قاضٍ مصرى يكشف القواسم المشتركة للتنظيمات السرية الإرهابية بين الحشاشين والإخوان
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
إرث التنظيم السرى الإرهابى الحشاشين لا يزال حيًا في العالم باستنساخه من تنظيم الإخوان الإرهابى
مسلسل الحشاشين من الأعمال العابرة للحدود الوطنية عن متاجرة الدين بالإرهاب أعاد مفاهيم وحدة الناس ضد عدو مشترك.
تلعب المسلسلات التلفزيونية التاريخية دوراً ثقافياً مهماً فى حياة الجمهور لدى سوق الدراما التلفزيونية وتجد جمهوراً واسعاً من المشاهدين خاصة إذا وجدت المهارة الفنية التى تتشارك فيها عناصر عديدة، بدءاً بالقصة والسيناريو إلى التمثيل والعناصر المكملة الأخرى من أزياء وديكور وصوت وموسيقى وإضاءة , ومن بين هذا المسلسلات الحشاشين الذى يؤرخ للجذور الأولى لفكرة التنظيمات السرية الإرهابية التى تستغل الدين لخداع الشعوب والترابط ما بين الدراما والتاريخ والواقع , وهى مواجهة ثقافية للأيدولوجيات المتطرفة التى تمارس الإرهاب.
وفى سبيل الوعى العام لخطر التنظيمات السرية للإرهاب التى تهدد الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتباره ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان , أجرى المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة مهمة بعنوان : " القواسم المشتركة للتنظيمات السرية الإرهابية بين الحشاشين والإخوان – أكذوبة المتاجرة بالدين لتخدير الشعوب وعلاقتها بالسلطة " ونعرض لدراسة الفقيه المصرى فى ثلاثة أجزاء ونعرض للجزء الأول عن إرث التنظيم السرى الإرهابى الحشاشين لا يزال حيًا في العالم باستنساخه من تنظيم الإخوان الإرهابى , وحسن الصباح وحسن البنا الحشاشين والإخوان المصدر الجذري للإرهاب قديماً وحديثاً باستغلال الدين وتخدير الشعوب ، ومسلسل الحشاشين من الأعمال العابرة للحدود الوطنية عن متاجرة الدين بالإرهاب أعاد مفاهيم وحدة الناس ضد عدو مشترك
أولاً : إرث التنظيم السرى الإرهابى الحشاشين لا يزال حيًا في العالم باستنساخه من تنظيم الإخوان الإرهابى
يقول الدكتور محمد خفاجى لقد كان اسم الحشاشين مرادفًا للقتل منذ ما يقرب من عدة قرون ، على يد زعيم القتلة وأول تنظيم سرى إرهابى يتخذ من الدين ستاراً حسن الصباح المولود لعائلة شيعية في بلاد فارس - إيران حاليًا – الذى سافر كثيرًا عبر دول الشرق الأوسط , وكان صديقاً لوزير تركي ثري وقوي يدعى نظام الملك إلا أن زعيم الحشاشين خان صديقه وتآمر عليه والأتراك السلاجقة الحاكمين.واضطر إلى الفرار إلى مصر هربًا من غضب الوزير. وظل هارباً لسنوات ، يبشر معتقداته الشيعية للمتحولين إلى الإسلام في المناطق البرية حيث لم يتمكن نظام من الوصول إليه.
ويضيف لكن كثيرا من الشعب المصرى والشعوب العربية لا تعرف الحقيقة الكاملة حول أول تنظيم سرى إرهابى باسم الدين المعروف باسم القتلة. إذ اُعتبرالحشاشون لفترات طويلة طائفة من القتلة المتوحشين المهووسين بالمخدرات، و لم تفرق خناجرهم بين المسيحيين والمسلمين بذات الشراسة على الرغم من تدمير إمبراطوريتهم في القرن الثالث عشر، وقد ارتكبوا عدة جرائم قتل روعت الشرق الأوسط لعدة قرون , ومع مضى الزمان إلا أن إرث الحشاشين لا يزال حيًا في العالم الحديث باستنساخ تنظيم الإخوانى الإرهابى والتنظيمات الإرهابية المتفرعة المتطرفة ذات الأهداف والغايات مع اختلاف أساليب التنفيذ .
