هل تعجز واشنطن عن ضبط الاداء الاسرائيلي؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
كل المعطيات التي تصل من أجواء المفاوضات التي حصلت في الدوحة بين حركة "حماس" من جهة واسرائيل من جهة اخرى توحي بأن التوصل الى اتفاق ليس امرا قريبا، بل ان العراقيل التي تضعها تل ابيب تنجح حتى اللحظة في افشال المساعي الدولية لوقف اطلاق النار في قطاع غزة، وهذا يعني ان المعركة ستستمر خلال شهر رمضان، الذي مر نصفه من دون اي هدنة انسانية او اي اتفاق فعلي ينهي التصعيد.
من الاكيد ان حاجة الولايات المتحدة الاميركية إلى الهدنة في القطاع باتت محسومة لأسباب كثيرة، اولها تأثير الازمة الانسانية في القطاع على الرأي العام الغربي والاميركي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وثانيا ان استمرار العملية العسكرية ليس في مصلحة اسرائيل التي قد تواجه تكتلا كبيرا للفلسطينيين الى جانب حركة "حماس"، اذ ان الاحصائيات باتت توحي بأن الحركة لديها شعبية قياسية داخل الفئات الشعبية، لذلك ارتقى الموقف الاميركي الى مستوى غير مسبوق، حيث لم تستخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن لمنعه من اتخاذ قرار يدعو الى وقف اطلاق النار الفوري ومن دون شروط.
لكن وبالرغم من كل المخاطر التي تراها واشنطن وبالرغم من القرار الاممي، تستمر تل ابيب برفض التسوية، ما يفتح الباب امامها للدخول في معركة برية قاسية في رفح. فاستمرار الحرب من دون "إنجازات" جديدة ليس منطقيا، وعليه فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد ان يفرض نوعا من "الإنجاز العسكري الكامل" على الرأي العام للقول انه تمكن من السيطرة على كامل قطاع غزة والقضاء على بنية "حماس" العسكرية، وهذا ما يمكّنه لاحقا من فتح جبهات جديدة في الضفة ولبنان.
فواشنطن تحتاج بشكل قاطع الى خطاب سياسي يكمل العملية السياسية، ولعل "حل الدولتين" هو الهدف الاساسي لها، حتى لو كانت الدولة الفلسطينية عاجزة وضعيفة من دون جيش او تسلح، لكن رفض نتنياهو لهذا المسار بعد الحرب يعني ان "حماس" ستثبت نظريتها بأن لا حل سوى المقاومة، وهذا الأمرسيعيد القضية الى نقطة الصفر، ولن تتمكن واشنطن عندها من اقناع حلفائها العرب بضرورة التطبيع الكامل والنهائي مع اسرائيل.
في الايام المقبلة سيظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود وسيكون امام تل ابيب احتمالان: اما الذهاب الى حرب كبيرة في رفح مع ما يستتبع ذلك من مخاطر حقيقية على جيشها وعلى علاقتها العربية وعلى الواقع الفعلي للرأي العام العالمي، وإما الانتقال الى مرحلة الاغتيالات وخفض مستوى الحرب. لكن من الواضح ان نتنياهو تحديدا لا يتجرأ على الذهاب الى هدنة طويلة لأنه يخاف من تفلت الشارع الاسرائيلي وحصول انقلاب سياسي عليه برعاية اميركية.
ما هو اكيد ان العلاقة بين ادارة بايدن وبين نتنياهو وحكومته ليست في افضل حالاتها، وهذا ما يمكن ان يؤدي في وقت قريب الى خطوات ديبلوماسية مشابهة للذي حصل في مجلس الامن من قبل دول اقليمية وغربية للضغط على تل ابيب بشكل كبير. اما في حال استمر نتنياهو بجنونه فإن المعركة عندها ستأخذ طابعا مختلفاً في المنطقة، وربما بغض نظر اميركي لإعادة "الطفل المدلل" الى بيت الطاعة، علما انه في هذه الحالات لا يمكن ضمان مسار الامور والخواتيم النهائية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: جنرال أبلغ نتنياهو بتحضير مسلحين لهجوم يوم 7 أكتوبر
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر تأكيدها أن جنرالا إسرائيليا أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن مئات المسلحين يبدو أنهم يستعدون للغزو، وفق وصفها.
