يمثل قانون البصمات الحيوية مرجعا ورافدا حول المعلومات والبيانات المتعلقة بذوي السوابق الجرمية وكشف مرتكبي الجرائم وسرعة ضبطهم وتقديمهم للعدالة، كما ينعكس إيجابا على سرعة أعمال جمع الاستدلالات والتحقيق، وتساعد البصمة الحيوية في الاكتشاف المبكر للإعاقات الذهنية، ومنها على سبيل المثال متلازمة داون، والمساهمة في حلها وبالتالي تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وسوف يقدم قانون البصمات الحيوية وسائل وإجراءات جديدة لرجال الضبطية القضائية ورجال التحقيق والهيئات القضائية للوصول إلى عدالة حقيقية في المسائل الجنائية.

حجية في الإثبات

وأفادت شرطة عمان السلطانية بأن البصمة الحيوية يكمن تعريفها بأنها خصائص مميزة قابلة للقياس لتحديد هوية الشخص عن بقية الأشخاص، كما تعرف البصمة الوراثية بالسمات البيولوجية أو النمط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التباين في الحمض النووي الكروموسومي الناتجة عن تحليل الحمض النووي وهو ثابت ومتفرد بين كل شخص وآخر ولا يتكرر إلا في حالات التوأم المتطابق.

وأكدت أن أهمية قانون البصمات الحيوية تكمن في تسهيل التعرف على هوية مرتكبي الجرائم وتحقيق سرعة ضبطهم وكذلك التعرف على الضحايا أو المجني عليهم، ويمثل حجية في الإثبات لدى الجهات القضائية، إضافة إلى إيجاد مرجع ورافد مهم حول المعلومات والبيانات المتعلقة بذوي السوابق الجرمية وكشف مرتكبي الجرائم وسرعة ضبطهم وتقديمهم للعدالة، كما ينعكس إيجابًا على سرعة أعمال جمع الاستدلالات والتحقيق، وينسجم القانون مع أهداف واختصاصات شرطة عمان السلطانية المنصوص عليها في المادة (11) من قانون الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال والأعراض ومنع وقوع الجرائم وضبط ما يقع منها، ويواكب التطور العلمي في مجال البصمات المختلفة (الوجه ـ بصمة العين ـ البصمة العشرية ـ البصمة الوراثية)، وكذلك الجهة التي تقوم على جمع البصمة الحيوية والبصمات الأخرى هي شرطة عمان السلطانية، وجميع بياناتها وأنظمتها سرية ومحمية بموجب القانون، علاوة على أن مشروع هذا القانون فرض الحماية الجزائية عند انتهاك سرية بيانات قاعدة البصمات الحيوية، وستنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون آليات جمع البصمات الحيوية وضوابط حفظ البيانات وجمع العينات وحفظها وإتلافها.

وحول أثر القانون على التشريعات القائمة، أوضحت شرطة عمان السلطانية أن قانون البصمات الحيوية يتكامل مع المادة (11) من قانون الشرطة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (90/35) والتي تخول بموجبها شرطة عمان السلطانية المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال ومنع ارتكاب الجرائم وضبط ما يقع منها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات التحري والاستدلال.. كما ينسجم مع نصوص قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (99/97) فيما يتعلق بجمع الاستدلالات والتلبس والتحقيق الابتدائي، والتي أنيطت بمأموري الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات وضبط ما يتعلق بالجريمة والمحافظة على أدلتها والاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة.

