فيما تبدو الحركة السياسية في البلد "مشلولة"، على وقع تراجع مبادرة كتلة "الاعتدال" التي تقول أوساطها إنّها لا تزال بانتظار بعض الأجوبة، وفرملة حراك "الخماسية" بسبب مغادرة عدد من السفراء إلى بلادهم لمناسبة الأعياد المتزامنة، وبانتظار نضوج "الهدنة" التي يُعمَل عليها في غزة، ويؤمل أن تنعكس جنوب لبنان، تبقى الأنظار مشدودة نحو "وثيقة بكركي" التي يبحثها ممثلو القوى المسيحية في مقرّ البطريركية المارونية.


 
وإذا كانت بنود هذه الوثيقة استحوذت على جانب من الاهتمام، ولا سيما ما يتعلق منها بملف "حزب الله" وسلاحه، الذي فُتِح النقاش بشأنه على طاولة بكركي، وانقسمت الآراء حوله، مع ما سُرّب عن "تحفظ" من جانب "التيار الوطني الحر" على بعض النقاط التي قد تُعَدّ "استفزازية"، فإنّ أكثر ما يثير الاهتمام، وربما الجدل، على هامش اجتماعات بكركي، يكمن في "مقاطعة" تيار "المردة" لها، رغم تلقّيه دعوة للحضور والمشاركة.
 
في هذا السياق، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام حول "مغزى" المقاطعة، ولكن أيضًا حول تبعاتها، فهل أصاب تيار "المردة" أم أخطأ بقراره مقاطعة اجتماعات بكركي؟ هل تخدم مثل هذه المقاطعة، موقف رئيس التيار سليمان فرنجية المرشح للرئاسة، أم تضرّ به، باعتباره يخرج بمقاطعته عن إجماعٍ مسيحيّ يحتاج إلى "غطائه"؟ وما صحّة الحديث عن أنّ هذه المقاطعة جاءت "كرمى لعيون" حلفاء فرنجية وداعميه، وعلى رأسهم "حزب الله"؟!
 
"غلطة الشاطر"؟!
 
لا يتردّد خصوم تيار "المردة" في التصويب على قرار مقاطعته اجتماعات بكركي، بمن فيهم أولئك الذين يرفضون منطق "الحوار"، بل يطالبون "التيار الوطني الحر" بموقف "استراتيجي" مناهض لـ"حزب الله" قبل الجلوس معه على الطاولة. بين هؤلاء من يصف قرار "المردة" بأنّه "دعسة ناقصة"، أو "فلتة شوط"، بل "خطيئة كبرى"، وبينهم من يسعى لتلطيف التعبير، فيصفه بـ"غلطة الشاطر" التي ستطيح عمليًا بترشيح فرنجية إلى الرئاسة.
 
يقول هؤلاء إنّ قرار "المردة" مقاطعة اجتماعات بكركي لا يمكن وضعه سوى في خانة "إرضاء حزب الله"، ولو كان ذلك على حساب وحدة المسيحيين، ولا سيما أنه أقرن هذا الفعل بأقوال أوحى من خلالها قياديّون في "المردة" بأنّ ما يجري في بكركي "لا يخدم المصلحة الوطنية"، علمًا أنّه كان بإمكان "المردة" أن يحضر، ويعرض لوجهة نظره، ويتحفّظ حيثما يجب التحفّظ، كما فعل "التيار الوطني الحر" على سبيل المثال لا الحصر.
 
وفي حين يربط البعض بين قرار "المردة"، وموقفه من القوى المسيحية التي تختلف على كلّ شيء، ولا تتّفق سوى "على سليمان فرنجية"، وفق ما قال فرنجية نفسه قبل أيام، يشدّد الخصوم على أنّ النتيجة جاءت "مخيّبة للآمال"، ففرنجية لا يفرّط فحسب بهذا الأداء بعلاقته مع بكركي، التي لا يمكن أن تكون راضية عن المقاطعة، ولكنّه أيضًا يفرغ ترشيحه من محتواه، عبر نزع المواصفات المطلوبة عن نفسه، والتأكيد أنه "مرشح حزب الله" حصرًا.
 
المنطق الغائب
 
تصطدم وجهة نظر خصوم فرنجية مع وجهة نظر أخرى، تستغرب "الضجة المفتعلة" التي أحيط بها قرار تيار "المردة" الذي مارس حقّه المشروع بالمقاطعة، انسجامًا مع مبادئه وثوابته وقناعاته، بعيدًا عن أيّ ضغوط، سبق أن مارسها بعض الغيارى على بكركي اليوم، للإطاحة بمبادراتها ومساعيها، كما حصل يوم أراد البطريرك بشارة الراعي الدعوة إلى حوار مسيحي، تحوّل بفعل "الفيتوات" إلى مجرّد لقاء صلاة وتأمّل.
 
