توفيق أبو شومر: سيناريو الحرب الأهلية في إسرائيل!
تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT
توفيق أبو شومر هل سيناريو الحرب الأهلية في إسرائيل أصبح قريبا؟ وهل وصل الشرخُ بين فسيفساء المجتمع الإسرائيل إلى مرحلة الاقتتال الداخلي بين اليمينيين الحارديم، وبين مؤسسي إسرائيل الأوائل؟ وهل أصبح العدوُ الرئيس للإسرائيليين هو العدو الداخلي الإسرائيلي وليس العدو الخارجي؟! يرجع بداية ظهور فكرة سيناريو الحرب الأهلية (العملية) بين الإسرائيليين إلى عام 1995م، عندما اغتال، يغئال عامير المتدين الحريدي اغتال، اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل لأنه وقَّع اتفاقية أوسلو، وعطَّل مشروع الحارديم في تأسيس دولتهم اليهودية الدينية، جاء الاغتيال بتوجيهات من وزراء وشخصيات دينية بارزة! إن قاتلي إسحق رابين لم يعودوا أشباحا ثانويين في المجتمع الإسرائيلي كما كانوا في بداية تأسيس إسرائيل، فهم اليوم رؤساء وزارة الجيش والأمن الوطني، ووزارة الداخلية والتعليم، فهم اليوم يُحكِمون قبضاتهم على عنق إسرائيل! سأظل أتذكر قول الحاخام، إبراهام كارليتس حينما التقى، دافيد بن غريون رئيس وزراء إسرائيل الأول عام 1952م وقال له: “نحن المتدينين، وأنتم اليساريين نُشبه عربتين التقتا عند جسرٍ ضيَّقٍ، العربة الأولى هي عربة المتدينين (الحارديم) المملوءة بالدين والتاريخ والتراث، وعربتكم اليسارية الفارغة من الدين والتاريخ والتراث، هذا الجسر لا يحتمل مرور العربتين في وقت واحد، لذا فعلى العربة الفارغة أن تُفسح المجال لمرور عربة الحارديم المحملة بالدين والتاريخ”! إن قافلة ميليشيا الحارديم السابقة كانت تخطط للسيطرة على إسرائيل، وها هي اليوم لم تكتفِ باحتلال أحياء الحارديم التقليدية، مثل حي بني براك ومائة شعاريم، وإلعاد، ومودعين عيليت، وبيت شيمش وغيرها، بل قررت هذه الميليشيا أن تغزو تل أبيب ونهاريا وهرتسيليا وحيفا وغيرها من مدن اليساريين، لدرجة أن بقايا اليساريين أحسوا بأنهم سيكونون الضحية الأولى لإمبراطورية الحارديم، فهم اليوم ألد أعداءً الحارديم، لذلك فإن غير الحارديم ينتفضون في كل الساحات لأن حد السكين الحريدية المشحوذة اقتربت من أعناقهم! هم ليسوا خائفين كما يزعمون على (ديموقراطية إسرائيل) المزعومة، لأنهم يعلمون أنهم استخدموا هذا الشعار مكياجا على وجه دولة الاحتلال، إسرائيل! لذلك فلم يبق أي خيارٍ لغير الحارديم سوى خوض حربٍ احتجاجية طويلة الأمد، قد لا تتطور إلى حرب أهلية، لأن مسيري السياسة في إسرائيل يعرفون طريقة الخروج من مأزق الحرب الأهلية، فهم يفعلون ما فعلوه في السابق، ينفذون أولا مجزرة جديدة ضدنا، وهذا يستدعي الرد عليها بتنفيذ عمليات فدائية، عندئذٍ يستعيد المحتلون وحدتهم من جديد، بادعاء أنهم يتعرضون لتهديد وجودي، حينئذٍ يُعلِّبونَ خلافاتهم، ويغضون الطرف عن الحرب الأهلية، لأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا توحدها إلا الحروب والأزمات مع محيطها الخارجي، وهذا ما قاله رئيس وزراء إسرائيل الأسبق موشيه شاريت عام 1954م حينما قال: “يجب على إسرائيل أن تحافظ على جاهزيتها للحروب بأن تعمد إلى استفزاز المحيط لتظل يقظةً عسكريا، وتحافظ على وحدة الشعب”! بدأتْ تظهر لأول مرة في تاريخ إسرائيل تحذيرات إعلامية صريحة من حربٍ أهلية على خلفية الإصلاحات القانونية، فقد حذر وزير الجيش يوآف غالنت، وكذلك فعل بني غانتس، ويائير لابيد، حذروا من حربٍ أهلية محتملة بين الإسرائيليين! أما، إيهود باراك، رئيس الوزراء السابق، ووزير الجيش الأسبق وهو الدب السياسي الكامن عدو نتنياهو اللدود، وهو من أبرز قيادات الثورة على الإصلاحات القضائية، فقد نشر فيديو يعود لفترة الكورونا قبل ثلاث سنوات، يتحدث في لقاءٍ له مع منتدى 555، وهو يتوقع في هذا الفيديو حدوث حربٍ أهلية وشيكة، قال باراك: “قال لي صديقٌ وهو مؤرخ مشهور، يجب أن تستعد يا باراك للعودة إلى رئاسة الحكومة، عندما تطفو جُثث اليهود فوق نهر العوجا (اليركون) هذه الجثث لن تكون جثث متسللين إرهابيين، ولا هي جثث (عرب) إسرائيل، بل هي جثث يهود قتلهم يهود آخرون”! (صحيفة إسرائيل ناشيونال نيوز 22-7-2023م)! كاتب فلسطيني.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية: الحرب الأهلیة