حقوق الإنسان

وقال الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان: قانون البصمات الحيوية يتوافق مع حقوق الإنسان، ويعزز المحاكمة العادلة، حيث تعتبر قرينة البراءة حق إنساني دولي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بهذا الجانب، كما أن البصمة الحيوية تُساعد في الاكتشاف المبكر للإعاقات الذهنية، ومنها على سبيل المثال متلازمة داون، والمساهمة في حلها وبالتالي تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى ذلك يُعد قانون البصمات الحيوية من أهم المواضيع الحديثة المتعلقة بالإثبات في الميدان الجنائي، ويبرز الأهمية البالغة التي وصلها العلم في مجال تحديد مرتكب الجريمة حيث يعتبر دليل البصمة الحيوية من أهم الأدلة الجزائية في كشف الجريمة وهي تعتبر بحق سيدة الأدلة ووسيلة موثوق بها لمعرفة الحقيقة بما لا يدع مجالا للشك الأمر الذي جعل العديد من الدول تطمئن لها لإيجاد حلول كثيرة في القضايا الجنائية مهما تعددت أساليب ارتكاب الجريمة ونوعية العينات البيولوجية والأشخاص فيها.

وأشار إلى أن قانون البصمات الحيوية سوف يقدم وسائل وإجراءات جديدة لرجال الضبطية القضائية ورجال التحقيق والهيئات القضائية للوصول إلى عدالة حقيقية في المسائل الجنائية كما أنه سوف يعمل على تنظيم الكثير من الأمور ذات العلاقة بين البيانات والمعلومات الشخصية بالتكامل مع باقي القوانين ذات العلاقة كقانون حماية البيانات الشخصية وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون الإجراءات الجزائية.. مشيرا إلى أن موضوع توثيق البيانات المتعلقة بالحمض النووي هي البيانات الوراثية التي تشكل واحدة من التحديات التي يجب إعطاؤها قدرا كبيرا جداً من الأهمية من حيث حفظها وسريتها ولقد عنا هذا القانون بمراجعة هذا الجانب من خلال النص أو إيراد نصوص تعني بالمحافظة على توثيق وسرية هذه البيانات.

الموثوقية العلمية

وقال الدكتور راشد بن سالم البادي، محامٍ لدى المحكمة العليا: إن قانون البصمات الحيوية يأتي لمواكبة التطورات العلمية والتقنية الكبيرة التي أتاحت الفرصة لتوظيفها لخدمة المجتمع أمنيا وخدميا وذلك من خلال البصمات الحيوية التي من بينها بصمات الكفوف والأصابع وبصمة العين وبصمة الوجه، والبصمة الوراثية المعروفة بمصطلح "DNA"، وتأتي أهمية صدور هذا القانون كإحدى ثمار مشروع يقين الرائد والفريد الذي يتضمن تجميع كافة البصمات الحيوية في نظام تقني واحد بحيث يكمل بعضه البعض.

وأشار إلى أن قانون البصمات الحيوية يعد واحدًا من بين أهم القوانين التي من شأنها المساهمة والمساندة الفاعلة في الحد من وقوع الجرائم المختلفة واكتشاف ما قد يقع منها، ونظرًا للموثوقية العلمية والتقنية لنظام البصمات الحيوية التقني فإن ذلك من شأنه دعم العدالة المنشودة من الجميع بأدلة فنية وعلمية وموثوقة.. كما أن القانون يساهم مساهمة جوهرية في التعرف على المفقودين والجثث والأشلاء في حالات الكوارث لا سمح الله، وغيرها من الحالات التي تستدعي الاستعانة بقاعدة بيانات البصمات الحيوية مما يؤدي ذلك إلى المساهمة في حفظ النظام العام وفي الوقت نفسه يعتبر مصدر اطمئنان أفراد المجتمع على أنفسهم وأملاكهم في ظل الانفتاح الاستثماري والاقتصادي والسياحي.. مشيرًا إلى أن قانون البصمات الحيوية يتضمن 15 مادة جاءت مقسمة على أربع فصول، إذ يتضمن الفصل الأول تعريفات، والفصل الثاني قاعدة بيانات البصمات الحيوية، أما الفصل الثالث فإنه يتضمن عينات وبيانات البصمات الحيوية، والفصل الرابع العقوبات.

