سودانايل:
2025-04-18@03:21:42 GMT

«حرب أخرى» بين موسكو وكييف في السودان

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

في الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من عامين، ثمة جانب خفي بقي حتى وقت قريب بعيداً عن الأضواء رغم التغطية الدائمة والمكثفة لمجريات الميدان والجوانب العسكرية والتسليحية، وللحراك السياسي والديبلوماسي الدولي من جهة أخرى.

والجانب الخفي عنوانه حرب أخرى تدور بين موسكو وكييف على بعد ستة آلاف كيلو متر من خطوط الجبهة وتحديداً في السودان الذي يعيش حرباً أهلية بين جيشين: القوات المسلحة السودانية التي يقودها الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الجنرال الآخر محمد حمدان دقلو المعروف بلقب «حميدتي».



أما طرفا هذه الحرب الأخرى الخفية التي تتخذ من السودان مسرحاً لها فهما مجموعة «فاغنر» الروسية التي تساند «الدعم السريع»، وقد تغير اسمها إلى «أفريكا كوربس» بعد مقتل مؤسسها وقائدها أفغيني بريغوجين بسقوط طائرة كان يستقلها في 29 أغسطس (آب) الماضي.

وتواجد «فاغنر» في السودان ليس جديداً أو خفياً كما أن طموحاتها كانت معروفة. الجديد فقط مشاركتها الفعلية في الحرب الدائرة في السودان منذ شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي.

ومقابل «فاغنر»، فهناك وافد جديد تمثله المخابرات العسكرية الأوكرانية وتحديداً الكتيبة المعروفة باسم «BRATSTVO»، وهذه تقاتل إلى جانب القوات المسلحة السودانية.

غلاف أسرار
وما أصبح معروفاً اليوم أن المخابرات العسكرية الأوكرانية وصلت إلى السودان في شهر أغسطس الماضي. وحتى وقت قصير، كانت الجهات العسكرية الأوكرانية المسؤولة تحيط أنشطة مخابراتها بغلاف سميك من السرية. بيد أن شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية كانت الأولى التي نجحت في هتكه في تقرير بثته في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي مؤكدة حصولها على الصور ومقاطع فيديو من مصدر عسكري أوكراني.

وتعليق «سي إن إن» المصاحب مفاده أن «القوات الأوكرانية الخاصة هي على الأرجح المسؤولة عن هجمات بالمسيرات استهدفت مواقع قريبة من الخرطوم» كما أنها «تقوم بهجمات أرضية ضد (الدعم السريع)».

بعد ذلك بأيام، وتحديداً في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، نجح محققون تابعون لمنظمة «بلينكات» غير الحكومية المتخصصة في تحليل الصور والمعلومات المتعلقة بالحرب الأوكرانية، في تحديد موقع الصور ومقاطع فيديو المأخوذة لقناصين أوكرانيين مجهزين ببنادق ومناظير للرؤية بعيدة المدى في بيئة صحراوية.

ووفق خلاصتهم، فإن المكان يسمى جبل «المرخيات» ويقع غرب مدينة أم درمان، (واحدة من ثلاث مدن تتشكل منها العاصمة الخرطوم).

وفي السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، نشرت صحيفة «كييف بوست» الصادرة باللغة الإنجليزية، مقطع فيديو لهجمات ليلية صورت من مسيّرة مجهزة بنظام للرؤية الليلية.

واكتفت الصحيفة المذكورة بالإشارة إلى أنها جرت في مدينة سودانية من غير تسميتها. إلا أن صحيفة «لوموند» الفرنسية نجحت في التعرف على المكان وهو أحد أحياء مدينة أم درمان.

ونقلت الصحيفة المذكورة، في تقرير لها نشر يوم 19 نوفمبر، عن مصادر من المخابرات العسكرية الأوكرانية تأكيد وجود عناصر من القوى الخاصة الأوكرانية «متواجدين بشكل دائم» في هذه المدينة، وأن أوكرانيا التي عانت صعوبات في هجومها المضاد الصيف الماضي، «تسعى لتطوير حضورها خصوصاً في أفريقيا من أجل محاربة (فاغنر) حيث وجدت».

وتجدر الإشارة إلى أن «فاغنر»، زمن مؤسسها بريغوجين، لعبت دوراً مهماً في الحرب الدائرة على الجبهة شرق أوكرانيا وقد نجحت في السيطرة على مدينة «باخموت» نهاية مايو (أيار) الماضي بعد معارك دامية استمرت لأشهر.