إقرأ أيضاً:
تهديدات باستئناف القتال.. إسرائيل تدق طبول الحرب قبل القمة العربية الطارئة
المقاومة ترفض تمديد المرحلة الأولى للتهدئة وتبادل الأسرى
القاهرة تحذر من تعطيل التهدئة وتداعيات التصعيد على المنطقة
التحذيرات الدولية تتصاعد.. وغوتيريش يدعو للحفاظ على الاتفاق
مصر تواصل إدخال المساعدات وإزالة الركام لتخفيف معاناة سكان غزة
تصاعد التوتر في غزة مع اقتراب القمة العربية الطارئة، وسط تهديدات إسرائيلية باستئناف الحرب بعد رفض نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، تحت ضغط الأجنحة المتطرفة في حكومته، في المقابل، رفضت حماس تمديد المرحلة الأولى، معتبرة ذلك تراجعًا عن الاتفاق، محذرة من تعريض 60 محتجزًا إسرائيليًا للخطر في حال انهيار الهدنة.
مصر، التي تقود جهود الوساطة، دعت الطرفين للتمهل، محذرة من تداعيات التصعيد، بينما تتوالى التحذيرات الدولية من انهيار الاتفاق. في الوقت نفسه، تستمر القاهرة في إدخال المساعدات وإزالة الركام لتخفيف معاناة سكان القطاع.
يبدو أن نتنياهو يستعد لقرع طبول الحرب مجددًا في غزة بعد إصراره على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وتلكؤه في الانتقال إلى المرحلة الثانية إرضاءً لضغوط الجناح المتطرف داخل حكومته، خاصة أن مكتبه أعلن فور عودة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى تل أبيب أن نتنياهو يدرس خيارات العودة للحرب في غزة.
وترفض المقاومة الفلسطينية تمديد المرحلة الأولى حتى لا يتمكن نتنياهو من الإفراج عن بقية المحتجزين لديها، والبالغ عددهم نحو 60 محتجزًا، بعد أن تم الإفراج عن العدد المطلوب في المرحلة الأولى، والبالغ 33 محتجزًا لدى المقاومة الفلسطينية.
كان وفد التفاوض الذي أرسله نتنياهو إلى القاهرة قد غادر إلى تل أبيب متمسكًا بتمديد المرحلة الأولى لمدة 42 يومًا أخرى، وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية حاليًا، وهو الأمر الذي رفضته المقاومة الفلسطينية، التي تمثلها في المفاوضات حركة "حماس"، معتبرة أن رغبة نتنياهو في عدم الانتقال للمرحلة الثانية تمثل نكوصًا عن التعهدات التي قُطعت في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة، غدًا الثلاثاء، لعقد القمة العربية الطارئة التي دعت إليها مصر لاتخاذ موقف عربي موحد للتصدي لمشروع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وإخلاء قطاع غزة، وهو ما يعني تصفية القضية الفلسطينية.
حذرت القاهرة من أن عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات يعني تعطيل وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي يعرض أرواح بقية الأسرى المحتجزين لدى المقاومة للخطر بسبب استئناف الحرب واشتعال المنطقة مجددًا. كما أشارت حماس إلى أنها لن تقبل بقرار العدول عن بنود وقف إطلاق النار من أجل مصالح خاصة لنتنياهو.
أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن نتنياهو يبحث استئناف الحرب على قطاع غزة بعد فشل وفده في إقناع الوسطاء وحماس بتمديد المرحلة الأولى من مراحل وقف إطلاق النار إلى مدة مماثلة تبلغ 42 يومًا، في المحادثات التي جرت في القاهرة مؤخرًا.
ووفق اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الانتقال إلى المرحلة الثانية يعني انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وإنهاءً تامًا للحرب، وهو ما يرفضه المتطرفون في حكومة نتنياهو، خاصة بعد التحقيقات التي أجريت الأسبوع الماضي، وخلصت إلى أن هناك أخطاء جسيمة وقع فيها جيش الاحتلال أدت إلى وقوع أحداث 7 أكتوبر، وكشفت العديد من نقاط الضعف في جيش الاحتلال والقضاء على معظم القوة الفاعلة في فرقة غزة.
