عبد الحكيم الرويضي: عزل روسيا عن أصدقائها الأفارقة.. الغرب يخسر الجولة
تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT
عبد الحكيم الرويضي تُعقد قمة المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الأفريقي في سان بطرسبرج للمرة الثانية، يومي 27 و28 يوليو/ تموز الحالي، حيث تشارك 49 من دول القارة الإفريقية، من أصل 54، في القمة على أعلى مستوى. في الحقيقة لا يمكن لهذه اللحظة إلا أن “تعكر مزاج” القادة الغربيين، وفقا للمعلومات التي أفصحت عنها الصحافة هذا الربيع، قيل أن الولايات المتحدة وأتباعها كانوا حريصين تعطيل القمة من خلال “ممارسة الوصاية” على الأفارقة بعدم الحضور وبالتالي عزل روسيا.
كما هو الحال دائما، يهتم الغربيون فقط بمصالحهم، وبالفعل فإن العناية برفاهية الشعوب الأفريقية غير وارد البتة ضمن تقاليدهم. ومع ذلك، أصبحت أفريقيا قارة حرة منذ زمن طويل، ولم تعد مقسمة بين القوى العالمية. حيث تقرر القارة بمفردها مع من تريد أن تتعاون، وهي تفعل ذلك في المقام الأول ليس ضد أحد، ولكن لصالح مواطنيها. في الواقع، فقدت العواصم السابقة تأثيرها بالكامل تقريبا هنا، إذ لا يتم الاستماع في الوقت الحالي إلى رأي القادة الأوروبيين في أفريقيا إلا إذا تم اعتبار هذا الرأي مفيدا للدول والشعوب الأفريقية. في الوقت الذي تواصل الولايات المتحدة تخويف الجميع بالعقوبات في حالة العصيان، يتراجع موقفها القهقرى في القارة الإفريقية تراجع مؤخرا. على سبيل المثال، منذ وقت ليس ببعيد، أُجريت الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، وفشلت خلالها محاولة واشنطن لتعيين رجلها مسؤولاً عن البلاد، الذي حصل على المركز الثالث. في المقابل، كان المرشح الفائز مدعوما على وجه التحديد من قبل القوى المحلية، التي تدعم النهضة الاقتصادية للبلاد وليس فقط استنزاف الموارد منها، كما حدث في القرون السابقة. يتفهم ممثلو النخب الأفريقية أصحاب المواقف الواضحة أهمية تعزيز العلاقات مع روسيا، إنهم يدركون أنه على الرغم من كل العقوبات الغربية، فإن البلاد ليست على قيد الحياة فحسب، بل إنها تتطور بنجاح. بالتالي فإن حضور القمة الروسية الأفريقية مهم لتعزيز التعاون المشترك متبادل المنفعة، فالحدث يشمل برنامجا مكثفا للغاية، أي أكثر من 30 جلسة نقاشية وفعاليات مواضيعية حول أهم قضايا التعاون بين روسيا والدول الأفريقية. القمة هي فرصة تاريخية لتعزيز العلاقات الإنسانية والاقتصادية القائمة، وابرام اتفاقيات جديدة، وطبعا لن يُحرم المجال الأمني من الاهتمام أيضا. في مختلف حلقات النقاش، سيناقش الخبراء قضايا الأمن الغذائي، والكفاح المشترك ضد الأوبئة وحالات الطوارئ الطبيعية، والتعاون في مجال التقنيات المتقدمة، مع إيلاء اهتمام خاص للذرة السلمية. وفي إطار القمة، يعقد أيضا مؤتمر لرؤساء الجامعات، حيث ستتم مناقشة قضايا الدراسة في الجامعات الروسية للطلاب من إفريقيا. أما إذا خضعت للضغوط الغربية ورفضت المشاركة في القمة –وهو أمر مستحيل حدوثه- فسيترسخ لدى أمريكا أوروبا أن النخب الأفريقية لا تزال مسيطر عليها، ولا تتخذ أي قرارات مستقلة، وبالتالي لا يمكن استخدامها إلا للمصلحة الخاصة. في هذه الحالة، كوسيلة