرابح الاكبر من اراقة كل الدماء في الانقاذ الأولى فما الذي يمنع البرهان بأن يكون هو الرابح الأكبر من ذلك في الانقاذ بنسختها الثانية التي يقود سفينتها اليوم ؟
أرى ألا مانع لديه مع استمرار وجود قوى سياسية وعسكرية بدرجة من الغباء الفكري والروحي والأخلاقي يجعلها مستعدة لتنفيذ ارادته عبر الاستمرار في الحرب ولو قادت إلى وضع نهايتها بأيديها…لتمزق الوطن وتجلس على اشلائه تندب حظها أو قل سوء تقديرها وفساد منطقها وقلة حيلتها وهوان أمرها على نفسها والناس.
عمر البشاري.