وأوضح أن القانون نص على إنشاء قاعدة بيانات تختص بحفظ البيانات المتحصل عليها من الأثر الحيوي البيولوجي المرفوع من موقع الجريمة، الجثث والأشلاء، المتهمين والمحكوم عليهم، المفقودين أو ذويهم، المواطنين والمقيمين، وبصمات الكفوف والأصابع والعين وأخرى، وأي بيانات أخرى يتم إقرارها من قبل المفتش العام للشرطة والجمارك، وتخويل الجهات المختصة بالاستعانة بقاعدة البيانات للإسهام في كشف الجرائم ومرتكبيها، والتأكيد على سرية البيانات وحظر استخدامها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون، وتعتبر هذه البيانات ذات حجة في الإثبات لدى الجهات القضائية، ويحظر إجراء فحص البصمة الوراثية لإثبات النسب، إضافة إلى أن مدة حفظ العينة الحيوية البيولوجية المرجعية لمدة لا تزيد على 10 سنوات وفقاً للضوابط والإجراءات التي يتم إقرارها، وحفظ بيانات البصمة الوراثية والأصابع والكفوف والوجه والعين لمدة غير محددة في قاعدة بيانات البصمات الحيوية.

وحول الإضافة التي يقدمها القانون مقارنة بالإجراءات السابقة.. قال البادي: إن مشروع القانون جاء ليضع الإطار التشريعي في كيفية التعامل مع البيانات والعينات الخاصة بالبصمات الحيوية، كما أنه ينسجم مع نصوص قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم "97/ 99" في الباب الثاني المتعلق بجمع الاستدلالات والتلبس والتحقيق الابتدائي والذي أناط بمأموري الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجعل الاستدلالات وضبط كل ما يتعلق بالجريمة والمحافظة على أدلتها والاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة، كما جاءت أهمية التوثيق لسهولة الرجوع إلى البيانات والعينات والبصمات الحيوية عند الحاجة إلى اكتشاف مرتكبي الجرائم والمفقودين والأشلاء وغيرها من الحالات التي نص عليها القانون، كما تأتي أهمية التأكيد على سرية البصمات الحيوية الوراثية للمحافظة على خصوصية الأفراد وعدم إطلاع غير المختصين على هذه البيانات حماية لهم وفقًا لما نص عليه قانون البيانات الشخصية في المادة "4" منه.

عقوبات

وأشار البادي إلى أن القانون قرر عقوبات مختلفة على مخالفة أحكامه ومن أبرزها، عقوبة السجن بما لا يقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تزيد على 5000 ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من زور المحررات الخاصة بالبصمات الحيوية أو استعملها مع العلم بتزويرها، وكذلك معاقبة كل من أفشى البيانات الخاصة بالبصمات الحيوية يكون قد اطلع عليها بحكم عمله بالسجن مدة لا تقل على ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ريال عماني ولا تزيد على 2000 ريال عماني، كما أن كل من أتلف أو عبث في العينات الحيوية البيولوجية المرجعية أو الآثار الحيوية يعاقب بالسجن مدى لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة بما لا تقل عن 500 ريال عماني ولا تزيد على 3000 ريال عماني، وكل من امتنع عن إعطاء العينات اللازمة للأغراض المنصوص عليها في هذا القانون بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على 500 ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شرطة عمان السلطانیة البصمة الوراثیة مرتکبی الجرائم قاعدة بیانات ولا تزید على هذا القانون لا تزید على ریال عمانی الحیویة ا لا تقل عن کما أن

إقرأ أيضاً:

قانون الخصوصية في خطر.. هل يهدد ترامب مستقبل نقل البيانات عبر الأطلسي؟

في عالم أصبحت فيه البيانات هي القوة المحركة للاقتصاد الرقمي، تشكل حماية الخصوصية وإدارة تدفق البيانات بين الدول تحديا متزايدا.

فمنذ سنوات طويلة كانت العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مبنية على أسس قانونية تتيح نقل البيانات عبر الأطلسي بسلاسة وأمان، وهو ما انعكس إيجابيا على الأنشطة التجارية والشركات الكبرى.