لتعطيل قمة دولية كبرى تكون مهمة وضرورية لروسيا، لذلك يعتبر الغرب الأفارقة جهازا يمكن بواسطته منع الاقتصاد الروسي من اكتساب السرعة، وعندما ينجح ذلك، يقومون برمي الجهاز الذي لم تعد له حاجة في مكان ما في زاوية مظلمة ومغبرة. والحقيقة أن ذلك لا يمكن أن يحصل مع شركاء أنداد ومتساويين، لكن لا يوجد مبدأ للمساواة ضمن أجندة عمل القادة الغربيين. إن دور روسيا في إفريقيا اليوم يشبه إلى حد ما دور الاتحاد السوفيتي، الذي ناصر الحركات التحررية من الاستعمار، وانخرط معها في التعاون الاقتصادي. والآن تلتزم موسكو بالتعاون متبادل المنفعة، فهي لا تستورد المواد الخام والموارد الطبيعية التي تعتبر القارة في أمس الحاجة لها الآن لتنمية الصناعة. ينظر سكان العديد من الدول الأفريقية إلى روسيا على أنها خليفة الاتحاد السوفيتي، الذي دعم ذات يوم استقلال وطنهم عن القوى الاستعمارية في أوروبا. واليوم ينظر السكان بتعاطف كبير إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الروسي، فالمساعدة التي قدمتها الدولة الشمالية لهم ذات يوم ما زالت حية في ذاكرة الناس العاديين، ويشمل ذلك بناء المستشفيات والمدارس في مدنهم وقراهم، وبناء سد أسوان على النيل وغيرها من المشاريع الكبرى. وهذا يشمل مساعدات إنسانية مجانية على شكل أطنان من الحبوب والأسمدة بالفعل اليوم. يرى الناس آفاقًا كبيرة في العلاقات الجيدة بين إفريقيا وروسيا. لذلك، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، المتوقعة في العديد من الدول الأفريقية في المستقبل القريب، سيتعين على القادة الحاليين، المعتمدين على الولايات المتحدة وأتباعهم، التفكير فيما إذا كان الأمر يستحق ذلك. سيتعين عليهم في الدورة الانتخابية المقبلة، مرة أخرى، الرد على الناخبين الذين يمكنهم الإدلاء بأصواتهم لصالح مؤيد للتقارب الروسي الأفريقي، الذي يرفض أن يكون دمية بين يدي المستعمرين السابقين. *صحافي مغربي مقيم في روسيا
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الحرب على غزة وتجديد الإمبريالية
ارتبط مصطلح الإمبريالية بمراحل التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار، وظل اليسار الراديكالي يستعمله حتى الآن. لم تعد الإمبريالية شائعة في الخطاب السياسي العربي، لذا فإننا نحتاج إلى تذكير القارئ بمدلولها.
الإمبريالية هي سياسة تهدف إلى توسيع نطاق حكم دولة ما على حساب دول أخرى وشعوبها، وذلك بغرض زيادة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي.
ارتبطت الإمبريالية تاريخيًا بنشأة وصعود الدولة القومية الأوروبية والصراع فيما بينها، لكن ما نشهده في عالم اليوم، ومنذ عقد من السنين، هو إعادة تشكيل المنافسة على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية (والتعاون بشأنها) باعتبارها منافسة بين "دول حضارية" لا قومية.
اللافت أن الإمبريالية تعود سيرتها الأولى، وتستعيد تقاليد الغزو المباشر واحتلال الأراضي، وطرد أو تهجير السكان، كما يجري في أوكرانيا الآن، وكما يتطلع ترامب لضم بنما وغرينلاند. أما غزة فالمطروح لها ليس ضمها لإسرائيل وبناء المستوطنات من جديد، ولكن تهجير سكانها واحتلال أرضها بالاستثمارات العقارية.