تقرير فرنسي
بيد أن أفضل تقرير حول حضور المخابرات الأوكرانية في السودان نجحت في إعداده القناة الإخبارية الفرنسية «إل سي آ» وبثته قبل ثلاثة أيام. وجاء التقرير ومدته ثماني دقائق، نتيجة جهد الصحافية المتخصصة غوندولين ديبونو التي أقامت في كييف طيلة شهر كامل، حيث تمكّنت من الالتقاء بمقاتلين عادوا من السودان وبضباط من المخابرات العسكرية، إضافة إلى مقاطع فيديو صورها أفراد من الكتيبة الأوكرانية، وتبين بوضوح أنشطتها وأهدافها. ومحور التحقيق يدور حول الحرب الروسية - الأوكرانية ولكن على الأراضي الأفريقية.

يُفهم من المقابلات التي أجريت أن أهداف كييف متعددة، أولها، «تخريب أنشطة (فاغنر) في القارة الأفريقية، وخصوصاً في السودان وحرمان موسكو من استغلال الذهب المستخرج من المناجم السودانية ونسف المجهود الحربي الروسي».

وقال أحد الضباط العائدين من السودان إن التركيز على السودان مرده «الانتشار الكثيف لـ(فاغنر) في هذا البلد الذي تحول نقطة ترانزيت رئيسية بسبب إطلالته على البحر الأحمر، حيث يمكن نقل الثورات الطبيعية المستخرجة بحرياً بسهولة».

وثاني الأهداف قطع خطوط المواصلات التي تستخدمها «فاغنر» أكانت البرية من خلال استهداف الشاحنات التي تنقل الذخائر والمقاتلين أو المراكب على نهر النيل.

وتبين مقاطع الفيديو عمليات استهداف الشاحنات بفضل المسيّرات الانتحارية التي يجيد الخبراء الأوكرانيون استخدامها أو عمليات برمائية يقوم بها أفراد القوة الأوكرانية الخاصة لتعطيل مواقع لـ«الدعم السريع» أو ضربها وتفجيرها.

خبرات متراكمة
يتمثل الهدف الثالث، وفق أحد الضباط الأوكرانيين، في نقل الخبرات العسكرية التي تراكمت لدى القوات الأوكرانية والتعويل عليها لزيادة حضورها وتأثيرها. ولذا؛ فإن القوة الأوكرانية تقوم بتدريب وحدات من الجيش السوداني على المعارك البرية واستخدام القوارب في عمليات هجومية والأهم من كل ذلك تدريبها على استخدام المسيّرات.

وشرح أحد المقاتلين الأوكرانيين، كما يبين ذلك مقطع فيديو، كيف يقومون بعمليات برمائية وكيف يستخدمون المسيّرات التي أخذت تلعب دوراً رئيسياً في الحروب الحديثة.

وجاء في شهادته ما حرفيته: «قمنا بعمليات عدة لقطع خطوط الإمداد لـ(فاغنر) من خلال كمائن على خطوط الإمداد الرئيسية وفجّرنا شاحنات الذخيرة والأسلحة وصهاريج المحروقات، وقد نجحنا في تدريب السودانيين على القيام بها وقد أخذوا بمشاركتنا في تنفيذها».

ويبين أحد مقاطع الفيديو تمكن الأوكرانيين من قتل عدد من عناصر ميليشيا «فاغنر» وأسر ثلاثة من أفرادها.

ويُعد قيام القوات الأوكرانية بتدمير القطع البحرية الروسية في البحر الأسود أحد أهم نجاحات كييف. ولذا؛ فإن القوة المنتشرة في السودان تستنسخ، إلى حد ما، الطرق والأساليب المجربة في البحر الأسود ونقلها إلى السودان وتدريب القوات السودانية على استخدامها. والطريف في أحد مقاطع الفيديو أنه يظهر جندياً أوكرانياً وقد تعلم بعض عبارات العربية إذ يلقي التحية بقوله «السلام عليكم».

من الصعب تصور أن انتشار وحدات أوكرانية في السودان وربما بعدها في دول أفريقية أخرى سيغير مصير الحرب الدائرة على الجبهات الأوكرانية. لكن الواضح، وفق الضابط الأوكراني أن بلاده تريد «استخدام خبراتها القتالية وتسخيرها دبلوماسياً واستعدادها لتوسيع انتشارها في بلدان أخرى، خصوصاً في أفريقيا». وخلاصته أن أوكرانيا «تخوض حرباً وجودية» ضد روسيا، وبالتالي فإن كل الأسلحة مفيدة لخدمة هذا الغرض.

الشرق الأوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العسکریة الأوکرانیة المخابرات العسکریة الحرب الدائرة الدعم السریع فی السودان نجحت فی

إقرأ أيضاً:

الإمارات تدين الفظائع التي ترتكب في السودان وتدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار

دعت دولة الإمارات العربية المتحدة كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وعلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في السودان، وإنما فقط حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني.

