مسلسل "الحشاشين" التلفزيوني (إنتاج مصري لتامر مرسي- 30 حلقة)، أثار اهتمامًا واسعًا، وجدالًا صاخبًا على منصات التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام، بين فريقي الموالاة، والمعارضة للحكومة المصرية. المسلسل يتناول قصة "طائفة الحشاشين"، وهي إسلامية، شيعية، تُعرف بـ "النزارية". أسسها الحسن بن الصباح (1037- 1124م) المولود في مدينة قُم ببلاد فارس (إيران حاليًا)، واتخذ من قلعة "ألموت" الإيرانية، شاهقة الارتفاع الحصينة، المنيعة، مقرًا لحكم دولته، وعمدت الطائفة إلى السيطرة على قلاع أخرى في مناطق عديدة.
اشتهر الحشاشون، طوال قرنين من الزمان، بنفوذ كبير، وصراعات عسكرية مع الدول: السلجوقية، والعباسية، والصليبيين، واللجوء للاغتيالات السياسية، بواسطة فدائيين، بما أصاب حُكام دول عصرهم بالرعب. استمرت دولتهم فاعلة ومؤثرة، حتى أسقطها القائد المغولي هولاكو عام 1256م، باقتحام قلعة ألموت، وتدميرها، وقتل كل من هو دون سن العاشرة، مع سبي النساء.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4إسرائيل عالقة في الحرب وما بعدهاlist 2 of 4تغير مهم في العلاقات التركية العراقيةlist 3 of 4أرادوها معركة صغرى ولكن الله أرادها كبرى.. بين بدر وغزةlist 4 of 4"كيف تُصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال إلى العالم؟"end of listمما يؤخذ على المسلسل، افتقاده للدقة التاريخية، واعتماده "العامية المصرية" لهجة له، بديلًا عن اللغة العربية الفصحى، واستخدامه مفردات وكلمات مستحدثة ومتداولة بين شباب هذه الأيام، على شاكلة: "بعد إذن الحب"، وما شابه، خروجًا عن سياق الأحداث. سخونة الجدل، والتراشق بين فريقي الموالاة والمعارضة لحكومة مصر، ترجع إلى انطواء المسلسل على رسالة سياسية مفادها التشابه والتماثل، بين طائفة الحشاشين، وجماعة الإخوان المسلمين بقصد الربط بينهما في تبني الإرهاب نهجًا.
الجنة الموهومة!مسلسل "الحشاشين"، تأليف الروائي والسيناريست عبد الرحيم كمال" (مواليد 1971- محافظة سوهاج جنوب مصر).. البارع في كتابة الأعمال الناقلة لصورة الحياة في مجتمع الصعيد، مثل شيخ العرب همام (2010)، وغيره. لكن، خانه التوفيق، في تناوله طائفة الحشاشين، ومسيرة زعيمها حسن الصباح.. أورد قصصًا عديدة لا علاقة لها بالتاريخ، مُختارة من مصادر غير موثوقة، لا تتمتع بالمصداقية؛ دعمًا لرسالته التي يريدها. "مثالًا"، لهذه القصص التي يقوم عليها بُنيان المسلسل، وفكرته الأساسية: أن الصباح صنع في قلعته "جنة" يدعو رجاله إليها لتعاطي الحشيش، والتمتع بهذه الفردوس "الموهومة"، للسيطرة عليهم.. ثم يدفع بهم إلى مهام انتحارية مُميتة؛ أملًا في العودة لهذه الجنة الموعودة التي عاشوا فيها بعض الوقت.
الحشاشون وماركو باولوالقصة، منافية للمنطق.. تتناقض مع طبيعة القلعة الوعرة، وصعوبة الحياة فيها.. وقد نفاها رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت في بحثه المنشور بكتاب له عن طائفة الحشاشين. أصل هذه "القصة الخيالية"، أوردها التاجر الإيطالي ماركو باولو (1254- 1324م)، المولود قبل سقوط دولة الحشاشين بعامين، زاعمًا أنه سمعها عند زيارته بلاد فارس، وهي سبب تسمية الطائفة بـ "الحشاشين".
لا يزال للطائفة أتباع في الهند وأماكن أخرى من العالم، ولهم وجود في مصر، وهم يرفضون هذه التسمية، كون الاسم الصحيح لها هو النزارية، أو الهادية. النزارية أو الحشاشون (حسب التسمية الغربية)، فرقة "باطنية"، تؤمن بأن "النصوص الدينية" لها تفسير خفي، ومعانٍ تختلف عما يوحي به ظاهرها المعروف للعامة، وهي ضمن الطوائف المنشطرة عن الطائفة الإسماعيلية.. نسبة إلى إسماعيل بن "الإمام جعفر الصادق" (من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب).
رواية أمين معلوفالمسلسل، تُمسك به اتهامات بالاقتباس من رواية "سمرقند" للأديب الفرنسي (لبناني الأصل) أمين معلوف، وهي رواية ليست واقعية.. بل إن عضو اتحاد كُتاب مصر طايع الديب، وصف قصة المسلسل، بأنها مسروقة من رواية أو خرافة "معلوف"، على حد وصفه.