لكن رغم وجود آليات لحماية البيانات مثل "درع الخصوصية" (Privacy Shield) الذي كان يمثل الاتفاقية الأساسية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لحماية البيانات الشخصية، فإن التطورات القانونية والسياسية قد تهدد هذا التوازن الهش، وتضع الشركات الكبرى أمام تحديات قانونية قد تعرقل تدفق البيانات وتؤثر على الاقتصاد الرقمي بين الجانبين.

“التعرف على الوجوه” من التقنيات الذكية التي تتجاوز سقف الخيال وجدران الخصوصية (الجزيرة) من "درع الخصوصية" إلى مستقبل غير واضح في عهد ترامب

على مدار سنوات، شكل "درع الخصوصية" (Privacy Shield) الإطار القانوني الذي ينظم نقل البيانات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنه واجه تحديات قانونية أثارت تساؤلات حول استمراريته.

ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، تتجه الأنظار إلى الإطار الجديد الذي حلّ مكان "درع الخصوصية"، وما إذا كانت الإدارة القادمة ستُبقي عليه أم ستعيد صياغته بما يتماشى مع سياساتها الجديدة.

فعندما تولى ترامب منصبه عام 2017 أبقت إدارته على "درع الخصوصية"، مما سمح باستمرار تدفق البيانات عبر الأطلسي من دون تعارض مع قانون حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، وهو ما عزز العلاقات التجارية بين الطرفين.

إعلان

ورغم أن ترامب في كل من 2016 و2024 وعد بالتراجع عن سياسات سابقيه، فإن "درع الخصوصية" لم يكن ضمن هذه التراجعات، ولعلّ ذلك يعود لإدراك إدارته أهميته الاقتصادية.

ومن الجدير بالذكر أنه في أول يوم له بمنصبه وزيرا للتجارة في إدارة ترامب عام 2017، أكد ويلبر روس ضرورة الحفاظ على "درع الخصوصية"، مستندا إلى التوجيه الرئاسي 28 (PPD-28) الذي أصدره باراك أوباما، والذي فرض على وكالات الاستخبارات الأميركية توفير مستوى من الحماية لخصوصية الأفراد خارج الولايات المتحدة.

أما من الناحية الاقتصادية، فقد كان الحفاظ على الإطار أقل تكلفة من إلغائه، إذ إن إلغاءه كان سيمنح الاتحاد الأوروبي مبررا لفرض قيود تجارية على الشركات الأميركية قد تضر بالصادرات.

لكن هذا الإطار لم يصمد طويلا، ففي يوليو/تموز 2020 ألغت محكمة العدل الأوروبية (CJEU) درع الخصوصية، معتبرة أنه لا يوفر حماية كافية للبيانات وفقا للقانون الأوروبي، لا سيما في ما يتعلق بعمليات المراقبة الأميركية والحقوق الأساسية للأفراد.

ومع هذا القرار، بدأت إدارة ترامب مفاوضات لإيجاد بديل قانوني جديد، وهي الجهود التي استكملتها إدارة بايدن حتى توصلت في عام 2023 إلى إطار عمل جديد يستند إلى الأمر التنفيذي "إي أو-14086" (EO-14086)، في محاولة لتلبية المتطلبات الأوروبية وتعزيز استمرارية نقل البيانات عبر الأطلسي.

مشروع 2025 وإلغاء الأوامر التنفيذية.. ما بعد الانتخابات الأميركية

خلال حملته الانتخابية لعام 2024، طرح ترامب مشروعا شاملا لإعادة تشكيل الحكومة الفدرالية، تضمن اقتراحات لإلغاء العديد من الأوامر التنفيذية التي أصدرها بايدن، منها الإطار الذي يدعم حماية البيانات، وتمّ إعداد مسودة لمجموعة من الأوامر الجديدة التي قيل إنها ستُنفذ فور تولي الإدارة الجديدة مهامها في عام 2025.