وأوضح البيان إلى أنه: «مع دخول حرب السودان المدمرة عامها الثالث، تصدر الإمارات العربية المتحدة دعوة عاجلة للسلام. إن الكارثة الإنسانية التي تتكشف في السودان هي من بين أشد الكوارث في العالم: أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة عاجلة، والمجاعة تنتشر، والمساعدات يتم حظرها عمداً».
وأضاف البيان: «وما زالت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ترتكب الفظائع. إن الهجمات المستمرة للقوات المسلحة السودانية - التي تميزت بتكتيكات التجويع، والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان، والأعمال الانتقامية ضد المدنيين، بما في ذلك عمال غرف الاستجابة للطوارئ، والاستخدام المبلغ عنه للأسلحة الكيميائية - ألحقت معاناة لا يمكن تصورها بالسكان المدنيين الذين هم بالفعل على شفا الانهيار. تدين الإمارات هذه الفظائع بشكل لا لبس فيه وتدعو إلى المساءلة. كما تدين الإمارات بشدة الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، بما في ذلك الاعتداءات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك بالقرب من الفاشر، والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. يجب على جميع أطراف النزاع وقف الاستهداف المتعمد للعاملين في المجال الإنساني والقصف العشوائي للمدارس والأسواق والمستشفيات».

وتابع البيان: في هذه اللحظة من المعاناة الهائلة، تدعو الإمارات العربية المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية على ثلاث جبهات:

1. وقف إطلاق النار والعملية السياسية


يجب أن تصمت البنادق. وتحث الإمارات كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار وعلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية. لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري - فقط حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني.

2. وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق


وعرقلة المعونة أمر غير معقول، كما أن تسليح المعونة الإنسانية والإمدادات الغذائية عمل مدان. يجب على كلا الطرفين السماح بالوصول الفوري والآمن والعاجل للمنظمات الإنسانية للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها في جميع أنحاء السودان. وتدعو الإمارات الأمم المتحدة إلى منع الأطراف المتحاربة من استخدام المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية. حياة الملايين من المدنيين تعتمد على ذلك.

3. الضغط الدولي


ويجب على المجتمع الدولي أن يعمل على وجه السرعة لتيسير عملية سياسية، وزيادة المساعدة الإنسانية، وممارسة ضغط منسق على جميع الجهات الفاعلة التي تغذي الصراع. وندعو إلى الانتقال إلى حكومة مستقلة يقودها مدنيون—وهي الشكل الوحيد للقيادة التي يمكن أن تمثل شعب السودان تمثيلا شرعيا وتضع الأساس لسلام دائم. لا يمكن للعالم أن يسمح للسودان بالتحول إلى مزيد من الفوضى والتطرف والتشرذم.
منذ اندلاع النزاع، قدمت الإمارات العربية المتحدة أكثر من 600 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية للسودان والدول المجاورة—بما في ذلك من خلال وكالات الأمم المتحدة، بنزاهة، على أساس الحاجة ودون تمييز. ولا نزال ملتزمين بدعم الشعب السوداني والعمل مع الشركاء الدوليين للتخفيف من المعاناة والضغط من أجل السلام.
لقد حان وقت العمل الآن. يجب أن يتوقف القتل. يجب أن يبنى مستقبل السودان على السلام والعدالة والقيادة المدنية المستقلة عن السيطرة العسكرية-وليس على طموحات أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد الحرب على حساب شعبهم.

مقالات مشابهة

  • مخيمات النازحين في دارفور تحت قصف القوات المسلحة السودانية
  • مسؤولون من واشنطن وكييف يجرون محادثات بشأن الحرب الروسية الأوكرانية في باريس
  • أمير قطر يلتقي بوتين في موسكو في أول زيارة له منذ 7 سنوات
  • من الضغوط إلى التصعيد.. هل تنجح المفاوضات في إنهاء الحرب الأوكرانية؟.. تفاصيل
  • دعت لتجنب «كابوس إنساني» .. الأمم المتحدة: جنوب السودان لن يتحمل حرباً أخرى
  • الإمارات: القوات المسلحة والدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني
  • 200 ضابط شرطة إسرائيلي سابقين يطالبون بوقف الحرب وتبادل أسرى
  • الكرملين: موسكو وواشنطن تعملان من أجل السلام وأوروبا تعمل من أجل الحرب 
  • الإمارات تدين الفظائع التي ترتكب في السودان وتدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار
  • محمد وداعة: الفاشر .. الصمود