الجزيرة:
2024-11-25@15:30:47 GMT

الحشّاشين

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

الحشّاشين

مسلسل "الحشاشين" التلفزيوني (إنتاج مصري لتامر مرسي- 30 حلقة)، أثار اهتمامًا واسعًا، وجدالًا صاخبًا على منصات التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام، بين فريقي الموالاة، والمعارضة للحكومة المصرية. المسلسل يتناول قصة "طائفة الحشاشين"، وهي إسلامية، شيعية، تُعرف بـ "النزارية". أسسها الحسن بن الصباح (1037- 1124م) المولود في مدينة قُم ببلاد فارس (إيران حاليًا)، واتخذ من قلعة "ألموت" الإيرانية، شاهقة الارتفاع الحصينة، المنيعة، مقرًا لحكم دولته، وعمدت الطائفة إلى السيطرة على قلاع أخرى في مناطق عديدة.

هولاكو وتدمير قلعة ألموت

اشتهر الحشاشون، طوال قرنين من الزمان، بنفوذ كبير، وصراعات عسكرية مع الدول: السلجوقية، والعباسية، والصليبيين، واللجوء للاغتيالات السياسية، بواسطة فدائيين، بما أصاب حُكام دول عصرهم بالرعب. استمرت دولتهم فاعلة ومؤثرة، حتى أسقطها القائد المغولي هولاكو عام 1256م، باقتحام قلعة ألموت، وتدميرها، وقتل كل من هو دون سن العاشرة، مع سبي النساء.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4إسرائيل عالقة في الحرب وما بعدهاlist 2 of 4تغير مهم في العلاقات التركية العراقيةlist 3 of 4أرادوها معركة صغرى ولكن الله أرادها كبرى.. بين بدر وغزةlist 4 of 4"كيف تُصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال إلى العالم؟"end of list

مما يؤخذ على المسلسل، افتقاده للدقة التاريخية، واعتماده "العامية المصرية" لهجة له، بديلًا عن اللغة العربية الفصحى، واستخدامه مفردات وكلمات مستحدثة ومتداولة بين شباب هذه الأيام، على شاكلة: "بعد إذن الحب"، وما شابه، خروجًا عن سياق الأحداث. سخونة الجدل، والتراشق بين فريقي الموالاة والمعارضة لحكومة مصر، ترجع إلى انطواء المسلسل على رسالة سياسية مفادها التشابه والتماثل، بين طائفة الحشاشين، وجماعة الإخوان المسلمين بقصد الربط بينهما في تبني الإرهاب نهجًا.

الجنة الموهومة!

مسلسل "الحشاشين"، تأليف الروائي والسيناريست عبد الرحيم كمال" (مواليد 1971- محافظة سوهاج جنوب مصر).. البارع في كتابة الأعمال الناقلة لصورة الحياة في مجتمع الصعيد، مثل شيخ العرب همام (2010)، وغيره. لكن، خانه التوفيق، في تناوله طائفة الحشاشين، ومسيرة زعيمها حسن الصباح.. أورد قصصًا عديدة لا علاقة لها بالتاريخ،  مُختارة من مصادر غير موثوقة، لا تتمتع بالمصداقية؛ دعمًا لرسالته التي يريدها. "مثالًا"، لهذه القصص التي يقوم عليها بُنيان المسلسل، وفكرته الأساسية: أن الصباح صنع في قلعته "جنة" يدعو رجاله إليها لتعاطي الحشيش، والتمتع بهذه الفردوس "الموهومة"، للسيطرة عليهم.. ثم يدفع بهم إلى مهام انتحارية مُميتة؛ أملًا في العودة لهذه الجنة الموعودة التي عاشوا فيها بعض الوقت.

الحشاشون وماركو باولو

القصة، منافية للمنطق.. تتناقض مع طبيعة القلعة الوعرة، وصعوبة الحياة فيها.. وقد نفاها رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت في بحثه المنشور بكتاب له عن طائفة الحشاشين. أصل هذه "القصة الخيالية"، أوردها التاجر الإيطالي ماركو باولو (1254- 1324م)، المولود قبل سقوط دولة الحشاشين بعامين، زاعمًا أنه سمعها عند زيارته بلاد فارس، وهي سبب تسمية الطائفة بـ "الحشاشين".