ورغم أن تقرير مشروع 2025 العام الماضي أوصى بإجراء دراسة فورية، فإنه لم يدع إلى إلغاء الأمر التنفيذي "إي أو-14086" (EO-14086) أو تعليق أي من أحكامه التي قد تعرقل عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية بشكل غير مبرر.

إعلان

ومع ذلك، أقرّ التقرير بالدور المحوري لهذا الأمر في دعم تدفقات البيانات والدفاع ضد أي تحدٍّ قانوني محتمل أمام محكمة العدل الأوروبية.

إقالات في مجلس الخصوصية.. إعادة توجيه أم تسييس؟

بين الأوامر التنفيذية المثيرة للجدل، والوثائق التي بدت غير دقيقة لدرجة أن البعض تساءل عن إمكانية استعانة المشرعين بالذكاء الاصطناعي لصياغتها، غابت سلسلة من الإقالات التي قد يكون لها تأثير بعيد المدى على استقرار الاتفاقيات التي تنظم عملية نقل البيانات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ففي 27 يناير/كانون الثاني، وفي خطوة غير تقليدية، قام ترامب في بداية ولايته الثانية بإقالاتٍ شملت عددا من المسؤولين في مجلس الرقابة على الخصوصية والحريات المدنية (PCLOB)، وهي وكالة مستقلة تهدف إلى ضمان حماية حقوق الخصوصية والحريات المدنية عند تطوير القوانين وتنفيذها، وهم: شارون برادفورد فرانكلين، وإد فلتن، وترافيس لوبلانك.

وإذ إن الثلاثة ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، فقد اعتُبرت هذه الخطوة جزءًا من جهود الإدارة الجديدة لإعادة توجيه السياسات داخل الهيئات التي تشرف على عمل الحكومة وتراقب شفافيتها، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" (L’indipendente).

ووفقا للمصدر نفسه، تثير هذه التدخلات السياسية تساؤلات مشروعة عن استقلالية مجلس الرقابة على الخصوصية والحريات المدنية، وهو ما يفتح المجال لتأمّلات عميقة حول تأثير هذه القرارات على الاتفاقيات الدولية، خاصة في أعين الاتحاد الأوروبي.

وتعد استقلالية هذا المجلس من الركائز الأساسية لإطار خصوصية البيانات عبر الأطلسي (TADPF) الذي ينظم نقل البيانات الشخصية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ويلتزم هذا الإطار بتوفير حماية كافية للبيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين عند انتقالها إلى الولايات المتحدة بما يتماشى مع معايير الخصوصية الأوروبية، كما يعدّ المجلس أداة رقابية أساسية لضمان عدم استغلال هذه البيانات من قبل الحكومة الأميركية.

إعلان

ورغم الانتقادات التي تُوجّه إلى استقرار هذا الإطار، فإنه يظل جزءا حيويا لضمان استمرارية العمل في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي يعتمد بشكل متزايد على الحوسبة السحابية والتكنولوجيا الرقمية.

ومن أجل ذلك، فإن تسييس هذا المجلس قد يهدد استقرار الأسس الدبلوماسية الهشة التي يقوم عليها هذا الاتفاق، بحسب الصحيفة نفسها.

الأمر التنفيذي 14086 وأهمية استمراريته

وفقا لتقرير نشره موقع "لاوفار" (Lawfare)، على الإدارة المقبلة تفادي تعطيل الأمر التنفيذي 14086 الذي صُمّم بعناية ليتماشى مع متطلبات حماية الخصوصية الأساسية وفق القانون الأوروبي، مع الالتزام بالإطار القانوني والدستوري للولايات المتحدة.

فهذا الأمر لا يحدث تغييرات جوهرية في أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية، بل يعمل على توضيح وتقنين ممارسات طويلة الأمد طُورت عبر إدارات متعاقبة.