صُناع "الحشاشين"، يناقضون أنفسهم.. تحسبوا للنقد الذي سيطالهم، فكتبوا على تترات المسلسل، بأنه "من وحي التاريخ".. حسنًا، إن كان الأمر كذلك، فلماذا الإمساك بشخصيات من التاريخ، والادعاء بأن المسلسل يروي قصتهم؟. اختيارهم للعامية المصرية لغة، لم يكن موفقًا، وإن كان القائمون على المسلسل، يدافعون عن هذا المسلك، بأن العامية أقرب للجمهور، متعللين بأن قصة نابليون مثلًا وهو فرنسي، يتم عرضها بالإنجليزية في الأعمال الفنية البريطانية أو الأميركية.
هذا الكلام مردود عليه، بأن هذا طبيعي، وأن "العامية" لهجة مصرية خاصة، وإن كانت مفهومة عربيًا، إلا أن الأجدى هو استخدام "العربية الفصحى"، لغة عموم العرب، في مثل هذه الأعمال التاريخية، التي يُفترض أن تتميز بالرصانة، لا، العكس. ثمة سبب آخر، يبرر اللجوء للعامية.. ربما يتمثل في نُدرة الممثلين الذين يجيدون الأداء بالعربية الفصحى.
المصريون ومُخدر الحشيشرغم حملة الترويج القوية للمسلسل التي سبقت عرضه، وترافقت معه.. ما كان له، الاستحواذ على كل هذا الاهتمام لولا اسم (الحشاشين)، الذي لعب الدور الأكبر في جذب الجمهور المصري (المُستهدف)، لمتابعته. ذلك أن مُخدر "الحشيش"، المُستخرج من نبات القنب الهندي، يرتبط في مُخيلة وأذهان "عوام المصريين"، بأنه يفصل متعاطيه عن دُنياه، وواقعه المُعاش. فالمتعاطي يكون في حالة من التوهم لحياة النعيم دون فقدان الوعي.. أو هكذا يظن.
زمن عمر بن العزيز وهارون الرشيدليس مطلوبًا من "مسلسل الحشاشين" أو غيره من الأعمال الدرامية التي تتناول وقائع أو شخصيات، أو فترات من التاريخ.. أن تكون وثيقة أو كتابًا للتاريخ. يُباح للمؤلف التدخل بخياله لتقديم رؤيته الدرامية، وتوظيفه سياسيًا للإسقاط على الواقع.. شريطة تحري الدقة، وعدم المساس بما هو ثابت تاريخيًا، أو تلفيق الوقائع، أو تزييفها أو تغييرها. إذ إن، نسبة لا يُستهان بها من الجمهور، تستقي معلوماتها من الدراما التاريخية.
لا يسعنا إلا الترحم على زمن، عمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد، وأبو حنيفة النعمان، وغيرها من المسلسلات التاريخية الدينية والاجتماعية، التي ساهمت في تشكيل وعي أجيال من جمهور التلفزيون.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات آراء طائفة الحشاشین
إقرأ أيضاً:
منة فضالي تعلن عن بدء تصوير مسلسل "أزمة ثقة"
منة فضالي تعلن عن بدء تصوير مسلسل "أزمة ثقة".. شاركت الفنانة منة فضالي متابعيها عبر حسابها الرسمي على "إنستجرام" صورًا تجمعها بأشقائها، معلنة عن سعادتها بلقائهم في مصر بعد فترة من الغياب. وأرفقت الصورة بتعليق عبرت فيه عن حبها لهم: "أخيرا إخواتي في مصر.. أحبكم".
منة فضالي تعلن عن بدء تصوير مسلسل "أزمة ثقة"في نفس السياق، أعلنت منة فضالي عن بدء تصوير مسلسلها الجديد "أزمة ثقة"، الذي يعد التعاون الأول لها مع النجم هاني عادل. نشرت فضالي صورة عبر خاصية "الستوري" على "إنستجرام"، تجمعها مع فريق عمل المسلسل، حيث عبرت عن تفاؤلها ببدء التصوير قائلة: "بسم الله توكلنا على الله.. مسلسل أزمة ثقة، تأليف أحمد صبحي، مدير التصوير هيثم ناصر، إخراج الأستاذ وائل فهمي عبد الحميد.. دعواتكم".
المسلسل يشارك فيه عدد من النجوم البارزين، ومنهم نجلاء بدر، هاني عادل، ملك زاهر، مروة الأزلي، إيهاب فهمي وغيرهم، وهو من تأليف أحمد صبحي وإخراج وائل فهمي عبد الحميد. تدور أحداث "أزمة ثقة" حول قصة مثيرة تتناول موضوعات درامية معقدة في سياق اجتماعي، ومن المتوقع أن يكون له تأثير كبير عند عرضه.
تجدر الإشارة إلى أن مسلسل "أزمة ثقة" يأتي بعد نجاحات سابقة للنجمة منة فضالي في عالم الدراما، حيث كان آخر أعمالها مسلسل "محارب"، الذي عرض في رمضان الماضي. وقد شاركت في هذا المسلسل العديد من الوجوه الفنية البارزة، مثل أحمد زاهر، ماجد المصري، ناهد السباعي، نرمين الفقي، وسلوى عثمان، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من النجوم. يعكس العمل تنوع الأدوار التي تقدمها منة فضالي وقدرتها على تقديم شخصيات درامية مميزة.
مسلسل "محارب" كان واحدًا من الأعمال التي حققت نسبة متابعة كبيرة في موسم رمضان الماضي، وهو ما يعكس نجاح منة فضالي في اختيار أدوار متنوعة ومؤثرة.