واعتمد الحشاشون على المتطرفين المتحمسين الذين اعتقدوا أن الموت في المعركة يؤدي إلى الجنة في الحياة الآخرة , كما استقبل زعيم الحشاشين - كما وصفه الرحالة الشهير ماركو بولو في كتابه أسفار ماركو بولو - عددًا من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين اثني عشر عامًا وعشرين عامًا، لأنه من الأسهل السيطرة عليهم فكرياً ودينياً , تم اختيارهم من سكان الجبال المحيطة، الذين أظهروا استعدادًا للتدريبات القتالية , وكان القتلة مشابهين للمفجرين الانتحاريين المعاصرين, وتم تدريبهم على التخفي والتنكر للاقتراب من أعدائهم. ويضربون القادة السياسيين والعسكريين بكفاءة مميتة.
ثانياً : حسن الصباح وحسن البنا الحشاشين والإخوان - المصدر الجذري للإرهاب قديماً وحديثاً باستغلال الدين وتخدير الشعوب للسيطرة على الكوكب بأكمله
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن حسن الصباح (تنظيم الحشاشين) وحسن البنا (تنظيم الإخوان) هما المصدر الجذري للإرهاب قديماً وحديثاً باستغلال الدين وتخدير الشعوب للسيطرة على الكوكب بأكمله , والفرق بينهما عدة قرون , فتنظيم الحشاشين كان في أواخر القرن الخامس الهجري - الحادي عشر الميلادى – تحديدا سنة 1090 الميلادى بزعامة حسن الصباح فى القلعة الجبلية بإيران التى كات مقر دعوته واعتمد على القتل والإرهاب باعتباره صاحب الأمر و النهى , وبعد موته حكم سبع شيوخ جبل، واتسع نطاق نشاطهم الإرهابى فشمل الشام , و فى سنة 1256 ميلادية هاجم المغول بقيادة هولاكو قلعتهم فى ألموت وقضوا عليهم، ثم أجهض عليهم الظاهر بيبرس فى الشام سنة 1273م , وظلت منهم جماعات متفرقه بسوريا وإيران والهند حتى اختفوا عام 1275 م
ويضيف أما تنظيم الأخوان فقد تـأسس عام 1928 فى مصر على يد حسن أخر هو حسن البنا بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية ,وقام تنظيم الإخوان باستنساخ منهج تنظيم الحشاشين على العنف والاختطاف والقتل ، وجماعة الإخوان المسلمين هى المصدر الجذري للإرهاب القائم على استغلال الإسلام حديثاً.وتقوم أيدلوجية التنظيم الإخوانى على فرض منهجه على جميع الأمم، باستغلال الدين وتخدير الشعوب للسيطرة على الكوكب بأكمله , وينظمون صفوفهم داخليا على جميع المستويات الاجتماعية والمدارس والجامعات والمساجد والسياسة والمهن المختلفة وينتشرون خارجيا فى عدة دول عربية وأجنبية ولهم فروع في 70 دولة ومنطقة للسيطرة عليها .
وكان حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان من أشد المعجبين بأدولف هتلر والنظام النازى خلال ثلاثينيات القرن الماضى وطورت الجماعة جهازًا يمكن من خلاله توفير التدريب العسكري لأتباعها والانخراط في الإرهاب السياسي ضد المسيحيين الأقباط المصريين وكبار المسئولين والقضاة
ثالثاً : مسلسل الحشاشين من الأعمال العابرة للحدود الوطنية أبدع فى كشف أول تنظيم سرى إرهابى يتاجر بالدين
ويؤكد يجب الاحتفال بالمسلسلات التليفزيونية التى تساهم في كشف حقيقة التنظيمات السرية الإرهابية عبر التاريخ لأنها تؤدى إلى خير المجتمع , وإحداث نوع من التغيير الاجتماعى وعلى قمتها مسلسل الحشاشين الذى أبدع إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً بفهم ووعى وصل إلى قمة الجودة , وذكرنا بالأعمال التاريخية الخالدة , وربط بديع بين الدراما والتاريخ والواقع , من خلال عرض الجذور الأولى لفكرة التنظيم السرى الإرهابى منذ عدة قرون , والترابط الدقيق بين التنظيمات الإرهابية السرية قديماً وحديثاً , ومثل تلك المسلسلات تعد عابرة للحدود الوطنية بشكل عام لما لها تأثير ثقافى وقانوني وسياسى تستحق الإشادة والتحليل الدقيق لهدف المسلسل الذى نجح بامتياز .