وكما أقر مشروع 2025، فإن إطار خصوصية البيانات سيواجه تحديا قانونيا حتميا أمام محكمة العدل الأوروبية، وأي تعديلات جوهرية على الأمر التنفيذي 14086 قد تهدد استقرار الإطار، مما قد يعيد تدفقات البيانات التجارية إلى حالة من الفوضى القانونية، ويزيد من حالة عدم اليقين في الاقتصاد الرقمي الأميركي.

التحديات القانونية المتعلقة بالأمر التنفيذي 14086 وأثرها على نقل البيانات

قد يواجه الأمر التنفيذي 14086 عقبات قانونية داخل الولايات المتحدة، حيث من الممكن أن يعترض مسؤولو وزارة العدل الجدد على آلية المراجعة التي أنشئت بموجب هذا الأمر.

في هذا السياق، تعتمد تعيينات قُضاة محكمة المراجعة على الأساس القانوني نفسه المستخدم في تعيين المستشارين الخاصين، مثل جاك سميث الذي اعتبرت القاضية إيلون كانون تعيينه غير دستوري وهو حكم قيد الاستئناف حاليا.

وقد دعمت المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، هذا القرار في مذكرة لمعهد السياسة الأميركية الأولى، قبل أن تصبح مرشحة لمنصب المدعي العام في إدارة ترامب المحتملة، مما يمنحها سلطة تعيين قضاة محكمة المراجعة.

إعلان

ورغم الجدل القانوني المحيط بهذه القضايا، فإن قضاة محكمة مراجعة حماية البيانات يعملون بدوام جزئي، ولهم صلاحيات محدودة في مراجعة حالات فردية، دون التأثير المستدام على عمليات المراقبة، بعكس المستشارين الخاصين الذين يتناولون تحقيقات موسعة وطويلة الأمد.

ومع ذلك، تمثل محكمة المراجعة عنصرا مهما في طمأنة الاتحاد الأوروبي بعد إلغاء "درع الخصوصية"، إذ توفر آلية شبه قضائية لمراجعة قضايا الأمن القومي وفقا للقانون الأميركي.

كما يلزم الأمر التنفيذي 14086 وزارة العدل بتقييم التزام دول الاتحاد الأوروبي بمعايير حماية البيانات، وهو نهج مشابه للقانون الأميركي لعام 2015، مما يمنح الإدارة الأميركية ورقة تفاوضية مهمة.

ورغم عدم عرض قضايا على محكمة المراجعة حتى الآن، تشير التوقعات إلى أن التدقيق الأوروبي سيستمر بما قد يؤدي إلى قضايا جديدة في المستقبل.

في الوقت نفسه، لا يفتح الأمر التنفيذي المجال لتجاوزات في المراقبة، إذ إن إلغاء آلية التظلم قد يؤثر سلبا على تدفق البيانات التجارية والعلاقات الاقتصادية مع أوروبا، الأمر الذي يستدعي الحفاظ على الإطار الحالي ما لم تلغه محكمة العدل الأوروبية، مما يفرض ضرورة إعادة التفاوض.

السيرفرات الحديثة تحتوي على طاقة استعيابية أعلى للشرائح تزيد من قدرة معالجة البيانات وعمليات التدريب في الذكاء الاصطناعي (ميتا) قيود البيانات تضغط على الشركات.. كيف تهدد سياسات البيانات الاستثمارات الرقمية؟

وفقا لتقرير "لاوفار"، سوف يؤدي تعطيل إطار خصوصية البيانات إلى تعريض تدفقات البيانات التي تعد حيوية للتجارة عبر الأطلسي وللشركات والمستهلكين في كل من الولايات المتحدة وأوروبا للخطر.

فالجدير بالذكر أنه حاليا هناك أكثر من 2800 شركة معتمدة بموجب هذا الإطار، وهو عدد يفوق الشركات التي اعتمدت على "درع الخصوصية" سابقا، ويشمل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت"، فضلا عن مؤسسات الخدمات المالية والتجزئة السياحية التي تشكل جزءا أساسيا من الصادرات الأميركية.