لكن ما المقصود بالدولة الحضارية التي تحل بالتدريج محل الدولة القومية التي نشأت منذ معاهدة وستفاليا (1648)؟ وما موقع الحرب على غزة من إعادة تشكيل طبيعة الصراعات العالمية؟
إعلان هجوم دولة الحضارةفي تقديري، إن الدولة الحضارية لها سمات أربع تميزها عن الدولة القومية التي بدأت بنظام وستفاليا:
1- تجاوز مفهوم الدولة القوميةوهو المفهوم الذي فصل الهوية الثقافية عن السياسة، والمصالح عن القيم، أو لنقلْ إنه صنع هوية جديدة، قوامها المواطنة. أساس الصراع في الدولة القومية هو الأفكار السياسية والمصالح الوطنية والقومية، وليس الاختلافات الدينية أو الثقافية.
مفهوم الدولة الحضارية يتأسس– كما يرى ماسيس وزير الدولة البرتغالي للشؤون الأوروبية سابقًا – على: "أن الدول القومية اختراع غربي، وهي بطبيعة الحال عرضة للتأثير الغربي. أما الحضارات فهي بديل للغرب".
إن إدارة مودي، من خلال التأكيد على أن الهند حضارة، تحيل المعارضة – المؤتمر الوطني الهندي – إلى قوة غربية عازمة على قياس نجاح الهند بمقياس نظام أجنبي.
والواقع أن أفكار العلمانية والعالمية، التي كانت سمة لصيقة تاريخيًا بحزب المؤتمر الوطني الهندي، يُنظر إليها الآن باعتبارها واردات ثقافية يتعين على الهند أن تحرر نفسها منها.
المشاريع العسكرية والسياسية التركية في جنوب القوقاز والشرق الأوسط لها صدى تاريخي، فهي دليل على عظمة تركيا، وتُظهر أن تركيا ستكون حيثما يقول الرئيس رجب طيب أردوغان إنها يجب أن تكون.
2- انتفاء القيم العالميةوهي القيم التي كان جوهرها بعد الحرب الثانية، هو النظام الليبرالي الغربي. يقول المدافعون عن الدولة الحضارية: "إن البحث عن القيم العالمية قد انتهى، وإننا جميعًا يجب أن نقبل أننا نتحدث فقط نيابة عن أنفسنا ومجتمعاتنا".
تقاوم روسيا فلاديمير بوتين والصين شي جين بينغ المطالبات العالمية للنظام العالمي الليبرالي. وهذا الرفض، بدوره، يدفع الغرب أيضًا إلى تصور وجوده في العالم من منظور حضاري.
يناشد بوتين الروس ألا يتبعوا أغنية الغرب المتمثلة في التعبير الفردي عن الذات، بل أن يساعدوا بدلًا من ذلك في جعل روسيا عظيمة مرة أخرى.
إعلانويتحدّث الرئيس الصيني بنبرة مماثلة عن مشروع الصين العظيم للتجديد الوطنيّ، والذي يحتفل بالثقافة الصينية باعتبارها متميزة عن الفردية الغربية. أما الرئيس التركي فيرفض القيم الغربية فيما يخصُّ قضايا المرأة، ويدعم الأسرة الطبيعية.
حاول البعض أن يصوّر الحرب على الإرهاب – التي بدأت عام 2001، وكان مسرحها العالم الإسلامي، أو ما أطلق عليه الشرق الأوسط الكبير- باعتبارها صراعًا حضاريًا بين الغرب والإسلام، إلا أنه سرعان ما تم التراجع عن هذا الوصف. نُظر إليها باعتبارها نشرًا لقيم الديمقراطية.
بذل جورج دبليو بوش قصارى جهده مرارًا وتكرارًا للتأكيد على أن الحرب العالمية ضد الإرهاب وتغيير النظام في العراق تتم وفقًا لشروط نهاية التاريخ – أي هيمنة النظام الليبرالي، وليس منطق صراع الحضارات – كما أعلن هنتنغتون.