ويضيف إن الإرهاب وسيلة لإرسال رسالة إلى القادة السياسيين والحكومة من خلال خلق الخوف وتثبيت النفوذ لخلق القوة على أمل الاستيلاء عليها من الأسفل وتمارسها الدولة من الأعلى, والإرهاب هو أعنف أشكال الحرب النفسية، والتأثير النفسي للإرهاب أكبر من آثاره الجسدية , لذا يرون حديثاً من خلال توسيع نطاق الإرهاب، يزداد الجمهور فقد اكتسب الإرهابيون الوصول إلى عدد أكبر من النشء من خلال التوزيع واسع النطاق للوسائط الإعلامية
رابعاً : مسلسل الحشاشين أعاد مفاهيم الوحدة فاستغلال الدين بالإرهاب تدفع الناس إلى الوقوف متحدين ضد عدو مشترك
ويذكر إن مسلسل الحشاشين أعاد مفاهيم الهوية الوطنية والوحدة , حيث يوجد فهم مشترك بأن استغلال الدين بالعنف والإرهاب تدفع الناس إلى الوقوف متحدين ضد عدو مشترك , مع الأخذ بعين الاعتبار أجواء الخوف وعدم اليقين التي تعيشها الشعوب من جراء المتاجرة بالدين وخداع الشعوب باسم الدين واستخدام العنف طريقاً للسلطة وهو ما عايشه الشعب المصرى بعد عام من حكم الجماعة الإرهابية ، لذا فإن الأعمال الفنية تخلق الوعى العام وتجعل المواطنين يجدون الراحة في بعضهم البعض التغلب على خلافاتهم ليهيمن الولاء القائم على السمات الوطنية المشتركة بهدف إلهام الناس للوقوف متحدين مرة أخرى .
ويختتم الحشاشون أول تنظيم إرهابى سرى يعتمد على الإرهاب بالقتل والدمار باسم الدين ويتساءل المرء بعد انتهاء المسلسل ويربط بين الأحدث التى شاهدها فى المسلسل ثم يجوب بخاطره بطريقة عفوية أنه بعد عدة قرون وبنفس روح الإرهاب يظهر تنظيم الإخوان الإرهابية ينتهج ذات روح الحشاشين فى صدمة للجميع من هول المفارقة التاريخية , والصدمة توحد الناس .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: للحدود الوطنیة مسلسل الحشاشین تنظیم الإخوان حسن الصباح حسن البنا من خلال
إقرأ أيضاً:
المخدرات "عملة بديلة" في صفقات داعش السرية
كيف أصبح الفساد حليفًا خفيًا للجماعات الإرهابية؟ وكيف تحولت المخدرات إلى عملة بديلة في صفقات السلاح داخل تنظيم داعش؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الأذهان ونحن نقرأ صفحات ملف من أخطر الملفات التي كشفت عنها منظمة الشفافية الدولية في تقريرها المثير "The Big Spin" الصادر عام 2017، مؤكدًا أن الفساد لم يعد مجرد بيئة حاضنة للإرهاب، بل شريكًا رئيسيًا في تمدده عبر شبكات تهريب المخدرات والأسلحة.
اعتمد تنظيم داعش الإرهابي منذ نشأته على مصادر تمويل متعددة وغير مشروعة، شملت تهريب النفط والذهب، واختطاف الرهائن، والاتجار بالبشر، وتجارة الآثار. هذه الأنشطة كانت بمثابة الشريان الحيوي الذي وفر له السيولة اللازمة لشراء الأسلحة والذخائر.
لكن المثير أن المخدرات لم تكن مجرد سلعة ضمن مصادر التمويل، بل تحولت إلى عملة بديلة وآلية دفع "آمنة" في صفقات السلاح والسلع، بعيدًا عن أعين الرقابة الرسمية في العديد من الدول.
وفقًا لتقرير "The Big Spin" الصادر في 21 فبراير 2017 عن منظمة الشفافية الدولية، فإن تنظيم داعش استفاد من الفساد المستشري في بعض الدول، واستغله بطريقة منهجية لتأمين موارده المالية. فقد أصبحت تجارة المخدرات أداة رئيسية لتسهيل تبادل الأسلحة والسلع الأخرى عبر شبكات تهريب تمتد عبر القارات.
لا يكتفي تقرير الشفافية الدولية بوصف الفساد كعامل مساعد لصعود داعش، بل يصفه بأنه "ركيزة أساسية" مكّنت التنظيم من توسيع نفوذه الجغرافي والأيديولوجي. ففي المراحل الأولى لتمدده في سوريا والعراق، استغل داعش الانهيارات الأمنية والإدارية لتنظيم عمليات تهريب ممنهجة شملت البشر، والمخدرات، والأسلحة، وحتى السلع الاستهلاكية.