لا يزال للطائفة أتباع في الهند وأماكن أخرى من العالم، ولهم وجود في مصر، وهم يرفضون هذه التسمية، كون الاسم الصحيح لها هو النزارية، أو الهادية. النزارية أو الحشاشون (حسب التسمية الغربية)، فرقة "باطنية"، تؤمن بأن "النصوص الدينية" لها تفسير خفي، ومعانٍ تختلف عما يوحي به ظاهرها المعروف للعامة، وهي ضمن الطوائف المنشطرة عن الطائفة الإسماعيلية.. نسبة إلى إسماعيل بن "الإمام جعفر الصادق" (من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب).

رواية أمين معلوف

المسلسل، تُمسك به اتهامات بالاقتباس من رواية "سمرقند" للأديب الفرنسي (لبناني الأصل) أمين معلوف، وهي رواية ليست واقعية.. بل إن عضو اتحاد كُتاب مصر طايع الديب، وصف قصة المسلسل، بأنها مسروقة من رواية أو خرافة "معلوف"، على حد وصفه.

صُناع "الحشاشين"، يناقضون أنفسهم.. تحسبوا للنقد الذي سيطالهم، فكتبوا على تترات المسلسل، بأنه "من وحي التاريخ".. حسنًا، إن كان الأمر كذلك، فلماذا الإمساك بشخصيات من التاريخ، والادعاء بأن المسلسل يروي قصتهم؟. اختيارهم للعامية المصرية لغة، لم يكن موفقًا، وإن كان القائمون على المسلسل، يدافعون عن هذا المسلك، بأن العامية أقرب للجمهور، متعللين بأن قصة نابليون مثلًا وهو فرنسي، يتم عرضها بالإنجليزية في الأعمال الفنية البريطانية أو الأميركية.

هذا الكلام مردود عليه، بأن هذا طبيعي، وأن "العامية" لهجة مصرية خاصة، وإن كانت مفهومة عربيًا، إلا أن الأجدى هو استخدام "العربية الفصحى"، لغة عموم العرب، في مثل هذه الأعمال التاريخية، التي يُفترض أن تتميز بالرصانة، لا، العكس. ثمة سبب آخر، يبرر اللجوء للعامية.. ربما يتمثل في نُدرة الممثلين الذين يجيدون الأداء بالعربية الفصحى.

 المصريون ومُخدر الحشيش

رغم حملة الترويج القوية للمسلسل التي سبقت عرضه، وترافقت معه.. ما كان له، الاستحواذ على كل هذا الاهتمام لولا اسم (الحشاشين)، الذي لعب الدور الأكبر في جذب الجمهور المصري (المُستهدف)، لمتابعته. ذلك أن مُخدر "الحشيش"، المُستخرج من نبات القنب الهندي، يرتبط في مُخيلة وأذهان "عوام المصريين"، بأنه يفصل متعاطيه عن دُنياه، وواقعه المُعاش. فالمتعاطي يكون في حالة من التوهم لحياة النعيم دون فقدان الوعي.. أو هكذا يظن.

زمن عمر بن العزيز وهارون الرشيد

ليس مطلوبًا من "مسلسل الحشاشين" أو غيره من الأعمال الدرامية التي تتناول وقائع أو شخصيات، أو فترات من التاريخ.. أن تكون وثيقة أو كتابًا للتاريخ. يُباح للمؤلف التدخل بخياله لتقديم رؤيته الدرامية، وتوظيفه سياسيًا للإسقاط على الواقع.. شريطة تحري الدقة، وعدم المساس بما هو ثابت تاريخيًا، أو تلفيق الوقائع، أو تزييفها أو تغييرها. إذ إن، نسبة لا يُستهان بها من الجمهور، تستقي معلوماتها من الدراما التاريخية.