يؤكد المؤيدون لوجهة نظر تيار "المردة" أنّ قرار المقاطعة "ذاتي"، لم يأتِ إرضاءً لأيّ فريق، ولا تحت "ضغط" أيّ طرف، كما حاول البعض الإيحاء، ويصرّون على أنه جاء استنادًا إلى قناعة بأنّ النقاشات الحاصلة، لا أصل الوثيقة، لا تصبّ في المصلحة العامة، ولا سيما بعدما تشعّبت لحد الحديث عن تسليم سلاح "حزب الله" في ذروة حرب إسرائيلية مدمّرة، من دون تجاهل فكرة أنّ مثل هذا الأمر يجب أن يُناقَش وطنيًا، لا مسيحيًا فحسب.
 
الأهمّ، بالنسبة لهؤلاء، يبقى أنّ الحديث عن أنّ مقاطعة "المردة" لاجتماعات بكركي تفرغ ترشيح فرنجية من مضمونه، يفتقر إلى أيّ منطق، بل يبدو "تضليليًا" إلى حدّ بعيد، ولا سيما أنّ من يردّدونه هم من يرفضون الاعتراف أصلاً بقوة هذا الترشيح وثباته، علمًا أنّ فرنجية وفق أصحاب هذا الرأي، يثبّت بقراره قناعاته، وهو الذي أكّد في آخر تصريحاته على "مسلّمات" ينطلق منها في ترشيحه، الذي يريده ذات بُعدٍ وطنيّ بالمقام الأول.
 
ثمّة من يقول إنّ فرنجية رفض أن يمنح خصومه "المتقاطعين ضدّه" أيّ صكّ على بياض بالجلوس معهم على الطاولة، فيما يرفضون هم الجلوس مع شركائهم في الوطن على الطاولة، إذا لم يتخلّ هؤلاء الشركاء عنه في المقام الأول. قد تكون هذه المقاربة دقيقة، وقد تكون واقعيّة، لكنّها تحيل المتابعين مجدّدًا إلى السؤال الإشكاليّ الأساسي حول الأولويات المتنازَع عليها، وسط حرب إسرائيلية وحشية، وفراغ رئاسي قاتل! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

السودان: لن نشارك في اجتماعات خارج منبر جدة

السودان يصر على ضرورة العودة إلى مسار منبر جدة، وأنه مستعد للعودة إذا تم تنفيذ مخرجات الاتفاق السابق..

التغيير: الخرطوم

أكد وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، السبت، أن السودان لن يشارك في أي اجتماعات خارج نطاق منبر جدة، مشددًا على أنهم ليسوا معنيين بـ”اجتماعات جنيف” أو المشاركين فيها.

وأوضح يوسف أن السودان يصر على ضرورة العودة إلى مسار منبر جدة، وأنه مستعد للعودة إذا تم تنفيذ مخرجات الاتفاق السابق.

وفي تصريحات خاصة لـ”الشرق”، شدد وزير الخارجية على أن السودان لن يشارك في أي اجتماعات أخرى خارج نطاق منبر جدة، مؤكدًا أن المبعوث الأممي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، تم إبلاغه بهذه الرغبة

. وأوضح يوسف أن المبعوث الأممي على دراية بأن السودان لا يولي اهتمامًا لاجتماعات جنيف ومن يشارك فيها.

وقال يوسف: “نحن وضحنا للمبعوث الأممي استعداد السودان للعودة لمنبر جدة عند تنفيذ مخرجات الاتفاق الذي تم سابقًا، وإذا لم يتم ذلك، لن يشارك السودان في أي اجتماعات خارج هذا الإطار”.

كما أشار إلى أنه قد اجتمع مع المبعوث الأممي لبحث سبل تحقيق السلام في السودان.

وفي أبريل 2023، اندلعت الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وهو الصراع الذي أدى إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتهجير الملايين من المدنيين.

الوسومحرب السودان منبر جدة وزارة الخارجية السودانية

مقالات مشابهة

  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • اجتماعاتٌ مريبة للمرتزِقة في الرياض
  • السودان: لن نشارك في اجتماعات خارج منبر جدة
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • عمرو جمال: الأهلي أخطأ في التعاقد مع هذا اللاعب
  • بـصراحة.. هذا ما قاله فرنجية لـنائب بارز عن الرئاسة
  • قتلى إثر سقوط حافلة ركاب في واد بمقاطعة غربي إيران
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
  • رغم تراجع حظوظه.. لماذا لم يسحب فرنجية ترشيحه إلى الرئاسة؟!