ويحاول نتنياهو اللجوء إلى تمديد المرحلة الأولى، إذ سيستفيد منها بالإفراج عن المزيد من المحتجزين لدى المقاومة، والذين يبلغ عددهم نحو 60 محتجزًا إسرائيليًا، مما سيؤدي إلى تخفيف الضغوط الداخلية عليه من عائلات المحتجزين، الذين يواصلون التظاهر في شوارع تل أبيب واتهامه بتعطيل إطلاق سراحهم بوقف إطلاق النار. وهذا هو المكسب الذي يسعى إليه نتنياهو، دون أن يلتزم بإنهاء الحرب المنصوص عليها، خاصة بعد فشل وعوده بإطلاق سراحهم عبر الضغط العسكري على المقاومة.
وأدت نتائج التحقيقات إلى تصاعد حالة الغضب بين الرأي العام الإسرائيلي، وسط مطالب بمحاكمة جنائية للمتسببين في تلك الأخطاء التي فاقمت خسائر الجيش. وأمام تفاقم الفجوة بين الطرفين، طلبت القاهرة مزيدًا من الوقت ليعودا إلى طاولة المفاوضات مجددًا، حتى لا يصل الأمر إلى حالة من الجمود التي قد تؤدي إلى العودة إلى المربع صفر، وما يترتب عليه من قتل وتدمير مجددًا في القطاع.
وفور عودة وفد التفاوض من القاهرة إلى تل أبيب، عكف نتنياهو على بحث خيارات العودة للحرب وقصف القطاع مجددًا، في محاولة منه لإشعال الجبهة العسكرية في غزة، التي شهدت حربًا متواصلة على مدى نحو 15 شهرًا، لم يتمكن خلالها من القضاء على حركة المقاومة أو تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة، رغم تدمير أكثر من 85% من مباني ومنشآت القطاع، ما جعلها غير قابلة للحياة.
وكانت المقاومة قد بادرت مؤخرًا بإتمام آخر عمليات تبادل الأسرى التي كانت مقررة في المرحلة الأولى، والتي بدأت في 19 يناير الماضي واستمرت لنحو 42 يومًا، وانتهت أول أمس السبت، بعد حالة من الجمود تسبب فيها قادة الكيان المحتل، وفشل جهود وقف إطلاق النار على مدى 15 شهرًا من الحرب، قبل أن تنجح الوساطة العربية المصرية والقطرية، إلى جانب الوسيط الأمريكي، الذي يمثل الكيان المحتل.
من جانبها، أعلنت حركة حماس عن التزامها بالوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها في اتفاقية وقف إطلاق النار، وأكدت أنها أوفت بتعهداتها أمام الوسطاء، مطالبةً إياهم بالسعي لضمان تنفيذ الطرف الآخر وعوده، والتزامه بتعهداته أيضًا.
كما أكدت الحركة أنها التزمت بتنفيذ كافة البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، الذي بدأ تنفيذه منذ نحو شهر ونصف، وفق خطة من ثلاث مراحل، يتم بموجبها وقفٌ تام للحرب بين الطرفين، وانسحابٌ كامل لقوات جيش الاحتلال من القطاع، وإتاحة دخول المساعدات الغذائية والطبية ومعدات البناء طوال تلك المراحل.
وطالبت المجتمع الدولي والضامنين، بمشاركة الوسطاء، بالضغط على الاحتلال الصهيوني للالتزام بدوره في الاتفاق بشكل كامل، والدخول الفوري في المرحلة الثانية منه دون تلكؤ أو مراوغة.
وأشارت إلى أن الاحتلال ما زال يعطل الالتزامات التي تعهد بها، ويعرقل تنفيذ البروتوكول الإنساني الوارد في الاتفاق، ولم يفِ بتعهداته في تخفيف المعاناة وإدخال كافة المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع.
وتسارع القاهرة الخطى لمنع عودة العنف، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات الدولية من مغبة استئناف الحرب مجددًا، حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بضرورة صمود اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، واستئناف محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق، مشددًا على ضرورة ألا يدخر الطرفان أي جهد لتجنب العودة إلى الحرب.
وتواصل مصر إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى إدخال أعداد من المعدات الثقيلة التي تساهم في إعادة تمهيد الطرق، والتي تعرضت للتخريب جراء عمليات جرافات ومدفعية الاحتلال على مدار أكثر من عام، وذلك لتسهيل وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى المناطق الأكثر احتياجًا.
كما ساهمت المعدات الثقيلة في إزالة كميات كبيرة من الركام ومخلفات المباني المدمرة، ما مكّن أصحابها من إقامة خيام للإيواء فيها أو بجوارها، ريثما يتم إعادة الإعمار.