لا يسعنا إلا الترحم على زمن، عمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد، وأبو حنيفة النعمان، وغيرها من المسلسلات التاريخية الدينية والاجتماعية، التي ساهمت في تشكيل وعي أجيال من جمهور التلفزيون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات آراء طائفة الحشاشین

إقرأ أيضاً:

صالون جامعة المنصورة يناقش رواية «مشاهد تنبض في ذاكرة مثقوبة».. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عُقد، أمس السبت، الصالون الثقافي بجامعة المنصورة لقائه، بمدرج الدكتور عبد الرازق السنهوري بكلية الحقوق، لمناقشة كتاب السيرة الذاتية "مشاهد تنبض في ذاكرة مثقوبة" الذي صدر مؤخرًا من تأليف الدكتور أحمد جمال الدين، وزير التربية والتعليم، والتعليم العالي الأسبق.

جاء ذلك بحضور كل من: الدكتور شريف يوسف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، والدكتور رضا عبد السلام، محافظ الشرقية الأسبق، والدكتور السعيد عبد الهادي، رئيس جامعة حورس، والدكتور طارق غلوش، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد سويلم البسيوني، نائب رئيس الجامعة الأسبق، والدكتور وليد الشناوي، عميد كلية الحقوق، إضافة إلى أعضاء الصالون الثقافي والعمداء ووكلاء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والإعلاميين والصحفيين وعدد من الشخصيات العامة.

وأدار اللقاء الكاتب الصحفي الكبير حازم نصر، الذي عبّر عن شكره وتقديره للدكتور شريف خاطر، الذي كان صاحب المبادرة الأولى لإطلاق الصالون الثقافي بجامعة المنصورة في مطلع عام 2023، ليكون أوَّل صالون ثقافي في الجامعات المصرية، كما عبّر عن فخره بإدارة صالون ثقافي يناقش كتابًا لأديب ومفكر كبير، مشيرًا إلى أن الكتابة عن السير الذاتية تُعتبر من أصعب الأعمال الأدبية التي يتجنبها العديد من الأدباء، ولا يقدم عليها سوى الأدباء شجعان العقول.

ورحَّب الدكتور شريف خاطر بجميع الحضور في الصالون، مشيدًا بشخصية الدكتور أحمد جمال موسى الفريدة، التي تتسم بالموضوعية والحسم والرقي والانضباط والنزاهة والشفافية، والخبرة الطويلة التي تتجاوز النصف قرن، والتي هي أرض خصبة للتعلم واكتساب الخبرات والتجارب الحياتية الثمينة، مؤكدًا أن تدشين الصالون الثقافي يأتي في إطار سعي الجامعة لتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية نحو تفعيل منهجية نشر استراتيجية ثقافية نابعة من وعي فكري وحضاري.

وأعرب الدكتور وليد الشناوي عن سعادته البالغة بأن تنال كلية الحقوق شرف عقد لقاء الصالون الثقافي، وخاصة أن يكون الضيف من كبار أساتذة الكلية الذين أسهموا في بنائها وتميزها بين مختلف كليات الحقوق في مصر.

وتضمن اللقاء مداخلات ومناقشات حول رؤى الحاضرين للكتاب، حيث أشادوا بالمحتوى والمضمون المبهر، والاعتماد على السير الذاتية وتوثيق الحياة اليومية كأحد المناهج المعتمدة والأكثر صدقًا في كتابة التاريخ، وتوقف المتحدثون أمام الملامح البنائية لمؤلف "مشاهد تنبض في ذاكرة مثقوبة"، حيث وصفوه بأنه كتاب متماسك من حيث الشكل والمضمون، ويقدم سردية متكاملة متعددة المعاني تصب في نفس الهدف.

وجرى إبراز ما تناوله المؤلف من تجارب في مراحله التعليمية المختلفة حتى الجامعية، ومشاركته كضابط احتياط في حرب أكتوبر المجيدة، ثم بداية حياته المهنية في السلك القضائي وانتقاله إلى الجامعة للتدريس.

وأشار المتحدثون إلى أن تجربة الدكتور أحمد جمال وسيرته الذاتية تجربة ثرية تُشار إليها بالبنان، وكذلك قدرته على استدعاء الماضي بأسلوب أدبي بديع.