إعلان

فالشركات التكنولوجية الكبرى تعتمد اعتمادا كبيرا على التدفق السلس للبيانات بين الولايات المتحدة وأوروبا، حتى تتمكن من تقديم خدماتها عبر الأطلسي وتوسيع عملياتها في أسواق جديدة.

في السياق نفسه، أوضح تقرير "الإندبندنت" أن الوكالات الحكومية والمدارس والمؤسسات الصحية، وأي جهة عامة أخرى قد تضطر إلى إيقاف نقل المعلومات الرقمية بشكل مفاجئ، مما يعوق قدرتها على الاستفادة من خدمات السحابة المقدمة من شركات مثل "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) و"غوغل" و"مايكروسوفت" ونظرائهم.

أما الشركات الخاصة فستُواجه مزيدا من حالة عدم اليقين الإداري، مع ما يترتب على ذلك من أعباء بيروقراطية إضافية تؤثر على إستراتيجياتها التشغيلية.

الاقتصاد الرقمي في اختبار 2025.. هل يحسم القانون معركته قريبا؟

مع استمرار الجدل القانوني والسياسي حول مستقبل نقل البيانات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يبدو أن عام 2025 سيمثل محطة حاسمة قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة.

فإما أن تستمر الاتفاقيات الحالية بدعم من تعديلات قانونية تعزز الثقة، أو تواجه تحديات قانونية قد تعيد المشهد الرقمي إلى عدم اليقين.

إن التوجهات السياسية الحالية، بما في ذلك إمكانية إلغاء أو تعديل الأوامر التنفيذية مثل "إي أو-14086" وقرارات أخرى قد يتخذها ترامب، قد تحدث تأثيرات عميقة على قدرة الشركات على التأقلم مع التغييرات في السياسات الخاصة بالخصوصية.

فإذا تمّ تعديل هذه الأوامر أو تعليقها، قد تواجه الشركات حالة من عدم الاستقرار القانوني تضر بنقل البيانات بشكل آمن وسلس عبر الأطلسي.

هذا الأمر يهدد استمرارية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا والخدمات الرقمية، خاصة أن استمرار التطور في مجال الحوسبة السحابية وذكاء الأعمال قد يفرض على الأطراف المعنية البحث عن حلول توافقية لا تضر بحركية الاقتصاد الرقمي.

إعلان

ويبقى السؤال المطروح: هل ستظل الأطراف المهيمنة على نقل البيانات عبر الأطلسي قادرة على الحفاظ على الثقة المتبادلة وتطوير حلول جديدة، أم إن التحولات القانونية السياسية ستفرض قيودا كبيرة على تدفق البيانات وتعطل مسيرة الابتكار الرقمي؟

مقالات مشابهة

  • عبدالعاطي: العلاقات المصرية الإسبانية شهدت نقلة نوعية خلال الـ10 أعوام الماضية
  • قانون الخصوصية في خطر.. هل يهدد ترامب مستقبل نقل البيانات عبر الأطلسي؟
  • السعودية: إدارة الأمن المجتمعي.. نقلة لحقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالأشخاص
  • التنمية المحلية: قطاع إدارة المخلفات الصلبة شهد نقلة نوعية كبيرة
  • «التنمية المحلية»: قطاع المخلفات الصلبة شهد نقلة نوعية خلال السنوات الماضية
  • خبير بالمعمل الجنائي: علوم الأدلة الجنائية تُدرّس في الجامعات لكشف الجرائم
  • خبير بالمعمل الجنائي لـ«أول الخيط»: التصوير أداة رئيسية لكشف الجرائم
  • القانون يلزم بحماية البيانات الشخصية للمواطنين.. اعرف التفاصيل
  • محمد بن زايد: الشراكة الاقتصادية الشاملة مع أوكرانيا نقلة نوعية في مسار التنمية
  • نقلة نوعية في العمل المصرفي.. بنك بيبلوس يطلق BO2 مصرفه الرقمي الجديد