كما نقلت عن مصادر تأكيدها أن تحقيقا يجري مع مساعدي نتنياهو بسبب تغيير تفاصيل مكالمة الجنرال معه في ذلك اليوم. وينظر المحققون فيما إذا كان مساعدو نتنياهو قد زوّروا سجلات المكالمات.
في صباح اليوم الذي هاجمت فيه حماس إسرائيل العام الماضي، اتصل جنرال إسرائيلي رفيع المستوى بنتنياهو، ليبلغه أن مئات من المسلحين يبدو أنهم يستعدون للاقتحام. والآن، يخضع مساعدو رئيس الوزراء للتحقيق بشأن تغيير تفاصيل تلك المكالمة في السجل الرسمي لأنشطة نتنياهو في ذلك اليوم، حسبما أفاد أربعة مسؤولين مطلعين على التحقيق.
وينظر إلى هذا التحقيق على أنه شديد الحساسية في إسرائيل، حيث يُتوقع أن يلعب دورًا رئيسيًا في التقييمات بعد الحرب حول دور القادة السياسيين والعسكريين في واحدة من أسوأ حالات الفشل العسكري في تاريخ إسرائيل.
تعد هذه التهمة واحدة فقط من عدة اتهامات وجهت لمساعدي نتنياهو في الأسابيع الأخيرة. وعلى الرغم من أن نتنياهو نفسه ليس موضع تحقيق من قبل الشرطة، فإن مسؤولين في مكتبه يخضعون للتحقيق بتهمة محاولة تعزيز سمعته خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عبر تسريب وثائق عسكرية سرية، وتغيير محاضر رسمية لمحادثاته، وترهيب أشخاص يتحكمون في الوصول إلى تلك السجلات.
وعلى الرغم من تعقيد الحالات وتنوعها، فقد أسهمت في تعزيز الانطباع لدى منتقدي نتنياهو بأن فريقه استخدم وسائل غير مشروعة لتحسين صورته على حساب الحقيقة أو الأمن القومي، أو كلاهما. وقد نفى نتنياهو ومكتبه هذه الاتهامات، مؤكدين أن المتهمين هم من يقوضون إسرائيل بنشر الأكاذيب في وقت تواجه فيه البلاد خطرًا وطنيًا.
لم يتم الكشف عن المدى الكامل للاتهامات الجديدة لأن معظمها خاضع لأمر حظر النشر. وقد تحدث المسؤولون الذين أبلغوا صحيفة نيويورك تايمز عن التحقيقات بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم ممنوعون من التحدث علنًا عن الموضوع.
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، يتركز التحقيق على معلومات حول ما كان يعرفه نتنياهو عن الهجوم الذي شنته كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) – في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتوقيت تلقيه للتحذيرات.
أبرز الاتهامات1. التلاعب بسجلات المكالمات: وبدأ التحقيق بعد أن اشتكى الجنرال أفي جيل في رسالة إلى المدعي العام من أن النصوص الرسمية للمكالمات التي أجراها ذلك الصباح مع نتنياهو قد تم تعديلها، وفقا لمسؤولين. وقال جيل في شكواه إن مساعدا كبيرا لرئيس الوزراء طلب تعديل سجلات المكالمات لتغيير توقيتاتها.
وقال 3 مسؤولين مطلعين على التحقيق إن جيل أخبر نتنياهو في إحدى المحادثات، التي جرت في وقت مبكر من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن المئات من عناصر حماس بدأوا يتصرفون بطريقة توحي بأنهم ربما كانوا على وشك غزو إسرائيل. ويعد توقيت تلك المكالمة أحد التفاصيل التي قيل إنه تم تغييرها في المحاضر الرسمية.
بالمقابل، أنكر نتنياهو علمه المسبق بالهجوم وتجنب تشكيل لجنة تحقيق حكومية لتقييم مسؤولية القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم هو نفسه، عن فشلهم في التصدي لعملية "طوفان الأقصى".