وشارك في المناقشات خلال الندوة الدكتور رضا عبد السلام، الدكتور السعيد عبد الهادي، الدكتور عمرو سرحان، الدكتور طارق غلوش، الدكتور محمد سويلم البسيوني، الدكتور محمود الجعيدي، الدكتور محمد عبد اللطيف، الدكتور وجيه يعقوب، الدكتور مصطفى صقر، الدكتور تامر صالح، الدكتور علاء التميمي، والدكتور إبراهيم عبد الله، المستشار أحمد صبري أبو الفتوح، الدكتورة رشا علي الدين، الدكتور عادل الغريب، الدكتورة شذا حماد،  فايد حكم.

ويعد كتاب "مشاهد تنبض في ذاكرة مثقوبة" من أحدث إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويسعى فيه الدكتور أحمد جمال الدين موسى إلى تقديم سيرته الذاتية وتجربة حياته، ومن أهمها مشاركته في نصر أكتوبر العظيم.

يذكر أن الدكتور جمال الدين شغل منصب وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومات مختلفة، بالإضافة إلى العديد من الوظائف المرموقة في الجامعة، على رأسها رئاسة جامعة المنصورة. وهو مفكر وأديب، صدر له العديد من المؤلفات في العلوم الاقتصادية والاجتماعية، والروايات، والعديد من الأعمال الأدبية المتميزة، منها: "فتاة هايدلبرغ الأمريكية"، و"لقاء في واحة الحنين"، و"ملك التنشين"، و"مصير خبيئة حارسة المعبد"، و"قراءة في مذكرات جدي".

وتجدر الإشارة إلى أن صالون جامعة المنصورة الثقافي يعد منصة مهمة للحوار والتبادل الثقافي بين الأدباء والمفكرين والإعلاميين، وأيضًا منبرًا فكريًا تعليميًّا لتبادل الفكر والخبرات، والارتقاء بمستوى الثقافة ومناقشة موضوعات تهم الشأن المصري، يهدف إلى تعزيز قيم الانتماء للوطن، ونشر ثقافة التسامح والقبول، والتصدي للأفكار المغلوطة المخالفة للتقاليد والقيم الجامعية، وتعزيز الوعي في المجتمع الجامعي، مما يسهم بشكل كبير في تعزيز الحوار الثقافي، بما يضمه من قامات وطنية وما يعالجه من قضايا بأفكار وأطروحات تستهدف جميعها مستقبلًا أكثر إشراقًا لهذا الوطن.

IMG-20241123-WA0106 IMG-20241123-WA0112 IMG-20241123-WA0119 IMG-20241123-WA0114 IMG-20241123-WA0121 IMG-20241123-WA0127 IMG-20241123-WA0110 IMG-20241123-WA0123 IMG-20241123-WA0096 IMG-20241123-WA0124 IMG-20241123-WA0117 IMG-20241123-WA0104 IMG-20241123-WA0095 IMG-20241123-WA0107 IMG-20241123-WA0113 IMG-20241123-WA0109 IMG-20241123-WA0120 IMG-20241123-WA0126 IMG-20241123-WA0122 IMG-20241123-WA0097 IMG-20241123-WA0125 IMG-20241123-WA0118 IMG-20241123-WA0099 IMG-20241123-WA0094

مقالات مشابهة

  • لماذا أبهر مسلسل “البطريق” (The Penguin) الجمهور والنقاد؟
  • رواية إسرائيلية جديدة.. من المُستهدف بـغارة البسطة؟
  • مسلسل مفاجأة..تامر حبيب يُشيد بـ مسلسل 6 شهور
  • ثقافة الإسماعيلية تناقش رواية "موت الحياة" للأديب ممدوح عبد الهادي
  • ثنائية الماء والتاريخ في رواية «عروس الغرقة» للكاتبة أمل الصخبورية
  • الثلاثاء.. منتدى المستقبل يناقش رواية رجل الفودكا
  • صالون جامعة المنصورة يناقش رواية «مشاهد تنبض في ذاكرة مثقوبة».. صور
  • “الصفحة الرسمية للجنة” رواية للكاتب حسن المرتضى
  • نور النبوي عن مسلسل 6 شهور: «مبسوط إن الشباب شاف نفسه فيه»
  • هل من الضروري الكشف عن الماضي؟.. ننشر فصلا من رواية "الرغبة الأخيرة"