صرّح بوش الابن (2001- 2009) قائلًا: "عندما يتعلق الأمر بالحقوق والاحتياجات المشتركة للرجال والنساء، فلا يوجد صراع بين الحضارات"، كما قال: "إن متطلبات الحرية تنطبق بالكامل على أفريقيا وأميركا اللاتينية والعالم الإسلامي بأسره. إن شعوب الدول الإسلامية تريد وتستحق نفس الحريات والفرص التي يتمتع بها الناس في كل دولة. وينبغي لحكوماتها أن تستمع إلى آمالها".
حملت الحرب على الإرهاب – بالتأكيد – أبعادًا ثقافية؛ إلا أن جوهرها كان صراعًا تُختبر فيه القوى الدولية المختلفة توازنات القوة فيما بينها في ظلّ امتزاج شديد للمصالح والتغيرات الجيوسياسية بالأبعاد الثقافية والقيمية للصراع.
منذ 11 سبتمبر/ أيلول؛ استخدمت واشنطن قوتها لإضعاف القيود المفروضة على استخدام القوة. أدت الحرب على الإرهاب بعد عام 2001 إلى تآكل النزعة الدولية، حيث استخدمت الولايات المتحدة تفوقها لإرغام الدول أو إقناعها أو تملقها للانضمام إلى حملاتها العسكرية، مع القليل من الاهتمام بكيفية إلحاق تصرفات واشنطن الضرر بالعلاقات الأميركية مع العالم غير الغربي.
إعلانمنذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009 على الأقل، أصبحت القوى الصاعدة في الجنوب العالمي، وهي مجموعة من البلدان التي يمكن تعريفها تقريبًا على أنها "تلك البلدان التي تعتقد أن النظام القائم على القواعد هراء"، صريحة بشكل متزايد في إحباطها بشأن النفاق في قلب النظام العالمي.
لم تقدم السرديات الروسية والصينية المضادة للغرب سوى المفردات لدول الجنوب العالمي لوصف ما شعرت به منذ فترة طويلة: أن النظام القائم على القواعد كان مجرد غطاء أخلاقي للقوة والسيطرة والمصالح الغربية.
3-صعود الدولة الحضاريةوباعتبارها مرتبطة بحضارة، فإن الدولة لديها مهمة أساسية تتمثل في حماية تقاليد ثقافية محددة. ويشمل نطاقها جميع المناطق التي تهيمن عليها تلك الثقافة.
الدولة الحضارية منظمة حول الثقافة وليس السياسة أو الحدود. إن دولة بحضارة ما، تقع على عاتقها المهمة الأساسية المتمثلة في حماية تقاليد ثقافية محددة، وبالنسبة لدولة حضارية، فإن الروابط الثقافية قد تكون أكثر أهمية من مجرّد الوضع القانوني للمواطنة.
انطلقت الولايات المتحدة في معظم حروبها من مقولات وأهداف ذات صبغة ثقافية لا لبس فيها؛ كنشر القيم الديمقراطية (الأميركية)، أو نشر الثقافة الرأسمالية، ولكنها كانت تحرص على أن تطرح هذه الشعارات كأهداف محايدة ومنافع عامة، وليس كتبريرات ثقافية تناسب بعض الشعوب فيما تتعارض مع أخرى.
الجديد مع عالم ترامب، ووفق مشروع 2025 الذي يعد منفيستو حكمه، فإن المطلوب هو استعادة روح أميركا التي قامت على عدد من الأسس أهمها: إحياء التقاليد اليهودية المسيحية – استعادة الأسرة الطبيعية المكونة من ذكر وأنثى باعتبارها محور الحياة الأميركية، والدفاع عن سيادة الأمة وحدودها ومواردها ضد التهديدات العالمية.
كان ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 بمثابة قطيعة صريحة، ورفض ظاهري لإحدى الركائز الأساسية للنظام الدولي الليبرالي، ألا وهي أن حدود الدول القومية لا ينبغي إعادة رسمها بالقوة.