بعد سقوط ليبيا في دوامة الفوضى، وجد داعش بيئة خصبة لعقد صفقات السلاح مع عناصر فاسدة داخل الميليشيات وتابعيها والداعمين لها. الرشاوى كانت الوسيلة الذهبية لتسهيل عمليات تهريب شحنات ضخمة من الأسلحة عبر الطرق الصحراوية المفتوحة.
والأخطر أن التنظيم لم يعتمد فقط على الرشاوى النقدية، بل أدخل المخدرات كوسيلة دفع في صفقات الأسلحة. بهذا الأسلوب، تحوّل داعش إلى "مافيا عابرة للحدود"، تستغل كل الوسائل الإجرامية للبقاء والتمدد والتوغل في دول إفريقية.
استخدم تنظيم داعش شبكات تهريب دولية متطورة لنقل المواد المخدرة من مناطق الإنتاج مثل أفغانستان ولبنان إلى أماكن التخزين أو التداول، حيث تُقايض بالأسلحة مع فصائل فاسدة أو تجار سلاح خارجيين. هذا التكامل بين تجارة السلاح والمخدرات مكّن داعش من تقليل اعتماده على النظام المالي التقليدي، مما صعّب من مهمة تتبعه، ومنحه هامشًا واسعًا للتحرك في الأسواق السوداء.
إلى جانب التمويل، أظهر تقرير الشفافية الدولية كيف استغل داعش الفساد المالي والإداري في عدة دول، وقدم نفسه كـ"مُنقذ" بديل، يفرض النظام ويوفر الأمن على جثث الأبرياء، ويقدم وظائف لعناصره، مستغلاً فراغ السلطة وانعدام الثقة بمؤسسات رسمية.
الفراغ الناتج عن الفساد لم يسهل فقط تجنيد الشباب، بل مكّن التنظيم من السيطرة على مدن كاملة أحيانًا دون مقاومة تذكر، كما حدث في الموصل عام 2014.
من بين أبرز الأدوات التي استخدمها التنظيم كانت حبوب الكبتاجون المخدرة، التي لعبت دورًا مزدوجًا. فهي أولاً كانت تُستخدم كمنشط لعناصر التنظيم أثناء القتال، وثانيًا كانت سلعة تجارية عالية القيمة. تقارير دولية عديدة كشفت أن شحنات كبتاجون تم ضبطها في موانئ على البحر المتوسط كانت تحمل علامات تشير إلى مصانع واقعة في مناطق كانت خاضعة لسيطرة داعش.
بتكلفة تصنيع منخفضة وأرباح هائلة، أصبح الكبتاجون مصدر تمويل رئيسي مكّن داعش من شراء الأسلحة الثقيلة، وتمويل العمليات الإرهابية، ودفع رواتب مقاتليه.
تقرير " The Big Spin" أكد أن الفساد لم يعد مجرد ملف إداري أو شأن أخلاقي داخلي للدول، بل تحوّل إلى خطر داهم على الأمن القومي. فحين تُباع الحدود بالرشوة، وتُمرر الأسلحة عبر منافذ ملوثة بالفساد، وتتحول المنظومة المتكاملة إلى بيئات حاضنة للتهريب والجريمة، فإن الإرهاب يجد الطريق معبّدًا أمامه للتوسع.
التقرير يدعو الدول إلى إدراك العلاقة البنيوية بين الفساد والإرهاب، وإلى ضرورة أن تكون مكافحة الفساد جزءًا لا يتجزأ من أي استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب الجهود الأمنية والعسكرية.
لقد أثبتت الوقائع، بما لا يدع مجالًا للشك، أن تنظيم داعش ما كان له أن يتمدد بهذه السرعة ويحقق هذه القوة لولا البيئة الملوثة بالفساد التي نما فيها: رشاوى، تهريب، مخدرات، سلاح.. .كلها أدوات لم تكن لتُتاح لداعش لولا تفشي الفساد وغض الطرف الرسمي في بعض الدول ورعاية من دول أخرى.
إن الحرب على الإرهاب لا ينبغي أن تظل معركة عسكرية فقط، بل يجب أن تكون أيضًا حربًا مفتوحة على الفساد بكل أشكاله. ففي عالمٍ تُشترى فيه الذمم، يصبح الإرهاب مجرد أحد أعراض مرض أكبر وأكثر خطورة: إنه الفساد.
ولذلك، إذا أرادت الدول حماية مستقبلها وأمنها، يجب أن تبدأ أولاً بتجفيف مستنقعات الفساد، قبل محاولة اقتلاع الإرهاب من جذوره.