2. الابتزاز بالفيديو: تتضمن التحقيقات كذلك اتهامات ضد مساعد لنتنياهو – وهو نفس المساعد المتهم بتعديل سجلات المكالمات – باستخدام فيديو يُظهر ضابطا عسكريا في وضع محرج كوسيلة للضغط عليه وإسكاته، وفقا لأربعة مسؤولين مطلعين على الحادثة.
وقال المسؤولون إن الضابط تم تصويره على كاميرا مراقبة مثبتة في مقر رئيس الوزراء وهو يرتكب فعلا قد يسبب له إحراجا شخصيا. وبعد الحادثة، اقترب مساعد كبير لنتنياهو من الضابط وأخبره أنه حصل على فيديو. وكبير المساعدين هو نفس الشخص المتهم بإصدار الأوامر للتلاعب في سجلات محادثات نتنياهو، وفقا للمسؤولين.
وقال المسؤولون إن الضابط أخبر قادته عن حواره مع كبير المساعدين، قائلا إنه يخشى أن يستخدم المساعد الفيديو لابتزازه في المستقبل.
3. تسريب وثيقة سرية: نُشرت الوثيقة مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك بالتزامن مع تعرض نتنياهو لضغوط من قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس للإفراج عن الرهائن. وقد عارض نتنياهو الهدنة بحجة أن شروط الاتفاق ستسمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها.
ولتعزيز موقفه في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، أدلى نتنياهو ببيان في الاجتماع الأسبوعي لحكومته مستشهدا بمقال نُشر قبل أيام في صحيفة "بيلد" الألمانية. وكان المقال عبارة عن سرد لمذكرة، كتبها ضابط مخابرات تابع لحماس وحصل عليها الجيش الإسرائيلي لاحقا، وتم تسريبها إلى الصحيفة.
وقالت بيلد إن الوثيقة أظهرت أن حماس سعت إلى التلاعب بعائلات الرهائن لإقناع نتنياهو بالتنازل في محادثات الهدنة والموافقة على شروط أقل مواتاة لإسرائيل. واستشهد نتنياهو بتقرير بيلد ليقول إن حماس سعت إلى ”زرع الشقاق بيننا، واستخدام الحرب النفسية على عائلات الرهائن“.
وغالبا ما يعطي المسؤولون الإسرائيليون وثائق للصحفيين، لكن جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) يفحص هذا التسريب بالذات لأن الوثيقة أخذت من قاعدة بيانات استخباراتية عسكرية سرية للغاية، وفقا للمسؤولين الستة الذين تم إطلاعهم على القضية.
وتم اعتقال إيلي فيلدشتاين، أحد مساعدي نتنياهو، كجزء من التحقيق، إلى جانب 4 ضباط – لم يتم الكشف عن أسمائهم – بتهمة المساعدة في الحصول على الوثيقة. وقد اعتقل الخمسة جميعا من خلال بند قانوني نادر مخصص للاستخدام فقط في الحالات التي تنطوي على تهديدات شديدة للأمن القومي.
رد نتنياهونفى مكتب نتنياهو جميع الاتهامات، مشيرا إلى أنها جزء من "حملة اضطهاد" تهدف للإساءة إليه وإلى المحيطين به، على غرار دفاعه في القضايا السابقة المتعلقة بالرشوة والاحتيال.
وجاء في بيان صادر عن مكتبه: "كما هو الحال مع المحاولات السابقة لتضخيم الاتهامات ضد رئيس الوزراء والمحيطين به، فإن الأمر الحالي لن يسفر عن أي شيء على الإطلاق، ولكنه سيؤدي بالتأكيد إلى أسئلة صعبة فيما يتعلق بالتنفيذ التعسفي".
وفي بيان لاحق، رفع مكتب رئيس الوزراء من حدة اللهجة، وانتقد بشدة ظروف احتجاز الأشخاص قيد التحقيق. وقال المكتب: "في بلد ديمقراطي، لا يتم احتجاز الأشخاص في الحبس الانفرادي لمدة 20 يوما، دون السماح لهم بالاتصال بمحامٍ لفترات طويلة، فقط لانتزاع تصريحات كاذبة ضد رئيس الوزراء".