إعلانومن اللافت للنظر أن بوتين برر تحرّكه على أسس "حضارية" صريحة، بحجة أن شبه جزيرة القرم كانت دائمًا جزءًا من "العالم الروسي". لكن اللافت في هذا الصدد أن روسيا الأرثوذكسية ضد أوكرانيا الأرثوذكسية أيضًا، وليس ضد تركيا المسلمة، كما جرى تاريخيًا، وهذا يعني أننا لسنا بخطوط صدع ثقافية أو دينية جامدة، كما قال صاحب مقولة صراع الحضارات.
وعلى نحو مماثل، كانت إزاحة ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا لحزب المؤتمر التعددي في عام 2014 في إطار أيديولوجية الهندوتفا، التي قدمت الهند كدولة حضارية قائمة على الديانة الهندوسية (بغض النظر عن مئات الملايين من الهنود غير الهندوس).
ظهر شي كزعيم أعلى مهتم بشكل متزايد بالمواجهة الأيديولوجية المباشرة مع الغرب، ومتطلع لوحدة الأراضي الصينية- كما جرى في هونغ كونغ، وما يسعى إليه في تايوان.
في فبراير/ شباط 2025، انضم حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – كعضو مراقب – إلى التحالف اليميني المتطرف: الشراكة من أجل أوروبا (Partnership for Europe).
برزت الأحزاب اليمينية المتطرفة كثالث أكبر مجموعة سياسية في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو/ حزيران 2024. بموجب هذا المنطق الجديد، سيصبح اليهود والأوروبيون ضحايا "للإسلام الفاشي" الصاعد، مما يؤدي إلى تشكيل تحالف جديد بين إسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا لمواجهة هذه التهديدات المزعومة.
4- دور الدولة الجديدةإن التعريف الحقيقي للدولة الحضارية، هو تعزيز أسلوب حياة واحد والدفاع عنه في مواجهة كلّ البدائل.
كانت المشكلة في العولمة الغربية مزدوجة، على حد قول رئيس تحرير مجلة NOEME:
أولًا، بدت القيم الغربية في نظر العديد من الناس الذين يعيشون في آسيا أو أفريقيا مجرد بديل واحد بين بدائل أخرى عديدة. وكان الوعد بالحفاظ على أساليب الحياة التقليدية في مجتمع ليبرالي مجرد وهْم قاتل. إعلانفإذا استوردت تركيا أو الصين أو روسيا المجموعة الكاملة من القيم والقواعد الغربية، فإن مجتمعاتها سرعان ما ستصبح نسخًا طبق الأصل من الغرب وتفقد استقلالها الثقافي.
ورغم أن هذه العملية كانت تُعد الثمن الضروري للتحول إلى مجتمع حديث، فإنه في الآونة الأخيرة، تزايدت الشكوك حول ما إذا كان من الضروري حقًا تقليد الدول الغربية من أجل اكتساب كل فوائد المجتمع الحديث.
وكانت هناك صعوبة ثانية: إذ لا تزال القيم والمعايير الغربية في حاجة إلى تفسير وتنفيذ، وكانت الدول الأكثر قوة في الغرب تستولي على هذه المهمة على الدوام.في ظلال الدولة الحضارية؛ فإن العالمية هي أيديولوجية الغرب لمواجهة الثقافات الأخرى. وبطبيعة الحال، فإن كل شخص خارج الغرب، كما زعم هنتنغتون، ينبغي له أن ينظر إلى فكرة العالم الواحد باعتبارها تهديدًا. وحينئذ فلماذا يمتنع الآخرون عن فعل الشيء نفسه؟ ولماذا يمتنعون عن بناء دولة حول مفهومهم الخاص للحياة الطيبة، دولة تدعمها حضارة كاملة؟
في هذا العالم، تتسم الحضارات المختلفة بأنها عالمية في الممارسة العملية؛ إن لم تكن في الطموح، وقد تتنافس فيما بينها على القوة العالمية، ولكنها تنتمي جميعها إلى مشهد سياسي واقتصادي مشترك ومتكامل على نحو متزايد، وهو ما من شأنه أن يغير طبيعة صراعات المستقبل، وهو ما يستحق المتابعة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline